«الحرب» المشتعلة هذه الأيام في الدارالبيضاء، بعد الاختلافات داخل مكتب مجلس المدينة، هي «حرب» الأزبال (حاشاكم) ، أو على الأصح، «حرب» مصالح الشركات الأجنبية المكلفة بالنظافة بيد مغربية في العاصمة الاقتصادية. فمعلوم أن الدارالبيضاء تتناوب على «تشطيبها» ثلاث شركات أجنبية ، الأولى هي «سيطا» شركة فرنسية، والثانية «تيكميد» إسبانية، والثالثة «بيتزورنو» برتغالية. وهي شركات تأخذ من خزينتنا سنويا ما أقله 48 مليار سنتيم. الشركات الثلاث تشتغل بأياد مغربية معظمها مهضومة الحقوق! الشركة الأولى (الفرنسية) لها وقع خاص في قلوب المسيرين الفعليين للدار البيضاء، لها معاملة خاصة جداً من جانبهم، وتأتي في المقام الثاني من حيث الحب الشركة الإسبانية، أما الشركة البرتغالية، فهي في الدرجة الأخيرة. هذه الأيام تعالت أصوات تهدد هذه الشركة بفسخ العقدة، لأنها راكمت أكثر من 150 مليون سنتيم من الجزاءات المترتبة عن مخالفات التنظيف (جميل)، وهو ما يعطي الحق للجماعة البيضاوية في فسخ العقدة معها. سنعيد الشريط إلى سنوات قبل هذه الصيحة، حيث ضبطت هذه الشركة وشركة أخرى تحملان في حاوياتهما الأتربة والحجارة بدل الأزبال لإثقال الميزان. فنحن في الدارالبيضاء نعوض هذه الشركات على قيمة الوزن، عكس باقي دول العالم، والتي منها من تشغل ذات الشركات التي لدينا، لكن تفرض عليها أن يكون التعويض بحسب «المتر كيب» أي بالمساحة وليس بالطوناج، وهي عملية ظاهرة للعيان وأكثر شفافية مما نعتمده نحن في الدارالبيضاء، بحيث لا يمكن أن تضبط الوزن خصوصاً إذا ما «تواطأ» المفوض مع المفوض له! قلنا ضبطت بمعية أخرى تقوم بهذا «الجرم» ولم يتخذ في حقها أي إجراء ، وشركة أخرى ضبطت تعمل لحساب الخواص، تاركة شوارع المدينة تغرق في الأزبال لتهتم بأزبال الشركات والمؤسسات مقابل تعويضات مالية، وهذا وحده كان كافياً لطرد هذه الشركة. صيحة «الحقيقة»، التي دوّت هذه الأيام، هل بالفعل تستهدف «تنظيف» المدينة من «الغش» ؟ المعطيات المتوفرة تقول بأن هذه الشركة استبدلت مديرتها بمدير جديد، يبدو أنه مازال لم يستوعب «اللعب» المعمول به في المجال جيداً مع القسم المكلف بالنظافة، إذ لا يعقل أن تظهر العقوبات على «غفلة» اليوم. خلاصة القول، إن الشركات الثلاث أثبتت فشلا بينا في ما يخص تنظيف المدينة، وظل مسؤولون في التسيير «يغضون الطرف» بعلم العديد من ممثلي السكان، وذلك أمر كان قد أثاره النائب الأول للرئيس في الولاية السابقة، والذي تمت إزاحته من منصبه، ونعتقد، وحسب ما نستشفه من تتبعنا لشؤون المدينة، أن مثل هذه الصيحات غالبا ما يكون وراءها «تكتاف الدجاج» لتستمر الاستفادة لفائدة البعض من هذه الشركات! والغريب الأغرب، أنه إذا ما وضعت السؤال على النائب المفوض له الإشراف على هذا القطاع عما يجري فيه، لن يفيدك بشيء، بل يفصح أنه نفسه لا يعلم شيئاً، لأن «الملف» في قبضة آخرين!!