مؤتمر علمي في طنجة يقارب دور المدن الذكية في تطوير المجتمعات الحضرية    كم يبلغ سعر الاورو والدولار هذا اليوم؟ .. بنك المغرب يحدد    غارات ليلية عنيفة بطائرات حربية في أقرب ضربة لوسط بيروت منذ حملة القصف    حزب الله يقصف مدينة طبريا في شمال إسرائيل بالصواريخ    أسماء ووجوه جديدة.. هذه هي اللائحة الرسمية المستدعاة لمبارتي أفريقيا الوسطى    إجهاض تهريب طن من "المعسل" بالرباط    إصابة 23 تلميذا في انقلاب حافلة للنقل المدرسي ضواحي آسفي    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    تخصيص مساعدات مالية للسكان المتضررين بفيضانات الجنوب الشرقي    من بينها "العدل والإحسان".. هيئات مغربية تواصل الحشد للمشاركة في المسيرة الوطنية تخليدا للذكرى الأولى ل"طوفان الأقصى"    سفير إسرائيل بالأمم المتحدة:الرد على هجمات إيران سيكون قريبا    "الأونروا" و"محكمة العدل الدولية" وغوتيريش من بين المرشحين لجائزة نوبل للسلام    طلبة الطب يصعدون بإنزال وطني السبت المقبل    عرفت غياب زياش وحضور الصحراوي وحركاس.. الركراكي يكشف لائحة "الأسود" لمواجهتي إفريقيا الوسطى    الكاف يحدد موعد سحب قرعة كأس إفريقيا "شان" 2024    القطب الرقمي للفلاحة.. نحو بروز منظومة فلاحية رقمية فعالة    الجزولي: قطاع الصناعات الثقافية يوفر إمكانات هائلة للتنمية الاقتصادية    والدة "أنور" تدلي بتصريحات مثيرة بعد تأجيل استئنافية طنجة النظر في القضية    الإعلان عن إطلاق ناجح لخطي ترامواي جديدين في الدار البيضاء    فيضانات الجنوب الشرقي.. تفاصيل اجتماع ترأسه رئيس الحكومة للجنة البين وزارية المكلفة ببرنامج إعادة تأهيل المناطق المتضررة    افتتاح الدورة ال45 لموسم أصيلة الثقافي الدولي يوم 14 أكتوبر الجاري    مندوبية التخطيط: انخفاض التجارة الخارجية خلال الفصل الثاني من 2024        إيقاف بن عطية 6 مباريات بسبب انتقادات حادة لحكم مباراة مارسيليا وليون    الأمير مولاي رشيد يزور جناح نادي قطر للسباق والفروسية بمعرض الفرس للجديدة    اتحاد طنجة يتقاسم صدارة البطولة الاحترافية مع نهضة بركان    مندوبية طنجة تعلن عن منع صيد سمك بوسيف بمياه البحر الأبيض المتوسط    ارتفاع أسعار النفط في ظل تصاعد مخاوف جيوسياسية    الرئيس الإيراني: "إذا ردت إسرائيل سيكون ردنا أقسى وأشد"    وقفة أمام البرلمان في الرباط للتضامن مع لبنان وغزة ضد عدوان إسرائيل    كيوسك الخميس | ودائع المغاربة لدى الأبناك تتجاوز ألفا و202 مليار درهم    توقيع اتفاقية لدعم القدرات الرقمية للمؤسسات التعليمية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة        حموشي يستقبل المستشار العسكري الرئيسي البريطاني للشرق الأوسط وشمال إفريقيا    موسم أصيلة الثقافي يحتضن مواضيع الحركات الدينية والحقل السياسي والنخب العربية في المهجر    إطلاق مركز للعلاج الجيني في شيفيلد برئاسة أستاذ مغربي ببريطانيا    مقتل صهر حسن نصر الله في قصف دمشق    النظام الجزائري يستغل التظاهرات الرياضية الدولية لتصريف معاداة المغرب        سجناء يتدربون على المعلوميات بخريبكة    المفوضون القضائيون يضربون عن العمل لثلاثة ايام    المغرب يشرع في فرض ضريبة "الكاربون" اعتبارا من 2025    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    تنفيذا للتعليمات الملكية السامية.. منح مساعدات مالية مهمة للسكان الذين هدمت مساكنهم جراء فيضانات الجنوب الشرقي‏    ملكة هولندا "ماكسيما" تفتتح معرضاً حول "الموضة المغربية" في أوتريخت    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    في العروق: عودة ليزلي إلى الساحة الموسيقية بعد 11 عامًا من الانقطاع    بلينكن يجدد دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء    فيلم…"الجميع يحب تودا" لنبيل عيوش يتوج بجائزتين    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    السيد: مستشرقون دافعوا عن "الجهاد العثماني" لصالح الإمبراطورية الألمانية    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    دراسة: التلوث الضوئي الليلي يزيد من مخاطر الإصابة بالزهايمر    جدري القردة يجتاح 15 دولة إفريقية.. 6603 إصابات و32 وفاة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد مزيان : نوح وسفينته

احتفاء بجزء من ذاكرتنا الثقافية المشتركة ، واستحضارا لعطاءات مبدعينا وإسهامهم في إثراء رصيدنا الابداعي الوطني والعربي ، نستعيد ، في هذه الزاوية ، أسماء مغربية رحلت عنا ماديا وجسديا ، لكنها لاتزال تترسخ بيننا كعنوان للإبداعية المغربية ، وللكتابة والفن المفتوحين على الحياة والمستقبل.
محمد مزيان، اسم سينمائي بامتياز، ساهم بشكل كبير في أفلام مغربية، صنعت على مضض، لجأ إليه مخرجون كثر، لتركيب صور ملتقطة على عجل، تعب كثيرا، كي يمنح خبرته و إصراره على مقاومة الفراغ، لمهنة لا يتقنها إلا ما رحم ربك...
أذكره الآن، وأذكر سنوات، عشناها سويا في منزل بشارع لبنان بالرباط، اكتريناه رفقة صديقنا محمد اعريوس، كان لزاما علي أن ألعب دور ألإطفائي، حين يشتد النقاش وترتفع الأصوات بين الصديقين: اعريوس القادم من الشمال، محمل بأفكار سينمائية تقدمية وبنضال سنوات الرصاص، مزيان القادم من تازة، مشبع بصور الأمل المنشود، بمغرب جدير بانتمائه إلى تربته الحقيقية... وحين يحس بأننا نختلف معه، يشتم هذا البلد، ويشتم سلالتنا التي لفضتنا بدون ذاكرة..
كان سخيا، كريما في كل شيء، لا يأبه بالحدود الحمراء أو السوداء، تمنى بصدق أن تلعب الجامعة الوطنية للأندية السينمائية دورها الحقيقي في تكريس قيم الجمال والسؤال. لذا ناضل، كي نكون ، نحن جماعة الأندية السينمائية، جماعة مستقلة من الأوامر والمقالب، أغدق علينا بمشاريع عمل وبنصائح قابلة لترجمتها إلى الواقع... لكنه رحل، ولم يتحقق من ذلك شيء..
محمد مزيان، هو صاحب شريط « نوح» الذي عمل على إنجازه بكل الفرح الممكن، وبكل الشقاء الذي ظل يسكنه حتى آخر أيامه حياته.
محمد مزيان، سينمائي بلا ادعاء، متواضع مهما كانت درجات تألقه. أعترف اليوم أن غيابه خسارة إنسانية ونفسية ، حيث فقدت الرجل المنصت إلى حالات مشهدنا السينمائي والسمعي البصري بشكل عام، بل افتقدت صديقا، شاركني بعض الفرح وبعض الجرح...
محمد مزيان، إذ نذكره اليوم، بكل المحبة والتقدير، إنما لشخصه الذي يمقت الزيف، ولمساهمته الرائدة في أفلام مغربية وأجنبية. السينما عنده كما الحياة، لا فرق حين يلتقي المتخيل بالواقع، تلك المنطقة التي يحبذ الاستقرار في مفارقاتها والتباساتها. سيظل صاحب « نوح» النبي الذي صنع سفينته، التي اعتنى بها جيدا، كي يشق بلادا استعصت عليه، كان وحده يغازل الموج بلا ضجيج، حين يرسو في الاطمئنان، يلجأ إلى أقصى الألم، مهما تضافرت كل المسكنات...
السينما في المغرب، هي أولا الاحتياط من الدخلاء والجبناء، ثم يأتي الطوفان... هكذا قال مرة ، وتابع المسير، كما لو انه اقتنع بعدم جدوى الكلام، حاول في مرات عديدة إنجاز شيء ما، أشبه بسفينته التي رست في الألم، أشبه بحجارة نحتها في الظلام... كان يريد إنجاز ذاته، بالأحرى كان يريد اقتسام المتعة مع الآخرين، في سياق حر وديمقراطي ، لذا ذهب صامتا، واختار أن يسافر بسفينته نحو الروح، كي لا يكون شاهدا على صور تعبث بذاكرتنا وبعيون أهلها.
محمد مزيان وحده، أتى إلى السينما من الصفاء، قال بطريقته الخاصة: لا أريد من هذا الوطن سوى أن ينصت إلى نبضات القلب المتسع لإخفاقات جيل، يتقن البكاء على مسار موغل في الأمل، فامنحونا هذا الأمل كي نصنع صورنا بأنفسنا، كي نرى وجوهنا في المرايا، كي نكسر المرايا....
شكرا حسن نرايس، لأنك فتحت نافذة صغيرة للسلام على أولئك الذين اقتسمنا معهم الصدق والمحبة، حتى لا ننساهم ، وحتى لا ننسى سي محمد مزيان، نجدد الرحمة، وهو الظاهر والباطن....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.