انطلقت، اليوم الثلاثاء بأكادير، فعاليات الملتقى الوطني الأول للفن الصخري بالمغرب، بمشاركة أخصائيين وخبراء مغاربة وأجانب سيتداولون حول واقع وآفاق الموروث المغربي من النقوش والرسوم الصخرية. ويندرج تنظيم هذا اللقاء الوطني ضمن سلسلة من اللقاءات المماثلة، من ضمنها اللقاء التواصلي الذي نظم بمدينة طاطا يومي ثالث ورابع يناير 2017 حول المحافظة على مواقع الفن الصخري بإقليم طاطا، ثم ال ورشة الدولية المنظمة بأكادير يوم 23 نونبر 2015 حول موضوع "التراث الصخري الإفريقي في مواجهة المخاطر"، فضلا عن اللقاء الذي نظم في مدينة السمارة سنة 2010 حول الموضوع نفسه. وقال وزير الثقافة والاتصال السيد محمد الأعرج، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لهذا الملتقى العلمي التواصلي، إن المواقع الأثرية المنتشرة عبر ربوع المملكة تدل على أن المغرب شكل منذ أقدم العصور مركزا للعمران البشري بإفريقيا، كما شكل، منذ آلاف السنين، محورا بارزا للحضارة الإنسانية في حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا، كما تعكس ذلك النقوش الصخرية المكتشفة. وأبرز الوزير، في هذه الكلمة التي ألقاها نيابة عنه مدير التراث الثقافي السيد عبد الله العلوي، عددا من الإجراءات التي اتخذتها الوزارة من أجل حماية هذا الموروث الحضاري وتثمينه، ومنها إحداث المركز الوطني للنقوش الصخرية منذ سنة 1994، والذي أمكن بواسطته جرد أكثر من 450 موقعا، إضافة إلى إحداث عدد من محافظات التراث الصخري التي وصل عددها اليوم إلى 12 محافظة بتعاون مع مجموعة من الشركاء. وأكد السيد الأعرج أن وزارة الثقافة تعمل حاليا على تنزيل مجموعة من الإجراءات العملية من أجل حماية هذا الموروث الثقافي والحضاري الوطني وتثمينه، وجعله رافدا مهما من روافد التنمية المستدامة، داعيا إلى تضافر جهود مختلف الأطراف المعنية بهذا المجال، من سلطات عمومية وجماعات محلية ومجتمع مدني، وباحثين وغيرهم، وإلى الانخراط بقوة في هذه الدينامية. من جهته، قال السيد حسن بن حليمة، رئيس مركز سوس ماسة للتنمية الثقافية، إن المغرب يعتبر من المناطق الأكثر غنى في مجال التراث الصخري بمنطقة شمال إفريقيا، مذكرا بأن أولى الأبحاث، في هذا الإطار، انطلقت في منطقة درعة سنة 1934، لتتواصل فيما بعد على يد عدد من الباحثين في مقدمتهم البروفيسور الفرنسي أندري سيمونو الذي نشر أولى أبحاثه في مجلة "جغرافية المغرب" سنة 1967، ليتوالى بعد ذلك ظهور أجيال جديدة من الباحثين المغاربة المتخصصين. وبعد أن أشار إلى أن الفن الصخري يعتبر مرآة تعكس بعض تجليات الحضارة المغربية القديمة من خلال رسم أو نقش معتقدات الإنسان ومحيطه، ابرز السيد بن حليمة بعض تجليات هذا الموروث الحضاري العريق في الفنون المعاصرة، كما تجسد ذلك الثقافة المغربية في شقها الأمازيغي المرتبط بفن الوشم، وببعض الرسوم التي تزين الصناديق والأبواب. من جانبه قال السيد أحمد أموس، مدير المركز الوطني للنقوش الصخرية، إن هذا اللقاء الوطني يأتي في سياق تفعيل النتائج التي تمخضت عن اللقاء التواصلي حول النقوش الصخرية الذي احتضنته مدينة طاطا مطلع السنة الجارية، مبرزا أن لقاء أكادير يشكل فرصة لجمع نخبة من الباحثين والمشتغلين على التراث الصخري من أجل تقديم المستجدات الطارئة في مجال الأبحاث العلمية المتعلقة بهذا المجال، إضافة إلى التعريف بالمواقع الأثرية الجديدة التي تم اكتشافها. وأضاف السيد أموس، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن لقاء أكادير يشكل حلقة أولى ضمن برنامج عمل مستقبلي يروم تنزيل مجموعة من المشاريع والإجراءات الفعلية التي من شأنها أن تضمن الحماية للموروث الوطني من النقوش والرسوم الصخرية، فضلا عن تثمين هذا التراث وإدماجه في مسلسل التنمية المستدامة على الصعيدين الجهوي والوطني. وعلى هامش الجلسة الافتتاحية لفعاليات الملتقى الوطني الأول للفن الصخري المغربي، تم تكريم مجموعة من الشخصيات المغربية والأجنبية التي كان لها فضل كبير في اكتشاف وحماية الموروث الوطني من النقوش الصخرية والتعريف بها، وهم الباحث الفرنسي الراحل أندري سيمونو، والسيد عبد الله العلوي، مدير التراث الثقافي بوزارة الثقافة، والسيد عبد الخالق المجيدي، الأستاذ الباحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، والمهندس الفرنسي ريشارد وولف، المزداد بالرباط سنة 1938 والباحث في مجال الفن الصخري بالجنوب المغربي لمدة تزيد عن 35 سنة، والسيد محمد مولود بيبا الذي يعود له الفضل في اكتشاف عشرات المواقع الصخرية في منطقة الساقية الحمراء بالصحراء المغربية. يشار إلى أن الملتقى الوطني الأول للفن الصخري بالمغرب ينظمه كل من مجلس جهة سوس ماسة، بشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال، ومركز سوس ماسة للتنمية الثقافية، وبدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. ويسعى المنظمون من خلال تنظيم هذا اللقاء الوطني إلى تحيين المعطيات المتعلقة بمواقع هذا التراث العريق على الصعيدين الجهوي والوطني، إضافة إلى خلق فضاء للتفكير في الحلول الممكنة لما يواجه هذا التراث الهش من مخاطر، مع اقتراح السبل الكفيلة بحماية مواقعه وتجويدها، بهدف جعل هذا التراث الإنساني ركيزة من ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المحلية والوطنية. الحدود / و م ع