تشهد جنيڤ منذ بداية الأسبوع، وقائع الدورة الثالثة عشر لمجلس حقوق الإنسان، وعلى طاولة هذه الآلية الأممية التي أنشئت في مارس 2006 توجد ملفات وتقارير وقضايا سيتم تداولها إلى غاية 26 من الشهر الجاري. ومن بين نقط جدول أعمال الدورة النظر في تقرير إضافي عن المغرب يتعلق بالإختفاء القسري، أي ظاهرة الإختطاف، وأنجزه فريق عمل برئاسة الحقوقي المكسيكي ساتياغو كوركيرا زار بلادنا في يونيو الماضي . التقرير الذي يتكون من 22 صفحة تناول الظاهرة من خلال خمسة محاور أبرزها المعطيات المتعلقة بها والتوصيات التي يجب على المغرب تبنيها للقطع مع اختطاف الأشخاص والزج بهم في أماكن مجهولة وأحيانا، بل أحيانا كثيرة جعل مصائرهم مجهولة. من بين التوصيات أن تصادق الرباط على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري، وهي الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ في سنة 2006، وكان المغرب من المساهمين في صياغتها، ومن أوائل الموقعين عليها. ومن النصوص التي على بلادنا المصادقة عليها كذلك، البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية روما المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية التي تجرم أحد بنودها الإختفاء القسري، وتعتبره جريمة ضد الإنسانية، والبروتكولان الأول والثاني الملحقان باتفاقية جنيڤ ل 12 غشت 1949 . نشير الى أن الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ، تعرف الظاهرة بانها « الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون». واطلع فريق العمل على ما أنجزته هيأة الإنصاف والمصالحة من عمل، واعتبر هذه الآلية التي أسسها المغرب في 2003 ومنهجية عملها وتقاريرها، نموذجا يجب الاحتذاء به، وأعرب عن أسفه لعدم إعمال التوصيات المتمخضة عنها، وأشار إلى أن السلطات المغربية أخبرته بأنها فعَّلت إحدى عشرة توصية، وأنها ستعمل على تنفيذ ماتبقى ضمن إجراءات ونصوص قانونية للقطع مع الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومنها ظاهرة الاختفاء القسري، وذلك لبناء مجتمع مؤسس على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة الحق والقانون. وأوصى فريق العمل السلطات بأن يجرم القانون الجنائي الظاهرة، وأشار إلى أن المغرب أخبره بأنه بصدد وضع اللمسات الأخيرة لقانون جنائي جديد يتضمن بالفعل اعتبار أي ممارسة للاختفاء القسري جريمة يعاقب عليها القانون، كما أوصى الفريق بضرورة تبني إجراءات تضع حدا للإفلات من العقاب حتى لاتتكرر الظاهرة . وبخصوص الحالات المسجلة بالمغرب أفاد فريق العمل أنه أبلغ السلطات المغربية ب 249 حالة منذ إنشائه سنة 2008 ، وأنه توصل بالفعل بمعطيات تفيد بأنه تم الكشف عن 191 حالة، وهي حالات وقعت مابين 1972 و1980، مشيرا إلى أن هيئة الإنصاف والمصالحة سلطت الأضواء على 742 حالة اختفاء، إلا أن اللائحة النهائية وأسماء الضحايا والمعلومات بشأنهم لم يتم نشرها بعد. وجاء في تقرير فريق العمل أن العديد من الحالات التي أبلغ بها تتعلق بأشخاص ينتمون للصحراء. ولم يفت التقرير أن يشير إلى أنه تلقى معلومات بمشاركة المغرب في النقل السري لأشخاص استضافتهم في معتقلات سرية فوق أراضيه ومورس عليهم التعذيب، واعتبر أن ذلك يندرج ضمن حالات الاختفاء القسري .