تم انطلاقا من يوم الأربعاء الماضي ببلادنا توزيع الفيلم المغربي الجديد « كازا نيكرا « (130 دقيقة) الذي قام بإخراجه نور الدين لخماري، و الذي شاركت فيه مجموعة من الممثلين المعروفين من بينهم المرحوم حسن الصقلي و الفنان المقتدر محمد بن إبراهيم الذي أحرز مساء يوم السبت الماضي في الدورة العاشرة للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة جائزة أحسن ثاني دور رجالي عن أدائه الجيد في هذا الفيلم، و من بينهم أيضا إدريس الروخ و فاطمة هراندي (الراوية). كما شاركت فيه مجموعة من الوجوه الجديدة من الأطفال و الشباب من بينهم الممثلان عمر لطفي و أنس الباز اللذان اقتسما فيه دور البطولة بأداء تلقائي مقنع و جيد و متميز مكنهما من الفوز بجائزة التشخيص في الدورة الأخيرة لمهرجان «دبي» السينمائي التي فاز فيها الفيلم أيضا بجائزة أحسن صورة، و هو أداء مكن عمر لطفي من نيل جائزة أحسن ممثل في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة و التي كانت ستمنح لهما معا لو كان قانون هذا المهرجان يسمح باقتسام الجوائز كما صرح بذلك الناقد السينمائي المصري سمير فريد رئيس لجنة التحكيم الخاصة بالأفلام الطويلة، هذه اللجنة التي منحت لهذا الفيلم جائزة أحسن صوت، فاز هذا الفيلم في مهرجان طنجة أيضا بجائزتي النقد و الصحافة ،ليكون بذلك قد تمكن لحد الآن من حصد أربع جوائز بعد مشاركته في مهرجانين اثنين فقط، و من المتوقع أن يحصد المزيد من الجوائز في مهرجانات أخرى. تدور أحداث الفيلم في مدينة الدارالبيضاء التي ينعتها الفيلم بعنوانه و أحداثه بالدار السوداء باللغة الإسبانية أو بكازا « الكحلة « بالدارجة المغربية، وتتناول هذه الأحداث محنة شابين صديقين وسيمين و مغامرين، يحاولان بمختلف الوسائل كسب المال قصد مساعدة أسرتيهما الفقيرتين على مواصلة العيش، و قصد الخروج من واقعهما المزري و المظلم، واقع البطالة و التشرد و الانحراف و العنف، الأمر الذي سيدفع بهما إلى التمرد و ركوب المغامرات المحفوفة بالمخاطر. الفيلم قوي و عنيف و جريء بأحداثه و حواره، مشحون من بدايته إلى نهايته بمختلف أنواع الألفاظ «الزنقاوية» العنيفة الموظفة في الشتم و التهديد و الوعيد ، صاخب بالحركة و الإيقاع السريع و الصراخ و المؤثرات الصوتية، مثير بأحداثه و شخصياته، فيه صراع بين اليأس و الأمل، استفزاز و ظلم و انتقام، عنف نفسي و جسدي، هو عبارة عن صورة قاتمة لجزء من واقع الدارالبيضاء التي تحولت في أعين و أقوال الشابين البطلين إلى الدار السوداء، هو مرآة تعكس هذا الواقع بطريقة روائية سينمائية في الوصف و الحكي تختلف عن الأسلوب الوثائقي. يتميز الفيلم بجودة الصورة شكلا و مضمونا و هي صورة جميلة بقبحها و عنفها، و يتميز أيضا بجودة الكاستين و قوة التشخيص، إنه فيلم متقن تقنيا، مثير و جيد على العموم باستثناء بعض الأحداث التي كانت تتطلب الابتعاد عن التساهل في بنائها من أبرزها العلاقة التي تنشأ بين أنس الباز و غيثة التازي، هذه العلاقة المطبوعة بالتساهل في كيفية خلقها و إنهائها ، و هي نفس الملاحظة بالنسبة لقضية سرقة المال من منزل الشاذ الجنسي.