مناورات "شرقي 2025" بالمغرب تشعل فتيل أزمة جديدة بين الجزائر وفرنسا    الحزب الاشتراكي الموحد فرع تمارة يحيي اليوم الأممي للمرأة 8 مارس    تعيينات حكومية جديدة.. محمد خلفاوي كاتبا عاما لوزارة التعليم العالي    استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر.. حالة من الهوس المرضي الذي يعاني منه النظام الجزائري تجاه المغرب    مأساة الطفلة ملاك.. بالوعة قاتلة تُعيد فتح ملف الإهمال بالمغرب    بعد محاولات إنقاذ صعبة لساعات... السلطات تعثر على طفلة ابتلعتها قناة للصرف الصحي ببركان    حزم أمني ضد مروجي المفرقعات بطنجة.. مداهمات وتوقيفات في الأفق    أخنوش :انتقاء مستثمري الهيدروجين الأخضر يبشر بدينامية "واعدة" تنسجم مع رؤية جلالة الملك    رسميًا.. إعلان موعد إقامة بطولة كأس العرب 2025    بوريطة يؤكد أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب ودول مجلس التعاون في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية    أمن طنجة يحبط محاولة تهريب أزيد من خمسة أطنان من المخدرات بضواحي مولاي بوسلهام    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الخميس    "القسام" تلتزم باتفاق وقف الحرب    وكالة بيت مال القدس تواصل توزيع حصص الدعم الغذائي على أهالي القدس بمناسبة شهر رمضان    أسعار الخضر تواصل الارتفاع في شهر رمضان.. الفلفل يتجاوز 16 درهما والطماطم تستقر في 10 دراهم    المغرب يستضيف دوري دولي في "الفوتسال" بمشاركة أربع منتخبات    حملة مراقبة تغلق محلَّات تجارية في شفشاون وتحجز حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك    المغرب يشهد تساقطات مطرية مهمة في بعض مناطقه    سلسلة 'صلاح وفاتي' تتصدر المشهد على القناة الأولى وتحقق رقما قياسيا في نسبة المشاهدة    ممثل البنك الأوروبي للاستثمار يشيد بالتقدم الملحوظ للمغرب تحت قيادة جلالة الملك    بايتاس: 12 ألف منصب شغل مرتقب في منطقة التسريع الصناعي ببن جرير    مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    الفنان ابراهيم الأبيض يطل علينا باغنية "أسعد الأيام" في رمضان    مرصد: مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالمملكة تسجل 2,04 مليون ليلة مبيت    بايتاس يطمئن المغاربة بشأن مراقبة المواد الأساسية ويؤكد على الوفرة في المنتجات    على عتبة التسعين.. رحلة مع الشيخ عبد الرحمن الملحوني في دروب الحياة والثقافة والفن -06-    مانشستر يونايتد يدخل التنافس على خدمات نايف أكرد    "الفيفا" يدرس توسيع كأس العالم لكرة القدم لتضم 64 منتخبا    قمة الدول العربية الطارئة: ريادة مغربية واندحار جزائري    السلطات تمنع تنقل جماهير اتحاد طنجة نحو فاس لمؤازرة فريقها أمام "الماص"    جون ماري لوكليزيو.. في دواعي اللقاء المفترض بين الأدب والأنثربولوجيا    فصل تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان    تساقطات ثلجية وزخات مطرية قوية مرتقبة اليوم الخميس بعدد من مناطق المملكة    شركة لإيلون ماسك تفاوض المغرب لتوفير الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في الصحراء المغربية    الملك يهنئ رئيس غانا بالعيد الوطني    الكاف: إبراهيم دياز السلاح الفتاك لأسود الأطلس وريال مدريد!    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    قصص رمضانية...قصة الصبر على البلاء (فيديو)    سكينة درابيل: يجذبني عشق المسرح    توقعات نشاط قطاع البناء بالمغرب    السمنة تهدد صحة المغاربة .. أرقام مقلقة ودعوات إلى إجراءات عاجلة    "مرجع ثقافي يصعب تعويضه".. وفاة ابن تطوان الأستاذ مالك بنونة    الفاتنة شريفة وابن السرّاج    السعودية تدعم مغربية الصحراء وتعتبر مبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدا لهذا النزاع الإقليمي    كأس العرب قطر 2025 في فاتح ديسمبر    خبير يدعو إلى ضرورة أخذ الفئات المستهدفة للتلقيح تجنبا لعودة "بوحمرون"    تقارير تنفي اعتزال اللاعب المغربي زياش دوليا    بريظ: تسليم مروحيات أباتشي يشكل نقلة نوعية في مسار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة    اليابان.. قتيل وجريحان في انفجار بمصنع لقطع غيار السيارات    قمة أوروبية طارئة بمشاركة زيلينسكي على ضوء تغير الموقف الأمريكي بشأن أوكرانيا    الأمم المتحدة تحذر من قمع منهجي لنشطاء حقوق الإنسان في الجزائر    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    مسؤول يفسر أسباب انخفاض حالات الإصابة بفيروس الحصبة    مكملات غذائية تسبب أضرارًا صحية خطيرة: تحذير من الغرسنية الصمغية    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد القادر الحسيني ، قائد ومعركة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 15 - 05 - 2010

ولد في الربيع، واستشهد في الربيع. وبين ميلاده واستشهاده أربعون عاماً أمضاها مقاتلاً على جبهات كثيرة. وهذه السنوات الأربعون، على قلتها، تعدل مئات السنين في البطولة والعزة والمجد.
كان مولده في اسطمبول في 8 نيسان 1908، أي في السنة نفسها التي صار للعثمانين فيها دستور يمنحهم الحرية والمساواة. واستشهد في 8 نيسان 1948 وهو يدافع عن حرية شعبه.

في سيرة عبد القادر مجد لا يضاهى؛ فقد استشهد والده بعد إصابته، كما هو مسطور في تاريخ فلسطين الحديث، واستشهد هو على أبواب القدس، ثم استشهد ابنه فيصل في سبيل القدس. إنه لشعب جدير بالحرية حقاً، لأنه شعب يستشهد فيه الأب والابن والحفيد، ولا يتوقف نهر العطاء.
ولد عبد القادر في اسطمبول ومات في القدس. وهكذا ولد ابنه فيصل في المنفى الحجازي، ومات في الطريق إلى القدس، أي في الكويت التي عاد منها إلى مدينته ليدفن فيها رغم أنف الاحتلال. فقد أصرّت قوات الاحتلال على أن يدفن فيصل الحسيني في رام الله، ولم تسمح لعائلته بأن يدفن في مدينته. لكن نحو مئة ألف من الفلسطينيين اختطفوا الجثمان وساروا به بطرق ملتوية حتى تمكنوا من الوصول إلى مقبرة باب الحديد القريبة من المسجد الأقصى، وهناك أنزلوه في التراب إلى جانب والده وجده. إنهم مثل الأسماك الدهرية التي تعود في نهاية المطاف لتموت في أرضها الأولى، وفي منبتها البدئي.

عاش ملاحقاً في بلده، ومنفياً متنقلاً من بلد إلى بلد. فبعد إصابته الثانية في معركة بني نعيم الكبرى نقل إلى دمشق، لكنه لم يلبث أن تسلل سراً إلى بغداد التي كان الحاج أمين الحسيني قد وصلها من بيروت في سنة 1939 بعدما كان لجأ إليها في سنة 1937 بعد وقائع الثورة الكبرى في سنة 1936. وفي بغداد اعتقل بتهمة التخطيط في اغتيال فخري النشاشيبي أحد أعوان الانتداب الإنكليزي، ووضع في سجن معسكر الرشيد. وقد تدخل عدد من الملوك والرؤساء العرب لإطلاقه، ونجحت وساطة الملك عبد العزيز فأفرج عنه، وغادر إلى السعودية في سنة 1943 التي أقام فيها أقل من عامين، ثم سافر في سنة 1944 إلى ألمانيا وخضع لدورة في المتفجرات التي أتقنها اتقاناً تاماً.
حين أصدرت الأمم المتحدة قرار التقسيم في 29/11/1947، عاد إلى مصر ومنها انتقل سراً إلى فلسطين وراح يتصل برفاقه القدامى أمثال كامل عريقات وحسن سلامة وإبراهيم أبو دية ورشيد عريقات وعبد الحليم الجولان وبهجت أبو غربية وخليل منون وفوزي القطب وعبد الله العمري وهارون بن جازي وصبحي أبو جبارة وغيرهم، وتمكن من إعادة تكوين جيش الجهاد المقدس، وعين كامل عريقات نائباً له في قيادة الجيش، وشكل »فرقة التدمير« وكلف فوزي القطب بقيادتها. وبدأت الاستعدادات للعمليات العسكرية.
وضعت قيادة الهاغاناه خطة »نحشون«، وهي جزء من الخطة الشاملة »دالت«، لفك الحصار عن اليهود القاطنين في القدس. وبدأت تنفيذ هذه الخطة في 2/4/1948، وتمكنت من احتلال قرية القسطل، وهي قرية صغيرة، لكنها ذات أهمية استراتيجية ومعنوية؛ فقد كانت أول قرية عربية يحتلها الصهيونيون. وفي هذه الأثناء كان عبد القادر الحسيني في دمشق يحاول جاهداً الحصول على أسلحة كافية من اللجنة العسكرية التابعة لجامعة الدول العربية.
تجمعت قوات جيش الجهاد المقدس بقيادة كامل عريقات، نائب عبد القادر الحسيني، في منطقة قريبة من القسطل. وفي 4 نيسان 1948 بدأ الهجوم الذي استمر أياماً عدة متواصلة. وفي أثناء المعارك، وبالتحديد في 6 نيسان، أصيب كامل عريقات، فاضطربت معنويات المقاتلين، حتى عاد إبراهيم أبو دية، وأعاد جمع الصفوف وقادهم في هجوم جديد يعاونه عبد الحليم الجولاني. وفي 7 نيسان وصل عبد القادر من دمشق، وتوجه على الفور إلى ميدان المعركة، وتولى قيادة العمليات، وقسم قواته إلى أربع مجموعات يقودها كل من حافظ بركات وهارون بن جازي وإبراهيم أبو دية وعبد الله العمري، علاوة على مجموعات أخرى من المتطوعين يقودها كل من علي الموسوس وصبحي أبو جبارة وعبد الفتاح المزرعاوي. وبدأ الهجوم النهائي في ليلة 7 8 نيسان 1948، فأصيب إبراهيم أبو دية و16 من رجاله، الأمر الذي اضطر عبد القادر إلى الاندفاع بقواته لتعديل الموقف، فوقع في كمين يهودي وجرى تطويقه في أحد أحياء القرية.
عندما سمع المقاتلون في نواحي القدس أن عبد القادر الحسيني محاصر في القسطل هبت النجدات، وكان بينها مجموعات بقيادة عبد المجيد المدني وبهجت أبو غربية ومحمد عادل النجار ورشيد عريقات، وشنت هجوماً تمكن المقاتلون بعده من طرد القوات الصهيونية من القرية. لكنهم، في أثناء التمشيط، عثروا على عبد القادر شهيداً في أحد الشوارع. وكان لشيوع خبر استشهاده وقع أليم في صفوف المقاتلين والناس الذين انشغلوا بتشييعه. وقد عاد رشيد عريقات مع مقاتليه إلى موقعه الأصلي في القدس، وبقي عبد الحليم الجولاني في القسطل حتى اليوم التالي ثم انسحب. وقد استغلت الهاغاناه هذا الوضع وشنت هجوماً على القرية وأعادت احتلالها في 9/4/1948 وتشبثت بها.

كان غسان كنفاني يعلم ابنه فايز الرسم بالكلمات، فيرسم له حرف الصاد في صورة صوص، والعين عصفور... وهكذا. وكان عبد القادر الحسيني يرش الفوسفور على كتب ابنه فيصل، ويزين دفاتره بهذا المعدن البارودي المتفجر، فتصبح الحروف لامعة في الظلام.
استشهد غسان كنفاني بعد عبد القادر الحسيني بأربع وعشرين سنة. لكن الاثنين علّمانا فن العودة بالقراءة المتوهجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.