واجه بعض وسطاء النقل الدولي صعوبات حالت دون تمكنهم من تحويل الأموال إلى نظرائهم في الخارج، وكادت أن تتسبب لهم في فقدان المكتسبات التي تمهد لهم الطريق نحو كسب المزيد من المتعاملين ونحو المساهمة في تبسيط عمليات التصدير والاستيراد وتقليص كلفتها. من خلال اللقاء الذي أجريناه مع عبد الرحيم الحسناوي ممثل مقاولة «لايت شيبينغ لاين» تبين أن مذكرة بنك المغرب الصادرة بتاريخ 31 دجنبر 2009 والخاصة بضرورة التوفر على القن «الكود» ليعتمد من طرف البنوك كمفتاح لتحويل الأموال إلى الخارج، تعرضت لتأويلات متباينة، وعوض أن تطبق على شركات تجهيز البواخر والطائرات، فإنها طالت وسطاء النقل الدولي واستثنت شركات الشاحنات العاملة في «النقل الدولي للبضائع »، وعلى ضوء ذلك تعرضت علاقات الوسطاء مع المتعاملين معهم في الخارج إلى التشكيك في قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم كما واجهت العديد من السلع مخاطر تمديد مدة إنجاز الإجراءات التي تسبق تسليم السلع للزبناء وبتمديدها ترتفع الكلفة وتتناسل الجزاءات وتصبح «الثقة»، التي هي أهم ما يكتسبه الوسيط، معرضة للفقدان. ما واجهه الوسطاء سعى بنك المغرب إلى تداركه بإعطاء مهلة جديدة للمهنيين صار بموجبها من المفروض عليهم أن يقدموا الوثائق الضرورية للحصول على القن قبل 30 أبريل المقبل، ومن تعذر عليه ستطبق عليه ما بين فاتح ماي ونهاية يونيو 2010 المسطرة القديمة، حيث سيكون عليه معالجة كل ملف على حدة وانتظار حوالي 10 أيام للحصول على موافقة بنك المغرب، غير أن هذه الاستدراك اصطدم بعرقلة حقيقية ناتجة عن طبيعة الوثائق المطلوبة، فإذا كان من الممكن تفهم أهمية الوثائق التي يطالب بها بنك المغرب، لأنها في مجملها ترمي إلى توفير الشفافية في المعاملات وتفادي كل أشكال تهريب العملة، فإن المطالبة برخصة وزارة التجهيز والنقل عرضت المهنيين إلى صعوبات قد تفرض عليهم الامتثال لعلاقات تحد من المهنية وتزيد من قدرات «أصحاب الشكارة» على احتلال موقع متميز في هذه المهنة التي تحتاج إلى التكوين والخبرة والكفاءة. فإلى جانب السجل التجاري والقانون الأساسي للشركة (الذي ينص على الطابع الدولي للشركة) وأقدمية 3 سنوات في مزاولة المهنة وشهادة جامعية (باكالوريا + 4 سنوات)، فإن الحاجز الأساسي يتمثل في شهادة بنكية تثبت بأن طالب الرخصة يتوفر على رصيد مالي لا تقل قيمته عن 500 ألف درهم. إن التوفر على رصيد 500 ألف درهم ليس بالأمر الهين، ولذلك فإنه يمثل حاجزاً يعرقل كل المجهودات المبذولة في مجال التشجيع على إنشاء المقاولة ويحول دون حقن مهنة الوساطة في النقل الدولي بدماء جديدة لها مؤهلات تواكب متطلبات العصر وقادرة على المساهمة في تبسيط المساطر وفي تقليص كلفة المعاملات. فالوسطاء ليسوا ضد التقنين ولكنهم ضد فرض شروط تعجيزية لا علاقة لها بالشفافية والنجاعة في مزاولة المهنة.