كانت الشغيلة التعليمية بإقليم تازة على موعد مع الأخ عبد العزيز إيوي الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم (ف. د. ش)، وذلك من خلال اليوم الدراسي الذي نظمه مكتب فرع تازة بقاعة ميموزا حول موضوع «البرنامج الاستعجالي بين النظرية والتطبيق» بهذه المناسبة، ألقى الأخ امزيوقا الكاتب الجهوي كلمة الافتتاح رحب فيها بنساء ورجال التعليم والفعاليات الجمعوية والنقابة والسياسية الحاضرة. وبعد ذلك، جاءت كلمة الأخ حمورو عبد القادر كاتب الفرع لإلقاء الضوء على المسار الذي شهدته المنظومة التعليمية التعلمية منذ فجر الاستقلال، مشيراً إلى بعض المحاولات الإصلاحية منذ اللجنة الملكية مروراً بإصلاح 1985 ثم المناظرة الوطنية بإفران وغيرها من المحاولات التي باءت بالفشل لعوامل داخلية وخارجية، مبرزاً العوامل الداخلية في تذمر مختلف عناصر المنظومة التعليمية، أما العوامل الخارجية فقد لخصها في التحديات الكبرى التي بدأت المدرسة العمومية تواجهها نتيجة تيار الحداثة وعولمة الاقتصاد والمعرفة وباقي مناحي الحياة البشرية، وفي هذا السياق الجديد الموسوم بالإكراهات الداخلية والخارجية، جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين، بغية تمكين المدرسة المغربية من رفع التحديات ومسايرة التطورات واستشراف الألفية الثالثة، كما أكد على أنه رغم أننا على نهاية العشرية الأولى، فمازالت الانتظارات كبيرة والتحديات عميقة والطريق طويلا، مشيراً إلى الخطاب الملكي سنة 2007 الذي دعا فيه الى وضع البرنامج الاستعجالي لإعطاء نفس جديد للميثاق الوطني للتربية والتكوين لكون مجال التربية والتكوين أصبح يحتل المرتبة الثانية بعد قضيتنا الوطنية من حيث الأولويات الوطنية باعتباره يشكل رهانا كبيراً من أجل التنمية. ونظراً لهذه الأهمية القصوى التي يحتلها مجال التعليم، جاء عرض الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم لتوضيح قضية حيوية ومصيرية، وفتح نقاش حول أهم عنصر فيها، وهو البرنامج الاستعجالي، وذلك لمعرفة مقاصد الوزارة والحكومة وقراءته بشكل نقدي، حيث طرح مجموعة من الأسئلة منها: هل يتجاوب هذا الإصلاح مع المنظومة التربوية أو يصير في اتجاه آخر لا علاقة له بذلك؟ وكيف نساهم في إنقاذ هذا الإصلاح؟ للإجابة عن هذه التساؤلات، تطرق الكاتب العام الى تحليل الظروف التي جاء فيها المخطط الاستعجالي الذي بدا منذ سنة 1999 حيث تكونت لجنة وطنية من جميع مكونات المجتمع المدني من: أحزاب سياسية، ونقابات وجمعيات وباحثين تربويين ومفكرين وبرلمانيين، فكانت أول مرة في تاريخ المغرب اقتنعت فيها الحكومة بأنها غير قادرة على إصلاح المنظومة التربوية لوحدها، وهكذا جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين، كمنتوج تربوي تعليمي اتفق حوله المغاربة فأصبح القاعدة الأساسية للإصلاح، لكن لم توضع له الإمكانيات اللازمة لإنجاحه حيث أشار الى النقص الحاصل في الموارد البشرية، خاصة بعد المغادرة الطوعية التي شملت 13000 (ثلاثة عشر ألف) رجل وامرأة تعليم دون تعويضهم، بالإضافة الى ضعف البنية التحتية التي لم تستوعب ازدياد التسجيلات حيث وصلت نسبة التمدرس الى 95% نتج عنه تفشي ظاهرة الاكتظاظ، التي وصلت ما بين 60/45 تلميذ في القسم، ناهيك عن 10.000 (عشرة آلاف) حجرة دراسية غير قابلة للتدريس، وكمثال على ذلك، أشار إلى الكارثة التي حدثت في الناظور، حيث ذهب ضحيتها تلميذ، بعد سقوط الحجرة المهترئة، مما خلق اختلالات عميقة في الجسم التعليمي، جعلت المغرب يحتل المرتبة 126، كما أن المجلس الأعلى للتعليم انتقد المنظومة التعليمية، مما أنذر بأن التعليم يتجه نحو الكارثة، وفي ظل هذه الوضعية المتأزمة للتعليم، أغلقت الوزارة أبوابها وبدأت تصوغ البرنامج الاستعجالي، دون أن تقوم بحملة واسعة لإشراك رجال ونساء التعليم الذين لم يطلعوا عليه إلا من خلال الصحف كل منها حسب خلفيتها ومنهجيتها. وعند تحديد الموقف الرسمي للنقابة الوطنية للتعليم، أكد الأخ إيوي انه بعد اطلاعنا عليه وقراءته، لاحظنا بأنه يترجم في أغلبيته ما جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وخلصنا كنقابة إلى توجهين: توجه نحو دعم البنيات التحتية (بناء المؤسسات، إصلاح الحجرات، بناء الداخليات، توفير المطاعم، مراجعة البرامج والمناهج والكتب المدرسية، وكل ما يتعلق بما هو تربوي) أما الثاني فقد لاحظنا بأنه لا يستدعي الاستعجال ويدخل في إطار إصلاحات هيكلية خطيرة يطغى عليها الجانب السياسي وليس التربوي (كخوصصة الخدمات والتشغيل بالعقدة والأستاذ المتحرك) وكلها تشكل نقط خلاف مع الوزارة، كما تساءل حول كيفية تحديد موقفنا كمهنيين، مشيراً إلى الموقف من النص وما يتضمنه نظرياً لمساءلته كواقع عملي. فنظريا يحتوي البرنامج الاستعجالي على أربعة مجالات و 27 مشروعاً، فالمجال الأول يرمي الى تطوير التعليم الأولي، بينما المجال الثاني يعمل على توسيع العرض الثانوي التأهيلي، أما المجال الثالث، فيهدف الى تعزيز الكفاءات والأطر التربوية، بينما المجال الرابع، فيتعلق بتنويع الموارد المالية. فعند تطرقه للمجال الأول المتعلق بتطوير التعليم الأولي، أشار الى المبادرة المحتشمة للوزارة، حيث تركته للقطاع الخاص المستفيد الأكبر، والذي لا يستفيد منه إلا أبناء العائلات الميسورة، بينما 93% من أبناء الشعب يلجون التعليم العمومي، و 7% فقط يسجلون في التعليم الخصوصي، إذ يجد أبناء الشعب المغربي أنفسهم في قاعدة مختلة، ليس لهم نفس الإمكانيات، وبالتالي لا يتوفرون على تكافؤ الفرص، فلاستيعاب التعليم الأولي، يجب على الوزارة بناء 3.600 حجرة ومليوني حجرة سنة 2012، وإذا فعلت ذلك فما علينا إلا أن ندعم هذا الإنجاز، لكن يجب أن يكون التعليم الأولي مجاناً، ومن باب المتابعة والمراقبة من حقنا أن نتساءل كم من أبناء الفئات المستضعفة يستفيدون من التعليم الأولي بتازة كمثال. وفي حديثه عن توسيع العرض التربوي في البداية، تطرق الى تجربة الوزارة في إحداث 52 مدرسة جماعية بتجميع الابتدائي مع الإعدادي، وبناء الداخليات والمطاعم المدرسية وتوفير النقل وتخصيص منح للأسر المعوزة، وتحسين البنية التحتية وبناء مساكن لرجال التعليم، وذلك من أجل تشجيع التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي والتكرار، لكنه أشار بأن البنية التحتية وحدها غير كافية، فلابد أن تصاحبها عدة بيداغوجية، موضحا بأن الحقل التعليمي في المغرب حقل تجارب، فمن التعليم بالأهداف بدون تكوين الى التدريس بالكفايات ثم الانتقال الى التدريس بالإدماج، فرغم أهمية هذا الأخير، إلا أنه يتطلب إمكانيات كثيرة حيث لا يجب أن يتجاوز عدد التلاميذ في القسم 20 تلميذاً بالإضافة الى التدريس بالنجاح، والذي قد يكرس تدني المستوى إذا استمر الانتقال بالكوطا التي تتحكم فيها الخريطة المدرسية وليس الاستحقاق، وهكذا لم يعرف الجانب البيداغوجي الاستقرار، أما إدماج تكنولوجيا الإعلاميات فقد تمت بطريقة بيروقراطية وبدون متابعة وتكوين، كما ركز في عرضه على الاهتمام باللغة باعتبارها المفتاح الأساسي للمعرفة، وتعزيز كفايات الأطر التربوية، معتبراً بأن توسيع العرض التربوي مهم لكنه مشروط بتوفير العيش والكرامة للعاملين في قطاع التربية والتكوين دون إرهاق كاهلهم بتراكم المهام، كجعل المدرس مسؤولا في لجنة اليقظة ويقوم بملء بطاقات التلميذ، وإعطاء دروس للمتعثرين، وتدريس المواد المتجانسة وتنظيم فترات تدريبية وقيامه بالتربية البدنية، علما بأن 60% منهم مقبلون على سن التقاعد ما بين سنتي 2016/2014 بالإضافة الى تعدد المواد الدراسية بالنسبة للابتدائي، وهكذا، فالوزارة تطلب المستحيل من رجال ونساء التعليم، ناهيك عن الأجور الهزيلة حيث لازال 175000 (مائة وخمسة وسبعون ألف) منهم في السلم 9 يتقاضون 3700 درهم. أما في إطار ترشيد الموارد البشرية، فقد عملت الوزارة على التوظيف المباشر حسب حاجيات الأكاديميات 3000 توظيف بالعقدة دون أن يكون ذلك في النظام الأساسي للوزارة، وبالتالي سيصبحون تابعين لنظام الوظيفة العمومية مما ينبىء بانقراض التوظيف بالنظام الأساسي المعمول به حاليا، وذلك يهدد الاستقرار المهني للعاملين في الحقل التعليمي، حيث سيصبح بإمكان الأكاديميات التخلي عن كل موظف لا ترغب فيه، فيصبح تحت رحمة الادارة دون أن يمر عبر المجلس التأديبي، كما أن الحركة الوطنية ستنعدم بتفويت الموارد البشرية للأكاديميات، فلا يتم الانتقال من جهة الى أخرى إلا بموافقة مدير الأكاديمية المستقبلة حسب الخصاص وبشروط معينة، علاوة على تقليص حصص الترقية بتقلص عدد العاملين بالنظام الأساسي للوزارة، وللحفاظ على حقوق ومكتسبات أطر التدريس عارضت النقابة مخططات الوزارة مطالبة بإدخال الموظفين بالعقدة، ضمن النظام الأساسي للوزارة، والذي سيتم ابتداء من شهر يناير 2010، كما أثار العرض بعض القضايا التي تناقشها الوزارة حاليا كالتوظيف بالسلم 10 بالإجازة والثانوي التأهيلي بالماستر مع إحداث شعب تربوية بالجامعات وبناء مراكز جهوية للتكوين.