الداخل اليوم إلى أسواق إنزكان قد يثير انتباهه كثرتها وتنوعها وتعدد الجمعيات الممثلة لتجارها، فتزداد بذلك حجم المخاطرة في إنجاز تحقيق يكشف لأول مرة بعض خبايا هذه المدينة العجيبة التي لا تنام كأنها « كويت» أخرى على ضفة وادي سوس والتي كانت تسمى قديما حاضرة وادي سوس. مدينة إنزكان مدينة بها عشرات الأسواق، نحكي في هذا التحقيق قصة كل هذه الأسواق، محاولين تركيب أجزاء الصورة من أجل فهم مدينة اسمها «إنزكان». من الأمور التي تثير انتباه الزائر لمدينة إنزكان الحركية الدائبة التي تعرفها هذه المدينة الصغيرة التي لاتتجاوز مساحتها 14 كيلومترا مربعا، وعندما تسأل عن السر الذي منح لهذه المدينة كل هذا البريق، تقودك الأسئلة إلى عالم أشبه بالخيال، فالمدينة تحرك اقتصادا يؤثر في كل ربوع المملكة، حيث يكفي أن يعرف الواحد منا أن الخضر والفواكه التي تباع في إنزكان تصل إلى حدود نهر السينغال والنيجر وإلى وهران وتلمسان والجزائر العاصمة، عندما كانت الحدود البرية مفتوحة، فضلا عن البواخر البحرية المدنية منها والعسكرية التي تتزود بمؤونتها من مدينة إنزكان، وعشرات الفنادق والإقامات السياحية بالجهة . كما أن سوق إنزكان يروج ما قيمته 60 في المائة من الخضر والفواكه على المستوى الوطني، ويعتبر السوق الثاني بعد الدارالبيضاء، قصة هذا المجد التجاري للمدينة بدأت عندما اهتزت الأرض تحت أقدام تجار أكادير سنة 1960، الأمر الذي دفعهم إلى اختيار بقعة ربما أكثر تباتا فوقع الاختيار على «إنزكان» أو «ذاك المرتفع» بحسب الترجمة العربية للفظة «أنزيك آن» الأمازيغية. الداخل اليوم إلى أسواق إنزكان قد يثير انتباهه كثرتها وتنوعها وتعدد الجمعيات الممثلة لتجارها، فتزداد بذلك حجم المخاطرة في إنجاز تحقيق يكشف لأول مرة بعض خبايا هذه المدينة العجيبة التي لا تنام كأنها « كويت» أخرى على ضفة وادي سوس والتي كانت تسمى قديما حاضرة وادي سوس . مدينة إنزكان مدينة بها عشرات الأسواق، نحكي في هذا التحقيق قصة كل هذه الأسواق، محاولين تركيب أجزاء الصورة من أجل فهم مدينة اسمها «إنزكان». سوق الثلاثاء سوق العجائب السبع من الأسواق المثيرة للجدل داخل مدينة إنزكان سوق الثلاثاء، هذا السوق المتنوع يضم تجار الملابس والخضر والأحذية والتوابل والتجهيز المنزلي واللحوم وباقي الخدمات، وكذا «الفياغرا» وأشياء أخرى. فهو سوق العجائب السبع. حكاية هذا السوق يمكن أن نبدأها عندما عرف في وقت سابق تزويرا لوصولات واجبات الرسوم الجبائية، وقد ضبط في هذه الواقعة أربعة موظفين في البلدية وحوكموا وأدينوا، لكن الغريب في الأمر أن بعضهم تمت إعادته إلى مرافق جبائية حساسة، كالمجزرة التي تعرف رواجا تجاريا خاصا. كما أن هذا السوق، بحسب العارفين بخباياه، يعرف احتلالات للملك العمومي بدون ترخيص ويكفي أن يكتشف الزائر بالعين المجردة الممرات التي تمتلئ عن آخرها والتي تضم العشرات من التجار المتجولين الذين أصبحوا «قاريين». العارفون بأسرار السوق أفادوا بأن هذه المساحات التي يحتلها التجار المتجولون يطلق عليها «البحاير»، فلكل نافذ بحيرة يجني غلتها دون أن يمر ذلك إلى صندوق الجماعة، بل يمر إلى جيوب بعض المحظوظين، والدليل على ذلك أن النزاع بين هؤلاء يشتد أحيانا إلى أن يصل إلى المحاكم، كما أن بعض أعضاء المجلس أبدوا استياء كبيرا داخل المجلس من مثل هذه السلوكات التي قد تضر ب«مصداقيتهم». «الحق» الذي أريد به مداخيل جديدة كشفت بعض المصادر المقربة من المجلس البلدي لإنزكان ل«المساء» أن من بين الملفات المثيرة في سوق الثلاثاء كون جهات من المجلس حولت العديد من المرافق الحيوية، كمركز الحراسة المخصص للقوات المساعدة ومقر إدارة الجبايات الخاص بالسوق، إلى دكاكين بدعوى دعم الفرق الرياضية، لكن أنباء متواترة تأكد أن الأمر تم تفويته من «تحتها» إلى نافذين مقربين من المجلس دون مصادقة السلطات الوصية رغم أنها احتلالات مؤقتة لمحلات مبنية، كما تم إغلاق الباب الرئيسي للسوق من جهة واحدة وتحويله إلى دكان مغلق. قصص احتلال الملك العمومي لم تنته عند هذا الحد، بل إن مجموعة من الوثائق، حصلت «المساء» عليها، تؤكد أن ممرات هذا السوق صدرت فيها قرارات باحتلال الملك العمومي، حيث أعطيت هذه القرارات في الفضاءات المتواجدة أسفل الدكاكين داخل المركب التجاري المختار السوسي المسمى «التران» بسوق الثلاثاء، رغم أن هذه المساحات ليست في ملك الجماعة الحضرية لإنزكان وإنما في ملكية مشتركة بين أصحاب المحلات المستفيدين لدى شركة «ليراك» سابقا، العمران حاليا، كما هو الشأن كذلك بالنسبة لبعض الفضاءات بالطابق الأول من نفس المركب منح فيها قرار احتلال الملك العمومي رغم أنها في ملكية مشتركة خاصة بالتجار. بمبالغ مالية خيالية وصلت إلى 360 مليون سنتيم. سجلات تجارية لدكاكين معلقة من الظواهر الغريبة التي يعرفها السوق أن بعض التراخيص من أجل الاحتلال المؤقت للملك العمومي منحت لدكاكين عبارة عن صناديق معلقة في مداخل الأسواق وممراته، والأغرب في هذا كله أن أصحاب هذه الدكاكين يتوفرون على سجلات تجارية ولهم الحق في التصرف في هذا الأصل التجاري الذي يساوي في بعض الحالات عشرات الملايين من السنتيمات. كما توجد دكاكين أخرى بحجم القبر الواحد يتم استغلالها في بعض الأنشطة التجارية خاصة الهواتف النقالة ولوازمها.
سياسة لي الذراع بين المجلس والتجار يعتبر هذا السوق من الملفات التي عرفت جدلا قويا بين المجلس الحالي والتجار، وتطورت الأمور إلى وقفات وإضرابات انطلقت سنة 2002 بإضراب عام داخل المدينة شارك فيه التجار يساندهم في ذلك بعض البرلمانيين، لكن الرئيس الحالي لازال مصرا على إتمام مشروع هذا السوق وفق رؤيته الخاصة والتي جدد التأكيد عليها في العديد من المناسبات، وقال بالحرف الواحد «إن قرار تحويل السوق ماض، أحب من أحب وكره من كره». فما هي قصة هذا السوق؟ ولننطلق من البداية. تعود ملكية هذا السوق إلى الأملاك المخزنية، حيث تكلف التجار ببناء محلات على حسابهم الخاص بموجب اتفاقية تضمن لهم حق الملكية السطحية «البناية»، ولم يتم اقتناء عقاره إلا خلال الولاية السابقة للمجلس، ويضم تجار الخضر والفواكه والتمور والفواكه الجافة كما يضم دكاكين على واجهة شارع المختار السوسي. كما أن قاعة العرض المخصصة للفلاح بموجب القرار التنظيمي أصبحت اليوم محتلة من طرف مجموعة من الوسطاء والمجلس البلدي يستخلص رسومها دون أي سند قانوني، حيث إنها معفية ولا تستلزم استخلاص الرسوم والضرائب منها، الأمر الذي يضطر معه الفلاح إلى عرض بضاعته خارج أبواب السوق. أما بخصوص التجهيزات، فهذا السوق الذي يحمل صيتا وطنيا ودوليا يفتقر إلى الكهرباء والماء وقنوات الصرف الصحي. كما أن المحول الكهربائي الذي كان مخصصا لهذا السوق تم تهريبه، بحسب إفادة كاتب فرع النقابة الوطنية للتجار والمهنيين بشارع المختار السوسي. ومن الخبايا التي لا يعرفها الكثير داخل هذا السوق أن باب السوق المفتوح على المحطة الطرقية تم تحويله إلى «دوشات» من طرف أحد نواب الرئيس الحالي قصد الظفر بمشروع «الدوشات» الجديد المزمع إنشاؤه . ومن القصص المثيرة في هذا السوق أنه يعدُّ المحضن الذي يفرخ أعضاء المجلس البلدي، فمن تجاره تشكلت أغلب المجالس التي تعاقبت على المدينة وجل الأعضاء يملكون محلات داخل هذا السوق العجيب. وفي الولاية التي شغل فيها الرئيس الحالي رئاسة المجلس، تم إعداد تصميم التهيئة من أجل دعم قرار التحويل والذي أثار غضب التجار الذين احتجوا على القرار واعتبروه ضربا لمصالحهم، خاصة وأن الموقع الذي تم اختياره للسوق مهدد بالفيضانات، كما أن إضافة دكاكين جديدة من الحجم الكبير قد يضر بمصالحهم لأنه لم يتم اعتماد نموذج واحد. وقد عرف هذا السوق محطتين أساسيتين، الأولى عندما ألغى المجلس السابق صفقة هذا السوق بدعوى أن الصفقة أعطيت جزافيا، ولكون المشروع لم يلتزم بشروط تحويل السوق، بما فيها المساحة الخاصة بالمحلات والموافقة ورضى التجار باعتبارهم المعنيين بالأمر، كما أن السوق يتوفر على 380 دكانا مخصصا للتجار الحاليين، بالإضافة إلى 500 دكان جديد سيتم تسويقها، وبعد إدخال العديد من التعديلات على الصفقة. والثانية بعد عودة الرئيس أمولود إلى المجلس، حيث طرح صفقة السوق بالصيغة الأولى قبل التعديل، لتعود مرة أخرى موجة الاحتجاجات التي قام بها التجار. التجار في مواجهة اللوبي العقاري استمر الجدال بين المجلس والتجار، ففي الوقت الذي يرى فيه المجلس أن قرار التحويل لا مفر منه وأنه قرار ماض من أجل تأهيل السوق وفك الاختناق على مركز المدينة، يرى التجار من جهتهم أن الأمر يتعلق بفرصة للوبي العقاري داخل المدينة من أجل الاستيلاء على الأرض الحالية للسوق من أجل بناء عمارات سكنية، وأن تخفيض الاكتضاض عن قلب المدينة يقتضي أن يكون هناك مخطط للسير والجولان داخل المدينة، وفي غياب هذا المخطط لا يمكن القول بأن تحويل السوق يأتي في إطار رفع الاختناق الذي يعرفه قلب المدينة. هذا الأمر أكده خبراء من جزر الكناري في اجتماعهم مع النقابة الوطنية للتجار والمهنيين بإعطائهم اقتراح تخصيص مكان مشروع هذا السوق كمحطة لوجستيكية لنقل وتوزيع وشحن البضائع والخضر عبر جميع العالم، كما هو الشأن بالنسبة للمحطة التي دشنها صاحب الجلالة بوجدة والمحمدية، كما يحتج التجار على تجاهل الدراسات التي تؤكد أن المنطقة ليست محمية بقدر كبير من الفيضانات، وأن الحاجز الذي كان من المفروض بناؤه لم يكتمل بعد. القبعة السحرية التي يخرج منها الرئيس الحلول هذا السوق الذي يعتبر اليوم عبارة عن أطلال بعد توقف بنائه وأصبح وكرا لكل مشردي المدينة، كان مخصصا للتجار الذين تم إقصاؤهم من إعادة هيكلة سوق الثلاثاء بعد الحريق الذي عرفه سنة 1992. هذا السوق أصبح مهجورا عندما عجزت مؤسسة العمران عن بنائه واستغلاله بعد أن وافق المجلس البلدي على عهد الولاية السابقة للرئيس الحالي محمد أمولود على تفويته لهذه المؤسسة، وبعد عجز هذه الأخيرة وبعودة الرئيس الحالي أصبح يشكل قبعة سحرية يلوح بها من أجل حل مشاكل التجار وإعادة إيوائهم. ويتساءل التجار عن إمكانية استيعاب هذا السوق الذي لا تتجاوز محلاته 500 محل. مشروع سوق «دبي» منح المجلس البلدي، في الآونة الأخيرة،رخصة بناء للمركز التجاري الممتاز المعروف ب«دبي» وذلك على العقار المجاور للعمالة وسوق الثلاثاء والمقاطعة الحضرية والمحكمة الابتدائية لإنزكان. وأكدت نفس المصادر أن العقار المذكور يقع في حي إداري وفقا لتصميم التهيئة الخاص بمدينة إنزكان، وقد كان من المقرر أن يخصص لمرأب تابع للعمالة، إلا أنه تم التخلي عنه على عهد العامل السابق ليتم منحه من طرف لجنة «الاستثناء» الخاصة بالاستثمار على مستوى العمالة للشركة المذكورة من أجل إنشاء مركز تجاري كبير عرف في ما بعد باسم سوق «دبي» . ورجحت مصادر الجريدة أن يطال الملف استغلال النفوذ، خاصة وأن أحد نواب رئيس المجلس البلدي لإنزكان يعتبر من بين المساهمين الرئيسيين في الشركة التي ستتولى بناء السوق، خاصة وأنه قد سبق لسلسلة متاجر «أسيما» أن طلبت الترخيص لها من أجل إنشاء سوق ممتاز بمدينة إنزكان، إلا أن المجلس البلدي رفض ذلك بدعوى أن المدينة تقوم أساسا على التجارة وأنه من شأن إنشاء سوق ممتاز أن يؤثر على الرواج لدى فئات التجار داخل المدينة، لكن المجلس البلدي يعود ويقوم بالترخيص لمركز تجاري كبير دون أن تنتفي مبررات رفضه للطلب السابق لأسيما، الأمر الذي يرجح فرضية استغلال النفوذ. كما أن المجلس البلدي السابق رفض الترخيص لهذا السوق لاعتبارات تعميرية وتقنية وقانونية، خاصة وأن المشروع يتكون من ستة طوابق تطل على بناية العمالة والمحكمة والمقاطعة ومقر الجماعة وكل هذه البنيات لا يتعدى علوها طابقين. كما أن واجهة المشروع تطل على شارع الجيش الملكي، الذي تقع مدينة الدشيرة الجهادية في الجهة المقابلة له، وتبعد بمسافة 65 مترا من محور الطريق الرئيسي لشارع الجيش الملكي، الأمر الذي يفرض على صاحب مشروع سوق «دبي» أن يترك نفس المسافة من الجهة المقابلة، وبتركه لهذه المسافة يكون قد فقد المساحة الأصلية للعقار ويجعله على عقار آخر غير الذي خصص لبناء السوق. كما أن من شأن إنشاء «سوق دبي الممتاز»، تضيف ذات المصادر، أن يؤثر سلبا على مشروع تأهيل سوق الثلاثاء الذي لا يقتصر فقط على تأهيل السوق من الداخل بل يقتضي كذلك خلق منافذ وممرات إلى هذا السوق بخلق مرأب يحيط به، وطرق من شأنها أن تخفف من ضغط حركة المرور بقلب المدينة التي تعاني من اختناق مروري شديد. السوق البلدي الجديد الذي يهدد بحل المجلس وعزل الرئيس أحال المجلس الجهوي للحسابات بأكادير على وزارة الداخلية ملف منح حق الامتياز لبناء واستغلال السوق البلدي الجديد لإنزكان من طرف شركة «برادرز شوب». كما أن وزير الداخلية راسل السلطات الإقليمية بإنزكان بخصوص النظر في الشكاية التي رفعتها نقابات التجار بشأن مخاوفها من عدم مراعاة الشق الاجتماعي في مشروع بناء هذا السوق. إضافة إلى أن المشروع فوته الرئيس وقتئذ بدون الخضوع لمقتضيات مدونة الصفقات العمومية، بالإضافة إلى كون أحد نوابه فوتت لأخيه وابنه خمسون في المائة من الشركة بتاريخ 11/08 / 2003، وظل هذا التفويت مخفيا إلى أن أثير في مداولات إحدى الدورات الإستثنائية في غشت 2008 . ومعلوم أن الخرق الأول والثاني قد يعرضان مرتكبهما للعزل، أما الخرق الثالث المتمثل في حالة التنافي واستغلال النفوذ فإنه يستوجب تطبيق المادة 250 من القانون الجنائي وكذلك المادة 22 من الميثاق الجماعي. وتجدر الإشارة إلى أن دفتر التحملات والاتفاقية المتعلقة بهذا المشروع عرفا تعديلات سنة 2005. على عهد الرئيس السابق عبد القادر احمين، شملت الجانب التقني والإداري والمسطري ورفع مردودية المشروع من 40 مليونا إلى 153 مليونا، مع تحديد السومة الكرائية في 350 درهما، وإعطاء الأولوية لتجار الأسواق غير المنظمة في إنزكان. غير أن صاحب الامتياز أخل ببنود كناش التحملات وتسلم مبالغ مالية تتراوح بين 30 مليونا و40 مليون سنتيم من التجار، الأمر الذي يعد اغتناء على حساب الملك العمومي وإلغاء لحق تجار المدينة في الاستفادة.