في إطار الأنشطة النقابية التي قام بها الاتحاد المحلي للفدرالية الديموقراطية للشغل (ف.د.ش) بفاس، نظم الاتحاد المحلي ندوة صحية في موضوع الأمراض المهنية. ألقى من خلالها الدكتور حسن البدوي عرضا مفصلا حول الأمراض المهنية التي تصيب العمال والعاملات أثناء مزاولتهم لعملهم، مبرزا مدى أهمية سلامة وخلو محيط العمل من كل المسببات المحتملة للأمراض المهنية. حيث تناول في عرضه الشق الصحي المرتبط بمعظم أسباب الأمراض المهنية وكذلك الشق القانوني المتعلق بشروط السلامة. كما نصت عليها مدونة الشغل، وفي الختام أجاب الدكتور حسن البدوي عن كل التساؤلات والاستفسارات التي تشغل بال صحة العمال والعاملات. الشق الصحي في بداية الندوة أكد الدكتور حسن البدوي على أهمية سلامة صحة العمال والعاملات، باعتبارها رأس مال ضخم، ومورد بشري هائل لدوران عجلة اقتصاد البلاد واستمراريته. حيث أعقب في حديثه على أهمية نظافة مرافق محيط المؤسسة المهنية، لكونها الضامن الوحيد لسلامة صحة الطبقة العاملة، وتجنبهم الوقوع في براثن الأمراض. حيث نبه إلى كون محيط العمل مليء بالجراثيم والميكروبات التي تنتقل عن طريق الهواء والمياه المستعملة، مما يسهل إصابة العمال بالإمراض وانتقال العدوى من عامل إلى آخر. كما أن بقايا تناول الأطعمة تتحلل إلى مواد عضوية في التربة، مما يمكنها أن تتسرب على شكل سيليكوز في الحويصلات الرؤية، مما يودي إلى ضعف التنفس. كما أن التدخين في محيط العمل يؤثر على جميع العمال بدون استثناء (رئة المدخن 120متر مربع)، مما يؤدي إلى إصابتهم بمرض السرطان و ضيق التنفس. كما أعطى مثالا للمقارنة بين سرعة استجابة الجسم للتدخين وللدواء، إذ أن الأخير يعطي مفعوله خلال 15 أو 20 ثانية في حين أن المدخن يحس بالراحة خلال ثانيتين أو ثلاث ثوان. كما أعطى أمثلة لبعض مسببات الإمراض المهنية التي تتواجد في محيط العمل، كالألفة والأستيستوز والغازات والمواد المنتجة للأبخرة و كلورور الكاربون الذي يعتبر من مكونات الدوليو الذي يستعمله كل من الميكانيك والنجار والصباغ، مما يؤدي إلى ذوبان شحمة المخ. كما أعطى كذلك أمثلة لبعض المخاطر الطبيعية التي تتجلى في الحرارة، كالصدمة الحرارية والإجهاد الحراري، بالنسبة للعمال الذين يعملون في أماكن الأفرنة أو تحت الشمس الحارقة، مما ينتج عن ذلك اختلال في توازن النظام الحراري عند الإنسان، وظهور اضطرابات في الدورة الدموية، وفي بعض الحالات إلى انهيار الجسم، اثر توسع الأوعية الدموية، ونقص فعالية دوران الدم، ونقص الضغط، وكذا نقص في الدم الوارد إلى الكليتين، بالإضافة إلى اختلال التوازن الحراري في جسم الإنسان. ومن بين المخاطر الطبيعية كذلك الضجيج والصداع- صوت مرتفع غير مرغوب فيه- أكان مستمرا أو متقطعا، فينتج عنه نقص في السمع أي كلما تعرض العامل يوميا( ست ساعات أو سبع ساعات في اليوم الواحد) لتردد قيمته 80 ميكاهرتز يصيبه بمرض نقص السمع؛ في حين أن الاهتزازات الناتجة عن الآلات تؤثر على الأوعية الدموية والعظام والعضلات، زد على ذلك المخاطر الإشعاعية الناتجة عن المصادر الطبية. كما أشار الدكتور حسن البدوي على انه يوجد بالمغرب 86 مرض مهني مصرح به من طرف وزارة الصحة، التي تعتمد لتشخيص المرض المهني، أهمها ناتج عن طرق التسمم إما ب: الرصاص أو الزئبق أو الزرنيخ أو المانغنيز أو الكروم أو الهالوجين أو الهيدروكاربورات أو البنزن أو الاحتكاك مع الفوسفور أو الإشعاعات الأيونية أو الاسمنت أو حمض الكروم أو نثرات الفينول أو قطران الفحم الحجري وزيوته أو الكوبالت أو عن تقرحات كرومات الزنك الخ. كما نوه الدكتور حسن البدوي على ارتداء بذلة العمل واستعمال النظارات والخوذة والقفازات لتجنب الإصابة و الوقاية من إمراض قد تكون وخيمة على صحة العمال. الشق القانوني استعرض الدكتور حسن البدوي في حديثه على أن كل تصريح بمرض مهني، يلزمه شروط موضوعية، وأسباب واقعية، معتمدة في ذالك على المرجع الموثق من طرف وزارة الصحة، الذي يتمثل في 86 مرض مهني، لإبراز التسبب في المرض. كما أطلع العمال والعاملات على انه ابتداءً من نسبة عجز% 66، يعتبر مرضا مزمنا. حيث بين أن الهدف من تشكيل لجنة الصحة والسلامة المنصوص عليها في مدونة الشغل لها دور كبير في توعية وتأطير العمال على قوانين الصحة والسلامة في محيط العمل، كما تعمل على وضع برامج وقائية كفيلة لصون صحة العمال، وتدريبهم على كيفية التعامل مع الإسعاف الأولي. كما أكد على أن التصريح بالمرض المهني لابد أن يكون في وقته، من اجل توفير آجال التكفل، كما أن المجلس الأعلى للوقاية و السلامة الصحية، كما نصت عليه مدونة الشغل له دور كبير في توفير شروط السلامة الصحية. وفي الأخير رحب العمال والعاملات على مثل هاته المبادرة التي قام بها الاتحاد المحلي للفدرالية الديموقراطية للشغل، معربين عن أملهم في استمرار مثل هذه المواضيع التوعوية، التي تمسهم بالدرجة الأولى، كما تساءلوا واستفسروا على بعض النقط التي تكون دائما جوهر الخصام و تأزم العلاقة بين المشغل و العمال، نذكر على سبيل المثال تخصيص طبيب لكل مؤسسة مهنية، كيفية التصريح والتكفل بالمرض المهني الخ. كل هاته التساؤلات أجاب عليها الدكتور حسن البدوي بدقة من أجل إحاطة العمال مسبقا على كيفية التعامل لقدر الله مع المرض المهني. إلا انه تبقى الوقاية خير من العلاج.