«تعتبر قضية أخلاقيات المهنة، من أهم المشاكل التي طرحت خلال هذه المدة الأخيرة، والتي برز فيها أن بلادنا، على غرار عدد كبير من البلدان، أصبحت في حاجة إلى إقامة هياكل ثابتة، من التنظيم الذاتي والميكانيزمات الداخلية المعروفة بالديمقراطية التحريرية، للتقدم في معالجة القضايا المتعددة، التي ترافق الممارسة الصحفية، والتي تضر بمصداقيتها، وتغير مسارها، ونبل رسالتها التي تقتضي احترام كرامة الناس والدفاع عن حقهم في منتوج جيد وأخبار وتحاليل موضوعية،» من التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية لسنة 2010 قال يونس مجاهد، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن وضع حرية الصحافة في المغرب، وإن كان يعرف انزلاقات ومشاكل عديدة تعد ذروة في المظاهر السلبية للخروقات، غير أن الوضع ليس قاتما بالشكل القطعي الذي تصفه تقارير المنظمات الدولية. وأضاف يونس مجاهد، في ندوة صحفية عقدها لتقديم التقرير السنوي لحرية الصحافة في المغرب، وذلك بمناسبة 3 ماي الذي يصادف اليوم العالمي لحرية الصحافة عددا من الملاحظات المتعلقة بتقييم وممارسة حرية الصحافة بالمغرب، ومن ذلك أن تلك التقارير لا تأخذ ولا تهتم إلا بالصحافة المكتوبة، سواء على صعيد الرصد أو إعمال مقتضيات دولة الحق والقانون، بمعنى أنه يجب احترام القانون كيفما كانت علاته. وضرب مثلا بالخروقات التي عرفتها قضية «أخبار اليوم»، وانتقد مجاهد الاستعمال المفرط للسلطة خاصة عند تطبيق فصول الاعتقال بعد الحكم الابتدائي عند محاكمة مدير «المشعل» ادريس شحتان. ووصف الاستنطاقات التي يخضع لها الصحافيون بما يشبه الاعتقالات، نظرا لطول ساعات الاستنطاق وظروفه، ولاحظ غياب أي تحقيق في الاعتداءات التي يتعرض لها الصحافيون سواء من طرف السلطات الأمنية أو من قبل بعض العصابات. واعتبر مجاهد القضاء مسايرا للسلطة، ودعا الدولة والأحزاب السياسية والفرق البرلمانية إلى اتخاذ مبادرات لتطويق مثل هذه الإشكالات. تضمن تقرير النقابة الوطنية للصحافة لسنة 2010 مجموعة من القضايا والوقائع المستجدة على المشهد الإعلامي ببلادنا، ومن ذلك إشكالات تتعلق بنشر الرسومات المتعلقة بالملك والأسرة المالكة وكذا استطلاعات الرأي الخاصة بشخص الملك إضافة إلى حياته وحياة أسرته، وهي إشكالات لا يمكن تجاوزها في إطار السياق المغربي. يؤكد التقرير أنه إذا كانت النقابة قد رفعت هذه السنة شعار «لا رجعة عن حرية الصحافة»، فإنه يشدد على أخلاقيات المهنة. ومما جاء في التقرير حول هذا لموضوع: «وتعتبر قضية أخلاقيات المهنة، من أهم المشاكل التي طرحت خلال هذه المدة الأخيرة، والتي برز فيها أن بلادنا، على غرار عدد كبير من البلدان، أصبحت في حاجة إلى إقامة هياكل ثابتة، من التنظيم الذاتي والميكانيزمات الداخلية المعروفة بالديمقراطية التحريرية، للتقدم في معالجة القضايا المتعددة، التي ترافق الممارسة الصحفية، والتي تضر بمصداقيتها، وتغير مسارها، ونبل رسالتها التي تقتضي احترام كرامة الناس والدفاع عن حقهم في منتوج جيد وأخبار وتحاليل موضوعية،» وأكد أن النقابة في تقاريرها السابقة، قد سجلت العديد من الخروقات والمظاهر التي لم تتغير، «بل يمكن القول، إن الوضع قد تفاقم، وبرز على الخصوص في التراشق الصحفي، الذي أصبح سمة بارزة للعديد من المنابر الصحفية». وأضاف في هذا الصدد «بل لعل هذه الفترة، تعتبر ذروة في السجالات بين الصحفيين، والتي لا تراعى فيها الكثير من مقومات الجدل الرصين، بل تسقط في الكثير من الأحيان، في التهجم والتحامل وتبادل التهم، ويعبر هذا، عن ضعف في النضج، حيث من الطبيعي أن تحصل خلافات في الآراء والمقاربات، لكنها، بدلا من أن تثمر عن نقاش فكري وسياسي تستعمل فيه أدوات التحليل العلمية والمعرفية الجيدة، تتحول إلى مجال لكيل الشتائم.» وأكد التقرير أن «ما يعمق من مثل هذه الظواهر السلبية، هو استعمال الصحافة من طرف لوبيات مالية وسياسية، لتصفية الحسابات ولممارسة الضغط والابتزاز وربح المواقع، وكذلك لإشاعة التيئيس والتشهير بالسياسيين وغيرهم من فئات النخبة في إطار شعبوية مدمرة، مما يضاعف من حجم الاختلالات» ودعا «إلى إعمال مبادئ الشفافية في التمويل، كأسلوب ديمقراطي يحتم على مالكي الصحف والمساهمين فيها، الكشف عن وجوههم، وخلفياتهم ومواقعهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية، كما يحتم أيضا نشر مصادر التمويل، لأن هذا، بالإضافة إلى ضرورته القانونية، إجراء أساسي للحد من التدخلات غير المشروعة من طرف كل من يسعى إلى التحكم والتأثير السري والتآمري في الشأن العام». كما خصص التقرير حيزا هاما للأوضاع في المؤسسات الإعلامية العمومية كوكالة المغرب العربي للأنباء والإعلام السمعي البصري العمومي والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. فبالنسبة لوكالة المغرب العربي للأنباء فقد لوحظ سوء تسيير وعدم التزامها بالحياد، وتراجع خدمة المرفق العمومي في عهد المدير الجديد. وفيما يتعلق بالمشهد السمعي البصري ببلادنا يرى التقرير أن تحديات ضخمة تواجه هذا القطاع حتى يستمر في أداء مهامه أمام المنافسة القوية للقنوات الفضائية. ودعا التقرير الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري للخروج من وضعية الكمون واستغلال العديد من مقتضيات الظهير المنظم لها.