كما لايخفى على أحد، فإنه بعد استقلال المغرب انكمشت الثقافة الاسبانية على نفسها وصارت محاصرة في دوائر ضيقة، ولم تحاول الخروج من قوقعتها إلى دوائر أوسع إلا في هذه السنوات الأخيرة من خلال تفعيل المراكز الثقافية الاسبانية، وبصفة خاصة بمدن شمال المغرب وبدأت آنئذ العودة إلى الاهتمام باللغة والثقافة الإسبانية وبالكيفية التي يراد لها، سواء من خلال تدريسها في معاهد سيربانطيس أو تنظيم لقاءات ومهرجانات تعنى بالأدب الاسباني مع شركاء لها على مستوى المؤسسات الثقافية المغربية الرسمية أو من المجتمع المدني. بالعودة إلى التاريخ الثقافي المغربي وهذا شيء أساسي فإن منطقة المغرب الكبيرة التي كانت تسمى المنطقة السلطانية إذاك، والتي كانت ثقافيا أضيق، كان السائد فيها هو التعليم الفرنسي (اللغة الفرنسية)، بالرغم من أن الحركة الوطنية كانت تصدر مجلات ثقافية، وكان هناك كتاب وشعراء يكتبون بالعربية، لكن المجال في تطوان، وفي الشمال كان أوسع بكثير، فقد بقي التعليم معربا، والتعليم كان في كل مدن الشمال باللغة العربية، أما اللغة الإسبانية فقد كانت هي اللغة الثانية، إلى جانب الحركة الثقافية التي نضجت في الشمال، وفي تطوان بصفة خاصة، ونضجت ابتداء من الثلاثينات وقويت في الأربعينات، بحيث كانت تصدر عدة مجلات ثقافية، حيث اعتبر ذلك ظاهرة ممتازة، وكان يكتب فيها الشعراء والكتاب المغاربة الذين يكتبون بالعربية من الرباط وفاس، وأقدم مثال على ذلك الشاعر محمد السرغيني الذي كان ينشر شعره الأول في مجلة «المعتمد» وفي مجلة «الأنيس»، وفي غيرهما من المجلات التي كانت تصدر في تطوان، و كل الأسماء التي كانت تكتب إذاك كانت تراسل هذه المجلات، أي أن الجو كان مهيئا في الشمال لإنبات وتوريث حركة ثقافية، لكن الدارسين للشعر المغربي ينسون فترة مهمة من تاريخ الشعر المغربي، وهي فترة الثلاثينيات وفترة الأربعينيات، وخصوصا ما قدمته مجلة «المعتمد»، التي كانت تصدر باللغتين، وهي مجلة شعرية على الأقل امتزج فيها الشعر المغربي العربي ، بالشعر الإسباني، واطلع من خلالها الشعراء المغاربة على تجارب رائدة من الشعر الإسباني إذاك ، الذي كان يعيش إحدى لحظات الوهج في ظل جيل ( لوركا) ، وجيل سالفادور دالي كرسام وويليم الكسندري وهو شاعر إنساني كبير - حائز على جائزة نوبل- ، الذي هو الآخر كتب في مجلة «المعتمد» ، إذن هذه التجارب كانت تترجم إلى العربية. ومن هنا كان المغاربة يتابعون كل ما يترجم، ومنهم من كان يعرف الإسبانية ويطلع على اللغة الإسبانية. وما كان يجب أبدا أن نغفل هذه المرحلة ولا نعطيها ما تستحقه من كونها تأسيسية في تاريخ الشعر المغربي، فليس من الصدفة أن ينبثق الشعر المغربي الحديث أو التجربة التحديثية حتى ولو لم يكن الشعراء تطوانيين، أو حتى لو لم يكونوا شماليين، فهم كانوا يكتبون في هذه المجلة. ومن جهة أخرى فإن للشاعرة الاسبانية ترينا مكادير(TRINA.MACADER) ذكريات، فهي قد عاشت في المغرب فترة وبالتحديد بمدينة العرائش. ثم بعد سنة أو سنتين ستنتقل لتقيم بمدينة تطوان، حيث أسست مجلة (المعتمد) بمدينة العرائش، وأصبحت تصدر من هذه المدينة، وفي هذه المرحلة الثانية عرفت المجلة تطورا ملحوظا عند إقامتها بتطوان، وذلك في أوائل الخمسينيات، (من 1947 إلي 1956)، وكانت الشاعرة شغوفة بالثقافة العربية في لقائها بالثقافة الاسبانية، إذ أنها كانت تنحدر من جذور أندلسية فتخصصت في نشر الشعر العربي الحديث والشعر الاسباني كذلك باللغتين معا، وكذلك استطاعت في فترة وجيزة أن تستقطب أبرز الشعراء الاسبان الشباب، ومن خلالها كان القارئ يطل علي مختلف التيارات الشعرية في العالم العربي.لذا فإن بدور الحداثة الشعرية انطلقت من ما كان ينشر بتطوان، وكان هناك احتكاك مباشر ما بين التجربة الشعرية الإسبانية التي كانت في أوجهها، وكذا احتكاكها بالشعر العالمي، من هنا لابد لهذه الحركة التي كان مجالها هو هذه المجلات التي كانت تصدر من تطوان أن يكون لها تأثير كبير . ولهذا فإن الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية وجد له حضورا قويا بشمال المغرب، والذي كان مستعمرا من طرف اسبانيا. وبالتالي فإن أدباء هذه المنطقة كانت دراستهم وتكوينهم باللغة الاسبانية بالكامل، لذا فاللغة الاسبانية التي تكلموا وكتبوا بها شكلت وعيهم لمعانقة الابداع الأدبي، وكان الأقرب لهم حينئذ، لكي يطوعوا قدراتهم، وملكاتهم الإبداعية هو الاطلاع على الأدب الاسباني وما يحمله من تيارات الحداثة، وهناك من المختصين في ظاهرة الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية، تجدهم يصرون على التأكيد أنه خلال فترة الاستعمار عاش في المغرب كتاب ومبدعون اسبان، وتفاعلوا مع نظرائهم المغاربة، إلى درجة أنهم أسسوا مجلات أدبية كانت هيئات التحرير فيها مكونة من مثقفين وادباء مغاربة واسبان، فظهرت مجلة (تمودة) بتطوان، ومجلة (المعتمد) بالعرائش. ولكن لماذا تخلى الأدباء الذين يكتبون الأدب المغربي باللغة الاسبانية عن لغتهم الأم، هل هناك عجز في التواصل أو أن اللغة ما هي إلا أداة للتواصل وكفى، والسؤال الجوهري لماذا نكتب بلغة أخرى وما هي مشروعية هذه اللغة للتعبير عن هويتنا وخصوصياتنا المغربية ، هل هذه الكتابة هي مشروع للتعبير عن الهوية والثقافة المغربية ، هل بحافز مغازلة الغرب والتودد إليه فيما صار يصطلح عليه اليوم بحوار الحضارات. غير أن الذين يكتبون بالاسبانية لم ينالوا الشهرة التي حضي بها الكتاب الذين كتبوا بالفرنسية وعرفوا بعناوين أدبية بارزة مثل «الماضي البسيط» للراحل إدريس الشرايبي ثم الطاهر بنجلون الذي عرف بأكثر من عنوان روائي أثار من خلاله حدثا ثقافيا بفرنسا. أما عن الاهتمام الذي يجده الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية في البرامج الثقافية بالمغرب ونقصد هنا غير الرسمية، ففي متابعة هنا وهناك، لمجمل الأنشطة الأدبية سنلاحظ أن الاهتمام بالأدب المغربي المكتوب بالاسبانية ضمن برامج المؤسسات الثقافية، شبه منعدم، ماعدا بعد المجاملات، والتي تطبع مجملها صفة الاخوانيات والصداقات، فقليلا ما يتم استدعاء أدباء وكتاب أبدعوا باللغة الاسبانية إلى مهرجانات شعرية وأدبية إلى جانب شعراء العربية الفصيحة، لذا الأمور تبدو غير واضحة ومبهمة، لماذا يغيب الاهتمام باللغة الاسبانية وعدم الاكتراث، هل لأسباب سياسية، أم أن النخبة المثقفة هي من تحاول اكتشاف الأرخبيلات الأدبية القريبة إلى وجدانها. وفي وقت سابق كان يُتهم المثقفين الإسبانوفيين بانطوائهم على أنفسهم وربما خوفا من الاصطدام مع التقليديين الذين لايقبلون بلغة غير العربية في الأدب والفكر ، كما كان لفترة خروج المغرب من جحيم الاستعمار الاسباني والفرنسي أثر سلبي، وهناك اصطدامات ربما كانت موروثة بعد استقلال المغرب السياسي عام 1956والتي لاتنتصر إلا للغة العربية والتي تعتبر أن السيادة الوطنية لا تتم إلا عبر السيادة اللغوية للنخبة السياسية الحاكمة. وبرأي المختصين بالأدب المغربي المكتوب بالاسبانية فإنهم يرون أنه بالرغم من الانتشار الذي حققه هذا الأدب ليصبح مقروءا خارج الحدود ولا يلتفت إليه من قبل المؤسسات الثقافية المغربية فإنه أدب يقدم على طبق ساخن على شكل شربة لذيذة للاسبان يتلذذون من خلالها في الواقع المغربي والذي لا يقدم منه إلا من يرتدي السواد . وقد كان لجمعية الكتاب المغاربة باللغة الإسبانية ، التي تأسست في مدينة العرائش سنة 1997 ، ويٍرأسها حاليا الأستاذ لعشيري ، كاتب وصحفي بجريدة (لامنيانا) ، دور أساسي في جمع شمل الأدباء والتعريف بإنتاجاتهم الأدبية والتي صارت موقع نقاش أدبي ونقدي من خلال ما أنجز من تراكم وإغناء للخزانة الاسبانية ونجد مثلا الكاتب محمد الصيباري، ألف عشرة كتب بالاسبانية، ومحمد بويسف الركاب ثمانية مؤلفات، ومحمد أقلعي ثلاثة كتب، ومولاي احمد الكامون و الروائي سعيد الجديدي صدرت له أربع روايات باللغة الاسبانية «الصرخة الأولى» العام 2001، « تقرير المصير المبهم» العام 2003، «تحت الختم» 2005العام ، وأخيراً رواية «يامنة» العام 2006. وأما الشاعر عبد الرحمان الفتحي فله خمسة دواوين شعرية وهي : «ثلاثية الصور والكلمات» العام 1998، «الرسو» 2000العام الذي نال به «جائزة رفاييل ألبرتي للشعر» ، و»إفريقيا في أبيات مبللة» العام 2002، «الربيع في رام الله وبغداد» 2003العام ، و»من الضفة الأخرى» 2006العام . وأخيرا ديوان «الربيع في رام الله وبغداد» . وحول هذه التراكمات الأدبية وغيرها يبقى التساؤل المطروح ما هي الإضافة التي ستضيفها للأدب الاسباني وهل القارئ الاسباني في حاجة إلى المغاربة لكي يؤلفوا له روايات ويكتبون له القصائد بلغتهم ، وفي هذه المقاربة نلتقي فيها مع رأي الإعلامي والشاعر شكري البكري الذي يكتب بالعربية والاسبانية حين يتساءل هو الآخر « ماذا يمكن لكاتب غير إسباني أن يضيفه لقارئ إسباني؟ هل تعدم الآداب الإسبانية، بكل روافدها، شاعراً أو قاصاً؟ لا أظن. وإذن، كيف لي أن أضيف شيئاً، بتخيلي ولغتي العربيين، إلى المتنين الإسباني والأمريكي اللاتيني؟ ينبغي ألا ننسى هذا العنصر الذي يعتبر من أغنى عوامل الثراء في الأدب المكتوب باللغة الإسبانية. وأذكر أنّ هذا هو ما ركزت عليه في مداخلتي بمناسبة انعقاد أول ندوة دولية للأدب المغربي ا لمكتوب باللغة الإسبانية التي عقدتها كلية الآداب ظهر المهراز بفاس عام 1994» . ونعرف أن الكتابة باللغة الاسبانية جاءت لحاجة معرفية وجمالية، لاكتشاف بلد قريب منا، ومشابه لثقافتنا، ولنا تاريخ مشترك معه، نستطيع أن نتواصل معه بسرعة، لأن الأدب بمستطاعه أن يكسر الحدود ويوطد العلاقات الانسانية أي ماعجزت السياسة عن تحقيقه ، إلا أن مستقبل هذا الأدب مرهون بالأجيال الأدبية الجديدة والتي هاجرت اسبانيا والتي من شأنها أن تكون قد تخلصت من العقدة الاستعمارية لشمال المغرب وتداعياتها وجراحاتها والتي لم تندمل لدى الأباء والأجداد. وبهذه المناسبة نذكر اسم برز مؤخرا ويتعلق الأمر بالكاتبة المغربية نجاة الهاشمي والتي فازت بأبرز جائزة أدبية في كتالونيا الإسبانية،إذإعتبر النقاد روايتها «آخر الآباء المتسلطين « (Lltim Patriarca) مفاجأة الساحة الأدبية الكتالونية في إسبانيا العام الماضي بعد فوزها بأبرز جائزة أدبية كتالونية، وهي «جائزة رامون لول» التي تمنح سنوياً منذ العام 1981 لأفضل عمل أدبي مكتوب باللغة الكتالونية. وحققت نسبة كبيرة من المبيعات. تحت المجهر لو وضعنا الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية، تحت المجهر وقمنا بعملية تفكيكه وقراءته، والتنقيب عما أنجز فيه، وما لم ينجز، وما هي الفتوحات التي قام بها كتاب هذا النوع من الأدب، وما هي التراكمات الإبداعية التي تحققت أو لم تتحقق، ونحن نعرف أن النقد الأدبي الاسباني يكرس المواضعات، وخصوصا فيما يتعلق بالمهاجرين وبأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وهذا يضعنا أمام سؤال عريض : (الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية . ما هي خلفياته وأسراره ولم لا يحتكم النقاد إلى النص؟ ) فضلا عن هذا ، فإن هذا الأدب تعوزه الانتشار، بالمقارنة مع الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية، والذي تقام له حملة دعائية كبرى وتحقق رواية واحدة أكبر سقف من المبيعات وتصنع الحدث الثقافي. ومن وجهة نظر الناقد و المترجم إدريس الجبروني الذي ينفي وجود الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية « قائلا «لا يوجد أدب مغربي بالإسبانية، كل ما هناك، نصوص مكتوبة بالإسبانية من طرف مغاربة، وهذا إضافة إلى أنه يجب أن يفرح الناطقين بالإسبانية، يمكن أن يعني إمكانيات جديدة للإسبانية» . ولو أن وجهة نظر إدريس الجبر وني هاته جد قاسية بعض الشيء ، إلا أنه يعللها بعدد من الأسباب، فهو يرى بأن هذا أدب لا مستقبل له، نظرا لطابعه لما بعد المرحلة الكولونيالية وغياب القراء بهذه اللغة بالمغرب. يصفه بمكر الأدب وهو مكر حالات كثيرة أخرى يلجأ إليها عن قصد وبغايات التضليل والالتباس والخداع . مشيرا في ذات الوقت إلى أن المحاكاة الخسيسة للأساليب، والمواضيع، والتصرفات، والاستعمالات الأدبية، في أخشن مظهرها، تبدو وكأنها تقدم لقارئ أوربي أو متظاهر بمظهر الأوربي الواقع السياحي الذي يفضل أن يراه في المغرب. ودون وعي فإنّ أصالة هؤلاء الكتاب تتعرض لخطر التحول إلى تصريح إيديولوجي للاستعمار الثقافي نفسه، الناتج عن التبعية.لا يوجد أدب مغربي بالإسبانية، كل ما هناك، نصوص مكتوبة بالإسبانية من طرف مغاربة، وهذا إضافة إلى أنه يجب أن يفرح الناطقين بالإسبانية، يمكن أن يعني إمكانيات جديدة للإسبانية. إلا أن الشاعر العياشي أبو الشتاء له رأي آخر إذ يرفع من قيمة الأدب الاسباني المكتوب من طرف مغاربة، معتبرا إياه إثراء للادب الاسباني نفسه وتنويع قد يكون نوعيا ذا خصوصية في سنفونية ذلك الأدب. لكن الشاعر العياشي أبو الشتاء يستلزم في الكتابات باللغة الاسبانية شعرا ونثرا، شرط أساسي وضروري لكي يتحقق فيها الخلق والابداع، وجمال التخييل، والتمكن من اللغة وإتقانها، ذلك انه بدون هذه المكونات لايستقيم إبداع، ولايكون أدب، ولا تتوفر نصوص فيها بذخ وجمال، وفيها خلق عوالم وتشكيلها وبناء فضاءات استنباتها يجري فيها التخييل. ونفس التحليل ذهبت إليه في إحدى مقالاتها الباحثة والمؤرخة الاسبانية «مارياروسا دي مادارياغا» حين أشارت إلى سياسة الاستعمارين الفرنسي والاسباني بالمغرب. «ففي الحالة الفرنسية نجد كتابا مرموقين لهم نصوص أدبية رفيعة المستوى وعددهم كثير، بينما في الحالة الإسبانية في الشمال، فإن الذين يكتبون باللغة الإسبانية عددهم قليل، ويكتبون بلغة رديئة» . وعودة إلى الانجاز النقدي الذي حاول مواكبة الأدب المغربي المكتوب بالاسبانية فإننا نجد ذلك قليل جدا، وحتى المؤلفات الأدبية، فإنه يصعب العثور عليها، ما عدا في بعض المكتبات الخاصة لبعض المتخصصين في الأدب الاسباني، إلا أننا نجد الكتاب المشترك الموسوم ب : «الادب المغربي باللغة الاسبانية» لمؤلفيه الكاتب المغربي محمد شقور والكاتب الاسباني سرخيوماثياس، الصادر العام 1996 عن مطبوعات ما غاليا بمدريد، والذي حاول أن يجمع بعض هذا الشتات وهي محاولة لأصحابها أجرين لعملهما هذا ، إلا أن الملاحظ أن هذا الكتاب لم يخل من بعض الثغرات، وكان موضع نقاش ونقد موضوعي، وهذا أجمع عليه كل من الشاعر العياشي أبو الشتاء و الناقد والمترجم إدريس الجبروني والباحثة والمؤرخة الاسبانية «مارياروسا دي مادارياغا» في متابعاتهم النقدية على اعتبار أن مؤلفي الكتاب المذكور، قد جانبا الصواب، حينما تبنيا مفهوما للاستسبان فضفاضا، جعلهما يدخلان في الكتاب كل نشاط ذهني وفكري باللغة الاسبانية قام به كتاب مغاربة، واعتباره أدبا اسبانيا مغربيا حتى إن لم يكن يمت بصلة إلى مفهوم الأدب بالمعنى المتعارف عليه، بل أكثر من هذا، في الكتاب أسماء شعراء لم يعرف عنهم أنهم كتبوا يوما ولو محاولات باللغة الاسبانية ورغم ذلك، هم حاضرون في الكتاب لا لشيء سوى أنهم يلمون باللغة الاسبانية، وهنا يطل مجددا مفهوم الاستسبان الواسع المعتمد كرؤية ومنطلق لتأليف الكتاب المشار إليه.