مازال سوق العقار بمدينة مراكش يعيش حالة اختناق واضحة في ظل تداعيات الأزمة العالمية في ارتباطها بالمشاكل التي يطرحها تدبير القطاع محليا . ذلك ما يجمع عليه المهنيون الذين يعتبرون أن التأخر في القيام بما يلزم من الإجراءات قد يعرض سوق العقار بالمدينة إلى مخاطر كبيرة قد يكون من نتائجها انهيار الاستثمار في هذا المجال وانفجار الأسعار في حدود السنتين المقبلتين على أقصى تقدير ويرى المهنيون أن صيف هذه السنة لم يكن في مستوى انتظاراتهم، رغم أن اللقاءات التي عقدت مع المهاجرين المغاربة في إطار الصالونات المنظمة بفرنسا كانت واعدة و مشجعة ،إلا أن واقع التسويق كان مخيبا . و يعود ذلك حسب المتدخلين في القطاع إلى كون الأزمة المالية العالمية التي أرست نتائج اقتصادية كارثية في معظم بلدان أوروبا ضربت القدرة الشرائية للمهاجرين القادمين من القارة العجوز، و كرست نوعا من الشك و التردد إزاء المستقبل مما حجم إقبالهم على المنتوج العقاري بالمدينة . مع العلم أن المهاجرين المغاربة يشكلون الزبون الأساسي في فترة الصيف . و يرى عادل بوحاجة رئيس جمعية المنعشين العقاريين بمراكش في تصريح للاتحاد الاشتراكي أن سوق العقار بالمدينة الحمراء عرفت انتعاشة نسبية في شهر يوليوز الأخير ، مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية ، وسجل خلاله إقبال ملحوظ للمهاجرين المغاربة على السكن الاجتماعي المحدد سعره في 250 ألف درهم ، وكذا السكن المتوسط الذي يصل سعره إلى 900 ألف درهم . لكن الطلب عاد لينحصر من جديد في شهر غشت الذي عرف فيه البيع ركودا كبيرا ، و سبب ذلك في تقدير بوحاجة يعود إلى تزامن شهر غشت مع رمضان الذي لم يشجع كثيرا المهاجرين على العودة إلى المغرب . و أوضح المتحدث أن المنعشين العقاريين كانوا ينتظرون أن يكون الطلب أقوى في هذا الصيف من قبل أفراد الجالية المغربية المقيمة بأروبا ، علما أن سنة 2010 سجلت أداء جيدا بالمقارنة مع سنتي 2008 و 2009 اللتين اجتاز فيهما القطاع وضعية جد صعبة . و بالنسبة للطلب المغربي فيتركز حسب رئيس جمعية المنعشين العقاريين بمراكش في أغلبه على صنف السكن الاجتماعي أما السكن المتوسط فيعاني من ظروف غير مشجعة على مستوى التمويل بحكم أن الأبناك ، التي تشكل الممول الرئيسي للمغاربة في اقتناء السكن ، لا تيسر عملية الحصول على قرض موجه لاقتناء سكن متوسط . أما سوق السكن الراقي « هوت ستوندين « بالمدينة فتعرف تراجعا كبيرا على مستوى البيع ، ورغم أن الاسعار فيها مستقرة إلا أن الطلب منحصر والبيع تراجع بنسبة تزيد عن 60 بالمائة ، و ذلك لأن زبونه الأساسي هم الأجانب ، الذين يعانون من حدة تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعرفها بلدانهم ، مما أدى ليس فقط إلى تقلصهم و إنما إلى اختفائهم من السوق . و يؤكد عادل بوحاجة أن هذه الوضعية التي تسم سوق العقار بمراكش انعكست على حجم الاستثمار في مشاريع السكن بالمدينة ، فمشاكل التسويق عرضت العديد من المنعشين إلى أزمات حقيقية ، و جعلت رساميل كبيرة تجمد في مشاريع منجزة لم تجد طريقها إلى البيع وهو ما جعل الأبناك تعزف عن تمويل مشاريع جديدة . و اعتبر بوحاجة أن وضعية سوق العقار بمراكش تزداد سوءا بسبب الضبابية التي تسود مجال التعمير بالمدينة ، وبسبب غياب تصميم التهيئة الذي يجعل الاستثمار في القطاع يتم بدون رؤية واضحة محددة المعالم ، و هو ما تفاقم مع قرار إغلاق منطقتي تاركة و دوار العسكر سنة 2006 لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة على الأكثر تم تفتح من جديد في وجه مشاريع التعمير وهو ما لم يحدث ، حيث أن قرار الإغلاق مازال ساري المفعول إلى اليوم ، أي بعد مرور أزيد من أربع سنوات من صدوره . الأثار المترتبة عن ذلك ، ستكون بالغة الخطورة في تقدير بوحاجة حيث أن انحصار التعمير في المدينة سيؤدي إلى تقلص العرض مقابل الطلب مما سينعكس على أسعارالمنتوج العقاري . فإذا لم تحدث مناطق تعمير جديدة بمراكش فستعرف الأسعار في حدود السنتين المقبلتين على الأكثر انفجارا كبيرا .