الحسن باكريم نتابع عن كثب كل ما يجري، بالقلب النابض لسوس وبمركز ربط جنوب وشمال المملكة، مدينة إنزكان ، ونحاول استيعاب هذا الذي يجري على أرض الواقع من عبث وفوضى. فالمدينة لها العشرات من الحسنات، ولا نسمع عنها إلا السلبيات، فهي مركز الأمراض العقلية والأمراض الصدرية وهي أقبح سجن بالمغرب وهي محطة وساحة للتشرد والتسول والسرقة وهي مدينة المواصفات القبيحة كلها ، فماذا تبقى لها من وصف؟ إن لمدينة إنزكان مقوماتها البشرية من نساء ورجال بصموا عبر التاريخ على ثقافة عالية ونضالية مستميتة ، كما لها من المقومات السياسية والمادية الكثير، فهي مدينة النخب السياسية كما هي مدينة التجار بامتياز، ولها أنشطتها القيمة العديدة في مجالات الفن والمسرح والرياضة وغيرها. وتمتد إنزكان على مساحة 14 كلم مربع ويبلغ عدد سكانها أكثر من 100 ألف نسمة بنسبة عالية من النمو الديموغرافي و الكثافة السكانية بأكثر من 8054 نسمة في الكلم المربع ، بسبب تدفق المهاجرين عليها بحثا عن العمل والقوت اليومي، الذي توفره أسواقها لهؤلاء، فأضحت بذلك نموذجا مصغرا للمغرب المتعدد والمتنوع. إن مدينة بهذا الحجم إما أن تكون أو لا تكون؟ تكون في مستوى تطلعات أبنائها و ساكنتها أو تبقى مدينة للعبث و الفوضى؟ فهل يرضى للمدينة، بكل المقومات التي ذكرنا البعض منها، أن تبقى بدون تنظيم لأسواقها و لتجارتها و مهنييها؟ طرحنا هذا السؤال في ملفنا لهذا العدد من جريدة 'الانبعاث' فوجدنا من خلال الاستطلاع الذي أنجازناه، أن مكونات المدينة في تناقض كبير بخصوص الانتقال إلى السوق الجديد، فالبلدية تصر على قرار الترحيل، والتجار يرفضون الانصياع لهذا القرار ..فمند ما يقارب عقد من الزمان وسياسة التوتر تطبع علاقة تجار سوق الجملة للخضر والفواكه بإنزكان بالمجالس المتعاقبة على البلدية، نتيجة قرار ترحيل السوق إلى المنطقة الجنوبية. هذا دون إغفال معاناة التجار الحالية بسوق يعتبر الأول على صعيد الجنوب من حيت حجم المعاملات التي تتم به، المجلس البلدي يعتبر مكان تواجد السوق الحالي بمثابة معرقل للدور الذي يجب أن يلعبه السوق في التأكيد على المركزية التجارية للمدينة، كما انه معرقل لتصميم التهيئة الحضرية للبلدية، مما يجعل أمر نقله ضرورة ملحة، وذلك من اجل تحديث آلياته للرقي به إلى مصاف الأسواق الدولية،ومما زاد التوتر من حدته ما نتج عن تهاطل أمطار الخير، التي عرفتها المنطقة بداية هذا العام، بعد ارتفاع منسوب مياه وادي سوس، و اجتياحه لمساحات كبيرة على الضفة الغربية بما فيها المنطقة المخصصة لإنشاء سوق الجملة النموذجي للخضر والفواكه. وقد أعلن التجار عن امتناعهم للامتثال لقرار المجلس البلدي، كما يؤكدون واعتبروا الترحيل إلى المنطقة المهددة بالفيضانات بمثابة مغامرة غير محسوبة العواقب. والمدينة ما أحوجها على امتلاك سوق عصري و نموذجي بالمواصفات الدولية لأنه سوق وطني ودولي مع وفق التنفيذ، فهل ستبقى إنزكان مدينة للعبث و الفوضى؟