أكد الأستاذ أحمد اليابوري الذي أدار الندوة التي افتتحت من طرف نجل أبو بكر القادري أن اختيار موضوع «الهوية والمواطنة» للندوة الافتتاحية لتأسيس جمعية أبي بكر القادري جاء نتيجة اهتمام المحتفى به بالهوية المغربية وبقيم المواطنة السليمة، ودعوته من خلال مؤلفاته إلى حوار للهويات المتساكنة رغبة منه في إقامة صرح مجتمع تحكمه قواعد المواطنة ومبادىء الوطنية، وهو ما يقتضي معرفة بالآخر واعترافا به، ومن جهة أخرى، لأن ظاهرة العولمة المتوحشة الداعية الى تحطيم الحقوق الثقافية والفنية تهدد بطريقة مباشرة المكونات اللغوية والفكرية والأخلاقية للهويات الوطنية. جاءت هذه الندوة في افتتاح الجمعية التي تحمل اسم «جمعية مؤسسة أبي بكر القادري للفكر والثقافة»، والتي ستحتضن الخزانة الخاصة للأستاذ القادري لتوضع رهن إشارة المهتمين من قراء وباحثين قصد تشجيع البحث في الميادين المتعلقة بالعمل الوطني والسياسي والاجتماعي وتنشيط الحركة الثقافية بصفة عامة. حضر ندوة الافتتاح عبد الواحد الراضي ، الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي وثلة من رجال الحركة الوطنية الذين عاصروا أبو بكر كالأستاذ عبد الكريم غلاب ومولاي محمد بوستة وغيرهم ممن شاركوه المسار النضالي والعلمي منذ الثلاثينيات من القرن الماضي، وذلك عشية يوم الأربعاء 28 أبريل 2010 برحاب المكتبة الوطنية بالرباط. وحدد المؤرخ ابراهيم بوطالب مكونات الهوية في أربعة عناصر هي: 1 الأرض أي البقعة الجغرافية، والمغرب يتميز باختلاف شعوبه وتنوعها، وهو الاختلاف الذي يؤدي إلى الائتلاف. 2 التاريخ، فتاريخ بلادنا حافل بالأمجاد على الرغم من بعض الأزمات التي عارضته منذ قيام الدولة قبل 12 قرناً. 3 المستقبل أي تظافر الجهود كل الأطراف للرقي بالبلاد. 4 وأخيراً حب الوطن، وهو ما يترجمه المواطنون بحرصهم على أداء واجبهم نحو وطنهم الى جانب مطالبتهم بحقوقهم. أما أحمد بوكوس فقد أكد على دور النخبة المثقفة في طرح قضايا من قبيل أن: المغرب الحديث لايزال في طور الانتقال على جميع المستويات، الثقافي، الاجتماعي، الديمغرافي، السياسي واللغوي، وهو انتقال نتسارع الوثيرة مما يؤثر حاليا ومستقبلا على الهوية الفردية للمغاربة وكذا الهوية الوطنية الجماعية. أن الهوية الوطنية هي بناء متواصل ودائم، وهي توريث ثقافة من جيل إلى جيل بما فيها من لغات وقيم وتقاليد وأنماط عيش... الهوية المغربية متنوعة، فهي مشكلة تاريخيا من المكونات الأمازيغية، الإفريقية، الاسلامية، العربية واليهودية أيضا، مما أنتج هوية مغربية متمازجة بين هذه الثقافات، وهو ما يتيح للمغرب أن يواجه العولمة في العالم المعاصر مع الحفاظ على تراثه وخصوصياته الثقافية. أن القيام التي يجب تلقينها للأجيال الناشئة هي القيم المتقاسمة على الصعيد الوطني والكوني كالتضامن والثقة والمساواة... من جانبه، تحدث الأستاذ عبد السلام الشدادي المتخصص في التاريخ والفكر الخلدوني عن الارتباط المتبادل بين الهوية والمواطنة، حيث يرى أنه لا يمكن تطوير الهوية في العصر الحديث إلا على أساس المواطنة، كما لا يمكن بناء مواطنة كاملة إلا على أساس هوية محددة. كما تطرق إلى الجوانب الإيجابية والسلبية لبناء الهوية والمواطنة حيث أجمل الجوانب الإيجابية في: وجود كيان جغرافي ومؤسسات سياسية متفق عليهما بالإجماع. على هامش الافتتاح والندوة، عبر المحتفى به الأستاذ أبو بكر القادري في تصريح خص به جريدة «الاتحاد الاشتراكي» عن عظيم سروره بهذا التأسيس الذي كان مفاجأة من طرف بعض تلامذته وأفراد العائلة، واعتبره بمثابة ارتباط للماضي بالحاضر، وهو ما يعزز الارتباط القوي بين الهوية والمواطنة. كما صرح رئيس جمعية أبو بكر للثقافة والفكر، أن الهدف من إنشاء هذه المؤسسة هو حفظ الذاكرة الوطنية وربط الأجيال الشابة بسلفهم، وهو ما لن يتم إلا بالتعريف بالماضي واستشراف المستقبل بتوجيه الشباب نحو فهم محيطهم للسير قدماً إلى الأمام.