مرض الفنان وبطاقة الفنان رحل عنا خلال الأسبوع الذي ودعناه الفنان حسن المفتي، الزجال والمخرج السينمائي والمسرحي، بعد مرض عضال لم ينفع معه علاج، العلاج المتأخر بالطبع، وقبله كان ودعنا إلى رحمة الله، فنان كبير أعطى للتلفزيون والسينما والمسرح الشيئ الكثير هو حسن الصقلي، وعلى نفس الوثيرة وثيرة "حتى فات الفوت" فارقتنا عدة وجوه فنية وأسماء إبداعية مغربية لها حضورها الوازن في مشهدنا الثقافي والفني. إلى ذلك لا زال يرقد صاحب رائعة "إنها ملهمتي" المطرب أحمد الغرباوي بإحدى المصحات في وضعية صحية حرجة، نتمنى له الشفاء والعافية، وكذلك الممثل عمر شنبوط الذي يلزم الفراش ما يزيد عن ثلاثة أشهر، وأن يجتاز كل مريض طريح فراش وضعيته الصعبة، ويتماثل للشفاء. لكن الذي يحز في النفس هو أن العديد من هؤلاء الفنانين والمثقفين الذين رحلوا في صمت بعد معاناتهم السيزيفية مع المرض، أو الذين يجتازون وضعيات حرجة، لم تنفعهم بطاقة الفنان إياها، التي قيل عنها الكثير، هذا الكثير الذي صدق فنانونا ومثقفونا أنه يتلخص في توفير تغطية صحية شاملة لهم ، تغطي تكاليف ومصاريف علاجهم لكثب الله وأصيبوا في يوم من الأيام بوعكة صحية طارئة أو بمرض عضال. فكثير ممن أصابهم المرض من فنانينا ومثقفينا، لم يحضوا بالعلاج ببطاقة فنان، دخلوا مصحات خصوصية ومستشفيات بتدخل من الملك أو بواسطة الاستعطاف الملكي. كم هو غريب وفضيع في نفس الوقت في بلد ولود، أنجب فنانين ومثقفين تجاوزت شهرتهم وصيتهم الحدود، وخدموا الحقل الثقافي والفني الوطني بنكران الذات، لم يلهثوا وراء الثراء والأرصدة البنكية والعقارات والأراضي والمشاريع كما فعل البعض، أن يجدوا أنفسهم في آخر المشوار، أو لما يباغتهم المرض اللعين يواجهون لوحدهم مصيرهم في عزلة، يتنكر لهم حتى من كانوا وراء شهرتهم وتألقهم والأسماء كثيرة، لا داعي لسردها حتى لا نوقض مواجع البعض.. الراحل حسن المفتي ظل طوال مشواره الفني متعففا بعزة نفس، لا يرضى حتى الإلحاح على المطالبة بمستحقاته، سواء تعلق الأمر بأروع أغنايه التي كتبها لمطربين، وكانت سببا في انتشارهم الواسع وعادت مداخيلها عليهم بالنفع العميم، أو تعلق الأمر بما وقعه من أفلام وسيناريوهات، ففيلم "دموع الندم" الذي لعب البطولة فيه الراحل محمد الحياني، وأخرجه حسن المفتي، لما خرج إلى القاعات الوطنية وقام المفتي بعملية حسابية لما أنفقه على الممثلين والتقنيين وما إلى ذلك لم يتبقى له إلا مبلغ زهيد 2000 درهم. وغيره كثير من أمثال حسن المفتي، فنانون ومثقفون ناضلوا بفكرهم ووقتهم وحتى بمالهم الخاص، فقط من أجل الفن الوطني، ولم ينتظروا جزاء ولا شكورا. فماذا عسانا أن نقول؟ ومن سنلوم؟ سعيد فردي