يمكن أن نغير العالم بالفن. و هذا ما وعى به جيدا المخرج التونسي الشاب فخر الدين سراولية. افهو اختار السينما كوسيلة تعبير عن قلقه و رفضه لواقع صادم. لقد استوقفت فخر الدين سراولية ظاهرة تعنيف النساء لأزواجهن لينجز فيلما وثائقيا حول ملجأ نزلائه رجال طردوا و عنّفوا من زوجاتهم. لفيلم يتناول مشكل يتعلق بكتلة اجتماعية و لا ندري هل هذه الكتلة جديدة أم قديمة؟ لعلّ جرأة و شجاعة فخر الدين سراولية في التطرق إلى هذا الموضوع المسكوت عنه وضعنا أمام هذا السؤال. و كلّنا يعلم خطورة الصورة و مدى اجرائيتها في رجّيها لوعينا المتكلّس. فالسينما تعالج جميع القضايا المسموحة و غير المسموحة. فيلم فخر الدين سراولية فيلم وثائقي قصير بعنوان "الملجأ" يتناول شهادات و اعترافات رجال تعرضوا للضرب من طرف نسائهم. هذا الفيلم هو وثيقة اجتماعية مهمة للباحثين و الدارسين. فحكاي و تجارب روّاد هذه الدار وثيقة بالصوت و الصورة مهمّة لعلماء الاجتماع في دراسة هذه الظاهرة –ظاهرة- تعنيف النساء لأزواجهن. فالعلاقة الوطيدة بين السوسيولوجيا و السينما. أكّدها فخر الدين سراولية عبر هذا الفيلم. السوسيولوجيا كعلم يهتم بدراسة الظواهر الاجتماعية و تحليلها و السينما كتعبير اجتماعي ينقل الواقع و يعريه. التقته جريدة الصحافة و سألته عن فيلمه هذا و من أين جاءه هذا الحسّ السوسيولوجي فأجاب أن اهتمامه بالسوسيولوجيا هو اهتمام ورثه عن أمّه التي كانت و مازالت تقرأ في هذا المجال فمنذ الطفولة تربّى بين أحضان الكتب و الدراسات الاجتماعية و هكذا نمت معه ثقافة الاهتمام بالمسائل الاجتماعية فعند الكبر أصبح يراقب و يهتم بهذه الظواهر و ما يحدث في المجتمع التونسي من تغيرات. ويقول في هذا الصدد:"منذ السبعينات من القرن الماضي و المجتمع التونسي في تطور ملحوظ مقارنة بالمجتمعات العربية في مجال الحقوق و الحريات الخ...". و إجابة عن سؤالنا حول كيفية فكرة هذا الفيلم أجابنا المخرج فخر الدين سراولية أن فيلم "الملجأ" بدأ صدفة و هو في القطار إذ تعرّف على رجل هو السيّد العربي الفيتوري الذي حدثه و هما في طريقهما إلى ضواحي تونس عن قصص رجال يعانون من تعنيف نسائهم فكان هذا الحديث صدمة بالنسبة إلى سراولية و هو المهتم بالأسرة و قيمة الأسرة في بناء مجتمع متوازن. ليكتشف بعد ذلك أن هذا الرجل تعرّض في السابق سنة 1977 للعنف من قبل زوجته التي طردته من المنزل ليجد نفسه في الشارع و بعد مرور سنوات على هذه الحادثة أسس العربي الفيتوري سنة 2002 مأوى يحتضن هذه الشريحة من الرجال. و يضيف المخرج فخر الدين سراولية أن ما سمعه في هذا السفر القصير أرّقه و دفعه إلى زيارة هذا الملجأ ليتقصّ الأمر فوجد نفسه لمدّة عام كامل و هو يبحث في هذه المسألة متثبّتا من صحّتها ليستنتج في الأخير أن هذه الظاهرة موجودة في المجتمع التونسي و هكذا قرّر تصوير هذا الفيلم. تحدّث المخرج لجريدة الصحافة عن الصعوبات التي تعرّض لها في تصوير الفيلم. كيف أنه وجد صعوبة في إقناع نزلاء هذا الملجأ في الوقوف أمام الكاميرا للبوح بتجاربهم المريرة و الحكي عن قصصهم و خاصة أن المجتمع الشرقي مجتمع ذكوري فأن يقف رجل أمام الكاميرا و يقول أن زوجته قد عنّفته يعتبره هذا مساسا برجولته و لكن فخر الدين سراولية استطاع أن يقنعهم بأن هذا الاعتراف هو قمّة الرجولة و بمساعدة صاحب الملجأ السيد العربي الفيتوري استطاع المخرج تخطّى هذا العائق. و عن الصعوبات المالية ذكر المخرج أنه صرف 20000 دولار جمعهم من عمله في الإخراج و تصوير الفيديو كليب و تصميم الرقصات ومن الأصدقاء و العائلة خاصة والدته التي ساعدته كثيرا. رغم ذلك لم يستطع تغطية تكاليف الفيلم إذ بقية له ديون. فرغم الصعوبات تمسّك بهذا الفيلم و أنجزه. سألناه عن توقيت عرض الفيلم للجمهور قال المخرج أن الفيلم سيكون جاهز في الأشهر القادمة و أنه سيشارك به في مهرجانات عالمية بأمريكا و أوروبا. في الأخير عرّج فخر الدين سراولية على أنّه قد حلّ ضيفا على بيروت ببرنامج "كلام نواعم" (mbc) الذي خصص له حصّة حول فيلمه "الملجأ" يقول سراولية:"لبنان بلد جميل شعبه مضياف أخجلني برقّة استقباله. لبنان جميلة كجمال "عشتار" ". وصرّح فخر الدين سراولية لجريدة الصحافة عن أن فيلمه القادم سيكون بعنوان "الخروج من الهاوية" و هو فيلم وثائقي حول الشذوذ الجنسي. نبيل درغوث كاتب صحفي تونسي هذا البريد محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر عند الاستفادة