وجه الشاعر محمد بنيس رسالة مفتوحة إلى الشاعر نجيب خداري رئيس بيت الشعر بعد مرور سنة على تولي هذا الأخير رئاسة هذه الهيئة الثقافية (أو بلغة بنيس، بعد مرور سنة على تعيينه، بصفته الحزبية، رئيساً لهذه المؤسسة). وتتضمن الرسالة مجموعة من الأسئلة، من بينها: «ما السبب الذي يدفعك وأصدقاءك إلى الاستمرار في التشطيب على اسمي وأعمالي من أنشطة وخطابات ومنشورات «بيت الشعر في المغرب»؟ ألا ترى أن هذا التشطيب تأبيد للحكم علي بالإعدام المدني، الذي أصدره بحقي حسن نجمي؟ بل ما السند القانوني، أو الأخلاقي، الذي يؤدي بك وبأعضاء الهيئة إلى أن تمارسوا بحقي هذا الحكم ؟ ألديك وثيقة رسمية بخط يدي أو بإمضائي تثبت أنني سحبت عضويتي من «بيت الشعر في المغرب»؟. يواصل محمد بنيس أسئلته: «قل لي، أنت الرئيس باسم حزب يرفع شعار الدفاع عن مغرب حر، بأي لسان يمكنني أن أحكي هذا الذي يلحقني باسمك وفي ظل مسؤوليتك؟ بأي أمل يمكن أن أتكلم عن مستقبل الثقافة المغربية؟ عن أي شعر وشعراء؟ أو أي أخلاق للمثقفين وأي سلوك؟ .. ». وقد قدم رئيس بيت الشعر لثلاث دورات من 1996 إلى 2003 لهذه الأسئلة بقراءة للمسار الذي اتخذه البيت منذ ما وصفه بقرار الشاعر حسن نجمي «الاستيلاء على بيت الشعر في المغرب، بمؤازرة أعضاء سياسيين، وقد رأى في هذه المؤسسة غنيمة لا توازيها غنيمة أخرى. وهو ما رأى فيه صاحب الرسالة « عودة السياسي لإخضاع الشعر والشاعر لتبعيته، وقد كانا تحررا من تلك التبعية على مدى سنوات». إن المسألة الثقافية، في رأي بنيس، ليست بعد من الشأن العمومي، في مجتمع تسوده حداثة معطوبة، كما أن السلطة التي توفر عليها سياسيون تقدميون، في حكومة التناوب والحكومة الحالية، وضعت، يقول بنيس، « بين يدي حسن نجمي نفوذاً استغله لبلوغ غايته. كان هذا الاستيلاء على «بيت الشعر في المغرب» يعني خيانة فكرة «البيت»، بما هي فكرة حرة من أعباء لا شأن للشعراء بها، تهدف إلى حفظ كرامة الشعر والشعراء المغاربة، بعد أن كان اليتم مصير كل منهما. ذلك ما كان أكد عليه كل من «بيان التأسيس» و»الميثاق». وتتمثل خيانة الفكرة في بث روح العداء بين الأعضاء بدلا من روح الصداقة والأخوة، وتحويل «البيت» إلى مكان مغلق على المكيدة والإلغاء بعد أن كان مكاناً للقاء والتضامن». وبالنسبة لمحمد بنيس فخيانة الفكرة تجسيد لما يسميه «الخوف من المعنى». « تسمية، يوضح،تدل على أن من واجب الشاعر أن يفكر في الألم الجماعي، ويحتضن الفكرة ويربط بينها وبين مسلكه في الكتابة والحياة والمقاومة. فمعنى «بيت الشعر في المغرب»، ومعنى الشعر والشاعر، يقوم على التعدد والاختلاف واللانهائي». ويرى صاحب الرسالة أن «النتيجة الفورية، للخوف من المعنى، هي تنفيذ الإعدام المدني في حقي، بمباركة من الرئيس الأسبق وأعضاء كانوا، كغيرهم، من أقرب الناس إلى نفسي، ولكنهم نفذوا الأمر بعد بيع حريتهم مقابل مناصب وعطايا أصبح بعضهم يتمتع بها والآخر ينتظرها. نفذوا الحكم، خوفاً من المعنى الذي كنت أقاوم، مع غيري، من أجل المحافظة عليه... والسبب المباشر لانتقام كهذا هو إبداء رأيي، كعادتي، بحرية وصراحة، أثناء اجتماع للهيئة، تحفظت فيه على التسرع في اختيار حسن نجمي مرشحاً لرئاسة بيت الشعر في المغرب». «الاتحاد الاشتراكي» اتصلت برئيس بيت الشعر الأستاذ نجيب خداري الذي أعرب لنا عن حزنه لهذه الرسالة مفضلا أن يحيلها على الهيئة التنفيذية للبيت لتقرأ بما يستحق من تأمل وإصغاء. ويضيف خداري: «لم أمارس في حياتي إقصاء ضد أحد، وفي مسؤولياتي الثقافية حاربت كل أشكال الإقصاء والعزل. في الرسالة كثير مما يجدر تصحيحه وتدقيقه، ولأنني لست مفردا في بيت الشعر المغربي، بل مسؤول عن مؤسسة انتصبت دائما للدفاع عن الشعر والشعراء أستحسن أن تكون الإجابة باسم المؤسسة، وأن تكون حريصة على المبادئ وعلى المحبة التي بها تأسس بيت الشعر في المغرب». وحين طلبنا رأي الشاعر حسن نجمي في الموضوع أجاب بأن الرسالة لا تعنيه مباشرة،» فهي موجهة إلى رئيس بيت الشعر في المغرب الأخ الصديق الشاعر نجيب خداري، ومن خلاله إلى هيأة بيت الشعر، وسيكون رأيي من ضمن رأي بيت الشعر رئيسا وهيئة وأعضاء»، مضيفا بأنها ليست «ليست المرة الأولى يُذكر فيها اسمي بوضوح، في سياق الاتهام والتجني، وفي نص عمومي لأخينا وصديقنا وأستاذنا الشاعر محمد بنيس. وأتمنى ألا يكون الأمر في جوهره تجديدا وإحياء لنفس الإحساس القديم بالاضطهاد، ونفس الشعور بالخوف من الفعل السياسي أو الانتماء السياسي مع أنه فعل مدني حضاري نبيل، فضلا عن أنه ممارسة لحق من حقوق الإنسان يصادره شاعر من شاعر آخر، وعلى كل حال، يضيف نجمي،إذا أراد أخي الشاعر محمد بنيس أن نتحاور جديا فأنا على استعداد لأنخرط معه في حوار عمومي في قاعة عمومية وأمام جمهور أو في برنامج تلفزيوني أو إذاعي أو صحفي لكي نتحدث أمام شهود. وآنذاك يحضر الجميع وكل يحمل كتابه في يده حتى ننهي بعض الأوهام والادعاءات التي تمس بالشعر والشعراء في المغرب». ويختم نجمي تصريحه ل »الاتحاد الاشتراكي» بالقول:»إنني أحترم الرجل، وأعتز بكوني أحد أصدقائه، وأحد طلابه في الجامعة، وأحد تلامذته في الشعر والكتابة والحياة. وأرجو أن تكون له رفعة الشاعر قبل كل شيء، وبعد كل شيء».