كتابة المذكرات لها أعراف أدبية، تقنية وجمالية. وبما أنها طقس تطهيري، فلا يكتب أو يتعاطى كتابة المذكرات كل من هب ودب. كما تختلف المذكرات باختلاف البلدان، وباختلاف موقع وكيفية التعامل مع الحقيقة، فمذكرات الأديب ليست هي مذكرات السياسي أو مذكرات المغامر أو البطل السينمائي. تباين آخر يتمثل في كون كتابة المذكرات من طرف رئيس دولة ديمقراطية يختلف عنه في بلد يحكمه مستبد أو طاغية. في مجال المذكرات السياسية، تبقى توقيعات الشخصيات السياسية، التي لعبت دورا حاسما في تاريخ وصيرورة بلدانها الأكثر إثارة وتشويقا بحكم الاعترافات التي تفصح عنها، والتي لم يستطع أو لم يتمكن رئيس دولة من كشف النقاب عنها لما كان يتبوأ مقاليد الحكم اعتبارا لقانون التحفظ. وكم من الحقائق والأسرار الكتيمة أفرجت عنها هذه المذكرات مثل صفقات أسلحة، تدخل عسكري، بوح في موضوع جنسي أو سيكولوجية شخصيات قيادية أو رؤساء دول صديقة أو مناهضة الخ. المذكرات بهذا المعنى إعادة كتابة للتاريخ، تسريح لأسراره الدفينة، جرد لما مضى ولما يتبقى من حياة كاتب المذكرات، وثيقة موجهة للمستقبل. وفي هذا الباب، تبقى مذكرات إيزنهاور، كينيدي، تشرشل، الجنرال ديغول، تشي غيفارا، وآخرين، أنطولوجيات تضم بين صفحاتها الحياة القصيفة لأصحابها، مجدهم المتألق تارة والباهت تارة أخرى، مغامراتهم السرية...حيث يتزاوج التشويق بالبذخ البلاغي والسرد الطليق. لهذا «الأدب» ناشروه، قراؤه، نقاده. كما تحصى المبيعات من كتبه بآلاف النسخ، حيث تتربع الكتب في بعض الأحيان وفي بعض الحالات على قائمة المبيعات ولمدة أسابيع، بل أشهر متتالية. كما أن لهذا الجنس كتابه الشبحيون أو المستنسخون. لهذا الأدب في فرنسا تاريخ عريق، منذ صدور «مذكرات من تحت القبر» لرونيه شاتوبريان التي شرع في كتابتها عام 1809 واختتمها عام 1841 . وبالقرب منا هناك مذكرات الجنرال ديغول، التي دخلت سلسلة لابلياد الشهيرة، و جورج بومبيدو، و فاليري جيسكار ديستانغ... والسرطان يتآكله من الداخل، كتب فرانسوا ميتران عام 1996 «مذكرات موقوفة» صدرت عن منشورات أوديل جاكوب. شيراك.. يصنع الحدث منذ الخميس الماضي صدر الجزء الأول من مذكرات جاك شيراك، بعنوان «كل خطوة يجب أن تكون هدفا»، من 512 صفحة. والعنوان مستوحى من كتاب «نقاشات مع إيكرمان» لغوته. صدر الكتاب عن منشورات نيل التابعة لمجموعة روبير لافون. طرح الكتاب إذن في مناخ سياسي وثقافي معتمل بالخروج الإعلامي للسياسيين لتحضير مستحقات الانتخابات الجهوية القادمة، التي ستقام في الثلاثة أشهر المقبلة، وبالمحاكمات والاتهامات الموجهة إلى بعض الرؤوس السياسية سابقا من دومينيك دو فيلبان إلى شارل باسكوا، إلى جاك شيراك، الذي وجهت له تهمة «تحويل المال العام» خلال تسييره ولاية باريس ما بين 1977 و1995 .. ثقافيا تزامن صدور الكتاب مع إعلان الجوائز الأدبية وخاصة منح جائزة الغونكور للروائية السينغالية-الفرنسية ماري نداي، وفي رمزية هذا التتويج ما يشبه الرد على مبادرة وزير الهجرة إيريك بيسون وبرنامجه بخصوص الهوية الفرنسية. وهكذا نجحت مذكرات شيراك في التحكم في مجرى الحدث السياسي-الثقافي، خصوصا أن الرئيس السابق يحظى بشعبية كبرى لدى الرأي العام الفرنسي، الشيء الذي تثبته كل الإحصائيات. شيراك على كل الجبهات، رغم أنه انسحب إلى الظل غداة مغادرته الإيليزيه عام 2007 . جاك شيراك إذن في الواجهة وهو على رأس المؤسسة التي تحمل اسمه. بكلمة، بمجرد عودته من المغرب، بعد قضائه عطلة قصيرة، هاهو شيراك «يصنع» الحدث ويغطي في نفس الوقت على نيكولا ساركوزي الذي بدأت شعبيته في الاهتزاز، جراء تصدعات داخل أغلبيته وانتقادات المعارضة. وبمجرد قرب صدور الكتاب وطرحه في المكتبات، تحركت آلة السبق الصحافي للحصول عليه ونشر مقتطفات منه، حيث ظهرت فعلا أوراق منه في صحيفة «لوباريزيان أوجوردوي»، «لوفيغارو»، وأسبوعية «لوبوان». بدءا نشير إلى أن الرئيس شيراك الذي يبقى قريبا إلى المغرب، والذي يحظى بشعبية كبيرة في العالم العربي أيضا، لم يأت في هذا الجزء الأول على ذكر صداقاته وتعلقه ببلدنا، حتى وإن أشار في مجرى الحديث إلى بعض رؤساء الدول العربية التي كانت تربطه وإياهم علاقات ود وصداقة مثل الرئيس بوتفليقة أو صدام حسين. لما طلب من شيراك وهو في وضع تقاعد أن يكتب مذكراته، رفض الفكرة، بحجة أنه لا جدوى من الغوص مجددا في الماضي لإنتاج وثائق لن يقرأها أحد. وبإلحاح من ابنته كلود وبعض المقربين قبل أخيرا الفكرة والتزم بانتظام إلى جانب جان-ليك باري، الذي عمل إلى جانبه لتدوين المذكرات. كان تخوف المتتبعين أن تأتي هذه المذكرات بلا كثافة على مستوى التحليل لحقبة من التاريخ الفرنسي الحديث وتحديدا بالنسبة لانخراط المعني بالأمر في ديناميتها. كان التخوف أيضا أن يلجأ جاك شيراك إلى لغة خشبية وديبلوماسية محايدة لا تضيف شيئا بالنسبة لما هو معروف ومتداول. لكن الكتاب تضمن سلسلة مفاجآت أبانت عن رغبة شيراك في تصفية الحسابات المؤجلة بينه وبين أعداء صريحين أو أصدقاء مزيفين. حياة شيراك يغطي الجزء الأول من المذكرات السنوات الثلاثة والستون الأولى من حياة شيراك، منذ ولادته عام 1932 إلى انتخابه رئيسا للجمهورية عام 1995. تشكل هذه المرحلة الأولى مرحلة المسؤوليات السياسية إلى غاية وصوله إلى ماتينيون على رأس الوزارة الأولى، تحت حكم الرئيس فاليري جيسكار ديستانغ، ثم تحت رئاسة فرانسوا ميتران. عام 1977 يصبح شيراك عمدة لمدينة باريس، وهي المرحلة الثانية التي تطابق النضج السياسي للرجل. يستعرض جاك شيراك مرحلة الشباب، العائلة، علاقاته مع جورج بومبيدو، الذي يلقبه ب«الأب الروحي» الذي علمه وأدخله رحاب السياسة، وكذا إدوارد بالادير، وماري فرانس غارو، وفاليري جيسكار ديستانغ، وفرانسوا ميتران. على مستوى الشخصيات السياسية الدولية، استرجع شيراك ذكريات علاقاته مع مارغريت تاتشر، صدام حسين، دينغ سياو بينغ، وهيلموت كول. وجوه سياسية مر شيراك بمرحلة شيوعية حيث كان بائعا لجريدة لومانيتي الناطقة باسم الحزب الشيوعي الفرنسي، ووقع مع الشيوعيين عام 1950، وكان عمره 18 عاما، نداء ستوكولهم الذي أطلقته الحركة العالمية لأنصار السلام. مشوار حافل باللقاءات والمجابهات بين الحلفاء والخصوم، في حلبة السياسة التي أصبحت بعد أن توطد عوده السياسي الحلبة التي يتنفس فيها بامتياز ، إلى درجة وصفه من لدن خصومه ب«الذئب السياسي». ضمن سلسلة البورتريهات التي خصصها للزعماء السياسيين الذين عمل معهم أو إلى جانبهم، ثمة مفاجآت يشتم فيها رائحة تصفية الحسابات، وخاصة في حق الرئيس فاليري جيسكار ديستانغ وإدوارد بالادير الذي كان وزيره الأول. بينه وبين جيسكار كان التواصل دائما صعبا، قبل أن تتحول العلاقة بينهما إلى علاقة عداء صريح. يشير شيراك إلى أنه لم يكن قادرا على فهم أساليب تعامل جيسكار وردود أفعاله الفجائية: يقول شيئا ويقوم بنقيضه. «أكد لي جيسكار ذات مرة أنه ألقى بالضغينة إلى النهر، ولربما كان النهر في ذلك اليوم جافا، على اعتبار أن الضغينة بقيت عنيدة وسخية في أعماقه». أما إدوارد بالادير فيعتبره من فصيلة الخونة الانقلابيين الذين تغدق عليهم، لكنهم لا يلبثون أن يتحولوا إلى «حيوانات مفترسة». «وضعت ثقتي في إدوارد بالادير. أصبح بتوصية مني وزيرا أول عام 1993، ثم ضربنا بيننا ما يشبه العقد الأخلاقي. في أعماقي، لم أصدق بأن الوزير الأول كان قد شرع في خيانة تعهداته. وانجلت الأمور بشكل نهائي في الحادي عشر من سبتمبر من عام 1993 بعد مقابلة جمعتنا رأسا لرأس في مقر الوزارة الأولى. في نهاية اللقاء وأنا أنزل الدرج، إذا بإدوارد بالادير ينادي علي: جاك... لما التفت خاطبني: لن أكون وزيرك الأول. انتظر آخر لحظة ليوجه لي هذا التصحيح المفاجئ. منذ ذلك التاريخ لم نحادث بعضنا ثانية». أما نيكولا ساركوزي فلم يتوقف شيراك كثيرا عند الخطوط الدقيقة لشخصيته لاعتبارات تهم أخلاقيات السياسة كي لا يحرج الرئيس الحالي. لكنه أشار إلى ساركوزي لما قبل 1995 : «إنه رجل لا يكف عن وضع نفسه في مقام من هو ضروري. رجل عصبي، على عجلة من أمره، شغوف بالحركة ومتميز بحس التواصل». لكن المفاجأة الحقيقية جاءت من البورتريه الذي رسمه شيراك لفرانسوا ميتران، إذ بكلمات رقيقة تتضمن الكثير من الإعجاب والاحترام تحدث عن شخص ذكي، نبيه، مستعملا في حقه كلمة «برافو أيها الفنان». يراجع شيراك واقعة أخرى تهم السياسة الخارجية وتتعلق بالهجوم الأمريكي على ليبيا. في أبريل من عام 1986 وكان شيراك وزيرا أول في حكومة التعايش أثناء رئاسة فرانسوا ميتران، كاد الهجوم الأمريكي يعصف بالتعايش بين الطرفين. طلبت الولاياتالمتحدة من فرنسا السماح لطائراتها بعبور المجال الجوي الفرنسي لقنبلة ليبيا. لكن هذا الطلب لم يحظ بموافقة شيراك ولا ميتران. في الصفحة 343 - 344 ، يشير شيراك: «كانت الحكومة الأمريكية عازمة على إلحاق العقاب بالكولونيل القذافي الذي حملته المسؤولية الأولى للعمليات الإرهابية التي طالت بعض مواطنيها. لذا طلبت مساعدة فرنسا. في 11 أبريل هاتفني الرئيس ريغان في هذا الموضوع ليقول لي: قررنا تصفية القذافي وعليه نود أن تعبر طائراتنا المجال الجوي الفرنسي». صدمت بهذا الخبر وبجر فرنسا في عملية لم تستشر فيها. لذا رفضت في الحين طلبه، و أجبته: «ليس من الوارد جر فرنسا إلى قضية من هذا القبيل، زيادة على أن فرصكم لتصفية القذافي ضئيلة..من النادر أن تنجح مثل هذه العمليات...». ولما أخبر شيراك الرئيس ميتران بفحوى الحديث الذي جرى بينه وبين ريغان، أجابه: « أوافق مائة في المائة، لكنه كان عليك استشارتي قبل ذلك». ولم يتأثر التعايش بين الرجلين. في هذا الجزء الأول من مذكراته، عبد شيراك الطريق بترسيمه للمشهد السياسي العام الذي امتد ل63 عاما من مشواره، لكن ينتظر القراء والمتابعون الجزء الثاني الذي يغطي مرحلة رئاسته وما تخللها من وقائع وحروب سياسية باطنية منها وعلنية. وننتظر فيما يخصنا أن يتحدث شيراك عن المغرب الذي يعتبر إلى جانب اليابان امتدادا روحيا له، وفي نفس الوقت بلدا ثريا بتناقضاته. فماذا سيفصح عنه هذا الجزء الذي ينتظر أن يصدر في عام 2011، والذي سيتزامن مع محاكمته في قضية الوظائف الشبحية. صدام بعيون شيراك إضافة إلى هذه البورتريهات لشخصيات سياسية فرنسية رافقت أو التفت قبل أن تتفرق عنه، تطرق جاك شيراك إلى شخصيات سياسية دولية جمعته وإياها علاقة صداقة أو توتر إن لم يكن جفاء. و قد خص شيراك صدام حسين بفقرة تلخص علاقته الحميمية بالعالم العربي، هو الذي يحظى بشعبية عالية في العالم العربي. كما تحدث عن سياسة التوازن التي سعت فرنسا إلى الحفاظ عليها دائما في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة التوازن بين إيران أيام الشاه والعراق تحت صدام حسين. وفي معرض حديثه، يشير إلى أنه بالتوازي مع سياسة فرنسا وحضورها في إيران عملت على توطيد علاقاتها مع العراق: « بفضلي، دخلت فرنسا في مفاوضات مع العراق لتوقيع اتفاقيات تعاون في مجال الطاقة وفي الميدان الحربي، الشيء الذي قادني إلى الالتقاء بالرجل الأول للنظام العراقي، صدام حسين ثلاث مرات: أكتوبر 1974، خلال رحلة أولى قمت بها إلى بغداد، ثم في سبتمبر من 1975 في باريس، خلال زيارة رسمية قام بها الزعيم العراقي، وأخيرا في يناير من عام 1976 في بغداد مرة ثانية، أنا وريمون بار، الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير التجارة الخارجية». لإدراك أهمية هذه المفاوضات التي تمت في عز أزمة الطاقة، يجب التذكير بأن فرنسا كانت تستفيد على مستوى مقتنياتها من البترول من وضع مميز في العراق. هذه المصالح التي تم الحصول عليها غداة الحرب، خلال التوزيع الذي قام به الحلفاء لحطام الإمبراطورية العثمانية، بقيت مؤمنة بفضل «السياسة العربية لفرنسا»، التي سنها الجنرال ديغول، والتي واصلها الرئيس جورج بومبيدو من بعده. ..في هذه الظرفية استقبل صدام حسين لأول مرة في باريس من طرف جورج بومبيدو، و تم توقيع سلسلة اتفاقيات أرضت في خطوطها العريضة المتطلبات العراقية. بالمقابل تضمن الاتفاق بنودا تضمن لفرنسا ولمدة 15 عاما استمرارية مصالحها البترولية. ابتداء من 1974 تعززت المبادلات الصناعية، الحربية بين البلدين. «في أكتوبر من نفس السنة استقبلني صدام بترحاب بالغ في بغداد للتشاور في توقيع اتفاقيات جديدة. وإن استولى على الحكم في ظروف أقل ما يقال عنها إنها عنيفة، فالرئيس العراقي كان يحظى بشعبية كبيرة في العالم العربي...أخبرتنا السلطات العراقية بأنها غير راغبة في إعادة اتفاقية التعاون، بل على العكس تطمح في الحصول على تجهيزات عسكرية. ..وبما أن صدام كان حريصا على التحرر من الوصاية السوفياتية، فقد راهن على فرنسا لتعزيز استقلالية بلاده، وعليه ركز كل مجهوداته ليبرهن لي عن صداقته. بدا لي الرجل ذكيا ولا يخلو من دعابة، بل أكثر من ذلك بدا لي شخصا مستحبا. استقبلني في بيته، وعاملني كصديق شخصي. كانت حرارة ضيافته واضحة. أما التبادل الذي تم بيننا فلم يخل من ود. كانت لي باستمرار سهولة كبرى في التواصل مع رؤساء الدول العربية، لأن هؤلاء على النقيض من المسؤولين الغربيين، يتحلون معي بالصراحة. إضافة إلى كل هذه الأشياء فالعراق بلد ساحر. بدا لي في تلك الفترة بأنه مرشح لاحتلال الموقع الذي يستحقه بين كبريات الدول. في السنة التالية من سبتمبر 1975، استقبلت صدام حسين في باريس. زرنا المشتقات النووية الفرنسية الموجودة بكاداراش قبل أن نتابع محادثتنا خلال نهاية عطلة خاصة تخللها غداء تاريخي بمطعم فاخر. اختتمت زيارة صدام حسين، كما جرت بذلك العادة، بعشاء رسمي في صالة المرايا بقصر فيرساي. خلال الحفل، أكدت في كلمة وجهتها لصدام حسين بأن فرنسا على استعداد لوضع رهن إشارة العراق رجالاتها، تكنولوجيتها وخبراتها. ما أن طرد صدام حسين الإمام الخميني من العراق عام 1978، الذي كان يقيم به لاجئا منذ سنوات، حتى أبلغني الرئيس العراقي برسالة عبر سفيره في فرنسا ليحذرني من استقبال الخميني. تقول الرسالة: احذر جيدا. اترك الخميني يذهب إلى ليبيا لأن تصريحاته انطلاقا من فرنسا سيكون لها وقع عالمي. أما ما سيصرح به وهو في ليبيا فلن يكون له صدى.. لما غادرت الوزارة الأولى مررت الرسالة إلى جيسكار ديستانغ الذي لم يعرها أي اهتمام، بل قام بالعكس تماما. استقبل الخميني لاجئا. وكانت لهذا التصرف انعكاسات وخيمة لا تعوض على مستقبل إيران وأيضا على استقرار العالم. كان ذلك آخر تواصل بيني وبين صدام حسين..قدم صدام صورة وطني، لا طاغية، صادق وحازم، تسكنه الحماسة والنخوة الوطنية التي كان يكنها لوطنه. بعد ذلك بسنوات لما علمت بالجنون القمعي الذي تمكن منه، قطعت معه نهائيا كل اتصال. الشيء الذي لم يمنعني من الشعور بالصدمة تجاه المصير النهائي الذي خصص له أثناء شنقه ليلا، وهو صنيع تم بنفس البربرية التي وجهت له والتي حوكم بمقتضاها...».