يرى الأستاذ سعيد الجديدي في حواره مع جريدة الإتحاد الإشتراكي، أن رحلته في الكتابة بالإسبانية كانت و لا تزال رحلة البحث عن المتعة و أن الكتاب المغاربة باللغة الإسبانية كانوا عرضة للتناسي القاتل من لدن السلطات الثقافية بالمغرب ، و بعزة نفس و أنافة أدبية يؤكد أن الأدب المغربي المكتوب بالإسبانية لا يريد السقوط في خطيئة التسول و لا هو إرث إستعماري كما يراه البعض ، وعن أزمة الكتاب الأدب الإسباني المكتوب من طرف المغاربة يقرنه الأستاذ الجديدي بأزمة القراءة بالمغرب بصفة عامة. 1/ لمن يكتب الأديب سعيد الجديدي هل للمغاربة ؟ أم للنخبة الإسبانية ؟ ٭ للذين يهتمون برؤيتي للأدب عن قرب ، لدي أربع كتب منشورة وأستعد لنشر الكتاب الخامس . تجربة إصدار هذه الأعمال الأربعة بالإضافة إلى مئات المقالات المنشورة في مختلف وسائل الإعلام الإسبانية والأمريكية اللاتينية و كذا الندوات التي قدمتها في الدول الناطقة بالإسبانية ، فمن خلال هذه التجربة تكونت لدي الفكرة التالية وهي أن الأعمال الجيدة هي التي يمكن أن تحظى باهتمام الجميع و بالتقدير و الإحتفاء . و في هذا الإطار ، فإن الأدب المغربي المكتوب بالإسبانية ، والذي كتبته أنا ، ليس أدبا إسبانيا وإنما مغربي : أفكاره ، رؤاه ، تصوراته ، وأسلوبه في التواصل ، هي في الجوهر أدب مغربي محض موجه للمغاربة و للإسبان و لكل شخص مهتم بالأدب بصفة عامة . 2/ ماذا يمكن لكاتب غير إسباني و تحديدا مغربي أن يضيفه لقارئ إسباني ؟ ٭ كما سبق وأشرت ، وبغض النظر عن القيمة المضافة لأي عمل أدبي ، فإن الأهم هو التعبير عن النفس ، إيصال مشاعر وإحساسات بلد جار لإسبانيا مثل المغرب . الأمر هنا لا يتعلق بسباق نحو هدف معين ، بل بكل بساطة التعبير عن النفس بواسطة لغة يعتقد المرء أنه يتقنها أكثر من غيرها ، بما في ذلك لغته الأم ، رغم أن الأمر لا يعني إهمال اللغة الأم التي أكتب بها غالبا في الصحف المغربية . 3/ هل فعلا يجد الأدب المغربي المكتوب بالإسبانية نفسه أمام صعوبة تأكيد الذات؟ ٭ شخصيا لست بحاجة لذلك . بالنسبة لي لا يتعلق الأمر بفرض ذاتي ، لو كنت أتوخى ذلك لحصلت عليه بوسائل و أدوات لغوية أخرى و التي أتوفر عليها . الأمر ليس كذلك ، فأنا أعتقد أن المشكل بالنسبة لي على الأقل غير مطروح . فمقالتي في IDENTIDAD ANDALUCIA ومواقعها الثمانية والعشرين ، من بينهاCNN الإسبانية ، و PRENSA LATINA في كوبا ، من بينها مقال آخر حول الوحدة الترابية ، مقالاتي في هذه المواقع من بين الأكثر قراءة والأكثر تعليقا ، من طرف قراء في العالم أجمع بينهم إنفصاليون من البوليساريو . يتعلق الأمر بتدفق للمشاعر أحاول أن أجد له قناة على شكل أفكار ، رؤى أو بكل بساطة أحلام تجد شكلها في نثر إسباني ، لكنها في كل أحوال من أعماق الخصوصية المغربية ، وفي حالتي التطوانية . 4/ ماذا نعرف نحن عن هذا الأدب مقارنة مع الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية؟ ٭ لا أدري ، ولم أحاول أبدا أن أعرف ذلك . لكن الأكيد أنه مثلا في روايتي الأخيرة - يامنة -أو -الذاكرة الحميمية- ليس لدي ما أشكو منه . لقد نزلت إلى الأسواق في المغرب ، وكانت النتيجة أكثر مما كنت أتوقع ، كما أنه تقديمها في العديد من الجامعات المغربية أكد لي أن هناك اهتماما كبيرا بهذا النوع من الأدب ، أو على الأقل حب استطلاع وإعجاب بالأدب المغربي المكتوب بالإسبانية ولما أكتبه أنا بالإسبانية . كذلك ، لا بد من التوضيح بأنه في المغرب ، وبالرغم من عدم اهتمام دراماتيكي بالإسبانية وبأن جميع الذين يكتبون بالإسبانية كانوا عرضة لتناسي قاتل من طرف السلطات الثقافية في البلاد ، فإنني أجد يوميا هناك علامات من التعاطف والتضامن من طرف المجتمع المدني الذين يمدون بالطاقة اللازمة لمواصلة الكتابة . 5/ هل فعلا هذا الأدب لا يرقى إلى العالمية أو بعبارة أصح لا يرقى إلى التتويج على غرار الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية ؟ ٭ الإسبانية والفرنسية لغتان مختلفتان ومتباعدتان . في فرنسا نجد أن أي إفريقي بإمكانه أن يصبح مرشحا لأعلى الجوائز الأدبية ، على عكس إسبانيا التي لم يعرف فيها الأدب أي ركود . أما بالنسبة للمقارنة مع الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية ، فسيكون من الهراء اللجوء إلى مقارنة مماثلة . لا أحد يجهل بأن المغرب ، في مختلف مؤسساته ما زالت تفرض اللغة الفرنسية ، بل إنها في حياتنا اليومية تتجاوز بكثير اللغة العربية . لذلك لا يمكن ولا يجب عقد مقارنات كما أنه في المغرب ليس هناك أزمة قراءة بالإسبانية بل أزمة قراءة بشكل عام ، بكل بساطة وعقلانية وتراجيدية . 6/ لماذا غياب الكتاب المغاربة عن خريطة الجوائز المهتمة بالأدب الإسباني ؟ ٭ لقد أجبت عن ذلك ، السبب هو أن الكتاب المغربي المكتوب بالإسبانية لا يتمتع بالدعم المعنوي والمادي من طرف المسؤولين عن الشأن الثقافي في بلادنا . نحن لا نشكو ، فنحن الذين نكتب بالإسبانية لا نفعل ذلك من أجل الربح المادي ، ولكن من أجل أشياء أخرى عديدة من بينها المتعة التي يجلبها التعبير عن الذات ، وأن نحظى بالإعجاب إذا أمكن . 7/ ما هو دور المؤسسات الإسبانية ( سيرفاطيس ، وزارة الثقافة...) في هذا النكوص ؟ و هل أصبح تدخلها ملزما لها و إن من باب الدين الاستعماري لشمال و جنوب المغرب ؟ ٭ لا أريد السقوط في خطيئة التسول ، لكني أعتقد أن لا علاقة لإسبانيا بالأدب المغربي المكتوب بالإسبانية وهو بالمناسبة ليس بإرث استعماري . أما بالنسبة للشأن للثقافي في المغرب فإنه لا يتوفر إلى حد الآن على أي تصور للتعددية اللغوية : العربية ، الفرنسية.....بكل جدية أعتقد أن جمعية الكتاب المغاربة بالإسبانية،بإمكانهم إثراء البانوراما الثقافية الوطنية وبالتالي لعب دور أساسي سواء في العلاقة مع إسبانيا أو الدول الناطقة بالإسبانية .إن الأزمة التي اصطلح عليها ب «سيدة لانزاروتيَ» ، أميناتو حيدر، أكدت أن على المغرب وباستعجال ، أن يضع استراتيجية للتواصل مع إسبانيا ، التي كان مجتمعها المدني الوحيد الذي دافع بابتذال عن هذه «المدافعة عن حقوق الإنسان» وعن البوليساريو و«رئيسها« مدى الحياة وقيادتها الأحادية . لذلك فإن الجواب الوحيد الذي بإمكانه خلق رجة هو جواب بالإسبانية على مطالب إسبانية . 8/ هل فعلا - كما يقول الأستاذ إدريس الجبروني- أنه عندما نتواصل بلغة المستعمر بدل لغتنا نفقد هويتا ؟ ٭ لست متفقا الأستاذ إدريس الجبروني ، رغم أنني أحترم رأيه . ومع ذلك فقد قرأت له شيئا مماثلا مكتوبا بإسبانية جيدة ، إنه كما يقال مثل الملحد الذي يقسم بالله على أن الله غير موجود.