تؤرق ظاهرة هجرة العقول في البلاد العربية الحكومات وقطاعات الأعمال المختلفة على حد سواء، إذ أن مثل هذه الهجرة في ازدياد مستمر، وتتراوح تداعياتها السلبية المدمّرة بين حرمان هذه الدول من الاستفادة من مؤهلات وخبرات مثل هذه الفئات والكفاءات، وصولاً إلى تهديد الاقتصاد القومي. فبحسب دراسة صادرة عن مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية، فإن هجرة العقول تكبّد الاقتصاديات العربية خسائر سنوية تصل قيمتها إلى 200 مليار دولار، في الوقت الذي يصل فيه تعداد العلماء والأطباء والمهندسين العرب، الذين يتمتعون بخبرات ومؤهلات عليا، في أمريكا وأوروبا، إلى 450 ألفاً، وذلك وفقاً لإحصائيات جامعة الدول العربية. ودقّ التقرير الآنف الذكر ناقوس الخطر في العالم العربي، حيث أن نسبة 50 بالمئة من الأطباء العرب، و23 بالمئة من المهندسين، و15 بالمئة من العلماء، يهاجرون سنوياً إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا، في الوقت الذي يظل فيه 54 بالمئة من الطلاب العرب الذين يتلقون العلوم في الخارج، في البلدان التي حصلوا فيها على شهاداتهم. أما الأسباب الكامنة وراء هجرة العقول العربية فهي متنوعة وفي مقدمتها القيود المفروضة على حرية ممارسة البحث العلمي، وقلة الإمكانيات المالية، وعدم الاهتمام بتطوير البحث العلمي، هذا إلى جانب التشجيع الذي تلقاه المواهب والكفاءات العربية من جانب عدد من الدول الغربية، كما حدث في فرنسا والتي أقرّت في عام 2006، البند الخاص بإنشاء تأشيرة إقامة خاصة ب - المواهب والكفاءات - ، تمنح حاملها ميزة ممارسة كل أنواع المهن وهي تمنح لثلاث سنوات قابلة للتجديد كما تمنح عائلة المهاجر الذي يدخل في هذه الفئة بطاقة إقامة مؤقتة. وبالرغم من الارتفاع الدراماتيكي في هجرة الأدمغة العربية إلى الخارج، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت توجّه العديد من المبادرات الرامية إلى استقطاب الكفاءات وتطويرها، وفي مقدمتها دولة قطر التي تأتي في المركز الثاني عالمياً بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية في جذب الخبرات والمواهب والكفاءات، وذلك بحسب تقرير - التنافسية الدولية - الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. وفيما يلي قائمة بالترتيب العالمي للدول العربية من حيث جذب الكفاءات، بحسب التقرير السابق: الكويت 40، تونس 48، الأردن 77، المغرب 86، ليبيا 95، سوريا 118، مصر 123، الجزائر 127.