تشهد أكبر دول القارة الآسيوية كوارث طبيعية تتراوح بين الفيضانات الجارفة في باكستان و الهند و انزلاقات التربة القاتلة في الصين و الحرائق الخانقة في روسيا، فهل هي الصدفة وحدها التي جعلت هذه المنطقة من العالم عرضة للكوارث أم أن الارتفاع في حرارة الارض قد يكون السبب في هذه الفيضانات والانزلاقات الارضية و الحرائق الزعيم الروحي للبوذيين التيبتيين في المنفى الدالاي لاما دق ناقوس الخطر و دعا الى بذل جهد دولي مشترك لحماية كوكب الارض, معتبرا ان الارتفاع في حرارة الارض هو المتسبب في هذه الفيضانات غير الاعتيادية والحرائق المدمرة في روسيا التي تعد بدورها مؤشرا الى مشكلة اعمق ناجمة عن ارتفاع غير مسبوق لحرارة الكوكب. حداد وطني في الصين نكست الاعلام والغيت نشاطات كل مراكز الترفيه في الصين الاحد الماضي في يوم حداد وطني على اكثر من1200 شخص لقوا مصرعهم في حوادث انزلاق التربة منذ اسبوع في اقليم غانسو شمال غرب البلاد. وحذرت السلطات من استمرار هطول الامطار الغزيرة وقالت ان الفيضانات المفاجئة وانزلاقات التربة والحطام العائم ما زالت تشكل خطرا على سكان غانسو واقليم سيشوان المجاور. واسفرت انزلاقات التربة قبل اسبوع في مدينة جوكو الجبلية في اقليم غانسو عن مقتل1239 شخصا بينما ما زال505 آخرون مفقودين, حسب آخر حصيلة بثتها السبت وكالة انباء الصين الجديدة. وقد نكست الاعلام في جميع انحاء البلاد الاحد والغيت كل النشاطات الترفيهية من عروض سينمائية وحفلات موسيقية...وفي هونغ كونغ ارجىء عرض يومي للصوت والضوء في المرفأ. وفي بكين تجمع نحو عشرة آلاف شخص صباح الاحد في ساحة تيان انمين في مراسم مماثلة, حسبما ظهر في لقطات بثها التلفزيون. وقالت وسائل الاعلام الرسمية ان الرئيس هو جينتاو ومسؤولين صينيين آخرين شاركوا في مراسم لتكريم ذكرى الضحايا. وبعيد منتصف الليل تحولت صفحات الاستقبال للمواقع الصينية على شبكة الانترنت الى الابيض والاسود كما صدرت الصحف بالابيض والاسود فقط حدادا على الضحايا. وقال التلفزيون الحكومي الصيني ان آلاف السكان ورجال الانقاذ في جوكو المدينة التي دمرتها سيول وحلية هائلة قبل اسبوع, اوقفوا عمليات البحث للمشاركة في مراسم في ذكرى الضحايا. وقد وقفوا ثلاث دقائق صمت عند الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي بينما اطلقت صفارات الانذار. وحمل المشاركون ورودا من الورق الابيض بينما جلب آخرون الرفوش معهم. واستأنف رجال الاغاثة والطاقم الطبي عملهم بعد ذلك لازالة قطع الحطام من نهر باليونغ الذي فاض والبحث عن جثث دفنت تحت امتار من الوحل ورش المواد المطهرة لتجنب انتشار الاوبئة, حسبما ذكرت الصين الجديدة. وتحدثت الوكالة الاحد عن حصيلة جديدة اكبر لفيضانات اخرى وسيول وحلية في مدن قريبة من جوكو. وقالت ان34 شخصا قتلوا وفقد63 آخرون في لونغنان حيث تم اجلاء 122 الف شخص اثر امطار غزيرة الاربعاء. وتواجه السلطات صعوبة في تلبية الطلب على النعوش في المنطقة المنكوبة التي يشكل التيبتيون ثلث سكانها, حسب صحيفة ««تشاينا ديلي» ودعا الزعيم الروحي للبوذيين التيبتيين في المنفى الدالاي لاما السبت الى بذل جهد دولي مشترك لحماية الارض معتبرا ان ارتفاع الحرارة قد يكون السبب في الفيضانات وانزلاقات التربة التي شهدتها اسيا. وقال الدالاي لاما من منفاه في شمال الهند «بحسب الخبراء, هذه الفيضانات غير الاعتيادية والحرائق المدمرة في روسيا مؤشر الى مشكلة اعمق ناجمة عن ارتفاع غير مسبوق لحرارة الكوكب واسباب بيئية اخرى» واضاف «من الضروري بذل جهد دولي مشترك للتفكير في اتخاذ اجراءات للحفاظ على نظامنا البيئي المشترك الهش» واعرب الزعيم البوذي الذي صلى على ارواح الضحايا, عن «حزنه العميق» للخسائر البشرية والاضرار في باكستان والهند والصين, كما عبر عن قلقه ازاء الحرائق في روسيا. وفي جنوب غرب الصين ما زال38 شخصا مفقودين في حوادث انزلاق للتربة دمرت السبت مباني مستشفى في منطقة وينشوان. واضطرت السلطات لاجلاء عشرة آلاف شخص وتم تحويل المدارس الى ملاجىء لاستقبال المنكوبين. وتأثر اكثر من305 ملايين شخص بالاحوال الجوية السيئة في الصين التي سببت اضرارا بقيمة7 ,1 مليار دولار, حسبما ذكرت وكالة انباء الصين الجديدة نقلا عن مؤسسة رسمية متخصصة. مخاوف من انتشار الاوبئة في باكستان و من جهتها ابدت الاسرة الدولية مخاوف من انتشار اوبئة قاتلة نتيجة الفيضانات في باكستان بعد ظهور اصابة بالكوليرا بين المنكوبين البالغ عددهم نحو العشرين مليونا وتشير هيئة الارصاد الجوية الى تراجع حدة الازمة اذ لا تتوقع السلطات اي موجة فيضانات جديدة خلال اليومين المقبلين. وقال رئيس الارصاد الجوية الباكستانية عارف محمود لوكالة فرانس برس ان «مستوى المياه يتراجع تدريجيا في الانهار الكبرى» الحكومة من جهتها الغت الاحتفالات المقررة السبت بمناسبة عيد استقلال البلاد عام1947 . من جهته, اكد رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني في خطاب الى الشعب السبت ان««الفيضانات اضرت بعشرين مليون شخص ودمرت محاصيل واحتياطات غذائية بمليارات الدولارات ما يشكل خسارة كبيرة لاقتصادنا» وبعد ان اكد ان حجم اضرار هذه الفيضانات فاق اضرار التسونامي الذي وقع في 2004 , دعا جيلاني الاسرة الدولية مجددا الى مساعدة حكومته على «مواجهة هذه المحنة» غداة اطلاق الاممالمتحدة نداء لجمع460 مليون دولار من المساعدات الدولية لهذا البلد. كذلك دعا جيلاني «الامة كلها» الى «التحلي بالشجاعة» في مواجهة «اسوأ كارثة لحقت بنا» بعد حوالى ثلاثة اسابيع على بدء الفيضانات. وتبدي الوكالات الانسانية التابعة للامم المتحدة مخاوف من حصول موجة وفيات جديدة نتيجة الامراض ما سيرفع حصيلة الكارثة التي اوقعت1600 قتيل بحسب الاممالمتحدة, فيما اعلنت اسلام اباد عن1384 وفاة مؤكدة. واعلنت الاممالمتحدة السبت رصد اصابة اولى بالكوليرا في شمال غرب البلاد, وان 36 الف شخص على الاقل يعانون من اسهال حاد, معلنة اجراءات اضافية لمعالجتهم. واعلن ماوريتزيو جوليانو الناطق باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية في الاممالمتحدة السبت ان «هناك اصابة مؤكدة واحدة على الاقل في مينغورا» كبرى مدن اقليم سوات شمال شرق باكستان. ودعت الاممالمتحدة الجمعة الدول المانحة الى تسديد كل المساعدات الانسانية التي وعدت بتقديمها للمنكوبين باسرع وقت ممكن اذ ان المبالغ التي قدمت حتى الان غير كافية اطلاقا. وقال جاك دي مايو رئيس العمليات لجنوب آسيا في اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان «ملايين الاشخاص يحتاجون الى غذاء ومياه نظيفة ورعاية صحية ويحتاجون الى ذلك الآن» وقال مكتب تنسيق الشؤون الانسانية انه تم تمويل نداء الاممالمتحدة لجمع مساعدات دولية ««بمستوى20 % حتى الان» مشددا على ضرورة تسريع وصول المساعدات لمليوني مشرد وستة ملايين شخص في وضع صعب. و من جهته قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي وصل الاحد الى باكستان ان العالم اجمع يقف مع هذا البلد الذي يواجه اسوأ فيضانات في تاريخه,واعدا بتقديم كافة المساعدات الضرورية للمتضررين. ووصل بان كي مون بطائرة تابعة لسلاح الجو الباكستاني الى قاعدة شكلالا الجوية قرب اسلام اباد لإجراء محادثات مع الرئيس آصف علي زرداري ورئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني. وقال بان للصحافيين انه يزور باكستان ليعبر عن «تعاطف وتضامن» الاممالمتحدة مع شعب وحكومة باكستان والاطلاع على «ما يجب القيام به» في هذه الظروف. واضاف «انا هنا لادعو الاسرة الدولية الى تسريع مساعدتها للشعب الباكستاني» وتابع بان كي مون «سنحاول حشد كل المساعدة اللازمة والتذكير بان العالم اجمع يقف مع شعب باكستان في هذه المحنة» وكان ناطق باسم الاممالمتحدة صرح ان بان كي مون سيتفقد المناطق المنكوبة «للتعبير عن دعم الاممالمتحدة والاسرة الدولية لشعب وحكومة باكستان» لدخ الهندية تلعق جراحها اعلن الجيش الهندي انه اعاد فتح الطريق الرئيسي المتضرر من الفيضانات التي ضربت منطقة لدخ بينما يستمر تدفق السياح على الرغم من الكارثة. وقالت الشرطة ان الفيضانات التي سببتها الامطار الغزيرة اودت بحياة189 شخصا ودمرت مباني وطرقات واسلاك كهرباء في بلدة ليه عاصمة اقليم لدخ في جبال الهملايا. واعلنت السلطات ان قرابة400 شخص لا زالوا مفقودين. واعلن الناطق باسم الجيش اس ان اشاريا ان «الجيش فتح الطرقات المؤدية الى ليه-منالي وليه-سريناغار» بعد بناء سبعة جسور في اقل من اسبوع. وتصل هذه الطرق بين بلدة ليه المنكوبة وسريناغار عاصمة كشمير الهندية وولاية هيماشال برادش الهندية المجاورة. ويقصد لدخ الاف السياح سنويا من داخل الهند وخارجها في يوليو وغشت للتجول في رحلات على العربات وبالقوارب للتعرف على الثقافة البوذية القديمة. ولا يوجد خيار امام ضحايا الفيضان سوى التزام الهدوء وانتظار المساعدة بعد ان دمرت الطرقات وخطوط سير الرحلات. وانقذت مروحيات الجيش الهندي عددا من السياح وعمليات الانقاذ لا زالت مستمرة. يتواجد الجيش الهندي بكثافة في منطقة لدخ المتنازع على حدودها مع الصين وخصم الهند الاكبر باكستان. وبعد مرور ثمانية ايام على الفيضانات الاستثنائية التي ضربت منطقة لدخ الواقعة في هملايا بشمال الهند وخلفت185 قتيلا و400 مفقودا, توقف الزمن في مدينة لدخ الكبرى اثر السيول الوحلية الهائلة التي انحدرت من الجبال. وفي موقف السيارات الخاص بالمستشفى الرئيسي تبعثرت قفازات بلاستيكية خاصة بالجراحين على الارض وتكدست عشرات الكتل من الحطام بينها معدات طبية. وفي الداخل تعم فوضى مذهلة حيث ترك عنف الفيضانات بصماته ايضا على السقوف الملطخة بالبقع.