بالنسبة لجريدة الاتحاد الاشتراكي، لا يمكن لمن عاصر مسارها المهني أن ينكر الأدوار الطلائعية التي قامت بها في مرحلة الصراع السياسي، أي عندما كان حزب الاتحاد الاشتراكي في المعارضة، إذ كان لها الفضل في صناعة رأي عام، كما كشفت لنا عن التوجهات الأخرى والاختيارات المعارضة للاختيارات الرسمية. لقد كانت تمثل منبرا إعلاميا يعبر عن قضايا المجتمع، ويعكس مطالب فئات كثيرة منه. ولأنها صحيفة حزب، لم تكن «الاتحاد الاشتراكي» أمام مهمة إعلامية فقط، ولكن أمام مهمة مجتمعية موازية للعمل السياسي للحزب الذي كانت لسان حاله. ويمكن أن نعتبر الصحافة الحزبية، وفي مقدمتها الصحافة الاتحادية، هي التي وفرت التربة الخصبة لميلاد تجربة صحافية جديدة في المغرب، أي تلك التجربة التي يعرفها المشهد الإعلامي المغربي منذ عقد ونصف. ورغم الاختلاف في الأسلوب الذي يمكن أن نرصده بين التجربتين، فإن الصحافة المسماة مستقلة لا يمكن أن تتنكر لما هيأته الصحافة الحزبية. والمثير أن عددا كبيرا من الذين ساهموا في التجربة الجديدة هم خريجو الصحافة الحزبية، وجزء كبير منهم تخرج من الصحافة الاتحادية.. فبغض النظر عن التحولات التي عرفها المغرب خلال العشرية الأخيرة، والتي كان للإعلام دور كبير في تحقيقها، أرى أن صحافة الأحزاب، وفي مقدمتها الاتحاد الاشتراكي، ساهمت أيضا في تحقيق هذا التحول. هناك الآن رهانات جديدة مطروحة على الإعلام، سواء في علاقته بالمجتمع، أو علاقته بالدولة، أو علاقته بذاته. والمغرب يحتاج إلى إعلام يقوم بوظيفته الإعلامية كاملة، في احترام لكل أخلاقيات المهنة، ويحتاج إلى إعلام يرفع من المستوى الثقافي المغربي، ويساهم في التقدم والحداثة، وفي الديمقراطية.. إننا بحاجة إلى إعلام يدرك أن مهمته هي التنوير والتثقيف، إضافة إلى وظيفته المهنية. وكل من يمارس خارج هذا الإطار، فإنه يكون كالخائن لمهنة الصحافة. فرغم التراجع الذي عرفته الصحافة الحزبية، على مستوى انتشارها، فإنني أظن أن بإمكانها أن تستمر في خدمة التثقيف والتنوير، فضلا عن الوظيفة المهنية..