أكد تقرير الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ما أورده المؤشر العالمي للرشوة لسنة 2009 بخصوص المغرب من حيث استهداف الرشوة للقطاع العمومي أكثر من غيره من القطاعات. وجاء الأعوان العموميون والموظفون في مقدمة المستهدفين بالرشوة، يليهم النظام القضائي بشكل عام، ثم قطاع البرلمان والتشريع، فالأحزاب السياسية والقطاع الخاص، ليأتي بعد قطاع الإعلام بدرجة أقل. وكشف تقرير الهيئة، الذي تم تقديمه أول أمس الثلاثاء بالرباط، أيضا عن مكامن الخلل الذي لا يزال يعتري السياسات المعتمدة على الصعيد الوطني لمكافحة ظاهرة الفساد. وذكر التقرير، الأول من نوعه منذ تأسيس الهيئة، أن السياسات المعتمدة في المغرب تفتقد للبعد الاستراتيجي والبرمجة المتماسكة، إذ أن هناك غيابا لرؤية شمولية تضع رابطا بين تلك التوجهات الاستراتيجية والأهداف المبرمجة، كما أن طابع الغموض والعمومية والنسبية، يضيف التقرير، يكتنف المحاور المعتمدة. وأشار التقرير أيضا إلى غياب المقاربة الزجرية في العملية ككل. واعتبر تقرير الهيئة أن الترسانة القانونية التي يتوفر عليها المغرب في مجال مكافحة الفساد تظل، رغم أهميتها، غير كافية وتشوبها مجموعة من الثغرات التي تجعل فعاليتها محدودة، إذ أنها، على سبيل المثال، لا تشمل المراحل التي تسبق ارتكاب فعل الفساد، كمحاولة الإرشاء كما يحدث في فترة الانتخابات. كما أن القانون المغربي لا ينص في معاقبة أطراف الفساد على الأغيار الوسطاء أو المستفيدين من أفعال الرشوة. وفي نفس السياق، أعاب التقرير على الإطار المؤسساتي المكلفة بالمراقبة والتدقيق في عمليات الفساد، بما في ذلك المؤسسة البرلمانية والهيئة القضائية، افتقاده للتناسق والتمازج، رغم تكامله وشموليته. كما اعتبر أن الآليات المقدمة للمواطنين من أجل حث المواطنين على التبليغ عن حالات تفشي ظاهرة الفساد، تظل غير متماسكة، رغم إحداث بعض الوزارات لمصالح خاصة للنظر في شكايات المواطنين. ومن جهة أخرى، عرض التقرير بعض المقترحات والتوجيهات الاستراتيجية التي أعدتها الهيئة، من قبيل تعميق المعرفة الموضوعية بالظاهرة، ومنح الأولوية لإرساء قواعد التقييم الموضوعي لسياسات مكافحة الرشوة.