مرض الفنان وبطاقة الفنانمرة أخرى.. عندما كتبت ذات صباح شتائي بارد، والألم يعتصرني على هامش رحيل السينمائي والزجال حسن المفتي عن موضوع "مرض الفنان وبطاقة الفنان"، وتساءلت عن جدوى بطاقة فنان بعد فوات الأوان، أو "حتى يفوت الفوت" وتفارقنا وجوه فنية وأسماء إبداعية مغربية، أعطت الشيئ الكثير للفن وللثقافة في هذا البلد، ولم تلقى في آخر مشوارها من يبدد عنها وحشة الشعور بالوحدة والعزلة في مواجهتها للألم ومعاناة المرض.. "" وأتيت على ذكر الراحل الفنان حسن الصقلي ، ساعتها تذكرت أنه لا زال يرقد صاحب رائعة "إنها ملهمتي" المطرب أحمد الغرباوي بإحدى المصحات في وضعية صحية حرجة، وكذلك الممثل عمر شنبوط الذي يلزم الفراش ما يزيد عن ثلاثة أشهر، وتمنيت لهما الشفاء والعافية وأن يجتاز كل مريض طريح فراش وضعيته الصعبة ويتماثل للشفاء.. واليوم ها هو يرحل عنا الفنان عمر شنبوط، واحد من رواد المسرح المغربي ، الذي وافاه الأجل بعد صراع مع المرض وبعد أن أصر "با عمر" على مواجهة وحشة المرض اللعين بدعم معنوي من أصدقائه لأزيد من ثلاثة أشهر وثقل مصاريف العلاج، لم تشفع له بطاقة فنان ولا التغطية الصحية المفترى عليها. لن تمحى من ذاكرتي ومخيلتي تلك القامة المديدة لرجل أنيق في هندامه ومشيته، أنا الذي كنت أتتبع جديد أعماله بحكم اهتماماتي الصحفية بالمشهد الفني الوطني، لم أكن اعرف "با عمر" معرفة شخصية، بل معرفة فنية عن بعد وهو يدرع شارع 11 يناير حيث يجلس في إحدى المقاهي ، كنت أسرق النظر إلى وجهه علني استوعب سر قسمات وجهه التي تحيل على الطيبوبة والوقار والبساطة. لن أتكلم عن مسيرة الرجل الفنية، فريبرطوار عمر شنبوط وحده الكفيل بالتحدث عنه، مسار طويل وعريض ممتد من 1948 مرورا بمنعطف 1953 تاريخ دخوله الفن من بابه الواسع والاستمرار فيه إلى أن أقعده المرض. رحمة الله عليك "با عمر" لن ننساك وسيظل يذكرك التاريخ لأنك قامة فنية مديدة.