أصدر المؤرخ الفرنسي المعروف بنجامين ستورا كتابا جديدا بالاشتراك مع فرانسوا مالي الصحافي المحقق بمجلة 'لوبوان' الفرنسية، يحمل عنوان ' فرانسوا ميتران والثورة الجزائرية'. صدر الكتاب عن دار النشر ' كالمان ليفي'، ويتضمن وثائق وشهادات تكشف لأول مرة، بخصوص ماضي الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران. ويعتبر الكتاب عصارة بحث وتحرّ ٍ قام بهما المؤلفان على مدار سنتين، ويتضمن 'حقائق' مزعجة بالنسبة لماضي الرئيس الفرنسي الراحل، لأن المؤلفين توصلا إلى نتيجة مفادها أن ميتران وافق على إعدام العشرات من قيادات الحركة الوطنية الجزائرية والثورة خلال فترة الاستعمار الفرنسي، عندما كان وزيرا للعدل في حكومة غي مولي اليسارية في منتصف الخمسينيات. وقال المؤرخ بناجمين ستورا المتخصص في العلاقات الجزائرية الفرنسية انه عندما غادر ميتران منصبه كوزير العدل في أيار/مايو 1957، في أوج الثورة الجزائرية التي اندلعت في تشرين الثاني/نوفمبر 1954، فإن السلطات القضائية الفرنسية أعدمت بالمقصلة 45 من قيادات الثورة. وأضاف أنه وزميله اطلعا على عدد كبير من المواد الأرشيفية، من بينها حوالي 400 صفحة من تقارير المجلس الأعلى للقضاء في تلك الفترة، مشيرا في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية أن الملفات كانت تحضر وترسل إلى الوزارة، وأن ميتران، بصفته وزير العدل آنذاك وكذا نائبا لرئيس مجلس القضاء الأعلى، كان يعترض على 80 بالمئة من طلبات العفو على قيادات الثورة. واعتبر أنه طوال الفترة التي تولى خلالها الرئيس الفرنسي الأسبق منصب وزير العدل، فإنه لم يخف إرادته في القضاء على الثورة الجزائرية، بصرف النظر عن الوسائل المستخدمة. وذكر ستورا أنه حسب جان كلود بيريه، أحد أعضاء مجلس القضاء الذين لا زالوا على قيد الحياة، فإن تصويت ميتران داخل مجلس القضاء الأعلى كان دائما في اتجاه قمع الثورة، وأنه حتى وإن كان ذلك مؤسفا، فإنها نظرته وقناعته بأن ذلك هو الحل الوحيد. وأكد أن الرئيس الأسبق كان مطالبا بتقديم ضمانات للأطراف القوية داخل الحكومة، مشيرا إلى أن ما يمكن لومه عليه هو أن الرئيس الأسبق ساير اتجاها عاما لتقبل النظام الاستعماري وأساليبه القمعية دون أن يعترض أو أن يسبح ضد التيار. وذكر ستورا أن المؤرخ الفرنسي جان لوك إينودي سبق وأن أثار الموضوع عام 1986، عندما نشر قائمة بأسماء الجزائريين الذين أعدموا خلال ثورة التحرير، ولكن لا أحد أعطى للقضية حقها لأن الأمر يتعلق بفرانسوا ميتران الذي كان آنذاك رئيسا للجمهورية الفرنسية. وأوضح المؤلف أنه استطاع أن يجمع رفقة زميله شهادات لشخصيات لم يسبق لها أن تحدثت في الموضوع، مثل المؤرخة جورجيت إلغاي التي كانت شاهدة على الأحداث كصحافية، وأصبحت عام 1982 بعد انتخاب ميتران رئيسا مستشارة بقصر الإليزيه (الرئاسة الفرنسية)، إضافة إلى شخصيات أخرى مثل روبير بادينتر ورولان ديما، وميشال روكار، والصحافي الشهير جان دانيال. وكان ميتران يساريا توج مسيرته السياسية بالفوز في انتخابات رئاسية في الثمانينيات. وقد توفي في التسعينيات بعد أن استلم الحكم خصمه اليميني جاك شيراك. القدس العربي