غادرنا يوم الأربعاء ما قبل الماضي إلى دار البقاء الفنان الحاج حسن الصقلي بعد مرض لم ينفع معه علاج، و هو قدر جعل الساحة الفنية المغربية تفقد أحد روادها و أحد أعمدتها في الفن الدرامي المسرحي و التلفزيوني و السينمائي. كان رحمه الله فنانا متميزا له حضور قوي و وازن في كل الأعمال التي شارك فيها، ويكمن هذا الحضور القوي في شخصيته و طريقته في التشخيص، وحرارة هدوئه، و في صمته و صوته الرخيم، نظرته المعبرة بدون كلام، ونضجه و رزانته، و مشيته و شكله و حنكته ، ووسامته و ابتسامته الطفولية البريئة. كان فنانا مثقفا عاشقا للفن و الحياة و الوطن، له رأي و حديث و موقف في مختلف الميادين الفنية و الأدبية و الاجتماعية و السياسية و الرياضية و الدينية و غيرها. كان شيق المعاشرة و المجالسة ، يحب الشعر و الطرب الأصيل ، بل بكتب الشعر و يغني لأصدقائه. ، كان شاعريا و فيلسوفا في حديثه و تحليلاته و ناقدا موضوعيا يميز بذكاء بين الجودة و الرداءة. كان لبيبا و دبلوماسيا في تعامله مع غيره و قنوعا عفيفا متمتعا بعزة النفس، لا يتملق لأحد و لا يسيء إلى أحد. كان كريما متواضع الطبع و هش الإحساس، كان يؤمن بما قل و دل ولا يتهافت على الظهور بالأدوار التافهة. اشتغل الحاج حسن الصقلي رحمه الله مع مخرجين و ممثلين من مختلف الأجيال، و كان بتجربته الفنية الطويلة و حنكته و تواضعه أستاذا و مدرسة لكل الفنانين الناشئين لا يبخل عليهم بنصائحه و اقتراحاته و ملاحظاته و تشجيعاته. شارك في عدة أفلام قصيرة من أقدمها « إبراهيم و الإسفنج « (1957) و قام بأدوار مختلفة في أفلام طويلة من بينها فيلم « الرسالة» للراحل مصطفى العقاد، «ياريت» (1993) و «أصدقاء الأمس» (1998) و «فين ماشي يا موشي» (2007) لحسن بنجلون، «باي باي السويرتي» (1998) لداوود أولاد السيد، « النظرة» (2004) لنور الدين لخماري، « انهض يا مغرب» (2006) لنرجس النجار، « الإسلام يا سلام» (2007) لسعد الشرايبي ، «عود الورد» (2007) من إخراج لحسن زينون، و كان « كازا نيغرا» (الدارالبيضاء السوداء) هو آخر فيلم طويل شارك فيه، و هو من إخراج نور الدين لخماري و لم يوزع بعد في القاعات السينمائية. رحل الحاج حسن الصقلي و ترك فراغا كبيرا و رهيبا بين أقربائه و زملائه و أصدقائه من مختلف الميادين و البلدان.إنا لله و إنا إليه راجعون.