قال أحمد الحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط مداخلة ألقاها على هامش الاجتماع العام الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة في موضوع: «أهداف الألفية للتنمية: محرك وغاية للنمو والتنمية» أن الاقتصاد المغربي عرف خلال العشرية التي دشنها إعلان الألفية، مسارا تنمويا اتسع مضمونه ببعد اجتماعي جديد أكثر متانة. وبالتالي، فليس من قبيل الصدف، والحالة هذه، أن تكون هذه الطفرة قد تزامنت مع إحلال عهد محمد السادس، ملك شاب وحداثي ومستنير يتمتع بحس اجتماعي بين، وضع منذ البداية شرعياته الثلاث، الدينية والتاريخية والدستورية، في خدمة سياسة اقتصادية تتوخى النمو والتنمية البشرية المستدامة. وتطرق الحليمي إلى بعض المؤشرات الدالة، كمعدل النمو الذي انتقل من2.2% في المتوسط خلال التسعينيات إلى 4.4% منذ سنة 2000. كما أشار أيضا إلى الصمود الكبير الذي أبداه الاقتصاد الوطني في مواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، التي ما يزال العالم يشهد آثارها. دون وضوح احتمال تداعياتها في المستقبل القريب. فرغم خسارة 0.8 نقطة من الناتج الداخلي الخام سنة 2008 و2.4 نقطة سنة 2009، سجل النمو في المغرب 5.6% و5% على التوالي. فيما، سجل العجز الاجتماعي من جهته تقلصا مهما، واستمرت مؤشرات التنمية البشرية في التحسن بوتيرة جعلت المغرب يحتل الرتبة العاشرة على المستوى الدولي في مجال تطور مؤشر التنمية البشرية المعتمد من طرف برنامج الأممالمتحدة الإنمائي في هذا المجال. وسطر المندوب السامي للتخطيط على مؤشر اعتبره محصلة لمجموع الإنجازات في مجال التنمية البشرية، وهو الذي يقيس الفقر والهشاشة حسب معايير الأممالمتحدة. ففيما يخص المغرب، فقد انخفض مؤشر الفقر المطلق ما بين سنتي 2001 و2008، من %6.7 إلى %3.6، ومؤشر الفقر النسبي من %15.3 إلى %8.8، ومعدل الهشاشة من % 22.8 إلى %15.9 . وبصفة عامة، فإن المغرب سيكون مؤهل لتحقيق جل أهداف الألفية للتنمية في أفق 2015. كما تؤكده كل من الإسقاطات حسب المنهجية المعتمدة من طرف برنامج الأممالمتحدة للتنمية، أو تقييم أداء السياسات العمومية الذي قامت به المندوبية السامية للتخطيط وفق النماذج الاقتصادية التي تمكن من مثل هذه التوقعات. واستنتج الحليمي أن هذه الانجازات تمت بفضل القيادة النشيطة لعاهل يحمل رؤية تنموية شكلت قطيعة مع المفاهيم والأساليب التدبيرية للسياسة التي تم نهجها في الماضي في هذا المجال. وهي الرؤية التي مكنت باستمرار من إدماج متطلبات النمو الاقتصادي والتوزيع الاجتماعي لثماره بالإضافة إلى التقدم المجتمعي، في إطار نموذج تدبيري موحد. كما تمت بفضل الانفتاح على العولمة، كما تبلور من خلال الشراكة المتقدمة مع الاتحاد الأوروبي، واتفاقيات التبادل الحر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ومع عدد متزايد من دول الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن خلال تعاون قوي جنوب-جنوب. أما ثالث العوامل فأرجعه المندوب السامي للتخطيط إلى السهر المتواصل على استقرار التوازنات الماكرو اقتصادية، حيث تم حصر التضخم مثلا في %1.9 كمتوسط سنوي بين عامي 1999 و 2008 وفي %1 سنة 2009. الأمر الذي مكن، موازاة مع ارتفاع الدخل الإجمالي المتاح للفرد بنسبة %4.3 ، من تحسين القدرة الشرائية للأسر بنسبة %2.4 كمتوسط سنوي. وهذا يؤكد ، خلافا للتحاليل المقتصرة على نظرة قصيرة المدى، فضيلة التدبير اليقظ للمالية العامة. وكان العامل الأخير الذي أورده الحليمي، يتعلق بوجاهة اختيار نمط النمو المؤسس على الطلب الداخلي، وهو اختيار تمكن المغرب بفضله من الرفع من نسبة الاستثمار من %24.8 سنة 1999 إلى %32.6 سنة 2009.