نعلم، ونحن نتحدث عن الحفر المنتشرة في «بقاع» الدارالبيضاء، وكأننا نتحدث عن لاشيء، لأن القييمين على التسيير لم يعد يؤثر فيهم ما يقوله المواطن وما يعانيه. الحفرة بالنسبة لهم مسألة ظرف معين، إذا كانت هناك زيارة رسمية فستجد الحفر قد «غبرت»، أما وأن المدينة لن تستقبل أية زيارة فلتعث الحفر كيفما شاءت وأينما استقرت. كان أحد الشباب عائدا الى منزل والديه، على متن دراجته النارية يومين قبل عيد المولد النبوي، مر بالقرب من القنطرة الرابطة بين حي بورنازيل وحي عادل، ومن يعرف هذه الطريق، يعرف جيدا الظلمة التي تخيم عليها بفعل غياب الانارة العمومية، لم ينتبه الشاب راكب الدراجة الى حفرة كبيرة وقع فيها وسقط من على دراجته، شاحنة كانت وراءه مباشرة، انتبهت الى الحفرة راوغتها لتستقر العجلات فوق رأسه، ليفارق الحياة في الحال! كثيرة هي حوادث السير التي تشهدها المدينة هذه الايام بسبب انتشار الحفر، التي برزت بشكل مثير بفعل الامطار التي تساقطت خلال الاسابيع الاخيرة. القائمون على الشأن المحلي، الذين يتحملون المسؤولية الاولى فيما وقع من أضرار للمواطنين ووسائل نقلهم بسبب هذه الحفر، لاتؤثر فيهم الأرواح التي زهقت ولا العرقلة الناجمة عن معضلة الشوارع، اذ مازالت صفقات التبليط وإصلاح الشوارع تعرف نفس «التلاعبات»، كيلومتر واحد، يحتاج تبليطه وإصلاحه، على الاقل، لمليار سنتيم، لكن ما أن تغادره الآلات حتى يتحول الى وحل من الزفت وتصعد «التوفنة» الى السطح! في كل سنة يتم تبليط الشوارع وفي ذات السنة تظهر الشروخات وتعاود الصفقات، أحد المستفيدين من مثل هذه الصفقات، أسر لنا في إحدى الجلسات، قائلا: «إن تم إصلاح الشارع حقيقة وكما يجب، فماذا سأفعل بشركتي؟». بالفعل ماذا ستفعل شركته هو؟ وأمثاله العديدون وماذا «سيأكل» المسؤول عن الصفقة إذا لم تعد هناك أشغال؟ في خضم سياق العبث هذا، وحدها الأجساد البريئة تسقط في الحفر، لأن جريرتها الوحيدة، أنها لاتعرف ماذا يفعلون!؟