3547 امرأة تعرضت لمختلف أشكال العنف بالمغرب، خلال سنة 2008... هذا ما تبينه المعطيات الإحصائية التي تضمنها التقرير السنوي الأول حول العنف المسلط على النساء بالمغرب الذي أصدره، مؤخرا، المرصد المغربي للعنف ضد النساء «عيون نسائية». وقد شمل التقرير حالات العنف التي سجلتها الجمعيات النسائية المغربية المنخرطة في المرصد في كل من الحسيمة بمنطقة الريف، جهة طنجة-تطوان، مكناس-تافلالت، بني ملال-أزيلال، الجديدة-منطقة دكالة، أكادير-أيت ملول، بالإضافة إلى جهة الدارالبيضاء الكبرى. وقد سجل التقرير بطء وتيرة الإصلاح بالمغرب، وأبدى ملاحظاته على المسار الطويل الذي عرفه تعاطي الحكومة مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي تطلبت المصادقة عليها ورفع التحفظات عنها 3 عقوق من الزمن. نفس الوضع بالنسبة للاستراتيجيات والمخططات التي وضعت من أجل الحد من العنف ضد النساء ومحاربة التمييز وإقرار مبدأ المساواة وتكافؤ الفرض. وأكد التقرير أن هذا التعثر الذي تعرفه الإصلاحات المرتبطة بإقرار حقوق النساء ومناهضة العنف المسلط عليهن هو الذي يدفع الحركة النسائة إلى التساؤل حول المشروع السياسي الحكومي في مجال النهوض بأوضاع المرأة. وبمقابل البطء الذي تعرفه وتيرة إصلاح أوضاع المرأة بغرب، سجل التقرير ارتفاع وتيرة العنف ضد النساء وتفاقم وانتشار هذه الظاهرة، حيث ارتفع سنة 2008 بنسبة 39% مقارنة مع سنة 2007. وأكد التقرير أن العنف يمارس ضد المرأة في إطار الأسرة وفي إطار المجتمع ويمارسه الأفراد كما تمارسه الدولة أو تتغاضى عنه، مما يسبب للمرأة معاناة شديدة تمس كل جوانب حياتها وتؤثر عليها جسديا ونفسيا واقتصاديا. وأوضح التقرير أن الفئة العمرية الأكثر تعرضا للعنف من بين المصرحات بذلك لمراكز الاستماع تتراوح مابين 19 و28 سنة بنسبة 39% تليها الفئة مابين 29 و38 سنة بنسبة 27%، جلهن متزوجات بنسبة 53% وتجاوزت نسبة الأمية 50% بينهن حسب معطيات بعض الجمعيات. كما سجل أن النساء زائرات المراكز تعرضن لعنف جسدي، جنسي، نفسي، قانوني، اقتصادي ومؤسساتي، شمل 34242 عنف مورست ضد 3547 امرأة احتل العنف النفسي المرتبة الأولى بنسبة 28,44% ثم العنف الجسدي بنسبة 17,89%. وبخصوص أشكال العنف الممارس على النساء، بلغ عدد حالات العنف النفسي 9741 حالة بنسبة 28,44%، العنف الجسدي 6126 حالة بنسبة 17,89%، العنف القانوني 5749 حالة بنسبة 16,78%، العنف المؤسساتي 5050 حالة بنسبة 14,74%، العنف الاقتصادي 4302 حالة بنسبة 12,56%، العنف الجنسي 3274 حالة بنسبة 9,56%، أي مامجموعه 34242 حالة. وتجدر الإشارة إلى أن المرأة الواحدة تكون ضحية لعدة أشكال من العنف، فالعنف الجسدي يكون غالبا مرفوقا بعنف اقتصادي وأحيانا بعنف جنسي، كما قد يصاحبه عنف قانوني، وتتخلل كل هذه الأشكال من العنف أفعال تندرج ضمن العنف النفسي. سجل المرصد 6126 فعل عنف جسدي مورس على 3547 بمعدل فعلين من العنف الجسدي على كل امرأة. بهذا احتل العنف الجسدي المرتبة الثانية بنسبة 17,89% من مجموع أشكال العنف. وقد صنفت أفعال العنف الجسدي حسب شبكة إجرائية اعتمدت 17 تسمية لأفعال العنف الجسدي، يحتل فيها الضرب والصفع والجرح الصدارة بنسبة 69% من مجموع أفعال العنف. وجاء التصنيف على الشكل التالي: الضرب 1728 حالة بنسبة 28,20%، الصفع 1348 حالة بنسبة 22%، الجرح 1139 حالة بنسبة 18,59%، البصق 286 حالة بنسبة 4,66%، التعذيب 263 حالة بنسبة 4,29%، الشنق 216 حالة بنسبة 3,52%، الحرمان من العلاج 147 حالة بنسبة 2,39%، الاحتجاز 104 حالة بنسبة 1,69%، العض 78 حالة بنسبة 1,27%، الحرمان من الأكل 54 حالة بنسبة 0,88%، الأعمال المنزلية الشاقة 45 حالة بنسبة 0,73%، الحرق 44 حالة بنسبة 0,71%، الحرمان من النوم 29 حالة بنسبة 0,47%، الإجبار على الإجهاض 24 حالة بنسبة 0,39%، الحرمان من الشرب 16 حالة بنسبة 0,26%، التبول على المرأة 11 حالة بنسبة 0,17%، التسميم 4 حالة بنسبة 0,06%، آخر 590 حالة بنسبة 9,63%. عندما نتأمل في أفعال العنف الجسدي الذي تعرضت له النساء، نصطدم بحقائق تكشف حجم انتشار هذا العنف حسب معطيات مختلف المراكز، فقد سجلت جمعية السناء النسائية بالجديدة مثلا 224 حالة عنف جسدي مورس ضد 243 امرأة، بمعنى أن 92% من النساء زائرات هذا المركز قد انتهكت حرمتهن الجسدية، فتقريبا كل امرأة صرحت بتعرضها لفعل عنف جسدي، كما تتجلى خطورة هذا الشكل من العنف الذي يصل إلى محاولة القتل (بحكم أن التسميم هو محاولة قتل) في الأضرار الصحية الجسدية والنفسية والاجتماعية، التي تلحق بالمرأة المعنفة. ويثير هذا الشكل من العنف الذي استهدف النساء زائرات مراكز الاستماع خلال سنة 2008، ملاحظات تتجلى حسب مرصد عيون نسائية في أنه يجعل الجسد الأنثوي مستباحا للضرب والجرح والصفع، حيث احتلت هذه الأفعال المراتب الثلاث الأولى من مجموع أفعال العنف الجسدي، فقد بلغ عدد حالات الضرب 1728حالة منها 559 حالة سجلتها الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء مثلا. وسجلت جمعية ملتقى نساء الريف 67 حالة ضرب من بين 95 ملفا، بمعنى أن 70% من نساء الريف اللواتي زرن مركز الاستماع قد تعرضن للضرب. وقد احتل الصفع المرتبة الثانية بتسجيل 1348 حالة ضمن مجموع الملفات المرصودة من طرف عيون نسائية، سجلت على سبيل الاستشهاد الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء منها 436 حالة، وجمعية إنصاف 370. أما بالنسبة لحالات الجرح، فقد احتلت المرتبة الثالثة بتسجيل 1139 من طرف مجموع الجمعيات المنخرطة في مرصد عيون نسائية، منها 416 حالة سجلتها جمعية إنصاف مثلا التي تستقبل أمهات عازبات، شابات في وضعية اجتماعية هشة، بنسبة تقارب 36%. ويجد ارتفاع عدد حالات الضرب والصفع والجرح، حسب التقرير، مبرراته في كون تعنيف الجسد الأنثوي هو وسيلة من وسائل إخضاع المرأة، يضربه الزوج أو الأب أو الأخ «تأديبا»، وتضربه الحماة أو الإخوة والأخوات للزوج «نيابة» عن المعنف. كل هذا يجد أساسه في ثقافة قائمة على العنف ضد المرأة تتسامح مع ضرب الجسد الأنثوي، بل تبارك هذا الضرب وتجد له دائما المبررات التي تثبت «مشروعيته». وقد وصل هذا العنف إلى مستوى الوحشية، وذلك من خلال تسجيل المرصد لحالات العض كتعبير عن مظاهر العدوانية التي يمكن أن تتعرض لها النساء من طرف المعنف (78 حالة). وقد سجلت جمعية تطلعات نسائية بمكناس أكبر عدد من حالات العض (40 حالة). ويرمي العنف إلى تشويه الجسد الأنثوي، ذلك من خلال حالات الحرق التي تعرضت لها بعض النساء المعنفات (44 حالة). وبالإضافة إلى الآلام الشديدة التي تسببها الحروق، فإنها تترك آثارا لا تنمحي وتظل شاهدة على العنف الذي تعرضت له المرأة. وقد سجلت جمعية ملتقى نساء الريف بالحسيمة مثلا أكبر عدد من حالات الحرق من بين 95 ملفا قامت بمعالجتها خلال سنة 2008. ويعمل العنف كذلك على إضعاف الجسد الأنثوي في محاولة للقضاء عليه، وذلك عن طريق حرمانه من الأكل والشرب والنوم، ومن العلاج، إذ سجلت جمعية إنصات ببني ملال مثلا أكبر عدد من حالات الحرمان من الأكل (18 حالة من مجموع 54) والحرمان من النوم (9 حالات من مجموع 29). أما الحرمان من العلاج، فقد تصدرت جمعية تطلعات نسائية بمكناس المرتبة الأولى، وذلك ب 107 حالات من مجموع 147. كما يعمل العنف على تدمير نفسية المرأة وإذلالها، ويدخل في هذا الإطار، حالات التبول على جسد المرأة والبصق عليه. إنها أقصى درجات التحقير للمرأة ولجسدها. وقد سجلت جمعية ملتقى نساء الريف وجمعية نساء الجنوب، على سبيل الاستشهاد، أكبر عدد من حالات التبول على جسد المرأة (3 حالات من مجموع 11 حالة تبول تم رصدها من طرف المستمعات بالجمعيات ضمن مرصد عيون نسائية). أما بالنسبة للبصق، فإن الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء سجلت أعلى النسب استنادا إلى تصريحات النساء اللواتي زرن مركز فاما خلال 2008 (231 حالة من مجموع 286). وقد يصل هذا العنف إلى درجة من الخطورة تهدد حياة المرأة نفسها كالتسميم والرمي من الطوابق العليا والإجبار على الإجهاض، ويتداخل في هذا الصنف الأخير العنف الجسدي بالعنف الجنسي بالعنف النفسي. ولا يأتي العنف منفردا، بل يأتي مرفوقا بأصناف أخرى من العنف تندرج إما في إطار العنف القانوني كالاحتجاز، أو العنف الجنسي كالاغتصاب، أو العنف النفسي كالتهديد والحرمان والإهمال والتجاهل. انطلاقا من هذه الملاحظات، سجل المرصد أن العنف الجسدي ضد المرأة يشكل خرقا سافرا لمبادىء حقوق الإنسان، كالحق في الكرامة وفي السلامة الجسدية والنفسية، كما أنه يشكل خرقا لمقتضيات القانون الجنائي المغربي. ويتعمق هذا الخرق في عجز المرأة، في معظم الحالات، عن إثبات العنف الممارس عليها أمام مؤسسات القضاء. وحسب تقارير الجمعيات المنخرطة في المرصد، بلغ العدد بخصوص أفعال العنف الجنسي ضد النساء بالنسبة لجمعية التضامن النسوي 1947 حالة بنسبة59,47 %، جمعية إنصاف 790 حالة بنسبة 24,13%، جمعية تطلعات نسائية 203 حالة بنسبة 6,20%، الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء 180 حالة بنسبة 5,50%، جمعية نساء الجنوب 68 حالة بنسبة 2,07%، جمعية إنصات 31 حالة بنسبة 0,95%، جمعية النساء النسائية 27 حالة بنسبة 0,82%، جمعية أمل من أجل حياة أفضل 20 حالة بنسبة 0,61%، جمعية ملتقى نساء الريف 8 حالة بنسبة 0,24%، أي مامجموعه 3274 حالة. وقد احتلت الأرقام المسجلة من طرف الجمعيات العاملة مع النساء في وضعية صعبة بخصوص العنف الجنسي المراتب الأولى، مع تفاوت في عدد الحالات، إذ احتلت معطيات جمعية التضامن النسوي التي تهتم بالأمهات العازبات المرتبة الأولى ب 1947 حالة عنف جنسي بنسبة 59,47%، تلتها جمعية إنصاف ب 790 حالة بنسبة 24,13%، جمعية تطلعات نسائية 203 حالات بنسبة 6,20%، الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء 180 حالة بنسبة 5,50%، جمعية نساء الجنوب 68 حالة بنسبة2,07%، جمعية إنصات 31 حالة بنسبة 0,95%، جمعية السناء النسائية 27 حالة بنسبة 0,82%، جمعية أمل من أجل حياة أفضل 20 حالة بنسبة0,61%، جمعية ملتقى نساء الريف 8 حالات بنسبة ,24 0%. والملاحظ في رصد المرصد لهذا الشكل من العنف الذي يستهدف النساء على أساس النوع، أن هناك تباين واضح في نسب الإعلان عنه من النساء زائرات مراكز الاستماع، وذلك حسب اختلاف الموقع الجغرافي والخصوصيات السوسيو ثقافية لمناطق المغرب. إذ سجلت أدنى نسبة تصريح بالتعرض للعنف الجنسي في منطقة الريف، حيث لم تتعد نسبة أفعال العنف الجنسي المصرح بها 8 من بين 583 فعل عنف تعرضت لها 95 امرأة زرن مركز جمعية ملتقى الريف بمدينة الحسيمة، بالمقارنة مع المعطيات المسجلة من طرف جمعيات تطلعات نسائية بمكناس، حيث وصلت أفعال العنف الجنسي المصرح بها 203 تصريحات من بين 2521 فعل عنف صرحت بها 455 زائرة خلال 2008. ويمكن تفسير هذا التباين من خلال ربط الأرقام المسجلة بطبيعة الفئة المستهدفة من طرف الجمعيات العاملة في مجال مناهضة عنف النوع، من جهة والخصوصيات السوسيو ثقافية لمجال تدخل هذه الجمعيات من جهة ثانية. وفي هذا الإطار، نشير إلى أن جمعيات التضامن النسوي وجمعية إنصاف بالدارالبيضاء، تستقبلان نساء في وضعية صعبة، غير متزوجات، تعرضن في معظمهن لاغتصاب أو لتغرير نتج عنه حمل، مما جعلهن يواجهن صعوبات ترتبط بوضعهن كأمهات عازبات. ولاحظ التقرير انخفاض التصريح بهذا الشكل من العنف في بعض المناطق كالحسيمةوالجديدة، حيث مازال ثقل الموروث الثقافي يساهم في إحاطة العنف عموما والعنف الجنسي خصوصا بجدار من الصمت. وقد رصدت الجمعيات النسائية التابعة للمرصد 7 أصناف من مظاهر العنف الجنسي، شكلت ما مجموعه 3274 فعل عنف جنسي استهدف مجموعة من النساء. وتبلغ نسبة التصريح بهذا الشكل من العنف 9,53% بالمقارنة مع العنف الجسدي (17,89%)؛ وذلك بسبب الإحراج الذي يفرضه التصريح بهذا النوع من العنف. واحتل التحرش الجنسي أعلى نسبة 21,96%، متبوعا بالمماسرة الجنسية غير المرغورب فيها بنسبة 6,23%، ثم الاغتصاب بنسبة 5,37%. وقد تعرضت 380 امرأة لاعتداءات جنسية مختلفة تندرج ضمن الاغتصاب، ميز التقرير في إحصائها إجرائيا بين ما سماه «ممارسة جنسية غير مرغوب فيها» ب 204 حالة تصريح وتتعلق بكل الممارسات الجنسية التي تفرض بالإكراه على المرأة داخل مؤسسة الزواج، (الممارسة الجنسية من الدبر، فرض المعاشرة الجنسية الجماعية، الإكراه على تقليد أوضاع بورنغرافية...) فتسبب لها ضررا جنسيا، صحيا ونفسيا يلازمها بشكل يومي والاغتصاب ب 176 حالة تصريح. ويبلغ عدد النساء المتزوجات اللواتي زرن مراكز الجمعيات العضوة في مرصد عيون نسائية، خلال سنة 2008، 1887 امرأة بنسبة 53% من مجموع الزائرات للمراكز (3547 امرأة)، ويطال الاعتداء الجنسي على النساء داخل مؤسسة الزواج حوالي 11% من المتزوجات. أما حالات الاغتصاب المصرح بها للجمعيات المنخرطة في المرصد، والتي بلغت 176، فإنها تندرج في إكراه المرأة على المعاشرة الجنسية خارج مؤسسة الزواج، والتي ترفق غالبا بعنف جسدي ونفسي يمارس ضد النساء في أماكن مغلقة أو في الشارع. وتطلعنا الإحصائيات كذلك على أن أدنى عدد حالات العنف الجنسي هي تلك التي سجلها زنا المحارم (24 حالة) والنقل الإرادي للأمراض الجنسية (6 حالات). وبالرغم من انخفاض هذه الأرقام، فإنها تعتبر مؤشرا خطيرا على ما يمكن أن يصل إليه العنف الجنسي ضد المرأة. يتبين انطلاقا مما سبق أن المرأة في مجتمعنا تكون ضحية لأقصى درجات العنف الجنسي، خصوصا عندما تكون في وضعية اجتماعية هشة تعاني من الفقر والتهميش الاجتماعي، وتجد نفسها أمام عنف مرتبط بالفراغ القانوني حين تبحث عن الحماية، فتتعمق مأساتها عندما تصبح عرضة للتحرشات الجنسية وللمتاجرة بجسدها. نلاحظ أيضا أن مختلف أفعال العنف الجنسي من اغتصاب ومحاولته والإكراه على ممارسات جنسية غير مرغوب فيها وتحرش جنسي... تدل على الرغبة في امتلاك الجسد الأنثوي بالقوة وبدون رضاه. ورصدت الجمعيات المنضوية في مرصد عيون نسائية 9741 فعل عنف تعرضت له 3547 امرأة زارت مراكز الاستماع خلال سنة 2008، ما معدله ثلاثة أفعال عنف نفسي لكل امرأة. ويشكل هذا العنف أعلى نسبة أشكال العنف الذي تعرضت له النساء بما يناهز 28,44% من مجموع أفعال العنف (34242 فعلا)، ذلك أن العنف النفسي يتغذى من جميع أشكال العنف الذي تتعرض له المرأة كان جسديا أو جنسيا أو قانونيا أو اقتصاديا. ويمكن تصنيف أفعال العنف النفسي في التهديد والاتهام والحرمان والمنع ثم الإهمال والتجاهل... وتبين النتائج أن نسبة التهديد تحتل أعلى نسبة أفعال العنف التي تعرضت لها النساء زائرات المركز بما مجموعه 2868 فعل تهديد صرحت به 81% من مجموع النساء، أي 3547 امرأة معنفة، شمل التهديد بالضرب أو الطرد أو القتل أو الطلاق أو التعدد أو التعذيب أو الحرمان من الحضانة... أما الإهمال والاعتداء اللفظي، فقد صرحت بالتعرض له ما يفوق ثلث النساء الوافدات على المراكز خلال 2008، فسجل الإهمال كعنف نفسي 1298 حالة كان لملفات جمعيتي إنصاف والتضامن النسوي النصيب الأوفر منها وذلك ب 837 حالة، كما سجلت الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء 316 حالة. ويجد ارتفاع عدد حالات الإهمال تفسيره في كون الأم العازبة مهملة من طرف القانون والمجتمع والخادمة مهملة من طرف القانون والمجتمع والزوجة مهملة، والدليل كل هذا العنف الجسدي والقانوني والنفسي الذي أوردته المعطيات. ويؤدي الإهمال كعنف نفسي عميق إلى الإحساس بالتهميش، وهو إحساس يؤثر بشكل كبير على حيوية الشخص وعلى رغبته في الإقبال على الحياة. كما يشكل الاعتداء اللفظي من سب وشتم وإصدار أحكام جائرة عنفا معنويا يؤثر تأثيرا بالغا على الصحة النفسية للمرأة، مما يؤثر على مردوديتها، واحتل هذا الأخير ثاني نسبة أفعال العنف بعدد 1292 فعل من مجموع 9741 فعل عنف نفسي. أما التهديد فيتلون بمختلف الألوان لكي يحول حياة المرأة إلى جحيم ولكي يجعلها تعيش الاضطراب والخوف واللاأمان. إن التهديد بالقتل هو تهديد بالعنف الجسدي، وتهديد بالقانون. سجل هذا الصنف أرقاما مرتفعة إذ بلغ عدد حالاته 549 حالة. أكبر عدد منها هو الذي سجلته الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء (229 حالة). وإذا كان هذا الرقم مرتفعا، فهو يبقى مع ذلك نسبيا إذا ما قورن بعدد الملفات التي عالجتها الجمعية (1170 ملفا). والملفت للانتباه هو كون جمعية ملتقى نساء الريف سجلت 55 حالة تهديد بالقتل، أي ما يزيد عن نصف الملفات التي عالجتها الجمعية (95) ملفا، وسجلت جمعية نساء الجنوب 88 حالة تهديد بالقتل هي التي عالجت 185 ملفا فقط. أما التهديد بالعنف الجسدي، فيأتي متمثلا في التهديد بالضرب والتهديد بالتعذيب، وقد احتل التهديد بالضرب المرتبة الأولى وذلك ب 857 حالة. سجلت جمعية إنصاف وحدها 652 حالة، وذلك بحكم طبيعة اهتماماتها، حيث تشتغل غالبا مع نساء وفتيات يشتغلن أو اشتغلن كخادمات بالبيوت. وسجل التهديد بالتعذيب 163 حالة، نصفها كان من نصيب ملفات الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء. ومن أدوات التهديد أيضا، نجد القانون. إنه السلاح الذي يشهره الفكر الذكوري في وجه المرأة، فالقانون الذي لا يقوم على المساواة، يمكن الرجل، في إطار العنف الزوجي، من التهديد بالطلاق والتهديد بالتعدد. لقد سجلت الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء 101 حالة تهديد بالطلاق و65 حالة تهديد بالتعدد. أما جمعية ملتقى نساء الريف، فسجلت 61 حالة، ومعناه أن ثلثي الملفات التي عالجتها هذه الجمعية فيها تهديد بالطلاق وأكثر من الثلث فيه تهديد بالتعدد (38 حالة). أما التهديد بالطرد الذي سجل 760 حالة، فقد كان لجمعية إنصاف منها 524 حالة، ومعناه أن المرأة في وضعية صعبة لا تهدد بالعنف الجسدي فقط، بل تعيش تحت رحمة التهديد بالطرد باستمرار. وبرز الاتهام كفعل من أفعال العنف النفسي ضد المرأة التي سجلتها الجمعيات المشاركة في تقرير مرصد عيون نسائية، فنلاحظ 121 حالة اتهام بالخيانة و24 حالة اتهام بالسرقة و22 حالة اتهام بإهمال البيت ثم 18 حالة اتهام بإهمال الأطفال. والملاحظ أن معظم أنواع الاتهام المصرح بها تدخل في إطار العنف الزوجي، مما يدفعنا إلى الوقوف قليلا عند هذه الاتهامات، لأنها -بكل بساطة- تقلب الأدوار وتجعل الزوج يبدو في موقف الضحية والزوجة في موقف المعتدية. ويعطيه اتهام الزوج لزوجته بالخيانة كل الحقوق لتعنيفها. إنه يصبح في حالة دفاع عن الشرف وهو دفاع يبرره القانون وتباركه الثقافة. ورغم أن خيانة الزوج لزوجته ثابتة في العنف القانوني (232 حالة خيانة مارسها الأزواج) وليست اتهاما فقط، فإن وضع الزوجة يختلف عن وضع الزوج. إن الاتهام بالخيانة هو عنف نفسي قاس يمارس ضد المرأة، لأنه يثير استعداء الجميع ضدها بما في ذلك استعداء عائلتها، الشيء الذي يؤدي إلى عزلها وانعزالها، كما يؤدي إلى مضاعفات نفسية خطيرة تهدد صحتها وحياتها الاجتماعية. أما اتهام الزوجة بأنها تهمل أطفالها وبيتها، فهذا أيضا يجعل من الزوج ضحية في نظر الجميع، ذلك أن القيام بأشغال البيت وتنشئة الأطفال يعتبر في ثقافة العنف وظيفة طبيعية للمرأة وليس مسؤولية مشتركة بين الزوجين. أما بالنسبة للحرمان الذي شمل الحرمان من الدراسة والحرمان من التكوين والحرمان من الأمومة، فقد سجل هو كذلك أرقاما ضعيفة، إلا أنه بالرغم من ضعف الأرقام، فإنه يبقى عنفا نفسيا عميقا. أما الحرمان من الأمومة (16 حالة) هو مصادرة لحق طبيعي هو الحق في الإنجاب وفي الأمومة، في حين أن الحرمان من الدراسة والتكوين، بالإضافة إلى كونه يؤثر بشكل مباشر على الوضعية الاقتصادية للمرأة، فإنه يعتبر عنفا نفسيا يقوم على ثقافة الفكر الذكوري ويستمد مقوماته منها، فالمرأة في هذا الفكر هي للزواج وليس للتعليم والتكوين. ويتجلى المنع كفعل من أفعال العنف النفسي المصرح بها من طرف النساء زائرات المراكز، في المنع من السفر (40 حالة) والمنع من زيارة العائلة (829) حالة. وهو يستند، بالدرجة الأولى، إلى الرغبة في التملك والاستعباد خاصة بالنسبة للمنع من زيارة العائلة. وقد سجلت جمعية إنصاف ضمن هذا الصنف من العنف النفسي (714) حالة من مجموع (829)، جلها تعني خادمات البيوت منعن من زيارة عائلاتهن. أما المنع من زيارة العائلة في إطار العنف الزوجي، فهو سلاح يستعمله الزوج لإثبات أنه وحده صاحب البيت يستقبل فيه من يشاء، وهو صاحب الكلمة الفصل يسمح أو لا يسمح للزوجة بمغادرته ولو لزيارة أهلها. بالإضافة إلى ما سبق، فإن المنع من زيارة العائلة كعنف نفسي يهدف إلى عزل المرأة عن محيطها العائلي حتى لا تكسر جدار الصمت عما تتعرض له من عنف داخل بيت الزوجية. ولا يقل التجاهل عنفا عن الإهمال. فهو تنكر لوجود المرأة ودورها في حياة الآخر. وقد أورد التقرير 437 حالة تجاهل سجلت منها الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء 253 حالة. وبخصوص العنف القانوني، تفيد المعطيات أن أبرز المؤسسات ممارسة للعنف ضد المرأة هي مؤسسة القانون، فهي ضحية عنف يمارسه القانون نفسه، وضحية عنف لا يتم فيه احترام القانون، وضحية عنف يقوم على التعسف في استعمال القانون. وقد سجل المرصد 5749 فعل عنف قانوني مست 3547 امرأة زارت مراكز الاستماع. ويتجلى العنف الذي يمارسه القانون ضد المرأة -حسب مرصد عيون نسائية- في الحيف المرتبط بالتشريع وفي الفراغ القانوني. وقد سجل الحيف المرتبط بالتشريع 802 حالة عنف وسجل الفراغ القانوني 527 حالة عنف، وفي الصنفين معا احتلت جمعيتا إنصاف والتضامن النسوي المراتب الأولى، لأن الفراغ القانوني مازال يشمل فئات خدمات البيوت والأمهات العازبات. ويبلغ الحيف القانوني مداه عندما تطلب الأم العازبة إنصافها من القانون، فتتابع بتهمة الفساد كما يبرز في التعدد وفي مبدأي الطلاق والتطليق. ويتجلى العنف القائم على التعسف في استعمال القانون بالدرجة الأولى في سلوكات بعض الأفراد الذين ينتمون مهنيا إلى المؤسسات الساهرة على تطبيق القانون (قضاة، دركيون، رجال شرطة). يشمل التعسف في استعمال القانون التحقير والتبخيس والسب والشتم والتحرش الجنسي وعدم التصديق والتحريض على الدعارة والتزوير والارتشاء. وبالنسبة للعنف الناتج عن عدم احترام القانون، تعطي شهادات النساء المتوفرة لدى الجمعيات المكونة للمرصد المغربي للعنف ضد النساء صورة قاتمة للعنف ضد المرأة العاملة. فقد سجلت جمعية نساء الجنوب بأكادير حالات للعنف الذي تعرضت له العاملات بالضيعات الفلاحية بالمنطقة أو العاملات بقطاع السياحة، وقد شملت هذه الحالات العنف الجنسي متمثلا في الاغتصاب، والعنف القانوني متمثلا في الطرد التعسفي من العمل. وتعود العوامل المحدثة لهذا العنف بالدرجة الأولى إلى عدم احترام المشغلين لقانون الشغل، وعدم توفير شروط العمل تضمن للعاملات السلامة الجسدية والنفسية، وتضمن لهن الحق في ظروف عمل منصفة وآمنة تحميهن من كابوس الخوف من الفضيحة ومن الطرد من العمل الذي يلاحقهن. أما العنف الاقتصادي الممارس ضد المرأة، فيتجسد في عدة أفعال، وكما يستباح جسد المرأة تستباح كذلك ذمتها المالية، فيتم الاستيلاء على ممتلكاتها (196 حالة) والاستيلاء على راتبها إما بالسلب (814 حالة) أو بعدم أداء الراتب (13 حالة). وحدد التقرير أنواع العنف الاقتصاد كما يلي عدم الإسهام في مصروف البيت 2146 حالة بنسبة 49,88%، التمييز في الرواتب 1084 حالة بنسبة 25,19%، الاستيلاء على الراتب 814 حالة بنسبة 18,92%، الاستيلاء على الأملاك 196 حالة بنسبة 4,55%، المنع من العمل 49 حالة بنسبة 1,13%، عدم أداء الراتب 13 حالة بنسبة 0,30%، المجموع 4302 حالة. أما الوجه الآخر للاستيلاء على الراتب والممتلكات، فهو عندما لا يتم الإسهام في مصروف البيت، وقد سجل هذا الصنف من العنف الاقتصادي نصف عدد الحالات الواردة على الجمعيات تقريبا (2146 حالة من مجموع 4302 حالة عنف اقتصادي). وبخصوص آثار العنف على المرأة، رصدت الجمعيات النسائية التابعة للمرصد ما مجموعه 19359 أثر عنف جراء مختلف أنواع العنف الذي تعرضت له 3547 امرأة زارت مراكز الاستماع خلال سنة 2008. واحتلت الآثار النفسية الصدارة بين مجموع التأثيرات ب 8437 حالة بنسبة 43,60%، الآثار الاقتصادية 4956 حالة بنسبة 25,60%، الآثار الجسدية 2222 حالة بنسبة 11,47%، الآثار على الأطفال 2034 حالة بنسبة 10,50%، الآثار الاجتماعية 1710 حالة بنسبة 8,83% 8.83،. أما آثار العنف الجسدي الذي تتعرض له المرأة فتترجم إلى كدمات وازرقاق وكسور وجروح وآلام حادة وتتسبب في عاهات، ولاحظ التقرير أن العنف الجسدي ضد المرأة خلف ما يزيد عن 2000 بصمة عنف موقعة على الجسد الأنثوي، احتلت الكدمات والجروح والازرقاق 71% من مجموع الآثار (1581 حالة من مجموع 2222). وجاء في التقرير أن 121 حالة عنف من الحالات الواردة على مرصد «عيون نسائية» يتسبب لها العنف الجسدي في عاهة مستديمة. وتجدر الإشارة إلى أن إقدام 18 امرأة على الانتحار خلال 2008 لخير دليل على مرحلة اليأس الذي قد تصل إليه المرأة جراء مختلف أشكال العنف التي تعاني منه. هذا بالإضافة إلى الحالات الواردة على شبكات مراكز أخرى، وتلك التي توجهت مباشرة إلى مخافر الشرطة ومراكز الدرك، وتلك التي لم تتوجه إلى أية جهة. وهكذا تجد المرأة المعنفة نفسها تعيش في دوامة عنف لا تنتهي، يتناسل من حولها بقوة ويغذي بعضه بعضا والنتيجة تبينها الإحصائيات الواردة في التقرير، إذ تعيش النساء حالة خوف دائم ومدمر، حيث عبرت 2682 حالة عن معاناتها من الخوف، وتعاني 1497 حالة من الأرق و1309 حالة من الإرهاق و1025 حالة من القلق، بل تصل النساء حد الانهيار العصبي 1181 حالة ويدخلن في حالة هذيان 335 حالة.