في استقراء لآراء بعض الفاعلين بجمعيات آباء وأولياء التلاميذ، يلاحظ وعيهم بثقل المسؤولية في ضوء مستجدات الميثاق الوطني للتربية والتكوين والنصوص التشريعية والبرنامج الاستعجالي، ولكن طموحهم المشروع من أجل القيام بالمهام الموكولة إليهم يصطدم بجملة من المعيقات والاكراهات تتجلى في التمثلات التي تقصر دور جمعيات الآباء والأولياء على عمليات الاصلاح و الترميم و استخلاص واجبات الانخراط دون اعتبارها شريكا فاعلا ومساهما في تدبير الشأن التربوي للمؤسسة التعليمية، كما أن العلاقة بين أولى الأمر والمؤسسات التعليمية تكاد تكون منعدمة، حيث عزوف الآباء عن الاهتمام بالشأن التربوي والتعليمي وضعف مساهمتهم في أشغال جمعيات الآباء أو في تقديم الاقتراحات، وغيابهم عن حضور وتتبع الجموع العامة بالاضافة إلى ضعف تواصلهم مع الطاقم الاداري والتربوي لأسباب ذاتية كانتشار الأمية، أو موضوعية ذات صلة بنوعية الاهتمامات والأولويات لدى آباء وأولياء التلاميذ، كما أن جمعيات الآباء لم تتمكن من إحداث آليات التواصل مع الأسر في إطار من التنسيق والتكامل بين الأسرة والمدرسة نظرا لما لهذا البعد التواصلي من دور في دعم دورالمدرسة في المجتمع، باعتبار التعليم والتربية قضية مجتمعية لابد من مشاركة جميع الاطراف الاسرة والمدرسة وكل مكونات المجتمع في تدعيم العملية التعليمية. أما على مستوى المؤسسة فيلاحظ غياب التنسيق والتواصل أيضا في العديد من مكاتب الجمعيات مع الطاقم الاداري والتربوي، بالاضافة إلى الغياب التام لأعضاء بعض الجمعيات مما يضعف من مساهمتها في أنشطة المؤسسة، وفي تحسين جودة الحياة المدرسية، ويجعل من حضورها في العديد من المحطات والمناسبات حضورا شكليا لتأثيث فضاء أو مشهد معين. وبالرغم من أن المشرع منح صلاحيات قوية ومسؤولية مهمة لجمعيات آباء وأولياء التلاميذ فإن بعض مديرات ومديري المؤسسات التعليمية أو المسؤولين بها، يضعون أمامها عراقيل ويتخذون منها مواقف سلبية، وذلك بسبب ما يحتفظون به من تمثلات قديمة حول أدوار جمعيات الآباء، وجهلهم أو تجاهلهم للنصوص التشريعية الجديدة، ويستمرون في الاعتقاد بأن الجمعية غير معنية بالشأن التربوي. إن هذه الاكراهات والمعيقات التي تمت الاشارة إليها انفا، لا ينبغي أن تحجب عنا أدوار عدد كبير من جمعيات الآباء المساهمة في تفعيل الحياة المدرسية وتدعيم المدرسة ماديا وماليا لإنجاز مشاريعها وتحسين فضاءاتها وصيانتها، ومشاركتها في أوراش الاصلاح التربوي والتعليمي وفعاليتها في المجالس الادارية للاكاديميات الجهوية، وفي مجالس تدبير المؤسسات التعليمية، ولكن رغم حصيلة بعضها الايجابية، فإن الجمعيات مدعوة على العموم إلى بذل مزيد من الجهود من أجل تحقيق الأهداف المتوخاة من المؤسسة التعليمية ووضع برنامج لتكوين مكاتب الجمعيات، وتنظيم لقاءات تواصلية للتعريف بالمشاكل والمسؤوليات التربوية والاجتماعية لجمعيات آباء وأولياء التلاميذ، والعمل في اتجاه إيجاد آليات للتواصل مع الأسر، بهدف المساهمة في تحسين جودة التعليم وتحسين محيط المؤسسة.