مقدمة Casablanca؛ حب في الدارالبيضاء؛Casablanca by night؛ بيضاوة؛ و casanegra نورالدين الخماري. و سؤال المدينة ينتصر..للموقع أم للموضع.. للتاريخ أم للذاكرة الجمعية..؟؟ و كازا يا كازا.. !! و كان الحدث السينمائي الذي حلق في سماء دنيا الفن السابع بالمغرب.. رصد بالأذن المرهفة و العين الذكية نبض المدينة العملاقة بساكنتها المتميزة. الدارالبيضاء ليلا هي غيرها نهارا.. و على نقطة التماس هذه ستقتنص كاميرا الخماري استيتيقا الفضاء؛ شعر الحياة اليومية و النفحة الجوانية مع نبل التعبير عن كينونة تتشظى؛ و تطلب الحقيقة لأشياء انصهرت في كيمياء زمن مقصي. وتنطلق المشاهد بعفوية فتنطق لوحدها بشمولية التجسد لترصع هلامية الفرد في جماعة يؤثثها فضاء كازا نيكرا. ويأتي التعبير عن الحدث بوعي أصيل و صادق؛ فيطلب بديلا للمعيش اليومي بإكراهاته ليعانق الانطلاق في رحاب الحياة. الجسد بكل عنفه مشروخ و الفضاء الذي يتحرك فيه هو مدينة تنتصر لهوية في زمن هارب. 5؛ 4؛ 3؛ 2؛ 1؛ و يبدأ العرض.
احتفالية الظلام.. وعود على بدء موسيقى توقعية تنبعث من الظلام؛ ثلاثة عمارات مختلفات الهندسة و المعمار؛جمعها مشهد عام في مفترق الطرق. فبياض تكشف عنه واجهات مضاءة و ما بقي سواد. فالمدينة في سبات عميق. بعد العمارات تأتي شوارع المدينة القديمة لنتسرب إلى الأحياء الشعبية. لا حركة للبشر.قبور الحياة احتوتهم.و يبقى ضوء الشارع يخبر بأنهم هنا. على واجهات العمارات والبيوت كتابات تحسبها أسماء الدكاكين بعد التدقيق تكشف إنها لموقعي الفيلم . وفي واجهة محل عرضت تماثيل لرجل وامرأتين. سلط عليها الضوء فشمخت بإحساس مفعم كبرياء؛ متحررة من العلاقات مع المواضيع البرانية .. بكل استقلال و بدون تشتت و لا مضاعفات ناشئة عن العلاقات مع الواقع الخارجي.. غارقة في جوهرية مضمونها روحي. في انتظار يقيني من سيفكها من الإقامة الجبرية.. أما خارج الاسر الزجاجي القسري فظلام دامس يرخي بسدوله. يؤثث هذه الواجهة بكل حمولتها عنوان الفيلم casanegra. بعد التماثيل ترى كلبا يقتات على النفايات مرمية إلى جنب حاوية الأزبال؛ فدكاكين السوق البلدي مضاءة ؛ كلب آخر ضال يعبر الطريق حارسا أم باحثا عن طعام..و مازال النور ينبعث من أضواء الشوارع.. و لا حركة للبشر.. هكذا هو حديث المدينة.. هل أتاك.. فما يزال بعض أهلها غير نيام. و يأتيك من حيث غير المتوقع.. و أنت غارق في التأمل الفني بأجواء إيقاع هادئ. و من وسط الظلام شابين فارين من المجهول وجهتهما بدون هدف محدود؛ يركضان و تحن من المتأخر التفاتة لنتأكد بان خمس رجال شرطة يلاحقونهما . و هما يجريان اقتنصا من اللحظة حوارا: الأول :د(..) أمك أنت مكتسمعش أصاحبي. ياك قلت ليك راه غاد نق(..)ها. الثاني:قلت ليك شفتهم ؛ شفتهم بعيني أصاحبي. الأول: اشنو شفتي الثاني: ماسطوات ديول اللعاقة؛ رزامي ديال الفلوس غير الزرقلاف على اختها. و في التفاتته إلى صاحبة سنشاهد دما يسيل على خده الأيمن. الأول: ياك قلت ليك راه غاد تجبد علينا النحل واش قلتها ليك ولا ما قلتهاش ليك أش عند د(..)أمك في بلاصت الدماغ الحدث سريع.. الحوار مقتضب.. و في النية العزم على الهروب من .. حتى لا يقعان في قبضة رجال الأمن..الملامح و اللباس.. لا يحيل على إجرام ؛الأول ببذلة مع ربطة عنق و الثاني بسروال جين و جاكيت جلد. أما الجسد ورغم هذا الضيق الحاصل فانه مايزال يخاف النحل و يحذر من كل عاقبة ليس في الحسبان. فلا جسد واع بدون دماغ راع. عادل؛ 21سنة شومور و هو الثاني في ترتيب الملاحقة؛ سنعرف اسمه هو الأول و هو يركض.أما الأول في الترتيب فاسمه كريم؛ 22 سنة شومور؛ سنعرف اسمه هو الثاني. اسمهما يحيل على العدل و الكرم في مفهوم الثقافة الموروثة؛ أما الشابان فيبحثان عن المعنى المخذول في واقع أشركهما في بطالة جاثمة.. فألبسا كلمة شومور كهوية بديلة.. هكذا نتعرف عليهما ثم يغيبان في الظلام..الذي يحتفي بهما ظهورا واختفاء. هذا هو خبرهما أما مبتداهما على وجه اليقين فقد حوته ثلاثة أيام قبل.. و عود على بدء.
تشكيل الجسد على إيقاع الكلام المباح ثلاثة أيام من قبل.. وتتوالى المشاهد..يد تمسح حذاء في خفة تنم عم دربة و احتراف. كريم الشومور ببدلته الأنيقة يراقب بسحنة مهتمة حركات ماسح الأحذية؛ يأخذ نفسا من سيجارة وما أن ينتهي من مسح حذاءه حتى يناول ماسح الأحذية نقدا ثم ينتبه إلى بذلته ينفضها و يسرح بصره إلى الإمام ثم يشعل سيجارة جديدة و ينطلق ماشيا بخيلاء في دروب المدينة. و أمام محل بيع التماثيل يقف عادل ينظر إلى الشارع ثم ينتبه إلى التماثيل يحدق فيها و يتنفس الصعداء. يفتح جاكيتته مخرجا بطاقة بريدية لمدينة مالموMalmo السويدية يمعن النظر فيها مليا ثم يحول بصره نحو التماثيل ليخاطبها بإشراقة وجه مصرحا لها بان البطاقة بريدية هدية بعث بها خاله المقيم بالخارج. على حين كريم و بين أزقة المدينة يختال ماشيا يتطلع إلى البنايات العتيقة بمعمارها الأصيل وواجهات محلات و بنوك.. ويعبر كريم خلف سارية عمارة و نستقبل لوحة المنع الشعبي التي تسمو بالفضاء عن أنانية الاستهلاك"ممنوع رمي الأزبال و شكرا " و ينتهي كريم من تجواله أمام صبي يبيع السجائر بالتقسيط لصالحه؛ لا يرتاح كريم لمبيعات الصبي رغم انه اعتذر عن ضعف مبيعاته بمرافقته لأمه المريضة لكن كريم انتبه إليه بأنه يكذب ؛فقد شاهده خلسة يضيع وقته في لعب البليار لذا يحذره من تهاونه الذي قد لا يعطيه فرصة للتعامل مع رب نعمته كريم الشومور. هكذا الجسد برج مراقبة في حقل ملغم بهاجس السيطرة على وضع يتماهى مع الآخرين غير المبالين بأن الجسد هو بداية أمل وضع على بساط يحلق في سماء الزمكان. عادل ما يزال أمام واجهة محل التماثيل و تقف سيارة أجرة أمامه يأتيها عن سابق انتظار و معرفة بسائق طاكسي أجرة. -اطلع اطلع يفتح صاحب الطاكسي حوارا ملغزا ويأتيه الجواب من عادل مفجرا الكلام المباح. ...... - اسمع ا عادل عندك سيمانة باش توجد ستة ديال البريكات -ستة البريكات را بزاف را بزاف -و حتى السويد راها بزاف .. - هاد الشي راه كان نعرفو هاد الشي كامل في دماغي.. - حت حمار - حمار كيفاش حمار - حمار كدار حلوف مدرم ..... - انت انت..ملي كات تخلص مول الكريمة اش كيبقى لك آ النم. - انت بوك عندك اكتاف ديول التاكسي مساسط التاكسي اسمع ا عادل.. صاحبنا غاد يخليك جالس في كازا النيكرا - شنا هي - كازا النيكرا الدار الكحلا ... يغادر عادل السيارة ثم يصفق الباب بقوة مع وابل السباب المتبادل المحتضن للأمل الأعرج. و تتحرك سيارة الأجرة.. لتعيدنا كاميرا الخماري إلى وعي تشكيل الجسد وصياغته لبلاغته انطلاقا من متاح المكان، من حيث هو تركيبة عجنت على الأمل الرخو وكأنها بذلك تطرح سؤال تشكل الإنسان نفسه، لا من حيث هو كيان بيولوجي فقط، ولكن من حيث هو أيضا كيان ثقافي و خلاصة ارتباط صميم بالانتماء إلى تضاريس محددة تصوغ رؤيته كما تصوغ علاقته بجسده وعلاقته بحسيته ليتأكد إرساء التعالق بين الجسد وتاريخية انغراسه في العمق العلائقي لثقافة المدينة. عنف التشظي في متاهات الجسد باقي كيدسار عليكم داك الح.. ديال الكرديان.؟ لا؛ دخل لجواه هدرت معه مزيان راه ما بقاش يدور جيهتكم. و تقحمك الكاميرا في فلاش باك لتكشف الاسلوب الذي تفاهم به كريم مع الحارس: لكم ؛ رفس و شتم.. و لسان الحال : المرات الجاية تعاود تهذر مع الدرارري ديالي انخمج.. راسك مع هاد القادوس.و يتابع الحديث. جبتي لي داكشي اللي وصيتك عليه؟ و ينحني الطفل بائع السيجار بالتقسيط ليناوله مجلدا يقلب كريم ليرى عنوانهnew shorter dictionary يتابعه الصبي بنظرات اهتمام لعله يلقى استحسانا من مستخدمه؛ و يأتيهم صوت طفل أخر من خلفهم. و علق طر طر فاركونيت اجري. و يعطوا ثلاثتهم الأرجل للريح تطاردهم سيارة الشرطة.يلقي كريم بنظره إلى الأمام و يخمن انه لا محالة سيلقى عليه القبض بمعية الصبية لذا يلتجئ إلى أول عمارة يجد بابها مفتوحا. يصعدون أدراجها بسرعة؛ يرموا بأجسادهم المتشظية على سطحها منبطحين للتخفي و يطلب كريم من مرافقيه قطع الحس وحبس الأنفاس حتى لا ينكشف امرهم. تتوقف سيارة الشرطة؛ يترجل شرطي منها فلا يجد أثرا لهم. يتم ذلك تحت مراقبة كريم من أعلى العمارة. تعود سيارة الشرطة القهقرى ياك قلت ليك احظ مع الفاركونيت راه جاو على غفلة ما كاتحس بهم حتى يوقفوا عليك ... شفتوا اش غاد ديرو االدراري هاد الايامات نسوا هاد الدرب انسوه واش غاد نمشوا انديروا احنا انبعوا البابوش يخرج كريم من هذه الذائقة مقرا حلولا لا يفصح عنها فيعلقها إلى حين. و هاهو يحمل الكتاب في يده اليسرى ببذلته الأنيقة مع سيجارة في اليمنى يمشي بخطوات الواثق و يقف فجأة أمام واجهة محل لبيع اللوحات و التحف الفنية يسترق النظر إلى الداخل حيث يقع بصره على سيدة و هي تماكس زبونا بمعية زوجه ما أن تنتهي حتى تعود إلى ابنها الجالس إلى طاولة تراجع معه دروسه. كريم يتحرق مما اختزنه من نظره إلى السيدة صاحبة المحل يسرح به تفكيره و يأتيه صوت صديقه عادل قاطعا عليه حبل تفكيره . كريم فين غبرت أصاحبي؟ وتحن التفاتة من صاحبة المحل لتأخذ نظرا خاطفا و ترجع إلى متابعة المذاكرة مع ابنها وهي ترعى في البال أملا معلقا. و يأخذ الصديقان في حوار ينتهي ملخصا الجسد المتشظي على رقعة مشاهد قصيرة. عادل خسر استثماره في البطاقات البنكية المزورة و كريم تطارده الشرطة هو و عملائه. هكذا يرحب عادل بكريم فاتحا له يديه على آخرهما مختصرا عالمهما في انتظار الكلمة الفصل لتحسم الدور المنوط على ركح واقع زئبقي. مرحبا بك في كازانيكرا الدار الكحلا. بهكذا طريقة يعيشان الحياة كواقع قاهر لا يرتفع و جب تحمله ظرفيا في انتظار شعاع الأمل من وراء الحدود. و ما تعالق الكلمات الخشنة إلا تنفيسا عن مضايقة واقع عصي عن القولبة يريد أن يختصر المسافات . فالحل موهوم ليس هنا و الآن و لكن مؤجل هناك في الآفاق البعيدة. ذاكرة المدينة الموشومة ينظر عادل إلى البطاقة البريدية لمدينة " مالمو Malmo " السويدية فيجد فيها كل بديل ينسيه شوائب casanegra انه الحل الموهوم لضائقته الوجودية لذا يشرك صديقه كريم في محاولة منه لتخفيف قلقه لكن كريم لا تطاوعه رغبة عادل الملحاحة. لتحقيق حلمه أمام ضيق ذات اليد. عادل لا يعجبه هذا الطرح المخيب للآمال لينتبه طالبا من رفيقه أن يعيد النظر في بذلته التي هو مخبأ فيها كالبدوي الذي نزل المدينة حديثا. و في عودتهما مساء يبقيان على روح الدعابة بينهما فاختلاف الرأي بينهما لا يفسد للصداقة قضية و ينتبهان إلى صوت سيارة فارهة من خلفهم ؛مع التفاتة عادل يكشف عن صاحبها انه زريرق.. يباغتهما مستفسرا عن أحوالهما و ينتهي منتقصا من أنشطتهما التي لا تدر أرباحا معتبر إياها مضيعة للوقت و تفتح الباب للنحل. الدارالبيضاء عمرات غا لي جا فين غادي غادي للدار البيضاء.. و ينتبه إلى سيارته ليتذكر بأن فيها كلبا أليفا؛ يخبر الشابين باسمه"NICO"؛ يعامله بلطف و يقبله بود . ثم يتابع مقترحا عملا يليق يهما و يعود عليهما بالمال الوافر انه الاهتمام بخيل السباق. عند المغادرة يطلب زريرق من الشابين أن يركبا في المقعد الخلفي و يتركان الأمامي للكلب "نيكو" "لأنه ما كيبغيش اللي كي هرف ليه على بلاسطو" ينطلق بسيارته إلى مطعم فاخر يطلب نقودا كان قد اقترضها لصاحب المطعم و لما زريرق لم يستلمها في الموعد المحدد حمل آلة ثاقبة وجعل منها وسيلة ضغط لاسترداد نقوده؛ يضعها قرب عين صاحب المطعم و يقربها من ركبته لينتهي أخذا نقوده. يخرج زريرق فيتبعه عادل و يبقى كريم يمعن النظر في موقع الحدث لحظات ثم يغادر. عادل يلح على بيع بطاقاته الباقية لديه فيطلب من زريرق المساعدة لكن الأخير يصر على أن هذا النوع من الشغل تجارة بائرة. فما يقترحه هو الصواب إلى المال الوفير. يعودان إلى مقر سكناهما؛ في باب العمارة يقف هيثم المعتوه برفقة سلحفاته يحنو عليها مقبلا؛ يناوله كريم سيجارة بينما عادل يعنفه رافضا الحديث عن حقوق الحيوانات ففاقد الشيء لا يعطيه. و ينتهي بياض يومهما بتشكيل صورة تضم كريم مع أبيه المتقاعد العاجز و أمه الملحاحة على ضرورة العمل الشريف بعيدا عن التسكع. أما عادل فزوج أمه السكير لا يتوانى في ضرب أمه لتناوله مالا يتم به سكره فيتدخل و تقع مشادات مع زوج الأم فيخر صريعا بعد أن ضربه عادل على قفاه. هكذا الجسد يصير دليلا إلى ذاكرة المدينة الموشومة بفعل هيبة السطو مع العنف و رد فعل الخوف مع الخنوع و هو ما تجعله كاميرا الخماري سلسا طوع المشاهد محاولا ترجمة انمحاء إنسانية الإنسان و تشييء جسده في انتظار فك الخفي و الظاهر من الأغلال التي تؤرقه. الجسد.. الزمن.. و بناء أسئلة الوجود الإنساني. عادل ما يزال مصرا على الانتقام لوالدته فقد رآها تضرب أمامه؛ فكانت سيارة زوج أمه بديلا يشفي غليله فيه، أوقد فيها النار في جو احتفالي شهده أطفال الدرب. طل الزوج فرأى سيارته تحترق و أمام عجزه انهال على الأم ضربا انتقاما من فعلة ابنها. يأخذ كريم عادلا بعيدا عن الحدث و في الطريق لا يجد عادل مفرا من أكوام النفايات المتكدسة ليفرغ جام غضبه؛ فينهال عليها تشتيتا و بعثرة. يحتج احد الساكنة على هذا السلوك المنفر فيرميهما بكأس زجاج كاد أن ينكسر على رأسيهما.في الطريق يجدان دراجة نارية صاحبها يوزع طلبيات البيتزا؛ ينتظران دخوله العمارة و يسرقان دراجته و يتابعان توزيع البيتزا على أصحابها و استخلاص الاثمنة لصالحهما.يحتفلان بالحدث فوق سطح عمارة.. رافعين صوتيهما" كازا زا زا ". عادل تعاوده نوبة الحنين إلى الهجرة فيأخذ كارتبوستال مدينة مالمو السويدية و يسأل صاحبه: - كريم.. عمرك شفتي الثلج؟ - الثلج.. لا - الثلج أصاحبي المخ ديال بني ادم كينقيه. على ورق مقوى يبيتان ليلتهما فوق السطح. يعود كريم إلى البيت فيفاجأ بأحد الصبية يسرق لعبة ابن صاحبة محل بيع التماثيل و الديكور؛ يتبعه كريم و يستخلص منه ما سرقه و يعود به إلى الطفل. تشكره السيدة و تغتنمها فرصة لتتأكد انه من أبناء الحي حيث مقر عملها؛ فكانت مناسبة مواتية لتطلب منه مساعدتها على إدخال تمثال لأمراة معصوبة العينين. كريم سيشتغل في معمل حيث كان أبوه يقوم بتنظيف و تعبئة السمك ؛ أما عادل فيعاود الاتصال بالوسيط لكنه يعود خائبا فذات اليد لم تسعفه بعد. لذا سيبحث عن من يبيع له بطاقات البنك المزورة. يسأل عنه صاحبي محل للحدادة فيستخفان بطلبه و ينهالان عليه ضربا و تعذيبا بأدوات الحدادة. يعود إلى بيت أمه فينتظر خروج الزوج ليلج. تضمد أمه جراح يده و يغتنمها فرصة ليقترح على والدته ضرورة رفع شكاية رسمية على زوجها تشكو فيها ما يطالها منه ؛ثم يقترح حلا مثاليا لأمه : "غا نوصل للسويد نصايفت لك اللوراق باش تلحقي عليا..تما غادا تهناي".كريم يقضي يومه في تنظيف السمك في المعمل كما كان يفعل أباه. لكنه لم يرتح لما تسلمه من مال كمقابل للجهد المبذول فاستنفر قواه و عبر عن سخطه في وجه رب العمل. أما عادل فيصادف زريرق و يطلب منه قرضا لكن زريرق يرفض طارحا بأن هناك بديلا عن الهجرة و ركوب قوارب الموت.. فالوطن فيه متسع لأبنائه و يطلب من عادل بان يرفق صاحبه معه و يأتيانه و الأمور ستتم على ما يرام في الملهى الليلي "توفابيان".كريم هو ووالده على كرسي في حديقة الحي ليلا؛ الشارع فارغ إلا من عمال إفراغ حاويات الازبال. يخاطب كريم والده الشارد و الذي لا يبدي حركة إلا من يديه المرتجفتين: - كدرت أ الوالد حتى صبرت 30 عام في ديك البلاصة . 30 عام ديال ديك الريحة. 30 عام و أنت واقف 8 سوايع في النهار.30 عام و ذاك الحكار..كيمص لك الدم ديالك. علاش أ الوالد .. باش توصل لهاد الحالة . يلتحق عادل بالمقهى و المرقص الليلي "توفابيان"؛ يلجه و ما أن يقف في الداخل حتى يجد كريم إلى جانبه و قد قر قراره على أن يكون إلى جنب صاحبه و يعانقان نفس المصير. زريرق يصول و يجول في هذا الملهى مستغلا الود الذي تكنه له صاحبة الملهى. ينتهى لقاء الشابين مع زريرق بالدخول معه في تجربة عمل أولى تثبت القدرة و حسن النوايا و يحصلان منها على الكرمومة الصحيحة في انتظار قضية الخيل التي لم يأت بعد أوانها. ها هو الجسد ينسج صياغة المشهد الدرامي و عين كاميرا الخماري ترقبه في تجليه و هو يشيد بناء الأسئلة الخاصة بالوجود الإنساني، و يبحث عن معناه الصميم، لا في حدود المعيش والعابر، وإنما في تعالق جدري مع الزمن بوصفه امتدادا يطل علينا انطلاقا من رمزية المكان المحتفى به. الجسد العصي و جدل التمظهرات يدخل عادل و كريم غمار المغامرة لإثبات حسن نيتهما فكانت الوجهة استخلاص دين لزريرق لدى صاحب فيلا يعيش رفاها اجتماعيا انعكس سلبا على سلوكه؛هو الأخر يماطل؛ فيلح الشابان على استخلاص الدين. يدخلان معه في عراك فيسقط مغميا عليه. الشابان يبحثان عن المال في الفيلا؛ لايريدان العودة بلا شيء تضيع فرصة إرضاء زريرق؛ يعودان بما حصلاه؛لكن زريرق يتنازل على ما أتيا به من مال كعربون الاستحقاق ثم ينتقل مع الشابان إلى العمل الجاد بعدما اثبتا جدارتهما. داخل الملهى الليلي و برفقة صاحبة الملهى و الكلب نيكو يقدم زريرق حقيبة صغيرة بها حقنة. وهو ما سيكون مشروع ما سيقدم الشابان عليه. مادة الحقنة لها مفعول في إضعاف قوة جري الحصان "عنتر"المشهور عنه حيازة ألقاب في سباق الخيول؛ الشابان يبديان قلقهما من أن العملية غير مضمونة العواقب فيؤكد لهما زريرق انه لا يعبث لأنه خبير بحرفته. الشابان يودعانه مبيتين النية على ما اتفقا عليه. عادل يعود إلى أمه ليجدها مرة أخرى ضحية عنف زوجها؛ فتعلن لابنها بأنه قد عيل صبرها. فيأخذها الابن إلى محطة الحافلات؛ يقتطع تذكرة و قبل توديعها يدس لها ما وفره من العملية الأولى مع زريرق؛ تودعه بدوره بدموع مع كلمات حارقة:" اش غاد نقول ليهم في البلاد؟ راني هربت من راجلي الثاني. من نهار مات أباك و ليت أنا هي المسخوطة ديال هذه العائلة". أما كريم فقد عرج على ملهى ليلي فصادف وجود صاحبة محل بيع الديكور فاغتنمها مناسبة ليوطد لقاء حميميا كان مؤجلا. عادل يقصد بيت عائلة كريم للمبيت فيجد المعتوه "هيثم" قد سقطت منه سلحفاته من شرفة العمارة و صعب عليه سحبها و هاهو عادل يقوم بالواجب فيكره جسده على إتيان مجهود لا يطاق ليسحب السلحفاة الضعيفة ليعيد لروح جسد المعتوه انشراحها. صداقة الشابان ستوضع في المحك فكريم يعمل العقل حتى يتفادى العواقب الوخيمة أما عادل فان رغبته في الهجرة إلى ما وراء البحار فتلح عليه بقوة و تدفع به إلى ركوب المغامرة. فيتشادان كلاميا. فيأخذ كريم من عادل البطاقة البريدية لمدينة مالمو السويدية و يمزقها أمام عينيه و ينصرف تاركا عادل يلصق قطع الصورة بحسرة مع دموع. لقد تقطع رمزيا حبل حلمه. كريم يقصد محل صاحبة الأثاث ليجدها قد أقفلت المحل و رامت الدخول إلى سيارة رفيقة لها. يقف كريم أمامها و يطلب منها مرافقته إلى شرب قهوة معا. و يصادف أن مر الصبية الذين يعملون تحت إمرته فيشرعون في إبداء كلمات الاستحسان و الإطراء في شخصه و في حسن صاحبة المحل. أمام هذه المكاشفة لم يجد مفرا من الابتعاد منها و إتيانهم ليبعدهم عن مسرح الحدث. أما رفيقة صاحبة المحل فقد دفعت بها إلى داخل السيارة مبدية استغرابا من معرفتها بهذا النوع من الشبان!! يتسكع عادل ليلا فيجد زوج أمه هو الأخر يتسكع في حالة مزرية؛ يتشبث بتلابيب عادل راجيا منه أن يعيد له زوجه. لكن عادل يوبخه مذكرا إياه بأنه ليس من المروءة تعنيف الزوجة ثم السعي في البحث عنها لتلبي رغباته.. يلتحق الشابان بزريرق فيسلمهما الحقنة و مفاتيح سيارة وينطلقان إلى حيث مربط خيول السباق يجدان الحارس في انتظارهما. زريرق يراقبهما عن قرب مختبئا في سيارته.كريم يهيئ الحقنة و عادل يهادن الحصان "عنتر". ثم يشرع كل واحد منهما في كشف أسرار الآخر. -كريم على علم من كلام المعتوه بان عادل أقدم على تصرف خطر بإقدامه على إنقاذ السلحفاة. - و عادل على علم من أقوال صبية كريم بان صاحبة محل الأثاث قد تخلت عنه. الشابان لا يطيقان بعضهما و هما يتكاشفان أحاديث الأسرار فيتشادان و يجدها الحصان "عنتر" فرصة ليفر بحرمة بدنه ممن أرادا بها سوءا. فيهرب من مربطه إلى الشارع؛ الشابان يقلان سيارتهما و يتبعانه باحثين.زريرق يثار غضبه فينطلق هو الآخر وراءهم؛ تحن التفاتة من عادل إلى الخلف فيتأكد من أن زريرق يتبعهما فيطلب من كريم الإسراع هروبا ما وسعه ليتفاديا تبعات غضبة زريرق. أمام سرعة مفرطة يتفادى كريم سيارة قادمة في اتجاهه أما زريرق فيصدمها لينتهي وسط سيارته مدرجا دماء. يخرج الشابان من سيارتهما و يأتيان زريرق في سيارته المتهالكة. و يظهر الحصان فجأة أمام أعينهما وهو يأكل من قمامة مراقبا الحدث عن قرب. يخرج زريرق من سيارته حاملا آلة الثقب ويهدد بها الشابين لكن قواه لا تسعفه من شدة الحادثة فينهار جسده متخليا عن العنف والتسلط يغتنمها كريم فرصة فيأخذ من زريرق الآلة و يشرع في تهديده بها. أما عادل فوقف يتحسس كدمة على وجهه ثم ينتبه إلى الباب الخلفي لسيارة زريرق فيجد حزمات النقود ما أن شرع في تحسسها حتى سمعا زعيق إنذار سيارة الأمن. يفر الشابان. أما زريرق فينتبه إلى نفسه و يشرع في البحث عن الكلب "نيكو" سيجده ميتا داخل السيارة متأثرا بالحادثة. زريرق لا يطيق فراقه فيصرخ بملء فيه محدثا صدى صارخا:نيكو. ثلاثة أيام من بعد..كريم يشرع في معاملاته التجارية مع صبية بيع السجائر بالتقسيط؛ عادل يلتحق به ليخبره أن هناك عملية لتهريب السلعة من الميناء. كريم لا يمتثل لأن الأمر فيه خطورة تنتهي بالسجن. عادل مايزال يرفض البقاء محتجزا في "كازانيكرا"؛ يخرج من جيبه صورة بريدية لمدينة بيرجل (bergal) النرويجية.و يريها كريم مجددا آماله في الهجرة. ثم ينتبه إلى أن كريم على أناقة لافتة و يريد أن يعرف سرها؛ لكن كريم يطلب من عادل ألا ينطق بما يفكر فيه لأنه لا يطيق انتقادات عادل المثيرة للجدل بخصوص الجسد وتمظهراته!! حويصلة بهذه الصور الملخصة لمشاهد الفيلم كان هدفنا الجري وراء القبض على إنتاج معنى حرصنا على مقاربته. . من جسد «الخيال » إلى جسد«الحيوان » فجسد «الفضاء » إلى جسد «الإنسان » وصولا إلى جسد« اللغة ». ليس من جسد إلا هو مبتغى فيلم كازانيكرا. لننتهي مستشعرين أن الجسد هو حقيقتنا جميعاً، الفردية والجماعية.وهو هويتنا، وعلامتنا الفارقة، و بوصلتنا في الطريق إلى كل واحد منا. إن هذا الجسد بأبعاده مغيّب عن حياتنا، وإذا كان يحضر فهو يحضر مهانا،ً ومشوَّها،ً ومدانا،ً أو منتقصا،ً في حين أنه كل شيء، ويمثل في كل شيء. و كل نقصان نستشعره فيه هو توق و طموح يجب أن يتحقق. بل حاجة وكل حاجة تخترع أسباب تحققها.وهذا ما تتناوله السينما كمجهر مهما كانت دقة الموضوع المتناول كما قال المخرج الايطالي روبيرطو روسوليني. انتهى نورالدين علاك الأسفي
''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر عند الاستفادة مراجع: - Korff-Sausse S., Le corps dans l'art, Champ Psychosomatique 2006/1, n° 41, p. 237-245. www.cairn.info/article. - Thierry Giaccardi- Représentation de la chair au cinéma et au théâtre. Nouvelles «vues» sur le cinéma québécois. no 8, Hiver 2008, www.cinema-quebecois.net - Roberto Rossellini, Le cinéma révélé. Le cinéma est aussi un microscope : quelle que soit la minceur apparente du sujet, un film qui cherche avec conviction à démêler un petit bout de la vérité - serait-ce la vérité étroitement autobiographique d'une relation de couple. يقول ميرلو – بونتى Merleau-Ponty في هذا الصدد: "إن الجسد هو رحم كل منطق مجالي، إنه ليس فقط أحد المدركات من بين المدركات، إنه مقياس... كل أبعاد العالم". - الجسد الأنثوي و حلم التنمية.قراءة في التصورات عن الجسد الأنثوي بمنطقة الشاوية.د.زينب المعادي www.nesasy.org - حوار الفلسفة و السينما ترجمة و تقديم: عز الدين الخطابي. منشورات عالم التربية.الدار لبيضاء. ¬2006. - سينما البلدان النامية بين التهميش و تأكيد الذات. ترجمة عز الدين الخطابي.الرباط 2000 بوجدور في: 29/04/2010 ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر عند الاستفادة