لم يكد فلاحو منطقة الغرب العودة إلى حالة الاستقرار بمناطقهم وحقولهم التي كبدتها الفيضانات الأخيرة خسائر فادحة حتى عاد القلق يتملكهم من جراء ظهور دودة ليلية ألحقت أضارا بليغة همت المئات من الهكتارات بكل من الجماعات القروية البحارة أولاد عياد والمكرن والحوافات وسيدي محمد بنمنصور ، وهي المناطق نفسها التي أغرقتها مياه الفيضانات مؤخرا ، وتتمثل خطورة الدودة الليلية التي أطلق عليها الفلاحون نعث «الناقمة « في إتلاف النباتات من خلال قضمها النبتة من الساق ، وخاصة نبتة نوارة الشمس التي تعتبر من الزراعات البديلة بالإضافة إلى زراعات ربيعية أخرى كاللوبيا البيضاء والفلفل والبطاطس والدلاح ، وحسب تصريح للخبير الفلاحي عبد الكريم نعمان لجريدة «الاتحاد الاشتراكي « فإن هذه الدودة ظهرت بالأراضي التي غمرتها مياه الفيضانات الأخيرة وكذا فيضانات سنوات 1969 و 1979 و 1996 و 2010 ، وأضاف بأن هذه الدودة هي بمثابة محراث طبيعي لأن الفلاحين لم يقوموا بحرث عميق لأراضيهم لضمان تهوية الأرض وإتلاف ما تحتها من بويضات الديدان والحشرات ، كما أشار إلى غياب التأطير من لدن وزارة الفلاحة وغياب تدخل المكتب الوطني للسلامة الصحية والغذائية الذي عوض مديرية وقاية النباتات ، وبالتالي فإن تدخل المجتمع المدني هو الوحيد الذي يؤطر الفلاحين كمؤسسة نالسيا للتنمية والبيئة والعمل الاجتماعي التي نظمت أياما تحسيسية حول هذه الآفة الجديدة . ومن خلال لقاءاتنا مع بعض الفلاحين سجلنا مدى الخوف الذي يسيطر على المتضررين فمنهم من استعان بمبيد حشري يتم خلطه بالنخالة ونشره قرب جذور النباتات، ومنهم من التجأ إلى رش مبيد حشري قبل غروب الشمس . السيد العربي بيوضي من دوار قبات يؤكد بأن هذه الديدان توجد بكميات كبيرة في عمق يتراوح ما بين 10 و 20 سنتمتر تحت الأرض وتنشط بالليل ، كما أكد لنا فلاح آخر من دوار أولاد عبد الله البحرية بأن قطاع محمد الخامس الذي يضم حوالي 130 قطعة أرضية مساحة كل واحدة 20 هكتارا قد دمرت الدودة محاصيلها الزراعية ، ويفضل الفلاحون أصحاب هذه الأراضي استبدال إعانات الدولة بتوفير الأدوية اللازمة لمواجهة هذه الآفة الخطيرة ، وحسب معطيات استقيناها من متخصصين فإن الدودة الليلية تنتشر في جميع أنحاء العالم ما عدا القطبين ويبلغ عدد أنواعها 5500 نوع تقريبا ، حيث تعيش هذه الديدان في التربة الخصبة داخل أنفاق ، وتخرج ليلا لتستكشف ما حولها وتعيش بالقرب من سطح التربية عند انخفاض درجة الحرارة ، وتبتعد عن السطح عند ارتفاع الحرارة ، وبعضها قادر على اختراق عدة أقدام تحت سطح التربة . إن هذه الآفة التي تهدد حقول الغرب كما تهدد أرزاق الفلاحين ، تستدعي تدخلا عاجلا وفعالا لإنقاذ الموسم الفلاحي من نكبة جديدة.