ونحن نقترب أكثر فأكثر من استحقاق 2012 نتساءل مع المتسائلين: ماذا أعد لذلك الاستحقاق بعد الكل الذي وقع في انتخابات 2007 وتكرر في 2009؟ لقد عزف الناخبون عن التصويت وسط صدمة واندهاش الطبقة السياسية، وبعد فترة بدا وأن جميعهم فهم رسالة الشعب. فبعد سلسلة من النقاش والتحليل واتخاذ المواقف من قبل الأحزاب تحديدا، كان واضحا أن الأمر يستدعي وجود إرادة وطنية وتحركات قوية لتجاوز الأزمة والدخول لمرحلة جديدة تعيد النفَس للفعل السياسي ببلادنا. واليوم ومع ما يسمى بالدخول السياسي وباستثناء تصريحات سياسيين ،لا يتجاوز عددهم عدد أصبع اليد الواحدة، والتي تنادي بضرورة استثمار ما تبقى من وقت للقيام بإصلاحات سياسية وانتخابية لإتجاه إصلاح ما اعوج وتدارك ما فات تفاديا لتكرار عزوف أكبر للناخبين مستقبلا، فإن باقي السياسيين إما غير واعين بدقة المرحلة وقيمة الرهان المطروح على الساحة السياسية وإما مستكنين للمثل الشعبي القائل بأن لا»زربة» على أي إصلاح. لقد أكد واقع الحال أن صورة المُنتخَب في بلادنا إن على صعيد البرلمان أو على الصعيد الجماعات باتت صورة سيئة للغاية ومن شأن ذلك أن يعزز موقف الناخب من عدم جدوى المشاركة في أي تصويت، بل وسيتفحل الأمر أكثر لما نعلم أن هذا الناخب ، وبفضل القنوات الفضائية ، يشاهد على الشاشة مجريات ديمقراطيات عريقة أو ديمقراطيات ناشئة، وبالتالي سيقوم بمقارنة بسيطة لما يجري هناك وما يجري في بلادنا.وبالمناسبة سيكون الناخب المغربي سنة 2012 متابعا لعشرات الانتخابات، برلمانية ورئاسية وفي عدة بلدان من العالم ،ستؤثر لا محالة على سلوكه وعلى موقفه يوم التصويت. الديمقراطية في مجتمع ما تعني أن كل فرد فيه مسئول ،الشعب يعبر عن رغباته وأحلامه بواسطة ألأحزاب والنقابات والجمعيات والإعلام، ويُفوض عبر انتخابات أمر إقرار تلك الرغبات وتحقيق تلك الأحلام إلى ممثلين عنه ، يسهرون كذلك على مراقبة تنفيذ جزء أو كل منها من قبل الحكام والحكومات. فأي إصلاح آت من فوق، مهما كانت أهدافه نبيلة، لن يكتب له النجاح ما لم ينخرط جزء كبير من المجتمع في وضع معالمه ويتحمس عند وضعه موضع التنفيذ.وأمامنا الآن مثالين صارخين لهذا الإصلاح الفوقي :التعليم وبرنامجه الاستعجالي الذي لم يفض إلى أي نتيجة رغم ما انفق عليه من مال والقضاء وإصلاحه العميق والذي بقي حبرا على ورق وحلما لم يتحقق. لم يبق إلا القليل من الوقت لتدارك أسباب نفور الناخب المغربي من العمليات الانتخابية ولتجاوز الأزمة وذلك بالشروع في برمجة سلة إصلاحات لا في الوسائل فقط (مدونة الانتخاب، قانون جديد للأحزاب مثلا) بل إلى التفكير جدي وبإرادة سياسية وطنية واضحة لتغيير العقليات حتى يسهل تغيير الأوضاع. الآن، لا بد من التوجه إلى الشعب باقتراحات نابعة من رغباته وتطلعاته وتبيان خط سياسي لوضع تلك الرغبات والتطلعات على سكة التنفيذ، وإذا ما انتظرنا حلول سنة 2012 للقيام بذلك سيكون الأمر عسيرا جدا بالنسبة للجميع إذ ستمنع حمى الترشيح، الحكومة والأحزاب معا، من اتخاذ قرارات صحيحة لإتجاه بناء ديمقراطية ببلادنا ، وسيتمر المشهد السياسي في تخبطه و تعثره وبافراز الكثير من طموحات فردية مسيئة للشعب وللنظام، الشيء الذي يصب ويغذي العبث السياسي بتبعاته الاقتصادية والاجتماعية... الوقت عامل مهم في حياة الإنسان، وهو كذلك عامل أساسي في العمل السياسي. لذلك نكرر أن اليوم، يوم الشروع في التفكير والبحث عن حلول جذرية للمعضلة السياسية في المغرب، وليس بعد سنة. العبثقراطية لن تُصلح بلدا ولن تُقوي نظاما وعلى الجميع محاربتها قبل فوات الأوان.