كشف التقرير الوطني الأول حول ظاهرة العنف المبني على النوع الاجتماعي، الخاص بسنة 2008، أن المغرب فقد 18 امرأة، خلال السنة المذكورة، لإقدامهن على الانتحار بسبب العنف، الذي مورس عليهن، بينما تعرضت 121 امرأة أخرى لعاهة مستديمة للسبب ذاته، في حين، تسبب العنف ل 13 معنفة في الإجهاض، بينما كان وراء إصابة 17 مغربية بأمراض متنقلة. وأفاد التقرير الوطني، الذي أنجزه "المرصد المغربي للعنف ضد النساء" (عيون نسائية)، بناء على معطيات وإحصاءات مجمعة من مختلف الجمعيات النسائية الوطنية المشكلة له، أن ألفي و728 امرأة تعرضن للضرب، بينما كانت ألف و139 امرأة ضحية للجرح، في حين تعرضت 263 امرأة للتعذيب. وتسبب العنف الممارس على النساء، وفق المصدر نفسه، في فقدان ألف و299 امرأة لسكناهن، بينما تسبب لألف و181 في الانهيار العصبي، ول 858 معنفة في ضياع عملهن، بينما عانت 147 امرأة الحرمان من العلاج. وأظهرت نتائج التقرير، الذي أعلن عنه رسميا أمس الثلاثاء بالدارالبيضاء، أن 133 امرأة تعرضن للتشرد بسبب العنف، في حين، تسببت ظاهرة العنف في احتراف 42 امرأة للتسول هروبا من العنف، بينما وجدت 13 امرأة أنفسهن مرتميات في الدعارة، وخلفت الظاهرة توقف 104 طفل عن الدراسة بسبب العنف الممارس على أمهاتهم. وتأتي هذه الأرقام، بناء على معطيات من شكايات وملفات ترفعها النساء المعنفات إلى مراكز الاستماع، إذ عالج المرصد المغربي للعنف ضد النساء "عيون نسائية" خلال سنة 2008، ثلاثة آلاف و547 ملفا، اشتملت على 34 ألفا و242 حالة عنف. ودعا التقرير إلى "فتح المجال أمام البحث والتقصي والدراسة في خصوصيات العنف المرصودة في عدد من الجهات المغربية، إذ يستهدف العنف النساء العاملات في جهة أكادير، مثلا، وزوجات المهاجرين بمدينة بني ملال، والنساء المسنات في منطقة الريف، بينما يبرز العنف الجنسي بشكل مرتفع في جهة مكناس تافيلالت". وطالب القائمون على الدراسة الجهات المعنية بالتدخل في مجال مواجهة العنف، للأخذ بعين الاعتبار خصوصية العنف الممارس على النساء في هذه الجهات، وتهيئ أجوبة ملائمة عنه. وتظل الأرقام المصرح بها، حسب القائمين على التقرير، قليلة، بالنظر إلى استمرار ممارسة العنف ضد النساء في المجتمع المغربي، وقلة عدد النساء اللواتي يتمتعن بالشجاعة والجرأة الكافية للكشف عما يتعرضن له من عنف بجميع أشكاله. ويأتي الإعلان عن نتائج التقرير موازاة مع تخليد اليوم العالمي لمناهظة العنف ضد النساء عبر العالم، إذ تتحرك مختلف الجمعيات النسائية المدافعة عن حقوق الإنسان، عموما، والمرأة بوجه خاص، للتذكير باستنكار الظاهرة، ورصد نقط الاختلال والمناداة بتصويب الوضع، مع تسليط الضوء على آليات الإصلاح الموجودة، رغم انتقادها، وتخليد ذكرى وفاة مجموعة من النساء المناضلات عبر العالم. وتطمح نساء المرصد المغربي للعنف ضد النساء "عيون نسائية"، أن يلعب التقرير دورا مهما في ملاحظة وتتبع عمل الحكومة وأدائها في مجال مناهظة العنف ضد النساء، إذ يعتبرن التقرير آلية لتقييم عملها في هذا المجال، وكذا التساؤل على الثغرات والمعيقات والإكراهات. ومن خلاصات التقرير، تحميل مسؤولية استمرار العنف لمدبري الشأن العام، على اعتبار أن العنف شأن عام، يجب أن تتجند له كل الأجهزة المختصة، وترصد له الميزانيات اللازمة، والموارد البشرية والمادية الكافية. وتتشبث الجمعيات النسائية بضرورة تبني فلسفة الإصلاح لتفادي استمرارغياب مبدأ المساواة في مجال السياسات الحكومية المناهضة للعنف، من خلال إحداث تعديلات على مدونة الأسرة، والقانون الجنائي، والقضاء على غياب مبدأ المساواة في القوانين المغربية، ومعالجة غياب التربية على المساواة في المدرسة والمسجد والإعلام.