يستعد فلاحو منطقة مدغرة والخنك بالرشيدية إلى جني محصول الزيتون لهذا العام أواخر هذا الشهر، وهو التوقيت الذي يجنى فيه الزيتون بإقليم الرشيدية، وقت متأخر مقارنة مع باقي الأقاليم، حيث يكون الزيتون بهذه المناطق قد وصل حد النضج وأصبح يحمل اللون الأسود، ليس كباقي المناطق التي يجنى فيها الزيتون وهو بلون أخضر. ومن المتوقع أن يكون المحصول قياسيا هذا العام، خلافا لمحصول السنة الماضية الذي كان دون المستوى، إذ كثيرا من المزارعين لم يجنوا ولو حبة واحدة، وتضرر بذلك المزارعون وحرموا من المردود الإضافي والمعتمد لدى الكثيرين في سد الكثير من الاحتياجات والديون. منتوج هذه السنة سيصل إلى أكثر من ثلاثين ألف طن، بنسبة تفوق 30 بالمائة عن المعدل السنوي، بل هناك مصادر فلاحية تتوقع الأكثر بسبب الأمطار التي شهدتها المنطقة السنة الماضية، والتي بلغ معدلها أكثر من 400 ملم بزيادة تناهز 50 بالمائة مقارنة بالسنة ما قبل الماضية. ورغم أن المنتوج سيكون قياسيا بامتياز هذا الموسم، فإن أسعاره منخفضة ودون المعول، بل إن بيعه وترويجه يعرف فتورا، حتى أن السكان لا يتحدثون عن موسم الجني بالطريقة المألوفة لدى الأهالي التي تدعو إلى الافتخار بالشجرة المباركة. وهذا راجع إلى غياب السماسرة القادمين من مدن فاس ومكناس خاصة، الذين «يشعلون» وقود ولهيب الأسعار في ما بينهم للظفر بأكبر كمية وإرسالها إلى معاصرهم بذات المدن، وبهذا يحدث بالمنطقة رواج تجاري ساخن في موسم الزيتون الذي ينتعش منه الأهالي وعدد آخر ممن يحشرون في هذه السوق. ويتميز المنتوج المحلي للزيتون ومشتقاته بكونه طبيعيا ومن السهل تحويله إلى منتوج «بيو»، وبإمكانه خلق قيمة مضافة كبيرة، علاوة على قوة الطلب عليه، كما تتلاءم شجرة الزيتون مع أنواع من التربة، وتصمد في وجه مختلف أنواع المناخ الشيء الذي سهل توسيع المساحات المغروسة، إذ أصبح ومنذ خمس سنوات خلت، المستثمرون الجدد المحليون والقادمون من نواحي أخرى، وحتى أجانب، يقدمون على كراء أراضي الجموع وغرسها بآلاف من أشجار الزيتون، حيث أن مئات الهكتارات من أراضي الجموع بجماعتي مدغرة والخنك فوتت لذات الغرض. وتعزو مصادر مقربة من القطاع أن قطاع الزيتون مازال في حاجة إلى المزيد من العناية والاهتمام، خاصة أن إكراهات، حسب المتتبعين، ذات بعد تقني وسوسيو اقتصادي أكثر منه طبيعية، لأن البنية العقارية معقدة فالاستغلاليات متشتتة وضيقة المساحة ومياه السقي قليلة وغير منظمة والمنتجون كذلك، إضافة إلى محدودية أصناف الزيتون المغروسة (بيشولين)، وعلاوة على هذا، وهو بيت القصيد، مازال جني الزيتون بمزارع الإقليم تقليديا، إذ أن «الخراطة» الذين يجنون الزيتون يستعملون العصي لإسقاطه، ما يؤثر كثيرا على الشجرة التي تتهاوى أغصانها وفروعها وعروقها بفعل الضرب المبرح. وحسب العديد من المهتمين بشجرة الزيتون، فإن هذه الطريقة تقضي على أنوية الزيتون لتجعل المحصول القادم ناقصا إلى منعدم خلال السنة الموالية. وجل المعاصر الزيتون بالمنطقة تقليدية ويفوق عددها الأربعمائة، فيما بدأت تنتشر بالإقليم معاصر عصرية تشتغل بالكهرباء وقادرة على الطحن بطريقة عصرية تجعل نسبة الحموضة في الزيت ضئيلة جدا إلى منعدمة.