دبي تطلق خدمة التوصيل بالطائرات بدون طيار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط    كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    والي بنك المغرب يعلن الانتهاء من إعداد مشروع قانون "العملات الرقمية"    "هيئة تحرير الشام" تخطط للمستقبل    8 قتلى في حادثتين بالحوز ومراكش    27 قتيلا و2502 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    فينيسيوس أفضل لاعب في العالم وأنشيلوتي أحسن مدرب    بنك المغرب يخفض سعر فائدته الرئيسي إلى 2,5 في المائة    قطاع الطيران... انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ    جوائز "الأفضل" للفيفا.. البرازيلي فينيسيوس يتوج بلقب عام 2024    تشييع رسمي لجثمان شهيد الواجب بمسقط رأسه في أبي الجعد    المغرب والسعودية يوقعان بالرياض مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي الحكومي    القنيطرة.. افتتاح معرض لإشاعة ثقافة التهادي بمنتوجات الصناعة التقليدية    صحيفة 'لوفيغارو': المغرب يتموقع كوجهة رئيسية للسياحة العالمية    إحصاء 2024: الدارجة تستعمل أكثر من الريفية في الناظور    الرباط.. انعقاد اجتماع لجنة تتبع مصيدة الأخطبوط    العام الثقافي 'قطر-المغرب 2024': الأميرة للا حسناء وسعادة الشيخة سارة تترأسان بالدوحة عرضا لفن التبوريدة        مجلس الشيوخ الشيلي يدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية (سيناتور شيلي)    المغرب "شريك أساسي وموثوق" للاتحاد الأوروبي (مفوضة أوروبية)    كلمة الأستاذ إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خلال اجتماع اللجنة الإفريقية للأممية الاشتراكية    رسمياً.. المغرب يصوت لأول مرة بالأمم المتحدة على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    فيفا ينظم بيع تذاكر كأس العالم للأندية‬    بنعلي: رفع القدرة التخزينية للمواد البترولية ب 1,8 مليون متر مكعب في أفق 2030    لماذا لا تريد موريتانيا تصفية نزاع الصحراء المفتعل؟    84% من المغاربة يتوفرون على هاتف شخصي و70 % يستعملون الأنترنيت في الحواضر حسب الإحصاء العام    ردود فعل غاضبة من نشطاء الحركة الأمازيغية تُشكك في نتائج بنموسى حول نسبة الناطقين بالأمازيغية    الأميرة للا حسناء تترأس عرض التبوريدة    النظام الأساسي لموظفي إدارة السجون على طاولة مجلس الحكومة    دفاع الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال يؤكد أن وضعه الصحي في خطر    تحقيق قضائي لتحديد دوافع انتحار ضابط شرطة في الدار البيضاء    ارتفاع معدل البطالة بالمغرب إلى 21% مع تسجيل ضعف في نسبة مشاركة النساء بسوق الشغل    مراكش.. توقيع اتفاقية لإحداث مكتب للاتحاد الدولي لكرة القدم في إفريقيا بالمغرب    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    حاتم عمور يطلب من جمهوره عدم التصويت له في "عراق أواردز"        ضابط شرطة يضع حدّاً لحياته داخل منزله بالبيضاء..والأمن يفتح تحقيقاً    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    سرطان المرارة .. مرض نادر يُشخّص في المراحل المتقدمة    كيوسك الثلاثاء | حملة توظيف جديدة للعاملات المغربيات بقطاع الفواكه الحمراء بإسبانيا    زلزال عنيف يضرب أرخبيل فانواتو بالمحيط الهادي    شوارع المغرب في 2024.. لا صوت يعلو الدعم لغزة    الصين تعارض زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية    ماكرون سيعلن الحداد الوطني بعد إعصار شيدو المدمر في أرخبيل مايوت    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    أفضل لاعب بإفريقيا يحزن المغاربة    لماذا لا يستطيع التابع أن يتحرر؟    عن العُرس الرّيفي والتطريّة والفارس المغوار    علماء يكتشفون فصيلة "خارقة" من البشر لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفرزت 5 مجموعات كبرى : جدلية الاقتصادي و الاجتماعي في جهوية 1997

منذ السنوات الأولى للاستقلال، بدأت تجربة اللامركزية مع قانون 1960 المنشئ للجماعات المحلية الحضرية والقروية، وكذا خلق مجالس العمالات والأقاليم بظهير صادر في سنة 1963، ثم إنشاء الجهات السبعة سنة 1971 دون أن تعطى صفة جماعة محلية، حيث نص الفصل 93 من دستور 1970 على أن الجماعات المحلية بالمملكة هي : العمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية، ولم يكتف هذا الدستور بإعلان هذا المبدأ العام، بل عززه بتشخيص مفعوله ضمن مقتضيات الفصل 95 الذي جعل من الجماعات سلطة تقريرية، ومن العمال ممثلي الحكومة في مختلف العمالات والأقاليم، منفذين لمقررات هذه السلطة، وفي نفس اتجاه 1970 جاء دستور كل من 1971 و1972.
وسنجد لأول مرة في الدستور المغربي بأن الجهة أصبحت جماعة محلية وذلك بمقتضى الفصل 94 من دستور 1992 الذي يضيف خلافا للفصل 87 من دستور 10 مارس 1972 على الجماعات المحلية وحدة ترابية جديدة أساسية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، فهو ينص على أن الجماعات المحلية هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية.
وهكذا، منذ 1992 أضحت الجهة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلالين المالي والإداري كباقي الجماعات الأخرى، وقد سار على هذا النهج دستور 1996 الذي دعم بدوره الركائز الدستورية للجهة، وبالرجوع إلى الفصل 38 من الدستور الحالي، نجد أن ثلاثة أخماس مجلس المستشارين يتكونون من أعضاء تنتخبهم في كل جهة من جهات المملكة هيئة ناخبة تتألف من ممثلي الجماعات المحلية. 3 وهذا يفسر بأن دستور 1996 ، حاول إدماج الجهة في المجال السياسي بواسطة التمثيلية مثلها مثل الأحزاب السياسية والنقابية والغرف المهنية وذلك في إطار مجلس المستشارين، كمؤسسة دستورية تمارس السيادة بصفة غير مباشرة.
أما عن الأسباب التي دفعت السلطات المغربية إلى بذل هذا الاهتمام المتزايد بالجهة فكثيرة ومتعددة، ويكفي القول بأن الإفرازات السلبية التي أنتجها ظهير 1971 كما رأينا سابقا، تعد في حد ذاتها أحد المبررات الكبرى لزيادة الاهتمام بالجهة وبطرق تأهيل إمكاناتها. وعموما يمكن تلخيصها في النقط التالية :
- فنجاح المغرب في مسلسل الجهوية يفرض عليه نتيجة العولمة والتحولات الجارية بالعالم، التأكيد على شرط أساسي ألا وهو «النمو الاقتصادي». فالجهوية ستساعد كثيرا على النمو، كما أن النمو سيساعد على نجاح الجهة «عندما تكثر الموارد ويتعمم النمو على جميع المناطق، وليس فقط على المناطق الغنية التي تتمركز فيها الحياة الاقتصادية وهو ما يسمى عادة بمحور الدار البيضاء - القنيطرة.. وللدلالة على هذا البعد يكفي الإدلاء بمؤشر واحد للتأمل، يفيد أن شخصا واحدا إذا هاجر من البادية ونزل بمدينة كبيرة، فإنه يكلف الاقتصاد الوطني 20.000 درهم من المصاريف المباشرة».
- كانت الأسباب السياسية من دواعي التقسيم الجهوي أيضا ويتجلى ذلك في بعدين، الأول مرتبط بمطلب الديمقراطية الذي سيجعل من الجهة عبر مجلسها المنتخب بطريقة «ديمقراطية»، ذلك المجال الذي يمنح الفرصة لأكبر قدر من المشاركة الشعبية في تولي قيادة الجهة، مع ملاحظة أن جهة 1971 كانت تمنع تمثيلية النقابات المهنية في مجلسها.
أما البعد الثاني، فيتمثل في ربط الجهة بمسألة الوحدة الترابية الوطنية، بهدف خلق جو من السلام في منطقة المغرب العربي. 6 ذلك أن البعض رأى في التقسيم الجهوي الجديد استراتيجية مغربية لحل مشكلة استرجاع الصحراء. 7 ففي سؤال جريدة «الباييس» الإسبانية يتعلق بتسوية هذه القضية عن طريق إقامة نظام فدرالية يكون للمغرب السيادة عليها مع منح هذه الأقاليم حكما ذاتيا موسعا، وهل بالإمكان إقامة نظام لامركزي في الصحراء دون تعميمه على جميع جهات ، هذا الطرح سيتبلور في خطاب المرحوم الحسن الثاني في الذكرى 12 للمسيرة الخضراء، وذلك في 6 نونبر 1996 بما يلي : «سيرا على ما جرى من محادثة بين الجانب المغربي من جهة، وبين جماعة من أبنائه المغرر بهم، وبطلب منهم قبلنا أن يأتوا إلى المغرب وأن يحظوا بمذاكرة مباشرة، وحينما أتوا إلى المغرب كان من الشروط الأساسية أنه لا يمكن لأطروحة الاستقلال أو الانفصال أن تطرح على مائدة المذاكرة... ولكن يظهر أنهم مازالوا لا يفهمون الوضع كما هو بالمغرب، ومازالوا لا يفهمون أن الصحراء أصبحت كما كانت مغربية... وليعلموا وليعلم الجميع أن الصحراء بفضل الجهوية التي ستعمها كما تعم جميع أقاليم المملكة من طنجة إلى الكويرة، ومن وجدة إلى أكادير، أن تلك الجهوية التي فيها في آن واحد اللامركزية واللاتمركز سوف تجعل من أقاليمنا الصحراوية عالما آخر وحضارة أخرى... ننتظر من هذه الجهوية أن تثري بدورها الصحراء التي انفصلت عنا بفعل المستعمر منذ عقود وعقود...».
- وبخصوص الأسباب الإدارية، يمكن القول إنها مرتبطة بمطلب التخفيف من مسؤولية الدولة، أمام تزايد أعبائها الاقتصادية والاجتماعية وتقلص إمكانياتها المادية، بسبب التقويم الهيكلي الذي طبق منذ 1983، ومن ثم فالتفكير في بلورة التقسيم الجهوي نظر إليه كأحد الحلول للتخفيف من أعباء الدولة، ومما زاد في دعم هذا التفكير الانتفاضات الشعبية التي اندلعت في مختلف أنحاء المملكة (الدار البيضاء، مراكش، تطوان، فاس، مكناس) بداية الثمانينات، والتي تميزت بالخصوص بطابعها الإقليمي والجهوي، كما أنها كانت ردة فعل ضد الانعكاسات السلبية لسياسة التقويم الهيكلي، والمتمثلة أساسا في تخلي الدولة عن بعض القطاعات الاجتماعية (تشغيل، صحة، تعليم...).
وهكذا، فإن ازدياد اهتمام السلطة المركزية بالقسيم الجهوي تحكم فيه سببان اثنان : أولهما تحويل بعض الاختصاصات التي تقوم بها الدولة إلى المجالس الجهوية خاصة بعدما تبين أن أغلب الجماعات التي أسندت إليها مهمة بناء المؤسسات التعليمية أو الإشراف على قطاعات اجتماعية قد فشلت في الاضطلاع بهذه المهمة نظرا لضعف الإمكانيات وسوء التسيير. وثانيهما : امتصاص الاستياء الشعبي من خلال خلق وسائط شعبية بين الدولة والسكان، خصوصا وأنه تم في السابق تحميل الجماعة المحلية مسؤولية الأحداث التي وقعت ببعض أقاليم المغرب (كأحداث فاس مثلا). هذا ومن الأسباب الإدارية طبعا نذكر تقريب القرار الإداري من مكان تنفيذه ليكون أكثر موضوعية ونجاعة، وللتخفيف من حدة البيروقراطية ولتسهيل اتخاذ القرار المناسب والإسراع لتنفيذه في أحسن الظروف والأوقات.
- لا بد من الإشارة أيضا إلى الأسباب الثقافية (سواء أكانت إبداعية، فلكلورية، رياضة، لغوية...) كأحد محركات التقسيم الجهوي، خاصة وأن العمل الثقافي عموما اتسم بطابعه الممركز الذي أدى في كثير من الحالات إلى تعطيل الحاجيات الجهوية «الثقافية» لجهة معينة، ويكفي أن نذكر بالاستطلاع الذي قامت به شركة (C.S.A) في فرنسا، حول مدى مساهمة اللامركزية في تحسين أو تدهور الثقافة، فكانت النتيجة «مذهلة»، حيث أن 47 % من المستطلَعين أجابوا بقدرتها على المساهمة في التحسين و5 % فقط أجابوا بالنفي.
ومن هذا المنظور، تم العمل على تدشين العمل الثقافي الجهوي من خلال خلق ما سمي بالجمعيات الوطنية : فاس سايس، رباط الفتح، الأطلس الكبير، كاريان صونطرال... التي أريد لها لعب دور في هذا الاتجاه وإحياء الشخصية الجهوية وإبراز المعالم والإبداع الثقافي للجهات، مع الحرص على تجريدها من أي توجه إيديولوجي.11 وأن تعوض النقص الحاصل في القانون الجديد لجهة 1997، الذي وإن أعطى للمجلس الجهوي اختصاصات يمكن إدخالها في نطاق الثقافة الجهوية (إنجاز مؤسسات تعليمية، جامعية...)، فإنها ظلت غير كافية.
لقد أدت ضرورة الاستفادة من الفعاليات والطاقات المتنوعة عبر مختلف الأقاليم المغربية وإبراز الأبعاد المتعددة للمجال المغربي : يعنى البعدين المتوسطي والأطلنتي بالنسبة للأقاليم الساحلية الغربية والبعد الجبلي بالنسبة للأقاليم الوسطى والبعد الصحراوي بالنسبة لأقاليم الحدود، إلى وضع شبكة جهوية أدت إلى تقسيم المغرب إلى 16 جهة، بناء على المرسوم رقم 2.97.246 الصادر في 12 ربيع الآخر 1418 الموافق ل 17 غشت 1997، والمتعلق بتحديد عدد الجهات وأسمائها ومراكزها ودوائر نفوذها وعدد المستشارين الواجب انتخابهم في كل جهة، وكذا توزيع المقاعد على مختلف الهيئات الناخبة وكذا أعداد المقاعد الراجعة للجماعات المحلية وتوزيعها على العمالات والأقاليم المكونة لها.
وكقراءة أولية لهذا التقسيم يمكن القول إن الجهات الستة عشر التي جاء بها هذا التقسيم، أفرزت لنا خمس مجموعات جهوية رئيسية روعي في تحديدها مبدئيا الجوانب الجغرافية والطبيعية والاقتصادية والحضرية والتاريخية... ويمكن تقديمها كالتالي :
المجموعة الأولى :
وتضم ثلاث جهات حددت اعتمادا على مقاييس تاريخية وبيئية واعتبارا لمتطلبات الاندماج والوحدة الوطنيين ويتعلق الأمر ب :
1- جهة وادي الذهب : وتغطي إقليم وادي الذهب الحالي.
2- جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء : وتضم ولاية العيون وإقليم بوجدور.
3- جهة كلميم السمارة : وتضم خمسة أقاليم وهي كلميم، طانطان، آسا-الزاك، السمارة.
المجموعة الثانية :
وتضم خمس جهات روعي في جمع مكوناتها خصائص التجانس داخلها والناتج عن ظروفها التاريخية واندماجها الاقتصادي واستقطابها الحضري. ويتعلق الأمر ب :
1- جهة سوس-ماسة-درعة : وتضم كلا من ولاية أكادير (أكادير-أوتنان، إنزكان-أيت ملول، إقليم شتوكة-أيت باها)، وأقاليم : تزنيت، تارودانت، ورزازات، زاكورة.
2- جهة الغرب-الشراردة-بني حسن : وتنقسم إلى إقليمين هما : إقليم القنيطرة، وإقليم سيدي قاسم.
ج- جهة الشاوية ورديغة : وتضم كل من أقاليم : سطات، خريبكة، بنسليمان.
د- جهة مراكش-تانسيفت-الحوز : وتضم ولاية مراكش التي تشمل عمالات مراكش المدينة ومراكش المنارة وسيدي يوسف بن علي وإقليمي الحوز وشيشاوة، إضافة إلى إقليمي قلعة السراغنة والصويرة.
ه- الجهة الشرقية : وتتكون من ولاية وجدة التي تضم كلا من عمالة وجدة-أنكاد، وأقاليم بركان وتاوريرت وجرادة، إضافة إلى إقليمي فكيك والناظور.
المجموعة الثالثة :
تم تحديد هذه المجموعة التي تضم جهتين، اعتمادا على مقاييس التكامل الوظيفي والاستقطاب الحضري، ويتعلق الأمر ب :
1- جهة الدار البيضاء الكبرى : وتتكون من ولاية الدار البيضاء وتضم عمالات هي : الدار البيضاء-أنفا، عين السبع-الحي المحمدي، عين الشق-الحي الحسني، بن امسيك-سيدي عثمان، الفدا-درب السلطان، مشور الدار البيضاء، سيدي البرنوصي-زناتة، المحمدية.
2- جهة الرباط-سلا-زمور-زعير : وتتكون من ولاية تضم ثلاث عمالات : الرباط-سلا، الصخيرات-تمارة، إضافة إلى إقليم الخميسات.
المجموعة الرابعة:
تم تحديد هذه المجموعة اعتمادا على مبدأ إبراز بعدين متميزين هما البعد الأطلنطي والبعد الجبلي وتكثيف استغلال الموارد الناتجة عنها، هذه الجهات هي :
1- جهة دكالة-عبدة : وتتكون من إقليمين هما آسفي والجديدة
2- جهة تادلة-أزيلال : وتضم إقليمي بني ملال وأزيلال
3- جهة مكناس-تافيلالت : وتتكون من ثلاث أقاليم هي : خنيفرة، إفران، الرشيدية، إضافة إلى ولاية مكناس التي تضم عمالتي المنزه والإسماعيلية وإقليم الحاجب.
4- جهة فاس-بولمان : وتضم إقليمي بولمان وصفرو وعمالات فاس-دار دبيبغ، فاس المدينة، زواغة مولاي يعقوب.
المجموعة الخامسة :
تم تحديد هذه المجموعة المكونة من جهتين اعتمادا على البعد المتوسطي، خاصة وأنهما جهتان محوريتان في برنامج تنمية الأقاليم الشمالية، ويتعلق الأمر ب:
1- جهة الحسيمة-تازة-تاونات : وتتكون من ثلاث أقاليم هي الحسيمة، تازة وتاونات.
2- جهة طنجة-تطوان : وتضم أقاليم تطوان، العرائش-شفشاون (ولاية تطوان)، وعمالتي فحص-بني مكادة وطنجة-أصيلا (ولاية طنجة).
يظهر إذن أن جهوية 1997 قد أتت بالعديد من الأشياء الجديدة، سواء على مستوى أجهزة الجهة واختصاصاتها وطرق تمويلها وعلاقتها بسلطات الوصاية، وأيضا على مستوى التقسيم المجالي الذي أفرزته. ولا أدل على ذلك من رفع عدد الجهات إلى 16 بدل سبعة، مع مراعاة المقاييس التي تسهم في تحديد معالم التجانس والتكامل لكل جهة، وهو ما يضفي عليها بالتالي ركائز هويتها المتميزة. ولكن ألم يسلم هذا التقسيم بدوره من بعض الانتقادات؟ وهل حظي بوجهات نظر من طرف الفاعلين في مجال إعداد التراب والتنمية الجهوية؟
الفرع الثالث : تقييم أولي للتقسيم الجهوي الحالي
إن ما يميز التقسيم الجهوي كونه حاول خلق توازن واضح بين جميع الجهات بناء على معطيات جديدة مستخلصة من تجربة 1971. إلا أن ذلك لم يعف البعض من الإشارة إلى العديد من الاختلالات التي اعترته، لاسيما على مستوى التركيبة الطبيعية والتجهيزية لكل جهة.
سنخصص هذه الفقرة للانتقادات التي وجهت للجهة كتقسيم جغرافي، على أمل أن نخصص بحثا مشابها للإتيان على كل الانتقادات المتعلقة بالجانبين المالي والإداري، وعليه فمن الملاحظات التي وجهها منتقدو التقطيع الجهوي الحالي، كون المعايير التي تم اعتمادها في هذا الأخير تتسم في مجملها بالعمومية، بحيث يمكن استعمالها في أي رقعة جغرافية كيفما كانت طاقتها وموقعها. فالجهات التي حددت اعتمادا على أساس الاستقطاب الحضري والتكامل الوظيفي، لا تختلف ميدانيا عن الجهات التي حددت اعتمادا على المقاييس البيئية والتاريخية ومتطلبات الاندماج الوظيفي، فهذه المعايير تبقى هي المعتمدة في خلق هذه الجهة أو تلك.
وفي قراءة لهذه المقاييس أو المعايير التي تم اعتمادها، يشير المنتقدون أن الاعتبارات التاريخية والبيئية قد أخذت باهتمام أكبر من طرف مصممي التقسيم، إضافة كذلك إلى المقاييس الجيوستراتيجية وعوامل التكامل الوظيفي والاستقطاب الحضري. إلا أن الملاحظة الأساسية - في نظرهم - تبقى هي أن 13 جهة من أصل 16 كلها تتوفر على منفذ بحري. وهذه الخاصية ليست بالجديدة أو خاصة بهذا التقسيم الجديد، بل هي نفسها التي تحكمت في تقسيم 1971 الذي كان فاشلا بكل المقاييس. وهكذا، وانطلاقا من هذه المعايير يظهر وبجلاء أن هناك جهات محظوظة بحكم احتوائها على عدد مهم من التجهيزات التحتية والمرافق الاقتصادية والاجتماعية كجهة الدار البيضاء وجهة الرباط سلا زمور زعير وجهة سوس ماسة. وهناك جهات يمكن أن يقال عنها بأنها معتدلة التوازنات إلى حد ما وذلك بالنظر إلى كون المركز الأساسي للجهة يحتوي على بعض التجهيزات التحتية الضرورية لاستقبال الأنشطة الاقتصادية والاستثمارات، كجهة تطوان طنجة، وجهة فاس بولمان، وجهة تانسيفت. وهناك جهات أخرى وهي كثيرة، تفتقر إلى التجهيزات الأساسية وتسجل بها كل الاختلالات التي تقف في وجه البناء الاقتصادي والاجتماعي على مستوى الجهة، وكمثال على ذلك جهة تازة الحسيمة تاونات، وجهة وادي الذهب، وجهة كلميم السمارة. وهكذا، إذا لاحظنا جهة سوس ماسة درعة، نجد أنها تتميز إلى حد ما بمؤهلات اقتصادية جد هامة، بالنظر إلى ما تتوفر عليه الأقاليم المكونة لها: شبكة مهمة من الطرق المعبدة تصل إلى 1092 كلم، مينائين ومطارين، إضافة إلى كونها أهم جهة سياحية بالمغرب بالنظر للأهمية والقيمة الإضافية الطبيعية والتاريخية للأقاليم المكونة لها والتي تشكل فيما بينها وحدة متكاملة إلى حد ما. وفي المقابل، هناك جهات أخرى تتميز باختلالات وتفاوتات واضحة بين الأقاليم المكونة لها، وتتميز بافتقارها إلى ثروات طبيعية وتجهيزات سياحية، بل وحتى إلى التجانس بين سكان الوحدات المكونة لها، كجهة تازة الحسيمة تاونات، فلا وجود للثروات الطبيعية بها باستثناء الغابات كما أن التجهيزات الأساسية شبه منعدمة، باستثناء ميناء الحسيمة وهو ميناء صغير لا يرقى إلى مصاف الموانئ التي تمكن المنطقة من خلق رواج اقتصادي. وأما من حيث التوازن أو الاختلالات بين الأقاليم المكونة لها، فإنه وحتى إن كان الفقر هو السمة الأساسية لهذه الأقاليم، فلا يوجد ما يربط بينها لا من حيث التقاليد أو الأعراف ولا من حيث التكامل بينها : «إذ كيف يعقل أن يتم الفصل مثلا بين تاونات وفاس ويتم ربطها بتازة والحسيمة، فتاونات تختلف تقاليدها وأعرافها إلى حد كبير عن باقي سكان الإقليمين الآخرين.. ومن هنا يظهر وبجلاء أن معيار إعطاء منفذ بحري لكل جهة، كان هو السبب ربما في ميلاد هذه الجهة المختلة واللامتوازنة».
وختاما، نقول إن ما لا نتفق عليه بخصوص هذه الانتقادات على وجاهتها هو سقوط جلها في مطب التوازن «المحاسباتي الرقمي» الضيق، وهذا ما لا يمكن قبوله في هذا الظرف، الذي أصبح يقوم على مبدأ التأهيل (تأهيل الثروات)، بمعنى آخر، إن ضرورة الاعتناء بالمجال والارتقاء به، تقتضي أولا المحافظة على المجالات الغنية وتدعيمها، لأنها تشكل الآن «ثروة وطنية» وعبرها سيتم تمويل الجهات المتأخرة. ذلك أن المجال الترابي يعد في حد ذاته خريطة متنوعة، وكيفما كان التقسيم المقترح له، فلابد أن تشوبه النقائص ويتعرض للانتقاد، وليس بدعوى القضاء على عدم التوازن إهمال مدينة الدار البيضاء مثلا التي تعد القطب الحضري والاقتصادي الأول في البلاد، فباسم النجاعة المجالية يجب الدَّود على هذه المدينة والحفاظ على مكوناتها وتأهيل قدراتها حتى يتسنى عبر فائضها دعم ومساعدة الجهات الأخرى، بتعبير آخر، يجب البحث عن التوازن المطلوب في اللاتوازن المفروض بحكم الواقع ومعطيات المجال. وعليه نقول، إن التقسيم الجهوي يعد من المواضيع الشائكة التي تتميز بالتعقيد والصعوبة من حيث كونه الإطار الجغرافي الذي تطبق داخله السياسات التنموية الجهوية هذا الإطار المتميز بطبيعته المتنوعة والمختلفة على شتى الأصعدة. ونعتقد جازمين أن الخطاب الملكي الأخير ل(يناير 2010) بمناسبة تنصيب أعضاء اللجنة الاستشارية المكلفة بوضع تصور حول الجهوية المناسبة للمغرب، قد أعفى أعضائها من جانب مهم من عملهم وهو المتعلق بتشخيص عوائق واقع الجهوية بالمغرب، حيث وضع الخطاب في جزئه الأول الأصابع على مكامن الداء وشخص مواطن الخلل والتي أتى هذا البحث المتواضع على تفسيرها والتوسع فيها، وقد رأينا عبر مدارج هذا البحث كيف أن المغرب قد راكم تجارب جهوية مليئة بالعبر والدراسات والأرقام و اتضحت له الصورة الآن بما يكفى لفرض خيار الجهوية وإنزالها إلى واقع التنفيذ الفعلي ، فقد أضحى بلدنا على علم تام بأدق تفاصيل مجاله الترابي ، خرائطيا وإحصائيا واجتماعيا واقتصاديا، وما كان ينقصه هو الإرادة السياسية الحقيقية لتبني الجهوية، وقد عبر عنها جلالة الملك رسميا بخطابه الأخير وحسم في قبوله لهذا الاختيار وإرادته في الدفع به إلى الأمام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.