تشكل مشاريع التنمية البشرية رهانا استراتيجيا في المغرب لمحاربة الفقر والهشاشة ومجالا أرحب لدعم البنيات التحتية بمجموعة من المناطق المغربية لكسب رهان مجتمع متضامن ووفي لروح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتي أعطى انطلاقتها جلالة الملك قبل سنوات. الحصيلة الأولى لهذه المبادرة أثبتت أن هناك قصورا في مجال تعامل المقاولات المغربية خاصة الكبرى منها مع المشاريع والبرامج التي تنجزها المبادرة بشراكة مع باقي المتدخلين من جمعيات مجتمع مدني ومجالس منتخبة وسلطات محلية، وأثبتت أيضا ، وعلى عكس مجموعة من المقاولات التي تجري وراء الربح فقط والبحث عن مجال إشهاري لعلاماتها، أن هناك مجموعة من المقاولات الصغرى والمتوسطة والتي انخرطت بفعالية في مسلسل التنمية البشرية، ليس فقط من خلال إنجازها لمجموعة من المشاريع ضمن صفقات راعت فيها طبيعتها، بل أيضا من خلال مساهماتها في هذه المشاريع بإنجاز أشغال إضافية أو دعمها بالرغم من كونها غير مضمنة في كناش التحملات المؤشر عليه من قبل السلطات المحلية. أحمد المودن الفاعل الاقتصادي في مجال مقاولات البناء والتجهيز يتملك مقاولة صغرى تحدث لجريدة الاتحاد الاشتراكي حول مجال تدخل المقاولات الوطنية ودورها في دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. أشاد بالبرامج التي تناولتها المبادرة وتساءل في الآن ذاته حول تخلف مجموعة من المقاولات عن دعم هذه المشاريع بعيدا عن منطق الربح، حيث أضاف قائلا : «.. لايمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن التنمية البشرية من دون انخراط المقاولات بمختلف أشكالها في هذا المسلسل، فالمؤسف أن هناك مجموعة من المقاولات لاتعي مفهوم التنمية البشرية وهي غير متشبعة بالعمل التنموي غير المبني على الربح، فلكي تفهم ذلك يجب أن تكون وطنيا بكل مافي الكلمة من معنى، يجب أن تتشبع بالعمل الجمعوي والخيري والتطوعي، بطبيعة الحال تسعى إلى تحقيق هامش من الربح ، لكنه يجب أن يكون هامشا معقولا، كما يجب أيضا أن تساهم حسب المستطاع في مثل هذه المشاريع..». السيد المودن شارك في مجموعة من مشاريع مبادرة التنمية البشرية بمدينة الدارالبيضاء كان أبرزها سبعة مشاريع كانت ناجحة وساهم فيها بأشغال وتجهيزات أعطت بعدا اجتماعيا لعمله غير طابعه المهني ويأتي مركز رعاية المسؤولين بالعنق ومساهمته فيه بحوالي 80 ألف درهم كنموذج لمدى تدخله في هذا القطاع. مساهمة مؤسسات القطاع الخاص في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لايجب أن تبقى حبيس مقاولات صغيرة ومتوسطة تعد على رؤوس أصابع اليد الواحدة، بل يجب أن تتم بشكل واسع وشامل لجميع القطاعات. أحمد المودن القادم من إقليمآسفي والمستشار الجماعي بجماعة مول البركي، يتساءل إن كان من المنطقي والمعقول أن تستفيد مدن كبرى كالدارالبيضاء والرباط وغيرهما من مشاريع تنموية خاصة بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في الوقت الذي لاتستفيد جماعات قروية كجماعة مول البركي مثلا ، وأضاف قائلا :«.. إنها مفارقة غريبة أن أشرف على أشغال تدخل ضمن نطاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالدارالبيضاء وأنا المستشار بجماعة مول البركي وهذه الجماعة لاتستفيد من مشاريع هذه المبادرة، صحيح أن مقاولتي على صغرها ساهمت في مجموعة من الأشغال كتجديد وترميم مجموعة من المؤسسات التعليمية والمساجد، لكن ذلك يبقى محدودا ، فالجماعة بحاحة إلى مشاريع تنموية تنخرط فيها مؤسسات اقتصادية ومالية لتجسيد الطابع التنموي الحقيقي ببلادنا ».