الفوضى هي أقل ما يمكن أن يوصف به واقع التدبير المحلي بالمدينة، فاستغلال المِلك العمومي من أرصفة وواجهات مثلا لا يخضع إلا لقانون فريد جوهره «الغفلة» و«غض الطرف»، فبين عشية وضحاها تكبرالدكاكين وتتوسع المحلات، فتصبح الأبواب غير الأبواب والواجهات غير الواجهات، أما المسؤولية فهي بين السلطة المحلية والمنتخبين كل يلقي بها على الآخر..! ومن بين مظاهر هذه الفوضى على سبيل المثال أيضا، ما يسببه افتقار المدينة إلى موقف للسيارات يضمن للسكان والزوار مكانا لوقف سياراتهم ويخفف عن المدينة الإزدحام والضيق الذي يخلقه إيقاف السيارات في كل مكان.. خصوصا في فصل الصيف الذي يشهد إحياء موسم إدريس الأكبر الذي يستمر لمدة تزيد عن الشهر، وحيث تتضاعف أعداد الزوار فتصل الحاجة إلى مرآب للسيارات حدَّ الأزمة.. وبدلا من العمل على إيجاد حل للمشكل والتعجيل بتنفيذه، فضل المسؤولون المحليون إرضاء بعض المحظوظين وتمكينهم من حجز أماكن عمومية واستغلالها إما كموقف لسياراتهم أو لمنع العموم من الوقوف بها..! فيا ترى أي مقابل دُفع أمام هذه الخدمة التفضيلية !؟ وسواء كان المقابل ماديا أو معنويا، مُجاملة أو دفعة تحت حساب الإنتخابات، فإن ما يعرفه تدبير المجال والمِلك العمومي من فوضى يدعو للأسف والتساؤل: إلى متى سيظل هاجس المصالح الخاصة هو المُتحكم والمهندسُ لتدبير الشأن المحلي أو الشأن العام؟ وكيف لمن عجز عن توفير أبسط الخدمات أو الفضاءات التي تسهل الولوج إلى المدينة وترفع من قيمتها أن يضع أو يدبر برامج للتنمية؟ وكيف لفاقد الشيء أن يعطيه ؟