كشفت جريدة "الباييس" في عددها الصادر يوم الثلاثاء عن بعض هذه الوثائق المذكورة والتي تصدرت صفحتها الأولى بحكم قوة حضور نزاع الصحراء في الوسط السياسي والاجتماعي الإسباني وكذلك في العلاقات الثنائية بين الرباطومدريد. ويحظى نزاع الصحراء بأكبر نسبة من الوثائق الخاصة بالمغرب العربي والعلاقة مع فرنساواسبانيا، حيث يشكل موضوعا ذا أهمية قصوى في أجندة السفراء الأمريكيين المعتمدين في المنطقة. في هذا الصدد، تبرز عشرات البرقيات أو التقارير الصادرة عن السفارات الأمريكية في الرباطومدريد وباريس موقف اسبانيا المحايد علانية ولكن المنحاز والمؤيد للمغرب سرا منذ وصول سبتيرو للحكم في أبريل 2004. البرقيات تؤكد أن المغرب في أعقاب رفضه لمخطط جيمس بيكر القاضي بحكم ذاتي في الصحراء لمدة أربع سنوات ثم إجراء الاستفتاء، أدرك ضرورة تقديم مقترح بديل واستقر أخيرا على مقترح الحكم الذاتي. وجاء في برقية تضمنت حوارا دار بين السفيرين الأمريكي والإسباني في الرباط توماس رايلي ولويس بلاتا على التوالي سنة 2006، حيث أكد الأخير أن اسبانيا تدعم مقترح الحكم الذاتي لكنها يجب أن تطلع على مضمونه مسبقا لأن من شأن ذلك أن يجعلها في موقف مريح بل وكذلك المساهمة في تحريره. وتبرز هذه الوثائق كيف صاغ وزير الخارجية السابق ميغيل آنخيل موراتينوس تقريرا غير رسمي ولا يحمل طابع الدبلوماسية الإسبانية ووزعه على الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي يتضمن مقترح تغيير المصطلحات المستعملة في نزاع الصحراء في الأممالمتحدة، من خلال تغيير تصفية الاستعمار والسيادة والاستقلال بمصطلحات سياسية جديدة مثل الجهوية والحكم الذاتي والتسيير الذاتي والرهان على حكم ذاتي للصحراء شبيه بالذي يتمتع به الإقليم الإسباني كاتالونيا وعاصمته برشلونة. جريدة "الباييس" واعتمادا على وثائق ويكيليكس تؤكد استمرار الدبلوماسيين الإسبان في مناقشاتهم مع الأمريكيين في الدفاع عن الحكم الذاتي واستبعاد استقلال الصحراء لأنه حل غير واقع. وعرض المغرب في فبراير 2007 مقترح الحكم الذاتي المستوحى من نموذجي اسبانيا وألمانيا على عدد من الدول الكبرى والمعنية بالصحراء مثل اسبانياوفرنساوالولاياتالمتحدة، وتؤكد برقية من البرقيات عدم ارتياح اسبانيا لمضمون المقترح لأنه بقي قاصرا رغم توصية موراتينوس للرباط بضرورة أن يكون المقترح المغربي كريما في منح الصلاحيات للصحراويين. وتبرز برقية من السفارة الأمريكية أن اجتماعا عقده المستشارون السياسيون المعتمدون في سفارات فرنساوالولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا في الرباط بدعوة من المستشار الإسباني في مارس 2007 انتهى الى أن المقترح المغربي لم يكن في مستوى المساعي والطاقة التي بذلت من أجله خاصة امتناع الرباط عن السماح للصحراويين باستعمال بعض الرموز السياسية للبوليساريو. ويكشف الإطلاع على البرقيات الأمريكية خريطة الدعم التي يتمتع بها المغرب خاصة الترحيب الإسباني والأمريكي بمقترح الحكم الذاتي مقابل الانحياز المطلق لفرنسا مع المغرب. وتنقل مراسلة عن نائب وزير الخارجية الإسباني السابق، بيرناردينو ليون هذا الانحياز بقوله "شيراك يبدو مغربيا أكثر من ملك المغرب" وترى مدريد أن الانحياز الفرنسي للمغرب يحول دون ممارسة باريس لتأثيرها ونفوذها لصالح الحل". وتنقل الجريدة عن وثيقة أخرى أن مدير المخابرات العسكرية المغربية، ياسين المنصوري أخبر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في نزاع الصحراء ، كريستوفر روس أن "الرباط طلبت من نيكولا ساركوزي أنه من الأفضل أن لا تبدو فرنسا منحازة جدا للمغرب في ملف الصحراء". والمثير أن رئيس الحكومة السابق خوسي ماريا أثنار وفي لقاء له مع السفير الأمريكي في مدريد، حذّر، وفق مضمون مراسلة تعود لسنة 2007، أن اقتراب الولاياتالمتحدة من المغرب 'فكرة سيئة للغاية'، وتضيف البرقية أن أثنار يعتقد "إذا قدمت واشنطن للمغرب تنازلات وساعدته، فسيتجاوز الحدود في التعاطي معها". ويتسبب الكشف عن هذه الوثائق ردود فعل وسط الطبقة السياسية وخاصة من طرف القوى السياسية المؤيدة للبوليساريو، حيث انتقدت موقف الحكومة، وبدون شك ستطالب بمثول سبتيرو في البرلمان لتقديم شروحات. القدس العربي-لكم