حث الشيخ حسن نصر الله زعيم حزب الله الفلسطينيين على ألا يتخلوا عن العمليات الفدائية من أجل إجبار "إسرائيل" على الاستجابة لمطالبهم بقيام دولتهم المستقلة، وقال نصر الله في الاحتفال الكبير الذي أقامه حزب الله بمناسبة عيد المقاومة والتحرير وذكرى المولد النبوي الشريف أن المقاومة الفلسطينية التي مضى عليها عامان حققت ما لم تفعله الدول العربية في 50 عاما داعيا إلى منحها وقتا. وأضاف أن حرب الاستنزاف التي شنها حزب الله أجبرت إسرائيل على إنهاء احتلالها لجنوب لبنان الذي استمر 22 عاما.
باسمه تعالى كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الاحتفال الكبير الذي أقامه حزب الله بمناسبة عيد المقاومة والتحرير وذكرى المولد النبوي الشريف في ملعب الراية منطقة الصفير في 23-5-2002
أعوذ بالله من الشيطن الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وشفيع ذنوبنا وحبيب قلوبنا ابو القاسم محمد بن عبدالله (ص) وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الاخيار المنتجبين وعلى جميع الانبياء والمرسلين والشهداء والمجاهدين في سبيل الله منذ آدم الى قيام يوم الدين. السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا خاتم النبيين السلام عليك يا محمد بن عبدالله. أشهد يا مولاي انك قد بلغت ررسالات ربك ونصحت لأمتك وجاهدت في سبيل الله وعبدت الله حتى اتاك اليقين الحمدلله الذي استنقذنا بك من الشرك والضلالة اللهم اجعل صلواتك وصلواة ملائكتك المقربين وانبيائلك المرسلين وعبادك الصالحين واهل السموات والارضين ومن سبح لك يا رب العالمين من الاولين والاخرين على محمد عبدك ورسولك ونبيك وامينك ونجيك وحبيبك وصفيلك وخاصتك وصفوتك وخيرتك من خلالقك اللهم اعطه الدرجة الرفيعة وآية الوسيلة من الجنة وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الاولون والاخرون السلام عليكم جميعا ورمة الله وبركاته. ومباركة لكم جميعا هذه الأعياد وهذه الايام الجليلة والعظيمة والكريمة والعزيزة. اننا في هذا اليوم في اجواء ذكرى ولادة رسول الله الاعظم سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد r. اننا في هذا اليوم في أجواء ذكرى ولادة رسول الله الاعظم، سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد r، وفي أجواء عيد المقاومة والتحرير في لبنان نفتخر بوجودكم معنا هنا، السادة الوزراء، السادة العلماء، السادة النواب، الاحزاب اللبنانية، الفصائل الفلسطينية ، الأخوة والاخوات، عوائل الشهداء، عوائل الاسرى، الأخوة والأخوات من الأسرى المحررين والجرحى، المجاهدون، أصحاب الفضل الكبير، وعلى وجه الخصوص، اننا في هذا اليوم نعتزّ ونفتخر بحضور كريمة إمامنا العظيم الراحل الامام روح الله الموسوي الخميني (قده) بيننا، هذا الامام الذي له علينا وعلى المسلمين جميعاً فضل عظيم وجليل وكبير، هذا الامام الذي كان وما زال مرشدنا وقائدنا وهادينا وملهمنا على طريق الاسلام والعزة والشرف والكرامة والجهاد، وعلى طريق العشق والطهارة والورع والتقوى وحب لقاء الله.. باسمكم جميعاً أرحب بالاخت العزيزة الدكتورة زهراء الخميني المصطفوي والاخوة في الوفد المرافق لها من جمعية الدفاع عن فلسطين، ونجدد تبريكنا في هذه الايام العزيزة كما قلت، وإن كان لم يُتح لشعوب منطقتنا وأمتنا منذ اكثر من خمسين سنة ان يكون لها أعياد تفرح بها، حتى ما يمكن ان نسميه اعياداً، اعياداً دينية او سياسية او جهادية او وطنية للاسف الشديد منذ اكثر من خمسين سنة لا نعرف الفرحة ولا البسمة، هذه الاعياد مخلوطة بالدمعة وبالحزن والاسى بسبب الكارثة التاريخية التي حلت بهذه الامة عند قيام "دولة اسرائيل"، هذه الغدة السرطانية التي زرعت في هذه المنطقة وجاءت معها كل الجرائم والمجازر والتهديدات والمخاطر التي تسيل في كل يوم، وأمام ما يتعرض له دائماً وخصوصاً في الاشهر الاخيرة شعبنا المجاهد العزيز في فلسطين، لا يبقى للفرح مكان ولا للبسمة محل، حتى العيد يلبس ثوب السواد، ولكن بالارادة والعزم ان شاء الله، وبالدماء والدموع سنصنع الابتسامات، الابتسامات الحقيقية وليست المزيفة، سنرفع الرؤوس والهامات، الكرامة الحقيقية وليست الكرامة المزيفة التي سرعان ما تنكشف حقيقتها، وبالدموع وبالدماء سنصنع الحرية والتحرير في الارض والمقدسات، التحرير الحقيقي والواقعي وليس وهم التحرير الذي يسقط امام أول امتحان، فإذا بالارض المحررة تتحول الى معازل يملك العدو الصهيوني وحده مفاتيحها ومغاليقها، بهذا العزم وبهذه الارادة يصبح للعيد معنى حقيقي بعيداً عن الابتسام والفرح والحزن والدموع". يصبح للعيد معنى الاستلهام، معنى التأسي، معنى الافتداء والتعلم، معنى استحضار التاريخ والقيم وكل ما هو مجيد في امتنا وتاريخنا وثقافتنا، ومن التزامن المبارك في هذا العام ان يقترن عام التحرير، عيد الانتصار، بأجواء الذكرى العطرة لولادة الرسول rليؤكد عميق الصلة بين المقاومة وتلك الولادة. الحقيقة ان هذه المقاومة التي انتصرت في لبنان ما هي الا شعاع من أنوار تلك الشمس المحمدية العظيمة الخالدة التي ملأت الوجود نوراً وعلماً وحباً ورحمة وكرامة وإنسانية، نقف في ذكرى الولادة وننطلق بعدها لذكرى التحرير". في ذكرى الولادة، نستعيد ولو باختصار تلك المرحلة، ولد رسول الله (ص) في العام المعروف بعام الفيل، العام الذي هاجم فيه أبرهة بجيشه الضخم يتقدمهم فيل عظيم وبإمكانات كبيرة وضخمة أيضاً، هاجم مناطق شاسعة من شبه الجزيرة العربية، وقصد مكة وكانت مكة هي الهدف، ليقتلع الكعبة هناك ويحطمها، وينقل احجارها، وهرب العرب، القبائل، اصحاب الفروسية والشجاعة والشعر والمعلقات، انهزموا جميعاً امام جيش أبرهة، وتركوا البيت لربه، وللبيت رب يحميه. في ذاك العام الذي حمى الله فيه بيته، في ذاك العام الذي تخلى الناس عن بيت الله وتركوه لقدره، في ذاك العام الذي تجلى فيه النصر الالهي المبين الواضح المنصوص في كل كتب التاريخ والذي جاء القرآن فيه واضحاً جلياً، ولد رسول الله، وفي هذا عبر وحكم، ولعل من حكمة هذا أن يولد المنقذ في العام الذي عبّر فيه شعب ذلك الزمن عن غاية ونهاية ضعفهم وهوانهم وذلهم واستكانتهم وتمزقهم وضياعهم الى الحد الذي لم يقفوا فيه ليدافعوا عن أقدس ما لديهم في شبه الجزيرة العربية. يعني في زمن اليأس، في زمن الضعف، والاحباط، في زمن الضياع ولد هذا الأمل والنور، وفي الحقيقة أن يوم ولادة محمد بن عبد الله (ص)، يوم مبعث محمد بن عبد الله، من أعظم الأيام في تاريخ البشرية الى قيام الساعة. لو عدنا قليلاً ايضاً باختصار الى تلك المرحلة، لنتحدث كما يتحدث الناس اليوم في وصف حال هذه الأمة، لنرَ كيف كان عليه حال هذه الأمة، أو حال الناس في شبه الجزيرة العربية حيث بُعث رسول الله (ص)، وحيث ولد، فاننا من الناحية الثقافية نجد قبائل وأناساً أميين لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، جهل مطلق، ليس لديهم نصيب من الحضارة، أو العلوم، أو الفنون، إنما كان هناك قليل من الناس، وقليل من المعلقات، بمعزل عما اذا كان هذا شعر عرفان أو داحس وغبراء، وقليل من الشهامة والكرامة وشعوذات، ويقول بعض المؤرخين الكبار انه بين العرب جميعاً عندما ولد رسول الله (ص) لم يكن هناك سوى سبعة عشر رجلاً يتقنون القراءة فقط. أما على المستوى العقائدي فيكفي ان نقول انهم انحرفوا عن حنيفية النبي ابراهيم (ع) ولم يتبعوا لا موسى ولا عيسى عليهما السلام، وكانوا يعبدون أصناماً يصنعونها بأيديهم، من الحجر أو الخشب، وأحياناً كانوا يصنعون أصناماً من التمر حتى اذا جاعوا في زمن المجاعة أكلوا أصنامهم (...) هذه كانت عقيدتهم ، فكانوا يقولون انهم يتقربون الى الله سبحانه وتعالى بعبادة هذه الأصنام التي كانت لا تملك لنفسها لا نفعاً ولا ضراً ولا حياة ولا نشوراً. أما على المستوى الاجتماعي فهناك معضلة في الغنى والترف ومعضلة أخرى في القتل والثقافة والمسكنة، وأيضاً احتقار للمرأة، وامتهان لها وعدم الاعتراف بأي حق من حقوقها وصولاً الى اعتبار ان وجودها عار على ابيها فيعالج العار بوأدها في التراب، واذا اردتم ان تكتشفوا قسوة وغلظة قلوب اولئك الناس في ذاك الزمن، فان أوضح دليل على قسوة الانسان وانعدام العاطفة، وغياب أي شعور انساني في انسان، هو أن يحمل ابنته هو وليس ابنة غيره، وهي في أيامها الاولى ليدسها في التراب، هذا هو الوضع الاجتماعي، هذا هو مستوى المشاعر الانسانية الضحلة، القاسية، المتوحشة، ما يدل على غياب الكثير من القيم الاخلاقية الشريفة، وعلى الغلظة والقسوة، حتى ما كنا نتغنى به من شجاعة وفروسية .. إن بطولات العرب كانت بينهم، بين قبائلهم وعشائرهم، من أجل بيت من الشعر فيه غزل لفتاة من قبيلة اخرى، أو فيه هجاء لشيخ عشيرة أخرى كانت تقوم الحروب لسنوات طوال، من اجل جدول ماء أو شجرة خضراء، اسمحوا لي ان أقول من أجل "غنمة او معزاية" كانت تقوم الحرب ولا تقعد، أما من أجل مقدساتهم فكانوا يهربون الى الجبال، "وللبيت رب يحميه". على المستوى السياسي لم يكن لهم أي كيان سياسي، مجموعة من القبائل والعشائر المتناحرة التي لا تلتقي على أمر، ولم يكن للشعب في شبه الجزيرة العربية أي تأثير في مجريات احداث التاريخ، أي أنه بالتعبير المعاصر لم يكن لهم أي دور اقليمي او عالمي او دولي، كانوا "غائبين عن السمع" ، تتقاتل الجيوش على ارضهم، اما هم لا يملكون لموقفهم كياناً ولا وجوداً ، الهمّ المسيطر في أفراد القبيلة وفي شيخ القبيلة هو همّ الشخص، أو همّ قبليّ في غاية الأحوال، أما ما نسميه اليوم بالهمّ الوطني والقومي أو الهمّ الاممي او الانساني فلم يكن له مكان أو عمل" . ان الطبقات الفقيرة والمستضعفة والمسحوقة كانت في يأس مطبق، ولا تجد لها أي أثر، أو أي أمل في المستقبل، لأن الأوضاع كانت تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، في هذا المجتمع الذي يكفي في توصيفه، أنه الجاهلية الاولى، ولد محمد بن عبد الله (ص) وعاش بينهم قبل البعثة اربعين سنة، يعرفونه بينهم بكل ما هو حميد ومجيد من الصفات العالية حتى عرف بالصادق الأمين، ثم جاءهم عن الله تعالى بالآيات وأخبار السماء، وأفاض عليهم من العلوم ما يؤكد كل هذا، لم يكن من عندياته، فهو الذي ولد في مجتمع جاهلي أمّي لا حضارة ولا ثقافة ولا علم ولا معرفة فيه، بالحقيقة ان وجود هذا الشخص في هذا المجتمع وفي هؤلاء القوم، وهو يمتلك هذه المواصفات الانسانية والعرفانية الراقية والعظيمة جداً يعتبر بحد ذاته معجزة الهية. واستطاع رسول الله (ص) بعد جهاد طويل ان يخرجهم من الظلمات الى النور، وأن يحدث تغييراً هائلاً في المفاهيم والمعتقدات والاخلاق والقيم والعادات والتقاليد، وفي مدة زمنية ضيقة نسبياً ، واستطاع ان يبني لهم كياناً سياسياً قوياً، وأن يصنع منهم أمة دخلت التاريخ من بابه الواسع، وكان لها حضورها العظيم وما زال لها هذا الحضور في العالم، والأهم، بل الأعظم أيضاً ان هذا الرسول الذي صنع لهذه الأمة حضورها العظيم أخبرها ان مستقبل العالم هو مستقبلها هي، وأن رجلاً من أحفاده ايضاً اسمه محمد سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وفساداً وجوراً. ان هذه الأمة العظيمة بتاريخها وقدراتها وحضاراتها وثقافتها ودينها بدأت برجل واحد ولد في مثل هذه الأيام اسمه محمد بن عبد الله (ص). ان سيرة هذا الرسول العظيم وكلماته ما زالت حاضرة فينا، وماثلة أمامنا، بالامتثال والاقتداء بها نستطيع ان نخرج من كل ما نحن فيه، ولكم في رسول الله أسوة حسنة، المهم أن نمشي في دربه وأن نعرف دربه لنمشي فيه، المهم ان نقتدي به، أن نتأسى به، أن نأخذ من محمد كل ما قدمه محمد وليس بعض ما قدمه محمد، أن لا نكون انتقائيين مع الرجل الذي صنع هذه الأمة العظيمة". اليوم عندما نقف في عيد المقاومة والتحرير، نقف عند واحدة من ثمرات ونتاجات هذا الاقتداء، وهذا التأسي، وهذا الالتزام بهذا الرسول العظيم والمبارك. هذه المقاومة الاسلامية التي كانت فصيلاً أساسياً الى جانب بقية فصائل المقاومة في لبنان، والجميع قدموا تضحيات وجهوداً مباركة، هذه المقاومة الاسلامية بالتحديد استلهمت فكرها وثقافتها وإرادتها وإيمانها وخطها وأملها وأفقها وثقتها بالمستقبل من هذا الرجل المولود في هذه الأيام ومن دينه. لأن الاسلام الذي جاء به محمد (ص)، لأن الاسلام قدم لنا رؤية واضحة عن هذه الحياة التي نعيش فيها، ولأن الاسلام ربّانا على الكرامة والعزة ورفض الذل وإباء الضيم، ولأن الاسلام لا يرضى لنا ان نكون مستضعفين في الأرض يتخطفنا الناس من حولنا، وفي الحديث عن رسول الله (ص) "ان الله فوّض للمؤمن جميع أموره ولم يفوّض اليه أن يكون ذليلاً"، لأن الاسلام يعرفنا مكانة الانسان عند الله وحرمة دم الانسان وعرض الانسان وكرامة الانسان ومال الانسان، لأن الاسلام علمنا ان نحب وطننا. مشتبه من يتصور ان هناك تضاداّ أو تناقضاّ بين الانتماء الى الاسلام وبين ان انتمي الى وطني وأن أحب وطني أو أحب شعبي أو أحب قومي أو أحب أهلي. الاسلام علمنا ان نحب وطننا وأرضنا وقومنا وشعبنا والناس من حولنا، وأن ندافع عنهم وأن ننتصر لهم عندما يظلمون او يصابون بالحيف او يعتدى عليهم . لأن الاسلام على طريق الجهاد وحبب الينا الشهادة كانت هذه المقاومة الاسلامية في لبنان ثمرة هذه الثقافة، وهذه التربية وهذه المعرفة وهذا الايمان. اريد ان اتحدث عن فلسطين أكثر مما أتحدث عن لبنان، فلو أتينا الى هذا الانتصار سنجد ان قاعدته الاساسية لا تكمن في معادلة السلاح الذي نملكه ويملكه عدونا ولا في العدد ولا في العدّة. اليوم بعض الذين يتحدثون عن المقاومة الاسلامية في لبنان انها كانت تملك السلاح وكانت تملك كذا وكذا، يتحدثون كأنهم يتحدثون عن قوة نووية، بالرغم من أن أسلحة هذه المقاومة كانت متواضعة جداً اذا ما قيست بترسانة السلاح التي يملكها الجيش الاسرائيلي، الأمور ليست قابلة للمقايسة لا في السلاح ولا في العدّة ولا في العدد ولا في الامكانات المادية ولا في حجم التأييد الدولي او الاقليمي او الشعبي . إن قاعدة الانتصار الأساسية كانت في الثقافة المتبادلة، هناك نقطة معنوية بالتحديد، وهذا هو السلاح الذي نعيد صياغته او نعيد صوته وصورته الى الأذهان والى القلوب في هذه الأيام التي خرج فيها الكثيرون على الفضائيات العربية ليثبطوا وليهدوا العزائم وليمارسوا ثقافة التيئيس ونشر الاحباط بين الناس. هذا ليس جديداً عليكم، عشتموه عشرين سنة، إن قاعدة الانتصار الاساسية كانت ان الذين يعشقون الموت هزموا الذين يهابون الموت، ان الذين يرون في الموت والشهادة طريقاً الى الحياة الخالدة هزموا الذين يرون في الموت فناءً وضياعاً.
هنا عظمة الاسلام، هنا عظمة ما جاء به محمد (ص) الذي يعلمنا كيف نصنع الحياة بالعلم ونصنع الحياة بالمعرفة، كيف نصنع الحياة بالقدرة، كيف نصنع الحياة بالغنى، كيف نصنع الحياة بالثروة، ولكنه جاء ليعلمنا ان نصنع الحياة حتى بالموت، البعض الذي يأخذ على المقاومة في لبنان، والمقاومة في فلسطين وعلى حركات المقاومة عموماً، انكم لا تملكون الا ثقافة الموت، أنا أقول لهم، نحن الذين نملك الحياة، انتم الذين يملكون ثقافة الموت، لأن الأمة التي تنتهك مقدساتها ولا تحرك ساكناً، لأن الامة التي تنتهك اعراض نسائها ولا تتحرك فيها المشاعر هي أمة ميتة، وان كانت تأكل وتشرب نعم، نحن بالموت نصنع الحياة، ان الصحابة الاوائل مع رسول الله (ص) الذين سقطوا في مكة تحت سياط التعذيب والذين سقطوا في بدر وأحد وحنين والذين استشهدوا بين يدي رسول الله أهدوا بدمائهم وبموتهم الحياة للعرب وللبشرية وللأجيال بعد الأجيال لقيام الساعة، ماذا كان يمكن ان تكون عليه الأمة والاجيال لو أن اولئك الأوائل سلموا محمداً لأبي جهل وأبي سفيان ليسفكا دمه، كل الامم عبر التاريخ التي كانت جديرة بالحياة الكريمة العزيزة، كانت تصنع ذلك بالموت، وهذا ما علمنا اياه رسول الله(ص) وهذا هو خط المقاومة، وثقافة المقاومة، في لبنان وفلسطين، هذا السلاح الوحيد الذي نملكه، والذي هو صنع محلي ووطني وقومي ومن ارضنا وتراثنا وتاريخنا، هذا السلاح ليس مكتوباً عليه صنع في اميركا ولا في روسيا ولا في أي بلد في العالم. هذا السلاح لم يصنعه لا كلاشينكوف ولا دكتريوف، هذا السلاح صنع في مكة وفي المدينةالمنورة، وصنعه محمد بن عبد الله العربي الهاشمي القرشي، الرسول المبعوث رحمة للعالمين، السلاح الذي يعلمنا ان نفتدي امتنا واهلنا وشعوبنا ومقدساتنا بدمائنا وبدماء أولادنا وأحبائنا لكي يعيش هؤلاء بعزة وكرامة وبشرف. هذا السلاح، سلاح عشق الشهادة، سلاح التضحية، سلاح الاستعداد للموت، لا يمكن ان ينزعه منا أحد، يمكن ان يحاصروا البحر والسماء فيمنعوا وصول السلاح الينا والى الفلسطينيين، يمكنهم ان يضغطوا على الدول والحكومات، يمكنهم ان يجففوا مصادر الأموال، يمكنهم ان يوظفوا كل وسائل الاعلام، وكل الحكام وكل اجهزة الاستخبارات، يمكنهم ان يأخذوا منا أي شيء، ولكن لا يمكنهم ان يأخذوا منا ايماناً في اعماقنا وثقافة نحملها. ثقافة الاستشهاد هي أقوى سلاح، ما يملكه الفلسطيني اليوم، هو هذا السلاح، الذي لا يمكن ان ينتزعه أحد، والذي لا يمكن ان يغلبه أحد، هذا السلاح لا نستورده ولسنا بحاجة الى خبراء ولا مستشارين، نحن خبراؤه ومستشاروه وعارفوه، ونحن ابناؤه توارثناه جيلاً عن جيل، وبالتالي هنا سر قوتنا. الغالبية العظمى في العالم اليوم، تريد ان تنتزع هذا السلاح من الفلسطينيين ومنا، ومن امتنا، ترى لماذا هذا الاصرار الاميركي من شخص بوش، كل زعيم عربي يذهب الى واشنطن، يجب ان يدين الارهاب، يجب ان يدين العمليات الاستشهادية، لماذا هذا الاصرار على وصف العمليات الاستشهادية بالارهاب، لماذا هذه الحرب العالمية على العمليات الاستشهادية ، لو كان هذا السلاح متواضعاً لما احتاج لحرب عالمية عليه ، هناك اليوم حرب عالمية وإقليمية ومحلية على هذا السلاح. أي سلاح، ان شاباً او شابة في فلسطين تريد ان تصنع لشعبها الحياة تريد ان تعيد لاطفالها الايتام البسمة من خلال الشهادة. يريدون نزع هذا السلاح، هذه حرب عالمية تشن اليوم، بالمال والاعلام، بالضغط السياسي، بالتهويل بالاوصاف المشينة". هنا اريد ان اقف عند بعض النقاط وأصل من خلالها الى واقع المواجهة الان مع العدو الصهيوني حيث الجهد ينصب على انهاء العمليات الاستشهادية. أولاً: محاصرة العمليات الاستشهادية دينياً وفقهياً. اليوم كل شاب فلسطيني، سواء كان ينتمي الى فصيل إسلامي أو وطني، مهما كانت الخلفية العقائدية للفصيل سابقاً، نجد في وصيته أنه ذاهب ليستشهد في سبيل الله، في الحقيقة، هؤلاء ينطلقون الى الله، الى ما وعد به هؤلاء الشهداء. عندما نأتي لنقول له هذا حرام، هذا انتحار، وهذا معصية، هذا قتل للنفس المحترمة، فان هذا الشاب لن يتحرك خطوة واحدة ولن يستطيع أحد أن يحركه خطوة واحدة الى الأمام. عندما نخاطبه باسم الله والأنبياء والرسل والكتب المقدسة والفقه والدين، ونقول له هذا حرام، حنيئذٍ سنعطل العمليات الاستشهادية. ولذلك هناك سعي دؤوب لاستصدار فتاوى بتحريم الأعمال الاستشهادية، وللأسف الشديد، أن بعض المفتين وقع في "حيص بيص" في هذه المسألة، ففي يوم يفتي بتحريم العمليات الاستشهادية وعندما تتغير بعض الظروف يفتي بحلية هذه العمليات، ثم يعود ليفتي بحرمة العمليات. لكن هذا الأمر لن يجديهم نفعاً، لأن الذين أقدموا على إصدار فتاوى التحريم معروفون في وسط المسلمين والشباب الإسلامي، وخصوصاً أبناء الحركة الإسلامية، بأنهم فقهاء السلاطين. الفقيه الذي يفتي على هوى السلطان ورغبة الحاكم وليس على ضوء الكتاب والسنّة، هذا الفقيه لا يعبر عن رأي الدين بشيء. وهنا دائماً نحن مدعوون عندما نريد أن نعرف حكم الإسلام لأن نبحث عن الفقهاء العدول المخلصين، الأتقياء الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً سواه، والذين لا يخافون في الله لومة لائم. وهؤلاء الفقهاء الحمد الله هم كثر في عالمنا الإسلامي في أوساط العلماء الشيعة والسنّة وبقية المذاهب الإسلامية. أما علماء السلاطين فهم مفضوحون ومكشوفون على كل حال، وأنا أؤكد أنه لن يستطيع أحد أن يحاصر العمليات الاستشهادية على المستوى الفقهي والديني. ثانياً: تقديم العمليات الاستشهادية في فلسطين سياسياً على أنها تؤدي الى تخريب وتدمير شوفوا هالمزحة المشروع الوطني الفلسطيني. هذا أكبر تزوير يمارسه اليوم بعض المسؤولين الفلسطينيين وبعض الجهات السياسية والإعلامية، ولاحظوا طوال التاريخ كانت المقاومة والكفاح المسلح هو الطريق لقيام مشروع وطني.. لهذا الشعب أو لذاك الشعب، كان هو الطريق للتحرير والحرية واستعادة الذات. إلا في فلسطين، المقاومة تخرب المشروع الوطني. هل يعقل هذا؟ هل يقبل هذا؟ إذاً ما هو مشروعكم الوطني الذي تخربه المقاومة في فلسطين؟ هل المشروع الوطني هو إقامة الدولة؟ أين هي الدولة التي خربتها المقاومة؟ وللأسف يأتي هذا الكلام في الوقت الذي يجمع فيه حزب الليكود على رفض إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن. ثم يقولون إن المقاومة تخرب المشروع الوطني الفلسطيني. إذا كان مشروع إقامة دولة هو المشروع الوطني الفلسطيني فلن يتحقق إلا من خلال المقاومة، هل حققت لكم عشر سنوات وأكثر من المفاوضات دولة؟ أبداً. حققت لكم مجموعة من المعازل المغلقة التي يملك الصهاينة مفاتيحها ومغاليقها. المشروع الوطني الفلسطيني ما هو؟ هل هو مشروع تحرير الأرض، المقاومة هي التي تحرر الأرض. المقاومة هي التي تفرض على "إسرائيل" أن تعطيكم دولة. المقاومة هي التي ستجعل هؤلاء الصهاينة يخضعون لشروطكم. نعم إلا إذا كان المشروع الوطني الفلسطيني عبارة عن تحكم بعض النافذين وبعض المستفيدين من أجواء الصلح والتطبيع مع "إسرائيل". فهذا ليس مشروعاً وطنياً. هذه مشاريع شخصية. المشروع الوطني الفلسطيني تخدمه المقاومة. تماماً كما كان يقال في لبنان المقاومة ستخرب قيام وطن في لبنان، ولكن ماذا كانت النتيجة. النقطة الثالثة: التشكيك بجدوى المقاومة. هذه لهجة أخف. ليس أنها تخرب المشروع الوطني الفلسطيني. التشكيك بجدوى المقاومة. يقولون : لماذا كل هذه الدماء وكل هذه التضحيات بلا طائل وبلا نتيجة، تعقلوا أيها الفلسطينيون إقرأوا الواقع، انزلوا الى الأرض إنكم تحلمون، هذا كله قيل في لبنان. من العام 82، عودوا الى الصحف في العام 2000، كان هناك من يناقش جدوى المقاومة. والبعض الذي لم يعد يناقش، أنهى نقاشه في عام 99 و2000 عندما لاحت علامات الانتصار، ولكن النتيجة أن المقاومة كانت مجدية في لبنان وكان الانتصار. يردّون علينا فيقولون. ظروف لبنان مختلفة عن ظروف فلسطين، قد تختلف بعض الظروف ولكن هناك حقائق واحدة وظروف واحدة. بل إن المقاومة في فلسطين بالرغم من أنها تملك سلاحاً متواضعاً، أكثر تواضعاً من سلاح المقاومة في لبنان. لأنها مقاومة في داخل كيان العدو ، هي أقدر من المقاومة اللبنانية على صنع الانتصار وفي وقت قصير. في الحد الأدنى أيها الأخوة. المقاومة الفعلية الجدية، عمرها هذه الانتفاضة، مقاومة مؤثرة وفاعلة. لماذا تحكمون على المقاومة بسرعة، فاوضتم عشر سنوات. أقل ما هناك أعطوا المقاومة عشر سنوات. لماذا يريد البعض أن يحكم على المقاومة في فلسطين خلال سنة وثمانية أشهر وخلال سنتين. مع العلم أن المقاومة في فلسطين خلال سنتين، كنت أقول انها حققت ما لم تحققه المقاومة اللبنانية في سنوات، وأنا أقول لكم من خلال قراءة متجددة للآثار العظيمة التي تركتها الانتفاضة على كيان العدو ومجتمع العدو واقتصاد العدو وأمن العدو ومستقبل هذا الكيان، إن المقاومة الفلسطينية خلال سنتين فعلت في ركائز هذا الكيان ما لم يفعله كل العرب خلال خمسين سنة. أعطوها قليلاً من الوقت، لماذا الاستعجال، لماذا تحكمون بالفشل. وتيئسون الناس. أنتم ماذا حققتم. عشر سنوات مفاوضات وذل وهوان وتنازل وشروط، الى أين وصلنا. إذاً لا يجوز أن يصغي أحد لهذا النقاش وأنا أسأل: دلوني على شعب في العالم حرّر أرضه بسنة أو سنتين. طبيعة المقاومة الشعبية أنها بحاجة الى الزمن. أعطوها هذا الزمن. رابعاً: محاولة مصادرة العمليات الاستشهادية في فلسطين من خلال مغالطة خطيرة، وأعتقد أننا في حزب الله أولى الناس بأن نتحدث عن هذه المغالطة الخطيرة ، وهي حكاية تفاهم نيسان، يقولون : أيها الفلسطينيون، تعالوا لنجري "تفاهم نيسان" فلسطينياً، كما كان هناك تفاهم نيسان لبناني. يبدو أن الموضة اللبنانية تمشي، تفاهم نيسان فلسطيني، وطائف فلسطيني، وإن شاء الله تصيبهم العدوى ويكملون الى الآخر. رغم أن الشعب الفلسطيني هو الذي كان سباقاً في تعليم وتثبيت هذا النهج في المقاومة والعمليات الاستشهادية والجهاد والتضحيات. يقولون تفاهم نيسان فلسطيني، ولتتضح الفكرة علينا أن نقول ما هو تفاهم نيسان اللبناني أولاً. إنه ينص على أنه إذا أوقف الإسرائيليون الاعتداء على المدنيين اللبنانيين فان المقاومة في لبنان لا تقصف مستعمرات شمال فلسطين بالكاتيوشا. يقولون تعالوا لنقيم تفاهم نيسان فلسطينياً، وهذا يعني، ليس الكاتيوشا هي التي توضع في التفاهم، وإنما توضع العمليات الاستشهادية. إذا أوقف الإسرائيلي الاعتداء على المدنيين الفلسطينيين نحن نوقف العمليات الاستشهادية في فلسطين، وبالخصوص على المدنيين الإسرائيليين. هنا يوجد مغالطة كبيرة جداً. ويوجد قياس مع الفوارق الكبيرة جداً. أولاً وأهم شيء أنه في لبنان لم تكن الكاتيوشا كل المقاومة، لم تكن نصف المقاومة. لم تكن ربعها، المقاومة في لبنان كان لديها أسلحة متعددة وكان لديها خيارات: عمليات، كمائن ومواقع وعمليات استشهادية واقتحام معسكرات العدو، واغتيال قادة العدو، وكان الكاتيوشا جزءاً بسيطاً من عمل المقاومة. وأساساً دخل الكاتيوشا في المواجهة على إثر استشهاد قائدنا وأميننا العام وأستاذنا الشهيد السيد عباس الموسوي (رض) واستخدم كمعادلة، عندما وقفت الكاتيوشا في لبنان لم تقف المقاومة، بالعكس قويت المقاومة وتعاظمت المقاومة. إن تفاهم نيسان حمى المدنيين اللبنانيين، وحمى المقاومة المسلحة أيضاً، ولذلك استطاعت المقاومة بعد تفاهم نيسان ان تعمل بحرية في المناطق اللبنانية المحتلة، وان توجه ضربات قاسية للعدو، وكلكم يذكر كلام رئيس اركان جيش العدو في ذلك الحين أمنون شاحاك الذي قال "لقد حول تفاهم نيسان جنودنا وضباطنا الى اكياس رمل يلاكمها مقاتلو حزب الله" ، هذا تفاهم نيسان لبناني، أما عندما نأتي للشق الفلسطيني، فان العمليات الاستشهادية هي المقاومة، وهنا تكمن المغالطة، الكاتيوشا كان يشكل خمسة في المئة من المقاومة اللبنانية، أما العمليات الاستشهادية في فلسطين فهي المقاومة، بالحد الأدنى هي تسعون في المئة منها، هي سلاح المقاومة الفعّال في فلسطين، اذا عطلنا هذا السلاح بحجة حماية المدنيين الفلسطينيين، ماذا ستكون النتيجة؟ سيأمن الاسرائيليون والمدنيون الفلسطينيون، وتبقى فلسطين محتلة ويبقى العدو مستعلياً يفرض شروطه على الفلسطينيين وتنتهي المقاومة. إن من أهم مبادئ تفاهم نيسان هو انه يفتح الباب امام مشروعية المقاومة واستمرار المقاومة، اما تفاهم نيسان الفلسطيني فنهايته انهاء المقاومة والقضاء عليها وإسقاط سلاحها الفعّال، وهو العمل الاستشهادي، ولذلك نحن نريد ان نلفت، ونحذر من الوقوع في مغالطة من هذا النوع. خامساً: اشاعة اجواء اليأس والاحباط ووضع الشعب الفلسطيني أمام كل مشاكله وأزماته. الناس خارجون من عملية "السور الواقي"، قدموا الشهداء، تلقوا ضربات، المطلوب ان يصمد الفلسطينيون ويعطوا الاولوية لجمع صفوفهم ولتعزيز وحدتهم الوطنية، لترميم بنى المقاومة التي تأثرت بعملية "السور الواقي"، لتضميد جراحهم، بإعطاء أمل جديد، وأفق بمواصلة عملية التحرير حتى تحقيق الاستقلال وهذا ما كان يردده حتى بعض المسؤولين ، بدل هذا كله، اخذوا هذا الفلسطيني الجريح ووضعوه امام كل مشاكله دفعة واحدة، مشاكله السياسية، الاجتماعية، المعيشية، المالية، الاقتصادية، الادارية، الأمنية، وأرادوا ان يشغلوه بمشاكله هذه في الانتخابات والاصلاحات، في الهيكليات، هل سيغير هذا الأمر شيئاً في الواقع؟ أقول لا، وكأن هناك من يريد للفلسطينيين ان يقولوا له نحن هزمنا وعلينا ان نرتب أمورنا من جديد على قاعدة اننا مهزومون، هذا هو الذي يجري الآن ، هذا ما رفضه كل المجاهدون، وكل الفصائل الفلسطينية، لماذا هناك اصرار على اشاعة هذا اليأس وهذا الاحباط، والترقي بلغة ادانة العمليات والجهادية ورفضها وتكريهها للناس، وتقديمها بأبشع صورة، لم يقدمها للأسف حتى بوش بهذه الصورة البشعة". على كل حال، بالرغم من هذه المسائل الخمسة التي تحدثت عنها هنا أقول، الشعب الفلسطيني والمجاهدون في فلسطين هم اصحاب الرد، وهم ردّوا.. من المهم جداً ان نلتفت الى ان الذين نفذوا العمليات الاستشهادية النوعية، بعد انتهاء عملية "السور الواقي" لا ينتمون الى فصيل فلسطيني واحد، ولا ينتمون الى اتجاه فلسطيني واحد، وانما ينتمون الى مختلف الفصائل والاتجاهات الفلسطينية، وحتى عملية الأمس التي تبنتها "كتائب شهداء الاقصى" استنكرتها او لم تستنكرها السلطة، هذه هي ارادة الشرفاء في حركة فتح، التي تلتقي مع ارادة كل الشرفاء في كل الفصائل الفلسطينية، اقرأوا اليوم من جديد الصحافة الاسرائيلية بدأت ترتفع الأصواتالتي تقول نحن فاشلون ماذا فعلنا في الضفة، وهذا ما كنا نقوله حتى أثناء عملية السور الواقي، انا أذكر أثناء عملية السور الواقي قلت ان أول عملية استشهادية فلسطينية ستسقط اهداف شارون من الهجمة الشرسة التي قام بها, حصلت أول عملية استشهادية فخرج موفاز انظروا كم يهتمون بكلامنا، وهذه نعمة ليقول، لقد حصلت أول عملية استشهادية ولم تسقط أهداف شارون، كما وعد نصر الله، ليس المهم ان العملية الاولى ستكشف للاسرائيليين، ستقول للفلسطينيين، وللأميركيين ولأغلب الانظمة العربية ولفقهاء السلاطين ان هذا الاستشهادي الأول، لم يكن الأول ولن يكون الأخير، الرسالة التي حملتها العملية الاستشهادية هي التي كانت تبشر بكل العمليات التي جاءت بعدها وعملية الأمس. الفلسطينيون هنا ردّوا وسيتابعون الرد، ونحن على ثقة بأنهم اختاروا هذا الطريق وقدموا فيه من التضحيات وسيتابعون . نحن هنا في لبنان يجب ان نعرف وأن ندرك ان الانتصار الذي حصل هو ليس نهاية المطاف بل هو البداية، هو الخطوة الاولى على طريق النصر الحقيقي، ولن يكون هناك انتصار حقيقي ما دام هناك حبة رمل واحدة تحت الاحتلال، ما دام هناك أسير في السجون، ما دام هناك عدو يتهدد الدماء والكرامات والاعراض والأمن والحرية، ويجب ان نبقى مستعدين لهذه المعركة الطويلة. مع العدو الذي يستهدف الجميع ولن يرضى في هذه المنطقة لا الآن ولا في المستقبل ان يحتفظ أحد بأي من عناصر القوة، سواء كان نظاماً فهو يتهدد الانظمة التي ما زالت تمانع، ايران، سوريا، لبنان، قوى أخرى، القوى والأحزاب حتى الاشخاص وهو يتعقب كل عناصر القوة. عندما يتمكن من قتل اي قائد او كادر في فلسطين سيفعل، لن تحمي اتفاقيات أوسلو ولا اللجان الأمنية المشتركة ولا مساعدة وكالة المخابرات الاميركية قادة وكوادر الشعب الفلسطيني، ان كل شريف في فلسطين سيكون مستهدفاً ولن يحصل على الحصانة الأمنية.
الحصانة الأمنية في فلسطين تتنافى مع الشرف الوطني، والاسرائيليون يلاحقون اولئك القادة في كل ساحة وفي كل مكان، بالأمس هنا على أرضنا في بيروت استشهد قائد ميداني هو الأخ جهاد أحمد جبريل رحمة الله عليه، وهو أخ كريم، وشاب مجاهد ومناضل، نعرف جهاده ونضاله، وحضوره الميداني واهتمامه وعنايته، وتألمه على فلسطين، وحرصه الشديد على ان يفعل شيئاً، ان يقضي هنا شهيداً في أرضنا، هو رسالة لكل الذين يتصورون انهم يمكن ان يكونوا في مأمن وأنهم يمكن ان يكونوا بعيدين عن الاستهداف، في هذه المنطقة كل من يفكر ان يكون كريماً عزيزاً مرفوع الرأس هو هدف للصهاينة، والذين يُسمح لهم بالبقاء على قيد الحياة هم الاذلاء الضعفاء، الخانعون الذين لا يغيرون ولا يغيّرون لا بكلمة ولا بفعل، ان استشهاد الأخ جهاد هو علامة مضيئة في تاريخ المقاومة الفلسطينية والجهاد الفلسطيني الطويل وخصوصاً عندما يكون هذا الشهيد نجلاً للأمين العام لفصيل فلسطيني، اعني الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة الأخ أحمد جبريل، هذا له دلالات كبيرة، ولا أريد أن أحكي عن دلالاته لانني متهم شخصياً بهذا الموضوع، ماذا يعني ان يستشهد نجل الامين العام لفصيل بارز ومقاوم، غيري يتحدث عنه، لن أتحدث عنه. هم مستمرون في هذه السياسة، ويجب ان نقابلهم وأن نواجههم نحن بالمزيد من الثبات والقوة والحضور، خصوصاً في هذه المرحلة المصيرية حيث المسؤوليات كبيرة كما كان الحال في بداية الانتفاضة. اليوم بعد عملية "السور الواقي" لم يعد الخطر فقط هو الدبابات الاسرائيلية الزاحفة الى هذه المدينة او تلك المدينة، الأخطر هو ثقافة الهزيمة التي خرج من الانقاض بعض الحكام وبعض النخب لاشاعتها من جديد في وسط امتنا وخصوصاً في وسط الشعب الفلسطيني، وهنا فان مسؤولية الحكام المخلصين، والنخب السياسية والثقافية الصادقة في هذه الأمة كبيرة وعظيمة جداً. وأشار سماحته إلى الإتهامات الأميركية الأخيرة لحزب الله فقال: " ايها الاخوة والاخوات : نحن في حزب الله وأمام التصعيد الكلامي الاميركي الاخير الذي يتعلق بنا يجب في عيد المقاومة والتحرير ان نؤكد ثباتنا وجهوزيتنا والتزامنا بخطنا، بالأمس عاد الاميركيون ليتكلموا عن اجتماعات تضم تنظيم القاعدة وحماس وحزب الله، بالتأكيد لم تحصل اجتماعات من هذا النوع ولا نحتاج الى نفي هذه التهم، لانها تهم تافهة، ولكن زج هذه الاسماء بالتحديد هو لغرض استهدافها، لتقديم الصورة للاميركيين وللعالم ان مشكلتنا مع حزب الله أو حماس، أو أي فصيل فلسطيني آخر قد يضم الى هذه الاجتماعات الاميركية لاحقاً، ان المشكلة ان هؤلاء يشكلون تهديداً للولايات المتحدة الاميركية، ثم يأتي تصريح مسؤول كبير في الكونغرس الاميركي لعله رئيس لجنة الاستخبارات ليقول ان حزب الله في لبنان اليوم يشكل تهديداً أقوى من تهديد تنظيم القاعدة، لأمن الولاياتالمتحدة الاميركية.. وفي فترة لاحقة سيتهموننا بتهم لم يتهمونا بها بعد... كأن نكون نعمل لامتلاك اسلحة الدمار الشامل، هذه التهمة لم نصل اليها بعد، ما زلنا الآن بالتهم الصغيرة، سيأتي يوم ليقال لنا اننا نعمل لنأتي بأسلحة الدمار الشامل، الترويج لاتهامات مسيئة لسمعة حزب الله: تهريب مخدرات، تبييض اموال، وغير ذلك من هذه التفاهات ، ويعلم القاصي والداني أننا أطهر وأنظف من ان توجه لنا تهم من هذا النوع، لكن لتشويه هذه الصورة، اذاً الحقيقة أن هناك حركات للمقاومة مستهدفة في هذه المنطقة، وانا اقول لكم بكل هذه الصراحة، الاميركي يعرف انه يكذب عندما يتحدث عن حزب الله على أنه تهديد للأمن القومي للولايات المتحدة الاميركية، ولكن الاميركي يريد ان يغطي على الحقيقة، وهي ان المشكلة هي الامن الاسرائيلي وليست امن اميركا، فليقف اليوم حزب الله ويقول أنا لم يعد لي علاقة بقتال الاسرائيليين، فلن يعود حزب الله يمثل تهديداً لاميركا، لن يتهموه بالمخدرات، وبتبييض الأموال، سيصبح نظيفاً. إن اللبنانيين الذين يذهبون الى اميركا يسمعون التهديدات في آذانهم من بوش ورامسفيلد وكونداليزا رايس وامثالهم، وينقلون هذه الرسائل الى لبنان، بالنسبة الينا هذا لن يغير شيئاً، منذ اليوم الاول كنا نعرف من نعادي ومن نحارب، وفي اي طريق نمشي، والى أين نسير وما هو مصيرنا ومستقبلنا، وانا في عيد المقاومة والتحرير اعلن بالنيابة عن اخواني في حزب الله عن المجاهدين في المقاومة عن عوائل الشهداء والجرحى والاسرى، عن كل أخ وأخت في هذه المسيرة المباركة، ان كان الحاق الهزيمة بالعدو في لبنان جريمة، والوقوف الى جانب الفلسطيني جريمة يعاقب عليها النظام العالمي الجديد، فنحن نفتخر اننا مجرمون بهذه الجريمة وجاهزون للعقاب(...) تفضلوا وعاقبونا، بالتأكيد لن تجدوا هنا مكاناً للهزيمة، للاستسلام، ولا مكاناً للضعف ولا للوهن، نحن منذ البداية كان حلمنا كربلاء، فوصلنا الى النصر، واليوم أي تهديد يمكن ان يوجه الينا، أقصى ما يمكن ان يفعله بنا الاميركيون ما هو؟ وأقول هنا للفلسطينيين في مختلف الفصائل، ولاخواننا اللبنانيين في مختلف الأحزاب اللبنانية، ما هو اقصى ما يمكن ان يفعلوه بنا، ان يقتلوني او يقتلوك، ان يقتلوكِ، اذا كان بقاؤنا في هذه الحياة بقاءً ذليلاً مهيناً، اذا كان المطلوب كي نبقى على قيد الحياة، ان نسجد على اعتاب كونداليزا رايس ورامسفيلد وديك تشيني وذاك الغبي المجنون جورج بوش، بالتأكيد نحن نفضّل الموت ألف مرة على حياة من هذا النوع. ولكن هذا أقصى ما يمكن ان يصلوا به الينا، ولكن من قال ان الذي ينتظرنا نحن الموت، قد ينتظرنا النصر، اما الموت فينتظرهم هنا، ينتظرهم هم، نحن هنا في أرضنا في قرانا في سهولنا، وجبالنا وتلالنا، وبين اشجار الزيتون والأرز، والسنديان، نحن نعرف كيف نقاتل ومن نقاتل، انا لا اعدكم بالشهادة في معركة مع أي عدو، انا بكل ثقة اعدكم بالنصر في كل معركة مع أي عدو، ونحن جاهزون لهذا النصر، لا تحسبونا نائمين، غافلين ولا منشغلين بالتفاصيل التي ينشغل بها بعض الناس في لبنان، اننا نعرف جيداً الخطر المقبل على لبنان، على فلسطين وسوريا الاسد وايران الاسلام، على كل الشرفاء في هذه المنطقة، ونعرف ان هناك حرباً شاملة بالجملة وبالمفرق تخوضها الولاياتالمتحدة الاميركية ويجب ان نكون جاهزين بعد أشهر، أو بعد سنين، الأشهر والسنون ليست شيئاً، عندما نريد ان نتهيأ للدفاع عن انتصارنا وبلدنا وارضنا وامتنا وكرامتنا ووطننا ومقدساتنا، وندافع لننتصر لا لنموت ندافع لنلحق الهزيمة المذلة بالعدو، لا لنقتل بهذا الأفق، أفق الحالمين بالنصر، العاشقين للشهادة، الطامعين بالفوز. أقول لهم جميعاً ، لكل الذين يتهددوننا في العالم، نحن هنا، موجودون هنا، باقون هنا، ثابتون هنا، عاشقون للشهادة ابداً، موعودون بالنصر من الله عز وجل، دائماً لان الله تعالى مطلع على افئدتنا وقلوبنا، وهو الذي يعلم ان ليس في قلوبنا منافسة على سلطان ولا طلب لجاه، ولا طمع بحطام من حطام هذه الدنيا الفانية. اننا هنا لرضاه، للقرب منه، لطاعته، لرضوانه، للقتل في سبيله، وعندما يرى الله ما في افئدتنا سينزل علينا النصر وإن كنا قلة، وإن كانت هذه هي قدرات العدو وبهذا الحجم . بالصدق والثبات والصمود، والصبر والاخلاص، وعدم اليأس، سيأتي النصر حتى في لحظات التعب القاتل، واليأس الأخير "حتى اذا استيأس الرسل جاء نصرنا"، لا تيأسوا، ثقوا بالله عز وجل، الذي نصر نبيكم في بدر وحنين والذي نصركم في لبنان، يصنع النصر لكم في كل يوم في فلسطين. ان الضعفاء لا يريدون من فلسطين الا وجه المأساة، لماذا يغيب عنهم وجه المجد الذي صنعه الابطال في جنين، لماذا يغيب عنهم وجه البطولة والفروسية والشجاعة والقوة والعزة والشرف والاباء الذي يحمله كل استشهادي فلسطيني وينثره ورداً وأريجاً يتناثر مع اجزاء جسده وقطرات دمه الطاهرة. على هذا في عيد المقاومة والتحرير نبقى هنا نعرف خيارنا وطريقنا، ليس مشروع المؤتمر الدولي للسلام، او الاقليمي للسلام، تصوروا ماذا يمكن ان يتمخض عنه المؤتمر الذي اقترحه جزار صبرا وشاتيلا، وجنين ونابلس، والذي اقترحه هو الذي يحدد الاطراف التي تجيء والاطراف التي لا تحضر ومن يريد ان يحضر، هو الذي يجب ان يضع عليه الشروط (يضع ثمانية شروط على سوريا) واذا اراد ان يحضر الفلسطينيون فعلى شارون ان يوافق ان يختار مسبقاً من يمثل الفلسطيني. ان مؤتمراً دولياً او اقليمياً بمبادرة من شارون وشروط شارون لانعقاده، ما هي نتيجته وما هي المكاسب التي يمكن ان يحصل عليها الموافقون عليه؟ من المؤسف جداً ان بعض المسؤولين الفلسطينيين اليوم يلهثون خلف هذا المؤتمر، ويعدون الشعب الفلسطيني بالمن والسلوى من خلال هذا المؤتمر.
طريقنا وخيارنا هو هذا، هو المقاومة التي انتصرت في لبنان بدماء الشهداء وجراح المجروحين وآلام الاسرى وعائلاتهم، صمود الناس في الجنوب والبقاع الغربي وكل لبنان، الاحتضان الشعبي والرسمي، المشاركة العامة، الفاعليات والاحزاب والقوى والفصائل الفلسطينية المختلفة، الوقوف الى جانبنا من قبل دولتين عزيزتين لا يمكن تجاهلهما في كل المناسبات اعني الجمهورية الاسلامية في ايران والجمهورية العربية السورية، واللتين ما زالتا تقفان الى جانب الشعب الفلسطيني، ولتعلموا ان اليوم الحديث عن تأييد العمليات الاستشهادية هو تهمة في النظام العالمي الجديد اكبر من تهمة اسلحة الدمار الشامل. على كل حال هذا هو طريقنا وهذا هو خيارنا الذي انتصر في لبنان وسينتصر حتماً في فلسطين ان شاء الله بمقام هذا النبي العظيم سيد الرسل وخاتم النبيين محمد بن عبد الله(ص)، ببركة الاقتداء بسيرته والتأسي به والسير خلف خطاه، ببركة هذا الحضور، هذه الوحدة، هذا الاصرار على مواصلة هذا الجهاد والمقاومة، لن يكون هناك الا النصر الاتي، لن يكون 25 ايار يوماً غريباً في هذه الامة، ستكون مثله ايام كثيرة آتية ان شاء الله، هذا هو مستقبل هذه الامة، وليس مستقبل "اسرائيل"، وكل ما يقال ليس الا سراب، يحسبه الظمآن ماءً، كل الخيارات الاخرى سراب، حتى اذا جاءه، لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. انتهت كلمة السيد حسن نصر الله