في تقديمه للحوار، يكتب الزميل محمد بودرهم، ان عبد الهادي خيرات استقبله بمكتبه في الطابق الخامس من البناية التي تحتضن جريدتي «الاتحاد الاشتراكي» و «ليبراسيون» بزنقة الامير عبد القادر بالبيضاء. المكان لم يتغير، يقول بودرهم، الذي يعرف الفضاء جيدا لأنه سبق له العمل في «ليبراسيون» مضيفا خيرات حارس المعبد، شاب متقدم في السن او شيخ صغير السن، ساهم في كل معارك حزب الاتحاد الاشتراكي. الحوار تناول أول تجربة اعتقال عرفها خيرات سنة 1965، وعلاقاته بابن منطقته ادريس البصري، مثلما عرجت الاسئلة على عدة قضايا سياسية وشخصية وعلى ذكريات عبد الهادي خيرات مع عبد الرحيم بوعبيد ونوبير الاموي، حيث كشف عضو المكتب السياسي ان الحزب هو الذي عين هذا الأخير علي رأس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل حين تأسيسها. - اسم الاب؟ - محمد بن الحاج الهاشمي - اسم الام؟ - يامنة بنت الحاج عمرو - رقم البطاقة الوطنية؟ - َ95234 A - ثمة كثير من الحجاج في العائلة، متى سيأتي دورك؟ - لا استطيع شيئا ازاء هذا الواقع، وهو يسجل في الحالة المدنية اما بالنسبة لي، فسأنتظر دوري مع نظام قرعة الحج الجديد. وفي كل الاحوال ، الامر ليس مستعجلا. - عرفت تجربة الاعتقال السياسي وسنك لم يتجازو بعد السابعة عشرة كيف حصل ذلك؟ - حدث ذلك خلال مظاهرات الدار اليبضاء في سنة 1965، وقد مكنتني تلك التجربة من تجاوز الخوف. هذا على الاقل ما كسبته من ذلك الاعتقال. - انت ابن سطات، فما الذي دفعك الى التسجيل بجامعة فاس؟ - القرار جاء في سياق قضايا تنظيمية حزبية، اذ ارتأت القيادة ان اتسجل في فاس، هكذا، وبدل اختيار شبعة الفلسفة في الرباط تابعت دراستي في شعبة الأدب العربي بفاس. وبالمناسبة ، فالأدب العربي كان هو الشعبة الوحيدة المتوفرة في تلك المدنية التي كانت جامعها تابعة للرباط وانذاك، الامر ذاته كان ينطبق على الدارالبيضاء حيث لم تكن توجد سوى شعبة العلوم القانونية، وقد كانت تدرس في بناية ضيقة فوق مقر السيتيام - سطات هي ايضا مسقط رأس ادريس البصري. هل كنت تعرفه؟ - لم اكن على معرفة مباشرة به. لانه كان يكبرني سنا. و بالمقابل كنت أعرف اخوته الذين ولدوا في سجن عين علي مومن حيث كان والدهم، الحاج العربي، يشتغل كحارس، كانوا يقطعون ستة كيلومترات للالتحاق بمدرسة قرآنية بالقرب من منزلنا. وقد حدث ان لعب معنا ادريس البصري كرة القدم قبل الالتحاق بصفوف الشرطة. وقد علمت عقب ذلك، انه كان العنصر الاساسي في الاستعلامات العامة، ومن ثمة، فقد كان متورطا في تعقب الطلبة اليساريين. - خلال احد برامج القناة الثانية، صرحت بأن ثلثي اعضاء البرلمان من بارونات المخدرات كيف علمت بذلك؟ - يجب وضع الامور في سياقها. في بداية تسعينات القرن الماضي، انشأ الاوروبيون مرصدا للمخدرات وصاغوا تقريرا مفصلا حول المخدرات بالمغرب، تقرير معزز بعدة اسماء. غضب الحسن الثاني فأمر بتكوين لجنة تقصي برلمانية ترأسها امحند العنصر. بعدها، ثم تقديم تقرير تلك اللجنة للملك الراحل الذي طلب من ادريس البصري منع عشرات الاسماء من الترشح للانتخابات. وهذه معطيات يعرفها الجميع. - لكنها قصة قديمة؟ - ابدأ ، بعد مرور العاصفة، عاد جزء مهم من البرلمانيين بارونات المخدرات الى قبة البرلمان. هكذا، بكل بساطة. - السيد خيرات، منفضة سجائرك فارغة ، فهل أنت على ما يرام؟ - لقد اقلعت عن التدخين منذ حوالي سنتين، وذلك إثر مرض صديق عزيز هو عبد العزيز مزيان بلفقيه بسبب التدخين - العديدون يؤكدون، منذ وقت طويل، بانك مرشح لنيل حقيبة وزارية، هل مازلت تنتظر الحصول على منصب وزاري مثل ادريس لشكر؟ - لن أكون ابدا وزيرا، وليست لدي ادنى رغبة في ذلك. الأمر لا يهمني إطلاقا. - يبدو انك صديق لفؤاد علي الهمة. هل تؤكد الامر؟ - أجل، وهذه حقيقة لا اخفيها. لقد كنت على علاقة مع الثلاثي الهمة، المنصوري، واوريد منذ كانوا يدرسون مع محمد السادس وهو ولي العهد. واحتفظ الى حدود الآن بصور لقاءاتنا وبرسائل كنا نتبادلها. - يزعم البعض ان حزب الاصالة والمعاصرة هو - سبب عدم عقد لقاء بين قيادة الاتحاد الاشتراكي وحزب العدالة والتنمية. - هذا ليس صحيحا، واللقاء لايزال مدرجا ضمن جدول أعمالنا. - هل طويت، إذن، صفحة المواجهة مع الاسلاميين؟ - نحن نمارس السياسة، وليس الديماغوجيا. لدينا تجربة مع العدالة والتنمية أعطت نتائج جيدة على المستوى الجماعي. ولولا العدالة والتنمية لما فاز الاتحاد الاشتراكي بمنصب عمدة الرباط ولا برئاسة أجمل مقاطعة بالدارالبيضاء، مقاطعة سيدي بليوط. ولولانا، لما فرضوا أنفسهم في شفشاون، العرائش أو تطوان. - بصفتك عضوا مؤسسا للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فهل حافظت على علاقاتك مع نوبير الاموي؟ - لقد حصلت القطيعة بيننا منذ انشقاق 2001 أثناء المؤتمر السادس للاتحاد الاشتراكي. لقد أخطأ نوبير الاموي الحساب، إذ كان يريد الضغط على اليوسفي لانتزاع أكبر عدد من المقاعد ضمن أجهزة الحزب المقررة، لكننا لم نتنازل. وهناك قصة أخرى بيننا غير معروفة. - وماذا تكون هذه القصة؟ - الاتحاد الاشتراكي هو الذي عين الأموي على رأس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل حين تأسيسها. وبالمناسبة، فأنا شخصيا من أخبره بالقرار في مراحيض قاعة الحفلات بشارع الجيش الملكي، القاعة التي احتضنت المؤتمر التأسيسي، وقد كان لحظتها على وشك البكاء لأنه لم يصدق. وعندما أخبرنا قيادة الحزب بالقرار، قال لنا عبد الرحيم بوعبيد : «سنعيد الكرة إذن!». في اليوم الموالي، طلبنا من الأموي أن يكون في مستوى الثقة التي وضعناها فيه، فاكتفى بالرد عن طريق الدمدمة.. - هل كنت مقربا من عبد الرحيم بوعبيد؟ - لقد تعرفت عليه فعليا وعن قرب في السجن، سنة 1981، كنا معتقلين بسجن لعلو، وكنت أقتسم الزنزانة مع محمد لحبابي ومحمد اليازغي، مثلما قررنا ترك زنزانة أخرى لعبد الرحيم بمفرده، وقد كان يكتب مذكراته ويهيء محاكمتنا. وذات صباح، تم نقله إلى ميسور ليخضع هناك للإقامة الإجبارية، وقد قطع المسافة كلها وكبل اليدين. - ما الذي كنت تفعله لحظة وفاة الحسن الثاني؟ كنت في الرباط، أتابع عن كثب تطور الوضع لأنني كنت على اتصال مع أحمد لحليمي وعبد الرحمان اليوسفي. كانا معا في مستشفى ابن رشد حيث نقل الحسن الثاني. لحليمي هو من أخبرني بالامر الذي أصدره ولي العهد للإذاعات والتلفزيون ببث آيات قرآنية. - هل أنت إشتراكي «حتى الموت»؟ - بالنسبة لي، الاتحاد الاشتراكي هو أولا تاريخ تراكم من المباديء والوقائع. ومن الصعب علي التنكر لكل هذا. - حين تسمع عبارة «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، فعلى من تحيلك آساسا: عبد الرحيم بوعبيد، الفقيه البصري، المهدي بن بركة أو عمر بن جلون؟ - عبد الرحيم بوعبيد بدون أدنى تردد، لقد كنت أعتبر نفسي إبنه بالتبني. كان يوبخني أحيانا، لكنه كان يراعي جانبي كذلك. وأتذكر انه كان، كلما غضبت وذهبت إلى حال سبيلي، يأتي إلى منزلي ليطلب مني التراجع عن قراري. وفي بعض المرات، كان يتخفى ليلا في أحد أركان الحي الذي أسكنه مترقبا عودتي إلى البيت. - هل تفضل «الستاتي» ام «بيغ»؟ كأس «لويزة» ام «كوب حليب»؟ - بالنسبة للسؤال الأول، فأنا أفضل الستاتي لأنه «ولد لبلاد» ولأنني أعرفه منذ مدة ليست بالوجيزة. اما بالنسبة للشق الثاني، فأنا لست من أنصار لا «اللويزة» ولا أكواب الحليب، إنني أفضل الشاي الداكن (ضحكات). هل فهمتني؟