حلت قبل أيام الذكرى الخامسة على انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي جاءت «من أجل تعزيز العمل الاجتماعي وترسيخ فلسفة القرب من المواطنين»، وهي المناسبة التي دفعت عددا من عمالات المقاطعات البيضاوية إلى تنظيم زيارات ميدانية للجنها الإقليمية ولمختلف الفاعلين قصد الاطلاع على ما قد تم إنجازه على أرض الواقع. زيارات لم تخل من ملاحظات/قراءات على اعتبار أنه تم بالفعل الوقوف على مشاريع/برامج تنهل من الفلسفة الاجتماعية وتلامس احتياجات المواطنين، سواء تعلق الامر بجانب محاربة الهشاشة أو الإقصاء الاجتماعي أو تكوين المستفيدين من أنشطة مدرة للدخل، إلا انها بالمقابل «فضحت» جانبا مسكوتا عنه والذي صرفت فيه ملايين الدراهم وتم تبذيرها في غير ما محلها!؟ دور للمسنين، مراكز صحية واجتماعية، فضاءات للشباب وأخرى رياضية للقرب، لم تمنع من استفادة البعض من المال العام ليتحول إلى مقاول هو المستفيد الاول والأخير من مشروعه، في حين تم إصلاح المراحيض وإنجاز الملاعب واستبدال الصنابير داخل مؤسسات تعليمية باسم التنمية البشرية، والحال أن هناك ميزانيات خاصة لدى الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين والتي راسلت النيابات للتعبير عن احتياجاتها والخصاص الذي تعانيه والذي كان من الأجدر أن تصرف فيه ميزانية التربية الوطنية واستثمار أموال المبادرة فيما هو أكثر إيجابية ، علما بأن عددا من المنتخبين أسسوا جمعيات موالية لهم وشرعوا في توزيع المحافظ المدرسية والمواد الغذائية باسم المبادرة، في حين استفاد بالفعل عدد من الأشخاص من عربات/دراجات ثلاثية لتخزين الأسماك والحفاظ على جودتها وطراوتها من مرحلة تخزينها إلى تسويقها على الزبائن، في إطار محاربة الباعة الجائلين، فإذا بهم يصبحون تجارا قارين عند هذه الناصية أو ذاك الملتقى بتجارة متجولة بشكل آخر! واقع التنمية البشرية في الدارالبيضاء يحبل بالمتناقضات، مما يتعين معه استحضار الفلسفة الحقيقية للمبادرة وترجمتها على أرض الواقع بشكل عقلاني يمكن من رؤية ثمار الأموال المصروفة وهي تنتج إيجابيا.