توفي يوم أمس الثلاثاء في إسرائيل ديفيد كيمحي (82 عاما)، الرجل الثاني سابقا في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، الذي انتقل إلى العمل الدبلوماسي، والمعروف بخبرته في مجال الاستخبارات، حسبما أعلنت أسرته. وكان كيمحي، المولود في بريطانيا، هاجر إلى إسرائيل سنة 1948، وقاتل في صفوف الجيش خلال الحرب العربية الإسرائيلية الأولى. وكان مراسلا في فرنسا لصحيفة «جيروزاليم بوست» قبل أن يلتحق بالموساد في 1953، حيث اهتم خصوصا بالاتصالات مع المغرب. وفي سياق هذه العلاقة، كان ديفيد كيمحي قد استجاب لطلب السفاح أفقير «باسترجاع» المعارض المغربي وتصفيته. وقد أظهرت تحقيقات كل من يان بلاك وبيني موريس، الصادرة في 1991، المتخصصة في التاريخ السري للموساد، تورط هذا الأخير في اغتيال الشهيد المهدي واختطافه. وقد جاء التورط «كنتيجة مباشرة لطلب أوفقير من ديفيد كيمحي مساعدة المغرب واعتقال المعارض المغربي». وكان ديفيد كيمحي أيضا، وقت اختطاف المهدي قد قضى 12 سنة في العمل والتعرف على المغرب، وربط العلاقات مع أصحاب القرار فيه. ولم تعد المساعدة الإسرائيلية التي طلبها أوفقير لدعم اغتيال الشهيد سرا من الأسرار منذ التحقيق الخفي الجرئ الذي كتبه ماكسيم غيلان وصامويل موهر، في سنة 1966 . فقد كان الصحافيان قد كشفا السر في صحيفة «بوت» وأبرزا عناصر التورط النشيط في هذه العملية. وهو تحقيق قدم العديد من التفاصيل حول العملية وأدى إلى مصادرة المجلة من الأكشاك، ومحاكمة الصحافيين، وأدانتهما بشهرين سجنا، بدعوى المس بأمن الدولة الإسرائيلية. ولكن القضية اتخذت أبعادا كبرى من بعد، لما أخذت صحيفة «التايمز» و«لوموند» الملف وأذاعته، مما نتج عنه ضجة عالمية مُدينة لإسرائيل وزعيمها آنذاك إيفي أشكول. كان كيمحي الساهر الأمين على تنسيق عملية مقتل الشهيد المهدي، وهي الحقيقة التي أرادت كتابات كثيرة من بعد أن تلقي عليها الظلال، ومن داخل المغرب للأسف، من أجل «إنقاذ إسرائيل وسمعتها من دم الشهيد». واجتهدت الأقلام لكي تغسل دم إسرائيل.. لم يعد الدعم الإسرائيلي اليوم «مثيرا للالتباس»، فقد اتضح . وهناك من مناصري إسرائيل الذين لم يترددوا، مثل ألكسندر أدلير، الذي يعد أحد المدافعين الأساسيين عن إسرائيل في فرنسا، في الحديث عن شبكة العلاقات بين إسرائيل والمغرب في مقتل الشهيد المهدي.. وشغل كيمحي منصب نائب رئيس الموساد من1976 إلى 1980، حيث تمكن من إقامة علاقات وثيقة مع عدد من الميليشيات المسيحية في لبنان، لكنه انسحب من جهاز الإستخبارات بسبب خلافات حول المسائل اللبنانية. بعد ذلك من 1980 إلى 1986 شغل منصب مدير عام وزارة الخارجية. وبعد تقاعده عن العمل، سعى كيمحي إلى تسوية سلمية مع الفلسطينيين ووقع «مبادرة جنيف» في2003 التي تدعو إلى انسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. لقد رحل رجل الاغتيالات والدعم اللوجيستيكي للقتل، ومعه الكثير من أسراره، لكن الثابت منها كلها هو مساهمة الموساد، عدوة كل أصحاب الحق .. وهو ما لايستطيع الكثير من الغربان أن ينكروه!!