نمط الاقتراع يجب ان يسهل وصول الاطر السياسية إلى البرلمان. اصلاح المساطر - اعادة تنظيم الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان - احترافية العمل البرلماني - مراجعة القوانين الانتخابية - اعتماد نمط اقتراح يساعد على ولوج الاطر السياسية للبرلمان - تحقيق الانسجام بين النظامين الداخليين للغرفتين - استعجالية اعادة النظر في الفصل 128 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين - جلسات عمومية اقل طولا متمحورة حول ثلاثة أو أربع مواضيع. هذه القضايا شكلت موضوع هذا الحوارالذي أجراه الزميل محمد زنايدي مع ادريس لشكر الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان ونشرته صحيفة « البيان» . يعيش المغرب جدلا كبيرا في بعض الاوساط الجامعية والاكاديمية بخصوص مكانة المؤسسة التشريعية في النظام السياسي. بعض الانتقادات تطال محدودية اختصاصاتها، ضعف أدائها او نظام انتخابها. ماهو تعليقكم علي هذا النقاش؟ أنا شخصيا أتابع هذا النقاش. لكن يجب التفريق بين رؤية الاكاديمي ورؤية الفاعل السياسي ونظرة الرأي العام. وتبقى هذه الأخيرة هي الأهم. للاسف لا نتوفر على مؤسسات لاستطلاع الرأي... والصحافة لا تسهل الامور ولأنها لا تباشر تقييم عمل المؤسسة التشريعية بكامل الموضوعية. انها تركز على النقط السلبية فقط، بينما لا تهتم بالجوانب الايجابية. ومن موقعي كوزير مكلف بالعلاقات مع البرلمان. اعتبر بان الاشكالية الحقيقية التي تعاني منها المؤسسة التشريعية هي اشكالية مساطير العمل التي يجب أن يتوافق عليها الجميع لتصبح قواعد قانونية ملزمة للجميع. هذه المساطر يجب ان تقبل كل غرفة ان تشرك الغرفة الأخرى في نظامها الداخلي . كما ان الغرفتين مطالبتان بمراجعة نظاميهما الداخليين بهدف تحقيق الانسجام بين هذين النظامين. وبالفعل، وجدنا تجاوبا من رئيسي غرفتي البرلمان واللذين ابديا استعدادا لانهاء هذا العمل وبالطبع، يتعين ايضا اشراك الحكومة في اصلاح المساطر البرلمانية. ماهو مضمون هذا الإصلاح؟ اولا، يجب القيام باصلاح بعض الشكليات، وخصوصا الشكل الذي تمر به الجلسة العامة المخصصة للاسئلة الشفوية. ان طريقة القاء الاسئلة وطريقة الجواب عليها وكذا طريقة التعقيب هي جميعها مملة. ولذلك لابد ان نقترح توزيعا للوقت بكيفية ذكية: مثلا دقيقة لبسط السؤال ودقيقة للجواب. ونسقط التعقيب الذي لا يستفيد منه الرأي العام ، الذي يريد معرفة الانجازات التي تتحقق والحلول لمشاكله وحاجياته. ومن جهة اخرى، فان المراقبة البرلمانية المتمثلة في مساءلة الحكومة حول التزاماتها وانجازاتها يجب ان تتيح للحكومة الجواب بدقة وتبيان ما انجز وتحقق وتكشف اسباب التأخير في الانجاز او عدم الوفاء بالتزاماتها. ونقترح ايضا تحديد مدة الجلسة العامة المخصصة للاسئلة الشفوية في ساعة ونصف بالنسبة لكل غرفة مع برمجة الجلستين في نفس اليوم وبكيفية متوالية وذلك من اجل السماح لاعضاء الحكومة بالانتقال مباشرة من غرفة الى اخرى، بعد انتهاء الحصة الزمنية المخصصة للجلسة العامة الاولى. اننا نقترح ايضا، ان تنصب هذه الجلسة العامة على ثلاث او اربع محاور فقط، مما سيستدعي حضور ثلاث او اربع وزراء فقط، وذلك بدل تعبئة عدد كبير من الوزراء خلال كل جلسة عامة حاليا. وهكذا، سنتمكن من تجاوز الوضعية الحالية المتميزة بطول الجلسات الاسبوعية المخصصة للاسئلة الشفوية والتي تتطلب ما يقارب الثلاث ساعات ونصف وتستدعي كما اشرت، تعبئة العديد من الوزراء خلال نصفي يوم من الاسبوع ( الثلاثاء والاربعاء) هذا مع العلم بان الوزراء مطالبون بالحضور في اشغال اللجان لدراسة، مشاريع القوانين التي تدخل في نطاق اختصاصهم. وهذه المشاريع تتطلب دراستها احيانا، المئات من الساعات. إن برلماننا، وهذا شيء يجب ان نعترف به، ليس هو برلمان سنوات السبعينات والثمانينات، بحيث انه اصبح مؤسسة تحظى بمصداقية سياسية حقيقية ، ويجب التوقف عن التعامل معها بنظرة تحقيرية وتبخيسية. وعلى سبيل المثال، أشير إلى أن كل المصالح الفئوية المعبر عنها من طرف بعض الفئات الاجتماعية والنقابات والجمعيات المهنية، تلجأ الى البرلمان عندما يكون هذا الأخير بصدد دراسة مشروع قانون يهمها او لابلاغه بقضية تشغل هذه الفئات والنقابا. والدليل هو أنه عندما يتعلق الامر بمشروع قانون يهم الموثقين يحضر الموثقون إلى البرلمان. وعندما يتعلق الامر بمشروع يهم يهم المحاسبين، يحضر المحاسبون... هذه الفئات تقصد البرلمان من أجل اللقاء بالفرق البرلمانية من أجل الدفاع عن مطالبها والتعبير عن وجهة نظرها بخصوص المشاريع المطروحة. من المؤكد أن هناك نقطاً سوداء تسيء إلى صورة المؤسسة البرلمانية مثل الغياب، لكن الأداء يجب أن يتحسن ولاشك أن هذه مسؤوليتنا جميعاً، حكومة وبرلمانيين ومما لاشك فيه أن تحسين الأداء مرتبط أساسا بالمساطر، ومن ضمن المساطر التي يجب إصلاحها، المسطرة المتعلقة بظاهرة الغياب. وما هي بالضبط اقتراحات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بخصوص إصلاح المؤسسة التشريعية؟ على المدى البعيد، إصلاح المؤسسة التشريعية لن يتأتى إلا إذا اتخذنا من الاجراءات، ما يضمن بأن نكون في غرفتين للبرلمان لا أن نكون أمام برلمانيين. إن الإصلاحات التي تعرفها بلادنا اليوم، سواء ما يتعلق منها بإقرار القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، أو ما يتعلق منها بانطلاق الأشغال حول الجهوية، هذه الاصلاحات هي التي تؤسس مستقبلا لإصلاح يهم المؤسسة التشريعية. إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يتوفر على اقتراحات واضحة بما يضمن بأن نكون أمام غرفتين تكملان بعضهما البعض، على أساس، كما هو الشأن في كل الديمقراطيات، أن تكون الصلاحيات الممنوحة للغرفة المنبثقة عن الاقتراع المباشر واضحة والصلاحيات التي تمنح للغرفة المنبثقة عن الاقتراع غير المباشر يكون الهدف منها واضح أيضاً . إن الغرفة المنبثقة عن الاقتراع المباشر، يجب أن تتوفر على صلاحيات المبادرة التشريعية، المراقبة والتقصي، بينما يجب أن تكون الغرفة المنبثقة عن الاقتراع غير المباشر بمثابة مجلس للشيوخ يمارس نوعاً من الرقابة على العمل البرلماني. من ضمن الانتقادات الموجهة للنظام السياسي، تلك المتعلقة باختلال التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وعلى حساب الثانية. هناك نداءات بمراجعة الدستور بما يضمن تحقيق التوازن. وهناك من يطالب بتوسيع اختصاصات المؤسسة التشريعية لتشمل العفو والتصديق على جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية. هل تشاطرون في الاتحاد الاشتراكي، هذه الأفكار؟ لو كانت المشاكل الحقيقية للبرلمان هي ما تقولون، لسهل الأمر. هذا نوع من الهروب عن القضايا والمشاكل الحقيقية التي تعرفها المؤسسة التشريعية. فمما لاشك فيه، أن معالجة هذه المشاكل لا تكمن في أن نقوي سلطة البرلمان على حساب سلطة الحكومة . إن هذا النقاش عرفته البلدان التي كانت مهد الديمقراطية والتمثيلية. ففي مراحل معينة، كان يعتقد بأن تقوية سلطة البرلمان سيحل المشاكل، لكن هذا الأمر لم يحصل. اليوم، في العالم برمته، أصبحت عقلنة العمل البرلماني هي العلاج الوحيد للمشاكل. فلا يمكن لبرلماني لا يمتلك بنية تقنية لإنتاج نصوص تشريعية، أن يقولوا بأن هذا البرلماني هو الذي يجب إعطاؤه صلاحية إنتاج هذه القوانين التقنية، مثل القوانين الخاصة بإنتاج الطاقة بمختلف أشكالها، الشمسية، الهوائية... إن البنية التقنية المؤطرة سياسياً من طرف الحكومة، هي بنية قادرة على توفير الأرضية لقوانين أو لمشاريع قوانين، وهذه المشاريع قوانين، ستكون للبرلمان سلطة مراقبتها، هل يوجد فيها تعارض فيما يتعلق بالاختصاصات؟ هل فيها مس بالاختصاصات الدستورية لكل مؤسسة؟ إن اختزال مشاكل البرلمان في قضايا تتصل بالصلاحيات والسلط مثلما هو عليه الحال في بعض الصالونات الأكاديمية ليس في نظرنا، هو الجواب الحقيقي على المشاكل الحقيقية التي يواجهها برلماننا. ألا تعتبرون بأن البرلمان في حاجة إلى توسيع صلاحياته لتشمل العفو والتصديق على جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية، مثلما هو عليه الحال في بلدان أخرى؟ المطلب ليس بفكرته الجميلة. المطلب بزمانه وظرفه. يمكن أن نكون محتاجين لذلك مستقبلا. أما اليوم، فما نحن محتاجون إليه، هو إعادة الاعتبار للعمل السياسي وإفراز نخب سياسية حقيقية مخلصة تصل إلى المؤسسة التشريعية وتحترم نفسها وتعلم بأنه لما تنقل الكاميرا مشاهداً لتلك المقاعد الفارغة، فتلك صورة غير مرضية عن البرلمان. قد تمر الكاميرا أمام مقاعد فارغة لفريق بكامله ولا تجد برلمانياً واحداً من ذلك الفريق من بين الحضور. هذه هي أزمة برلماننا، وهي أزمة يشترك فيها حتى مع الرأي العام. إن مشاكلنا لن تحل بالمطالب الكبيرة، بل من خلال إصلاح المساطر البرلمانية. ظاهرة الغياب تسيء إلى صورة المؤسسة التشريعية. كيف القضاء عليها؟ يجب وضع مساطر لضبط الغياب. إن تناول الكلمة من طرف برلماني، يجب أن يكون مشروطاً بحضور نصف أعضاء فريقه. وخلال المناقشة العامة لنصوص القوانين، لا يجب السماح بالتدخل ، سوى للبرلماني الذي تابع الاجتماعات وساهم في مناقشة المشروع داخل اللجنة المعنية. وقمة العبث أحياناً، أن يكون متدخل من فريق خلال جلسة لمناقشة مشروع قانون لم يحضر الاجتماعات المتعلقة به داخل اللجنة ولم يناقشه، بل ويكتفي بتلاوة ما كتبه له أحد موظفي الادارة. وأكثر من ذلك، أنه لا يستمع إليه أحد من فريقه. كذلك، لا يجب أن يبقى المقرر ينتخب في بداية السنة التشريعية، بل يجب التوفر على مقرر لكل مشروع قانون، يتابع جميع المناقشات داخل اللجنة ويواظب بالحضور في كل اجتماعات تلك اللجنة. وما هي اقتراحاتكم لإرغام البرلماني على الحضور؟ لابد على الأقل أن يعلن في جلسات التصويت وفي اللجان عن أسماء الحاضرين والغائبين. الرأي العام يجب أن يعلم بأنه في جلسة التصويت على قانون يعتبر مهما بالنسبة له. إن هذا القانون لم يحضره ممثله في البرلمان أو حضر وتدخل شأنه. ماهي المساطر الأخرى التي يتعين إصلاحها؟ يجب العدول عن انتخابات رؤساء اللجان وأعضاء المكتب في بداية كل سنة بمجلس النواب لأن ذلك يولد عدم الاستقرار ويغذي الترحال. الملاحظ أنه لم يتم تفعيل إجراء الاقتطاع من الأجر بالنسبة للبرلمانيين الذين يتغيبون بدون عذر. لماذا؟ النظامان الداخليان للغرفتين ينصان على إجراء الاقتطاع من الأجر ولكن للأسف لا يتم تفعيل هذا الإجراء. هناك تواطؤ وتوافق الجميع على خرق القانون وذلك بالسكوت على عدم تطبيقه. هل ممكن في نظركم اللجوء الى الاقتطاع من الأجر؟ إذا أردت أن تطاع، فأمر بما يستطاع. أنا أعتبر بأنه في هذه المرحلة، يجب الاكتفاء بالعقاب عن الغياب في الجلسات العامة المخصصة للتصويت. الرأي العام لا يجب أن يبقى يسمع عن مشاريع قوانين هامة تم التصويت عليها من طرف ثلاثين برلمانيا هذا أمر مؤلم. تصوروا أيضا، أن قوانين لها أبعاد استراتيجية يصادق عليها داخل اللجنة بخمسة أو ستة أصوات!! إن المشاريع يجب أن يصادق عليها من طرف أغلبية حقيقية وازنة مقابل معارضة حقيقية وازنة. ما هو دور الأحزاب السياسية؟ ما الذي يمكن أن تقوم به في هذا الإطار؟ في العالم أجمع، البرلمان تدخله الأحزاب السياسية. لقد كنا سباقين عندما أصدرنا قانون الأحزاب وقد اعتبرنا الأحزاب لبنة أساسية من لبنات الديمقراطية. إن الأحزاب السياسية مسؤولة عن أعضائها، كانوا وزراء الحكومة أو كانوا برلمانيين أو كانوا في الواجهة النقابية أو الاجتماعية، تسري عليهم نفس الواجبات التي يجب أن تطبق بشأنها القواعد الداخلية لهذه الأحزاب. مع كامل الأسف أصبحنا اليوم نلاحظ وجود أعيان أقوى من أحزابهم. أحزاب قليلة فقط، هي التي تربط علاقات موضوعية وجدية ببرلمانييها. إن التطور الديمقراطي لبلادنا، سيوصلنا إن شاء الله، الى وضعية تكون فيها الأحزاب مسؤولة أكثر على برلمانييها. يساوي الدستور بين الحكومة والبرلمان في ما يتعلق بالمبادرة التشريعية. لكن بعض المتتبعين يلاحظون بأن السلطة التنفيذية تتوفر على الامتياز التشريعي على حساب السلطة التشريعية. حاليا، هناك 55 مقترح قانون ينتظر موافقة الحكومة. وفي سنة 2009/2008 تم التصويت على مقترح قانون واحد. البعض يعتبر موقف الحكومة من مقترحات القوانين، هضما لحق البرلمان في التشريع، هذا بالرغم من أن بعض الاقتراحات تكتسي أهمية كبيرة.كيف ستردون على هذه الانتقادات؟ يتعلق الأمر بإشكالية تعرفها كل الديمقراطيات الغربية. أعتقد بأن حصة مقترحات القوانين المصادق عليها من طرف برلماننا، تساوي حصة المقترحات في تلك الديمقراطيات. فمنذ بداية الولاية التشريعية الحالية، قبل سنتين ونصف تمت المصادقة على 14 مقترح قانون من ضمنها ثلاثة مقترحات صودق عليها خلال دورة أبريل 2010. إن عقلنة العمل البرلماني تقتضي جعل المبادرة التشريعية بيد الحكومة، ذلك أن إعداد نصوص قانونية يتطلب مجهودا كبيرا وبنية تقنية لا يتوفر عليها البرلمانيون. هل تتصورون بأنه يمكن لبرلماني إعداد نص قانوني مثل مدونة السير التي تطلب إعدادها عملا تقنيا ضخما؟ إن مقترح القانون يجب أن يتحول الى قوة اقتراحية في المجتمع. وأشير بهذا الخصوص الى مقترحات القوانين التي أعدها الفريق الاشتراكي حينما كنت أترأسه وتتعلق بالورقة الفريدة للتصويت، بالوصول الى المعلومات بالمسطرة الجنائية بحماية المستهلك وبالجنسية. هذه المقترحات كنا نتوخى منها أن تكون قوة اقتراحية لتحفيز الحكومة على إعداد مشاريع أكثر جودة وأكثر تجويدا من مقترحات القوانين. إن الفرق بين مقترح القانون ومشروع القانون هو كالفرق بين الهواية والاحتراف. فعلى خلاف المحترف، لا يتوفر الهاوي على القدرة على الديمومة والاستمرارية.