بالرغم من المبادرات العديدة للجهات المعنية بمحاربة التسول في شتى تجلياته بالدار البيضاء، فإن هذه الآفة لاتزال مستشرية، حيث أضحت بعض الفئات تتخذ التسول كعمل قار تحت ذرائع مختلفة، خاصة إذا تعلق الامر باستغلال أطفال في عمر الزهور، مكانهم الأنسب هوالمدرسة! إن المرء يقف يوميا على حجم تفشي هذه الظاهرة كالنار في الهشيم، فها هي المقابر تعج بالاطفال الصغار الذين تغريهم الدراهم ليألفوا لغة مد اليد للآخرين بدل متابعة دراستهم، كما كثر الحديث عن تواجد شبكات منظمة تعمل على توزيع الاطفال عبر مختلف النقط والاشارات الضوئية والاسواق...، مستغلين فقر الأسر لإقحامهم في عالم مليء ب « الفخاخ»، في المقابل يدر هذا «النشاط» على البعض مئات الدراهم يوميا على حساب حرمان الطفل من حقه في التعليم والتمتع بطفولة عادية لاتشوبها نقائص. يقول (ناجي.أ) أستاذ في علم الاجتماع: «الطفل بمجرد دخوله عالم التسول يفقد حس البراءة الطفولي ويصبح منفتحا على عادات سيئة لا تنسجم مع سنه، عن طريق الاحتكاك اليومي ببعض ممتهني هذه الحرفة، فمثلا يصبح يردد بعض العبارات التي يستعملها في التسول..». من جانبها تحكي (أمينة) كيف كانت إحدى جاراتها ب «درب السلطان» تصحب ابنها معها بدعوى زيارة بعض الاقارب كل سبت ، ليتضح مع المدة أنها تتسول به، وهو الأمر الذي اكتشفته الأم بعدما أضحى ابنها يردد بعض الكلمات من قبيل «ع. الله»! الدفع بالأطفال إلى التسول، وفق ما يقول به علم الاجتماع، لاينتج سوى المعضلات المستعصية على الحل، من قبيل انتشار الأمية، التشرد، ثم السقوط في شباك الإجرام والإدمان على المخدرات.. وحسب العديد من المهتمين بشأن الطفولة، فإن الظاهرة في تنام مخيف، خاصة وأن التسول وجد له أرضية خصبة بين «ظهرانينا»، فالأرقام الصادرة مؤخرا ، تشير الى أن عدد الاشخاص الذين تم إيقافهم وإحالتهم على المركز الاجتماعي تيط مليل منذ بداية حملة «محاربة التسول» في مارس 2007 الى غاية 9 فبراير 2009، تجاوز 8 آلاف و760 متسولا / متسولة، في حين بلغ مجموع المبالغ المحصلة من طرف المكلفين بالبرنامج الجهوي لمحاربة التسول بمدينة البيضاء، مليونين و788 ألف درهم. وقد ذكر مصدر من المركز الاجتماعي تيط مليل، أن القائمين على هذه الحملة التمشيطية ، صادفوا حالات لمتسولين أغنياء، يتوفرون على شقق في ملكيتهم ومبالغ مالية تجاوزت 200 ألف درهم ، إضافة إلى متسولين لهم مستويات تعليمية عالية، بينهم متسول مجاز في القانون الخاص!