على أبواب الاحتراف، لا تجد بعض الأندية الكبرى حتى ما يكفيها لتغطية بعض المصاريف الصغيرة، كأجور موظفيها ومؤطري فئاتها الصغرى. وهذا ينطبق فعلا على فريق من حجم المغرب الفاسي، الذي يعيش هذه الأيام أزمة خانقة، قد تعصف بالكثير من مقومات الوقوف لدى هذا الفريق الذي ظل على امتداد أزيد من أربعة عقود، يعتبر من الفرق القوية والمراهن عليها لإنجاح مشروع التأهيل الذي مازال مكتوبا على اللوحات الإشهارية وعلى لسان مسؤولين ووافدين جدد. المغرب الفاسي انطلق هذا الموسم بانتدابات مهمة، وبأحلام كثيرة وبأسماء جديدة دخلت إلى عالم التسيير على خلفية أنها تمتلك أموالا وإمكانيات مالية مهمة يحكمها أفق واحد، هو أن يصبح فريق المغرب الفاسي من أقوى المرشحين للفوز باللقب، والذهاب بعيدا في التنافس على الواجهة العربية والإفريقية، لكن ما أن انتهت مرحلة الذهاب، حتى وقف الجميع محتجا، مضربا، علنا حربا على هؤلاء المسؤولين، لأنهم لم يستطيعوا تحقيق ما التزموا به أمام أنفسهم وأمام منخرطيهم في الجمع العام، وأمام الرأي العام الفاسي والوطني. طبعا اليد الواحدة لا تصفق، وطبعا أن هؤلاء المسؤولين الجدد، لا يمكنهم وحدهم أن يرفعوا من شأن هذا الفريق الوازن على الساحة الكروية الوطنية، وأن يدفعوه دفعا إلى الاحتراف، وهو يشبه تلك الحافلة التي أصابها الصدأ ولم تعد قادرة على التحرك، وبالأحرى قطع المسافات الطوال. المغرب الفاسي، كغيره من الفرق الكبيرة، لا تمتلك إلا الإسم وبنياتها لا تستطيع الصمود أمم الرياح العادية، وبالأحرى أمام العواصف، عواصف الاحتراف التي تتطلب هياكل قائمة على أسس متينة ودفتر تحملات يستند إلى أرقام وبيانات، وإلى استراتيجية عمل ممتدة في الزمن القريب والبعيد. فرقنا الوطنية، لا تمتلك شيئا، اللهم من تصريحات وزير في الرياضة، يقول فيها أي شيء، ويلتزم بأي شيء، من أجل لا شيء، هنا تكمن المشكلة الكبرى، مشكلة مسؤولين، يحسنون صناعة الحلم ويتقنون صناعة الألوان الجميلة، والحال أن الواقع لا يرتفع، ويظل الجميع في انتظار هذا الفيلم الجديد الذي سيخرج لأول مرة في باكورة عرض، لا تقوى اليوم على تحديد عدد الممثلين فيه وعدد المخرجين والنقاد وأصحاب الدور السينمائية الذين سيحضرون هذا اليوم الخالد في تاريخ الكرة المغربية. أزمة المغرب الفاسي، هي لقطة حزينة في فيلم مغربي عريض وطويل، تتعدد تفاصيله ومناظره من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. أزمة تؤكد بالملموس أن الأحلام والشعارات والتصريحات أمام الكاميرات، ما هي إلا هروبا من شبح الحقيقة، الحقيقة التي تعلى ولا يعلى عليها، اللهم من وزير يعتبر الحقيقة سوى ورقة يسهل طيها، وبالتالي وضعها في جيب فيه الكثير من المشاريع والأماني والأحلام. وسيظل المغرب الفاسي تحت ضغط الأزمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.