للتاريخ نتساءل: ماهي الرهانات التي ركبها الفريقان قبل هذه المباراة الأهم في نهاية الشطو الأول من البطولة وخلالها؟ بهذا السؤال يكون المعنيون بتتبع مجريات البطولة الوطنية في انطلاقتها نحو آفاق الاحتراف قد وقفوا على مؤشرات جادة خصوصا فيما يتعلق باستقطاب العناصر المناسبة للأماكن المناسبة على رقعة الملعب فتوة وتقنيا وامكانيات جسمانية عالية الحمولة. لعله اختبار أيضا لهذا النهج في توضيب الإيجابات الموضوعية، في زمن ترتفع فيه وتيرة البحث عن التميز والجودة المشروطين بتدفق الأرصدة المالية الداعمة للشركات الرياضية المعلن عنها في قانون التربية البدنية والرياضة رقم 30.09. نعم مباراة الوداد / الدفاع تعطينا ما نرومه من حقائق وبراهين ملموسة لأنها أولا قمة ثنائية يبحث من خلالها الجمهور والمتتبعون عن عنصر الحسم في تسمية بطل الخريف لموسم 2010 كما يختبر فيها المدربان الزاكي والسلامي مدى ما بلغاه في تقويم وهيكلة فريقيهما لتدبير البطولة ومن معالمها الأساسية هاته المباراة أولا ولفتح منافذ أرحب نحو الأحقية في تمثيل المغرب في البطولات القارية والعربية للأندية المتميزة في بلدانها ثانياً. ولأجل ذلك، لم يتهاونا في »اقتناء« عناصر وازنة مغربية وإفريقية. بهذه الهواجس كان الفريقان يعلنان ومنذ زمن بعيد عن إرادتهما في تحسين المردود الفردي والجماعي لهذه المباراة بالذات لأنها المحك الحقيقي الصارم لاستصدار أي حكم نهائي ولاستحقاق لقب هذه البطولة، ولِمَ لا المضي قدماً نحو التتويج النهائي ومن ثم الدخول إلى التاريخ هذا الدخول الذي استعصى خصوصاً على الدفاع الحسني الجديدي منذ زمان. من حيث العناصر المتبارية على البساط الاخضر هيأ كل فريق أجود ما لديه من آليات في مستوى الرغبة في الفوز وايضا بهاجس الحيطة والحذر عن طريق القراءة القبلية للقيم الحمراء والخضراء مما جعلنا »نتفرج« على مباراة نموذجية ليس للفرجة فحسب وإنما أيضاً للاعتزاز بما يمكن ان تكون عليه كرة القدم الوطنية قوة وجودة اذا ما توفرت لدى أنديتنا نفس الرغبة في التحديث وتسويق منتوج كروي رفيع المستوى دار للربح مغر بركوب رهاناته الاحترافية والمؤسساتية. تقنيا توزع الفريقان التسعين دقيقة مناصفة حيث كان الشوط الاول وداديا تتوج باصابة السبق عن طريق مويتيس الذي طار أعلى من الدفاع الجديدي ليسجل برأسه نقطة التحول والامتياز اثر زاوية متقونة الارسال لكن الفرسان الجديديين لم يخلعوا الأحذية ولم »يهبطوا السروج« ولم يفرغوا بنادق التبوريد من الرصاص اللعلاع حيث انطلق الشوط الثاني بقراءة سليمة لمجريات اللقاء من طرف كل مدرب ولعل السلامي ادرك اللاجدوى من تحصين الدفاع ف »كدَّس« عناصره كلها في الوسط مع استغلال واضح للفراغات التي تكاثرت في جانبي حصن الدفاع الودادي حيث تم اختراقها بتوزيعات قصيرة وذكية في زحفها نحو اصدقاء اللويسي الذين أخذوا يعلنون تباعا على ارتخاء غير مفهوم تترجمه الكرات المهدورة والمهداة للخصم كما تؤكده عزلة المهاجم الودادي الأوحد العلاكي في شبكة دفاع جديدي صارم. ورغم ان حملات ودادية كانت خطيرة حيث شكلت مصاعب امام مرمى الحارس الجديدي .. »ارتطام الكرة بالعارضة واهدار إصابة محققة من طرف العلاكي«، فان المعركة تحولت من رقعة الملعب الي كراسي المدربين، إذ أكد السلامي أنه يمارس الكوتشينغ الصائب أي تدبير اللقاء من منطلق القوة والإرادة الراغبة في النصر وليس من منطلق الوضع المتأزم فكان له ما أراد: الواقعية في الهجوم وفي انزال الخطر الجماعي على مرمى الوداد الذي كان في حاجة الى مدافعين يقظين وإلا ما كانت اصابة التعادل لتأتي على رجل المدافع الأيسر كاروشي على أنغام البرازيلي كارلوس ألبرتو والتي »لقمها له« الرجل المناسب الذي دخل في الوقت المناسب وفي المكان المناسب رضا الرياحي الذي استغل إحدى الفراغات الرحبة التي تكاثرت في جناحي دفاع الوداد طيلة الشوط الثاني، والتي من إحداها أيضاً تيسر للسينغالي لاطير أن يستغل غفلة الدفاع في مربع فركوس ويسجل الهدف الثاني هدف الفوز. نعم، إنها مباراة تستحق القراءة والرصد من جانب المهتمين، وذلك نظراً ليس فقط لأهميتها الحسابية، وإنما لتميزها التقنو تكتيكي والجسماني.