جوابا على سؤالين شفهيين للفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بخصوص ظاهرة خادمات البيوت وتشغيل البنات القاصرات في البيوت أكد جمال أغماني وزير التشغيل أن موضوع خادمات البيوت وتشغيل الأطفال القاصرين ضدا على مقتضيات القانون يعتبر ظاهرة تتداخل في مسبباتها عدة عوامل، وتقتضي مكافحتها نهج سياسة مندمجة، وهو الخيار والتوجه الذي تبناه المغرب منذ تصديقه على الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل، حيث تمت مراجعة مجموع التشريعات الوطنية ذات العلاقة بالطفل وفق مقاربة حقوقية (مدونة الأسرة، مدونة الشغل، قانون الجنسية، قانون كفالة الأطفال المهملين...) بالموازاة مع وضع استراتيجيات وطنية همت جوانب التوعية والتحسيس ومحاربة الفقر وتحسين العرض التربوي... وبالرجوع إلى ظاهرة تشغيل الطفلات القاصرات كخادمات، تم وضع برنامج وطني مندمج لمكافحة الظاهرة ألا وهو «إنقاذ» الذي يتضمن من بين مكوناته سد الفراغ التشريعي القائم في تقنين عمل خدم المنازل. ورغبة في تقنين عمل خدم البيوت عموما وتوفير الحماية الاجتماعية والقانونية لهذه الفئة من «الأجراء» الذين تربطهم علاقة شغل من نوع خاص تم التنصيص في القانون رقم /99 65 المتعلق بمدونة الشغل على أن يحدد قانون خاص شروط التشغيل والشغل المتعلقة بخدم البيوت الذين تربطهم علاقة شغل بصاحب البيت . وتفعيلا لهذه المادة، تم وضع مسودة أولية لهذا المشروع عرضت على العديد من الفعاليات الوطنية والدولية المهتمة بالموضوع، مكنت خلاصاتها وتوصياتها من التوصل إلى وضع صيغة لهذا المشروع يتوخى سد الفراغ القانوني القائم اليوم. ويندرج وضع إطار قانوني خاص بهذه الفئة ضمن الاهتمام بتوفير الحماية القانونية وتحسين ظروف عملها وصون كرامتها ودرء أي استغلال قد يطالها، تكريسا للحقوق التي تضمنتها الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل كالاتفاقية الأممية لسنة 1989 حول حماية حقوق الطفل، واتفاقية العمل الدولية رقم 138 حول السن الأدنى للقبول في العمل، والاتفاقية رقم 182 حول محاربة أسوأ أشكال عمل الأطفال وهي الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب. وتشمل بنية مشروع هذا النص التشريعي، الذي يوجد في المراحل النهائية لعرضه على أنظار البرلمان، على عدة محاور تهم شروط تشغيل خدم البيوت و التزامات الطرفين، وحقوق خادم البيت، وسن القبول في العمل بالنسبة لهذه الفئة ، والأجر، والمراقبة ووسائل التنفيذ، والإجراءات الزجرية... كما نص مشروع القانون على منع تشغيل القاصرين أقل من 15 سنة ووضع شروطا خاصة بتشغيل من يبلغ ما بين 15 سنة و 18 سنة. ولمحاربة هذه الظاهرة تم اتخاذ العديد من الإجراءات في إطار تفعيل مقتضيات خطة العمل الوطنية «مغرب جدير بأطفاله»، حيث عملت وزارة التشغيل والتكوين المهني في إطار مقاربة تشاركية مع القطاعات المعنية على وضع استراتيجية قطاعية تتضمن تعزيز الحماية القانونية لهذه الفئة من خلال تشديد العقوبات والغرامات على المخالفات، وإحداث خلية مركزية مختصة بتتبع تنفيذ الاستراتيجية القطاعية، وتعيين منسقين إقليميين لتتبع ملف تشغيل الأطفال بالمندوبيات الإقليمية للتشغيل، وتقوية آليات التعاون التقني مع المنظمات الدولية والوطنية المهتمة بمجال تشغيل الأطفال، وتخصيص غلاف مالي لدعم برامج التوعية والتحسيس، ودعم عمل الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني في إطار برنامج سحب الأطفال من عالم الشغل وإعادة الإدماج، إلى جانب تفعيل برامج التدرج المهني من طرف قطاع التكوين المهني بشراكة مع المهنيين وجمعيات المجتمع المدني. ولابد من التأكيد على أن محاربة الظاهرة والحد منها في أفق القضاء عليها، تتطلب مقاربة مندمجة للتدخل، وهو ما تسعى إليه بلادنا من خلال برامج محاربة آفة الفقر والخصاص الاجتماعي، والعمل وفق مقاربة شمولية في معالجة قضايا الطفولة بشكل عام وهو ما تؤكده المجهودات المبذولة قانونيا وسوسيولوجيا واقتصاديا.. خصوصا المجهودات المتعلقة بحماية الفتيات الخادمات بواسطة التشريع والتشجيع على التمدرس وتحسين الوضعية الإنتاجية للفئات المعوزة، وكذا محاربة الهشاشة والهدر المدرسي... وتؤكد الأرقام والدراسات أن تجربة المغرب رائدة في هذا المجال، إذ أن عدد الأطفال في الشغل كان يقدر بحوالي 600.000 سنة 1999، وتراجع حسب آخر معطيات المندوبية السامية للتخطيط إلى 170.000 أي بمعدل 3,4 % من مجموع الأطفال البالغين ما بين 7 و15 سنة، وهو رقم مرشح للمزيد من الانخفاض بفعل البرامج التي تم إطلاقها لدعم تعميم ولوج الأطفال إلى التعليم، والاحتفاظ بهم في المنظومة التربوية، حتى نهاية مرحلة التمدرس الإلزامي، وضمان تكافؤ الفرص، ومختلف أشكال الدعم المادي وتطوير العرض التربوي للتعليم الأولي ومحاربة الفشل الدراسي.