عاد موضوع الاختفاء القسري بالمغرب مجددا إلى دائرة الضوء، حيث تقوم لجنة أممية خاصة بإجراء ما يشبه الافتحاص لما قام به المغرب من إجراءات لوضع حد لظاهرة اختفاء الأشخاص واحتجازهم في أماكن سرية. وإلى جانب الجهات الرسمية التي التقى بها وفد عن مجموعة العمل للأمم المتحدة حول الاختفاءات القسرية، استمعت هذه الأخيرة أمس الثلاثاء إلى عدد من ممثلي الهيئات الحقوقية بالمغرب، من بينها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان. برنامج وفد مجموعة العمل الأممية تضمن كذلك عقد جلسات خاصة مع عدد من المحامين المغاربة الذين لهم باع طويل في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان وملفات سنوات الرصاص، إلى جانب عائلات بعض مجهولي المصير. وفي الوقت الذي دافع فيه وزير العدل المغربي عبد الواحد الراضي عما حققه المغرب في مجال محاربة هذه الظاهرة عن كون «المملكة حققت تقدما هاما في هذا المجال، من خلال تسوية معظم حالات الاختفاء القسري في إطار عمل هيئة الإنصاف والمصالحة بالرغم من الصعوبات التي تواجه هذا المسار كالافتقار إلى المعلومات الدقيقة»، أبى ممثلو المنظمات الحقوقية إلا أن يميطوا اللثام مجددا عما يتم تسجيله في الآونة الأخيرة مما يعتبرونه اختطافات تطال عددا من المنتسبين إلى تيارات السلفية الجهادية والزج بهم داخل معتقل تمارة التابع لمديرية مراقبة التراب الوطني. ملف المهدي بنبركة وباقي مجهولي المصير البالغ عددهم، حسب تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، 742 حالة كان في مقدمة انشغالات هذا الوفد الأممي الذي طلب من المسؤولين المغاربة الذين التقى بهم إجابات بخصوص ما تم إنجازه في هذا الصدد. أما ممثلو الهيئات الحقوقية فقد استغلوا هذه المناسبة لتسليط الضوء على ما عرفه المغرب خلال حقبة سنوات الرصاص دون أن يغفلوا عما يعتبرونه تراجعات خطيرة تمس حقوق الإنسان بالمغرب في السنوات الأخيرة. كما تطرقوا مع هذا الوفد للعراقيل التي تعترض تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. لقاء الوفد الأممي مع مسؤولي الدبلوماسية المغربية، الذي جاء مباشرة بعد لقائه بوزير العدل المغربي كان مناسبة لبسط دواعي زيارة الوفد للمغرب الذي تم اختياره هذه السنة لعقد الدورة 88 لهذه اللجنة الأممية، وتعد هذه هي المرة الأولى التي يعقد فيها هذا اللقاء في بلد عربي وإفريقي عرفانا من هذه اللجنة لما حققه المغرب من جهود لوضع حد لظاهرة الاختفاء القسري. الوفد الأممي جدد مطلبه للمسؤولين المغاربة بضرورة المصادقة على الاتفاقية الخاصة بمناهضة الاختفاء القسري، التي وقع عليها المغرب ولم يصادق عليها بعد.وقد تلقى الوفد 22 إجابة من أصل 58 عن حالات اختفاء قسري أو لا إرادي المتربة عن سنوات الرصاص، وهو ما يعتبر إنجازا كبيرا بالنظر إلى دول الجوار التي تسجل فيها أكثر من 2600 حالة. ويتضمن جدول أعمال هذا الوفد زيارات إلى كل من معتقل أكدز وقلعة مكونة ودرب مولاي الشريف، إلى جانب لقاء مع وزير الداخلية ورئيسي البرلمان والرئيس الأول للمجلس الأعلى والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وستتوج هذه الزيارة بعقد ندوة صحفية صبيحة الجمعة القادم بمقر الأممالمتحدة بالرباط.